1 - (تبارك) تنزه عن صفات المحدثين (الذي بيده) في تصرفه (الملك) السلطان والقدرة (وهو على كل شيء قدير)
يعني بقول تعالى ذكره : " تبارك " : تعاظم وتعالى " الذي بيده الملك " بيده ملك الدنيا والآخرة وسلطانهما نافذ فيهما أمره وقضاؤه " وهو على كل شيء قدير " يقول : وهو على ما يشاء فعله ذو قدرة لا يمنعه من فعله مانع ، ولا يحول بينه وبينه عجز .
مكية في قول الجميع. وتسمى الواقية والمنجية. وهي ثلاثون آية.
روى الترمذي عن ابن عباس قال: "ضرب رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي المانعة هي النجية تنجيه من عذاب القبر". قال حديث حسن غريب. وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وددت أن "تبارك الذي بيده الملك" في قلب كل مؤمن" ذكره الثعلبي. وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى أخرجته من النار يوم القيامة وأدخلته الجنة وهي سورة تبارك". خرجه الترمذي بمعناه، وقال فيه: حديث حسن.
وقال ابن مسعود: إذا وضع الميت يفي قبره فيؤتى من قبل رجليه، فيقال: ليس لكم عليه سبيل، فإنه كان يقوم بسورة الملك على قدميه. ثم يؤتي من قبل رأسه، فيقول لسانه: ليس لكم عليه سبيل، إنه كان يقرأ بي سورة الملك من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب. وروي أن من قرأها كل ليلة لم يضره الفتان.
"تبارك" تفاعل من البركة. وقد تقدم. وقال الحسن: تقدس. وقيل دام فهو الدائم الذي لا أول لوجوده ولا آخر لدوامه. "الذي بيده الملك" أي ملك السماوات والأرض في الدنيا والآخرة. وقالابن عباس: بيده الملك يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويحي ويميت، ويغني ويفقر، ويعطي ويمنع. وقال محمد بن إسحاق: له ملك النبوة التي أعز بها من اتبعه وذل بها من خالفه. "وهو على كل شيء قدير" من إنعام وانتقام.
تفسير سورة الملك
قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج بن محمد وابن جعفر قالا: حدثنا شعبة عن قتادة عن عباس الجشمي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غفر له: تبارك الذي بيده الملك" ورواه أهل السنن الأربعة من حديث شعبة به, وقال الترمذي : هذا حديث حسن, وقد روى الحافظ ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أحمد بن نصر بن زياد أبي عبد الله القرشي النيسابوري المقري الزاهد الفقيه , أحد الثقات الذين روى عنهم البخاري ومسلم لكن في غير الصحيحين, وروى عنه الترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وعليه تفقه في مذهب أبي عبيد بن حربويه وخلق سواهم, ساق بسنده من حديثه عن فرات بن السائب عن الزهري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن رجلاً ممن كان قبلكم مات وليس معه شيء من كتاب الله إلا تبارك, فلما وضع في حفرته أتاه الملك فثارت السورة في وجهه, فقال لها إنك من كتاب الله وأنا أكره مساءتك, وإني لا أملك لك ولا له ولا لنفسي ضراً ولا نفعاً, فإن أردت هذا به فانطلقي إلى الرب تبارك وتعالى فاشفعي له, فتنطلق إلى الرب فتقول يا رب إن فلاناً عمد إلي من بين كتابك فتعلمني وتلاني, أفتحرقه أنت بالنار وتعذبه وأنا في جوفه ؟ فإن كنت فاعلاً ذاك به فامحني من كتابك فيقول ألا أراك غضبت, فتقول وحق لي أن أغضب فيقول اذهبي فقد وهبته لك وشفعتك فيه ـ قال ـ فتجيء فتزجر الملك, فيخرج خاسف البال لم يحل منه بشيء ـ قال ـ فتجيء فتضع فاها على فيه فتقول مرحباً بهذا الفم فربما تلاني, مرحباً بهذا الصدر فربما وعاني, ومرحباً بهاتين القدمين فربما قامتا بي, وتؤنسه في قبره مخافة الوحشة عليه" قال: فلما حدث بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبق صغير ولا كبير ولا حر ولا عبد إلا تعلمها وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم المنجية.
قلت وهذا حديث منكر جداً و فرات بن السائب هذا ضعفه الإمام أحمد ويحيى بن معين والبخاري وأبو حاتم والدارقطني وغير واحد, وقد ذكره ابن عساكر من وجه آخر عن الزهري من قوله مختصراً, وروى البيهقي في كتاب إثبات عذاب القبر عن ابن مسعود موقوفاً ومرفوعاً ما يشهد لهذا, وقد كتبناه في كتاب الجنائز من الأحكام الكبرى ولله الحمد والمنة.
وقد روى الطبراني والحافظ الضياء المقدسي من طريق سلام بن مسكين عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة: تبارك الذي بيده الملك". وقال الترمذي : حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا يحيى بن مالك النكري عن أبيه عن أبي الجوزاء , عن ابن عباس قال: " ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر, فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر فإذا إنسان يقرأ سورة الملك: تبارك حتى ختمها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر" ثم قال: هذا حديث غريب من هذا الوجه وفي الباب عن أبي هريرة , ثم روى الترمذي أيضاً من طريق ليث بن أبي سليم عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل, وتبارك الذي بيده الملك, وقال ليث عن طاوس : يفضلان كل سورة في القرآن بسبعين حسنة.
وقال الطبراني : حدثنا محمد بن الحسن بن عجلان الأصبهاني , حدثنا سلمة بن شبيب , حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي" يعني تبارك الذي بيده الملك, هذا الحديث غريب وإبراهيم ضعيف, وقد تقدم مثله في سورة يس, وقد روى هذا الحديث عبد بن حميد في مسنده بأبسط من هذا فقال: حدثنا إبراهيم بن الحكم عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال لرجل: ألا أتحفك بحديث تفرح به ؟ قال: بلى, قال: اقرأ تبارك الذي بيده الملك وعلمها أهلك وجميع ولدك وصبيان بيتك وجيرانك, فإنها المنجية والمجادلة تجادل أو تخاصم يوم القيامة عند ربها لقارئها, وتطلب له أن ينجيه من عذاب النار وينجي بها صاحبها من عذاب القبر, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي".
بسم الله الرحمـن الرحيم
يمجد تعالى نفسه الكريمة ويخبر أنه بيده الملك أي هو المتصرف في جميع المخلوقات بما يشاء لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل لقهره وحكمته وعدله, ولهذا قال تعالى: "وهو على كل شيء قدير" ثم قال تعالى: "الذي خلق الموت والحياة" واستدل بهذه الاية من قال إن الموت أمر وجودي, لأنه مخلوق, ومعنى الاية أنه أوجد الخلائق من العدم ليبلوهم أي يختبرهم أيهم أحسن عملاً, كما قال تعالى: "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم" فسمى الحال الأول وهو العدم موتاً وسمى هذه النشأة حياة, ولهذا قال تعالى: "ثم يميتكم ثم يحييكم" وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا صفوان حدثنا الوليد حدثنا خليد عن قتادة في قوله تعالى: "الذي خلق الموت والحياة" قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله أذل بني آدم بالموت وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت وجعل الاخرة دار جزاء ثم دار بقاء" ورواه معمر عن قتادة , وقوله تعالى: "ليبلوكم أيكم أحسن عملاً" أي خير عملاً كما قال محمد بن عجلان , ولم يقل أكثر عملاً ثم قال تعالى: "وهو العزيز الغفور" أي هو العزيز العظيم المنيع الجناب, وهو مع ذلك غفور لمن تاب إليه وأناب بعد ما عصاه وخالف أمره, وإن كان تعالى عزيزاً هو مع ذلك يغفر ويرحم ويصفح ويتجاوز, ثم قال تعالى: " الذي خلق سبع سماوات طباقا " أي طبقة بعد طبقة وهل هن متواصلات بمعنى أنهن علويات بعضهن على بعض أو متفاصلات بينهن خلاء, فيه قولان أصحهما الثاني كما دل على ذلك حديث الإسراء وغيره.
وقوله تعالى: "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" أي بل هو مصطحب مستو ليس فيه اختلاف ولا تنافر ولا مخالفة ولا نقص ولا عيب ولا خلل, ولهذا قال تعالى: "فارجع البصر هل ترى من فطور" أي انظر إلى السماء فتأملها هل ترى فيها عيباً أو نقصاً أو خللاً أو فطوراً, قال ابن عباس ومجاهد والضحاك والثوري وغيرهم في قوله تعالى: "فارجع البصر هل ترى من فطور" أي شقوق, وقال السدي "هل ترى من فطور" أي من خروق, وقال ابن عباس في رواية "من فطور" أي من وهاء, وقال قتادة "هل ترى من فطور" أي هل ترى خللاً يا ابن آدم.
وقوله تعالى: "ثم ارجع البصر كرتين" قال قتادة : مرتين "ينقلب إليك البصر خاسئاً" قال ابن عباس : ذليلا, وقال مجاهد وقتادة : صاغراً "وهو حسير" قال ابن عباس : يعني وهو كليل, وقال مجاهد وقتادة والسدي : الحسير المنقطع من الإعياء, ومعنى الاية إنك لو كررت البصر مهما كررت لا نقلب إليك أي لرجع إليك البصر "خاسئاً" عن أن يرى عيباً أو خللا "وهو حسير" أي كليل قد انقطع من الإعياء من كثرة التكرر ولا يرى نقصاً, ولما نفى عنها في خلقها النقص بين كمالها وزينتها فقال: "ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح" وهي الكواكب التي وضعت فيها من السيارات والثوابت.
وقوله تعالى: "وجعلناها رجوماً للشياطين" عاد الضمير في قوله وجعلناها على جنس المصابيح لا على عينها لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء بل بشهب من دونها وقد تكون مستمدة منها, والله أعلم. وقوله تعالى: "وأعتدنا لهم عذاب السعير" أي جعلنا للشياطين هذا الخزي في الدنيا وأعتدنا لهم عذاب السعير في الاخرة كما قال تعالى في أول الصافات: " إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد * لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب * دحورا ولهم عذاب واصب * إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب " قال قتادة : إنما خلق هذه النجوم لثلاث خصال خلقها الله زينة للسماء ورجوماً للشياطين وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها غير ذلك فقد قال برأيه وأضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له به, رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .
وتسمى سورة تبارك، والواقية والمنجية، والمانعة، وهي ثلاثون آية
وهي مكية. قال القرطبي: في قول الجميع. وأخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال: نزلت بمكة سورة تبارك الملك. وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي. والنسائي وابن ماجه وابن الضريس والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له "تبارك الذي بيده الملك"" قال الترمذي: هذا حديث حسن. وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه والضياء في المختارة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سورة في القرآن خاصمت على صاحبها حتى أدخلته الجنة "تبارك الذي بيده الملك"". وأخرج الترمذي والحاكم وصححه وابن مردويه وابن نصر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: "ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر". قال الترمذي بعد إخراجه: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبارك هي المانعة من عذاب القبر" وأخرجه أيضاً النسائي وصححه والحاكم. وأخرج ابن مردويه عن رافع بن خديج وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنزلت علي سورة تبارك، وهي ثلاثون آية جملة واحدة، وهي المانعة في القبور" وأخرج عبد بن حميد في مسنده والطبراني والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال لرجل: ألا أتحفك بحديث تفرح به؟ قال بلى: قال: اقرأ "تبارك الذي بيده الملك" وعلمها أهلك وجيمع ولدك وصبيان بيتك وجيرانك. فإنها المنجية والمجادلة تجادل يوم القيامة عند ربها لقارئها، وتطلب له أن ينجيه الله من عذاب النار وينجو بها صاحبها من عذاب القبر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي".
قوله: 1- "تبارك الذي بيده الملك" تبارك تفاعل من البركة، والبركة النماء والزيادة، وقيل تعالى وتعاظم عن صفات المخلوقين، وقيل دام فهو الدائم الذي لا أول لوجوده ولا آخر لدوامه. وقال الحسن: تبارك تقدس، وصيغة التفاعل للمبالغة، واليد مجاز عن القدرة والاستيلاء، والملك هو ملك السموات والأرض في الدنيا والآخرة فهو يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويرفع من يشاء ويضع من يشاء، وقيل المراد بالملك ملك النبوة، والأول أولى، لأن الحمل على العموم أكثر مدحاً وأبلغ ثناء، ولا وجه للتخصيص "وهو على كل شيء قدير" أي بليغ القدرة لا يعجزه شيء من الأشياء يتصرف في ملكه كيف يريد من إنعام وانتقام ورفع ووضع وإعطاء ومنع.
1- "تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير".
1-" تبارك الذي بيده الملك " بقبضة قدرته التصرف في الأمور كلها . " وهو على كل شيء قدير " على كل ما يشاء قدير .
Surah 67. Al-Mulk
1. Blessed is He in Whose hand is the Sovereignty, and He is Able to do all things.
SURA 67: MULK
1 - Blessed be He in Whose hands is Dominion; and He over all things hath Power;