10 - (إلا من خطف الخطفة) مصدر أي المرة والاستثناء من ضمير يسمعون أي لا يسمع إلا الشيطان الذي سمع الكلمة من الملائكة فأخذها بسرعة (فأتبعه شهاب) كوكب مضيء (ثاقب) يثقبه أو يحرقه أو يخبله
وقوله "إلا من خطف الخطفة" يقول : إلا من استرق السمع منهم "فأتبعه شهاب ثاقب" يعني مضيء متوقد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله "فأتبعه شهاب ثاقب"، نار. وثقوبه :ضوؤه.
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، قوله "شهاب ثاقب" قال : شهاب مضئ يحرقه حين يرمى به.
حدثني محمد بن سعد، قال : ثني أبي ، قال ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله "فأتبعه شهاب" قال كان ابن عباس يقول : لا يقتلون الشهاب ، ولا يموتون ، ولكنها تحرقهم من غير قتل ، وتخبل وتخدج من غير قتل.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، في قوله "فأتبعه شهاب ثاقب" قال : والثاقب : المستوقد، قال : والرجل يقول : أثقب نارك ، ويقول : استثقب نارك ، استوقد نارك.
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبيد الله ، قال : سئل الضحاك ، هل للشياطين أجنحة؟ فقال : كيف يطيرون إلى السماء إلا ولهم أجنحة.
قوله تعالى " فأتبعه شهاب ثاقب " أي مضيء قاله الضحاك والحسن وغيرهما وقيل المراد كواكب النار تتبعهم حتى تسقطهم في البحر . وقال ابن عباس في الشهب : تحرقهم من غير موت وليس الشهب التي يرجم الناس بها من الكواكب الثابتة . يدل على ذلك رؤية حركاتها والثابتة تجري ولا ترى حركاتها لبعدها . وقد مضى هذا وجمع شهاب شهب ، والقياس في القليل أشهبة وإن لم يسمع من العرب وثاقب معناه مضيء قاله الحسنومجاهدوأبو مجلز ومنه قوله :
وزندك أثقب أزنادها
أي أضوأ وحكى الأخفش في الجميع شهب ثقب وثواقب وثقاب وحكى الكسائي ثقبت النار تثقب ثقابة وثقوبا إذا اتقدت ، وأثقبتها أنا ، وقال زيد بن أسلم في الثاقب إنه المستوقد من قولهم أثقب زندك أي استوقد نارك ، قاله الأخفش وأنشد قول الشاعر :
بينما المرء شهاب ثاقب ضرب الدهر سناه فخمد
يخبر تعالى أنه زين السماء الدنيا للناظرين إليها من أهل الأرض بزينة الكواكب, قرىء بالإضافة وبالبدل وكلاهما بمعنى واحد فالكواكب السيارة والثوابت يثقب ضوؤها جرم السماء الشفاف فتضيء لأهل الأرض كما قال تبارك وتعالى: " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير " وقال عز وجل "ولقد جعلنا في السماء بروجاً وزيناها للناظرين * وحفظناها من كل شيطان رجيم * إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين" فقوله جل وعلا ههنا: "وحفظاً" تقديره وحفظناها حفظاً "من كل شيطان مارد" يعني المتمرد العاتي إذا أراد أن يسترق السمع أتاه شهاب ثاقب فأحرقه ولهذا قال جل جلاله " لا يسمعون إلى الملإ الأعلى " أي لئلا يصلوا إلى الملأ الأعلى وهي السموات ومن فيها من الملائكة إذا تكلموا بما يوحيه الله تعالى مما يقوله من شرعه وقدرته كما تقدم بيان ذلك في الأحاديث التي أوردناها عند قوله تبارك وتعالى: "حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير" ولهذا قال تعالى: "ويقذفون" أي يرمون "من كل جانب" أي من كل جهة يقصدون السماء منها "دحوراً" أي رجماً يدحرون به ويزجرون ويمنعون من الوصول إلى ذلك ويرجمون "ولهم عذاب واصب" أي في الدار الاخرة لهم عذاب دائم موجع مستمر كما قال جلت عظمته "وأعتدنا لهم عذاب السعير" وقوله تبارك وتعالى: "إلا من خطف الخطفة" أي إلا من اختطف من الشياطين الخطفة وهي الكلمة يسمعها من السماء فيلقيها إلى الذي تحته ويلقيها الاخر إلى الذي تحته فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها بقدر الله تعالى قبل أن يأتيه الشهاب فيحرقه فيذهب بها الأخر إلى الكاهن كما تقدم في الحديث ولهذا قال "إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب" أي مستنير. قال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان للشياطين مقاعد في السماء قال فكانوا يستمعون الوحي قال وكانت النجوم لا تجري وكانت الشياطين لا ترمى قال فإذا سمعوا الوحي نزلوا إلى الأرض فزادوا في الكلمة تسعاً قال فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الشيطان إذا قصد مقعده جاءه شهاب فلم يخطئه حتى يحرقه قال فشكوا ذلك إلى إبليس لعنه الله فقال ما هو إلا من أمر حدث قال فبعث جنوده فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي بين جبلي نخلة قال وكيع يعني بطن نخلة قال: فرجعوا إلى إبليس فأخبروه فقال هذا الذي حدث, وستأتي إن شاء الله تعالى الأحاديث الواردة مع الاثار في هذا المعنى عند قوله تعالى إخباراً عن الجن أنهم قالوا " وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا * وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ".
والاستثناء في قوله: 10- "إلا من خطف الخطفة" هو من قوله لا يسمعون أو من قوله ويقذفون. وقيل الاستثناء راجع إلى غير الوحي لقوله: "إنهم عن السمع لمعزولون" بل يخطف الواحد منهم خطفة مما يتفاوض فيه الملائكة ويدور بينهم مما سيكون في العالم قبل أن يعلمه أهل الأرض. والخطف الاختلاس مسارقة وأخذ الشيء بسرعة. قرأ الجمهور "خطف" بفتح الخاء وكسر الطاء مخففة، وقرأ قتادة والحسن بكسرهما وتشديد الطاء، وهي لغة تميم بن مر وبكر بن وائل. وقرأ عيسى بن عمر بفتح الخاء وكسر الطاء مشددة. وقرأ ابن عباس بكسرهما مع تخفيف الطاء، وقيل إن الاستثناء منقطع "فأتبعه شهاب ثاقب" أي لحقه وتبعه شهاب ثاقب: نجم مضيء فيحرقه، وربما لا يحرقه فيلقي إلى إخوانه ما خطفه، وليست الشهب التي يرجم بها هي من الكواكب الثواب بل من غير الثوابت، وأصل الثقوب الإضاءة. قال الكسائي: ثقبت النار تثقب ثقابة وثقوباً: إذا اتقدت، وهذه الآية هي كقوله: "إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين".
10. " إلا من خطف الخطفة "، اختلس الكلمة من كلام الملائكة مسارقة، " فأتبعه "، لحقه، " شهاب ثاقب "، كوكب مضيء قوي لا يخطئه يقتله، أو يحرقه أو يخبله، وإنما يعودون إلى استراق السمع مع علمهم بأنهم لا يصلون إليه طمعاً في السلامة ونيل المراد، كراكب البحر، قال عطاء : سمي النجم الذي يرمى به الشياطين ثاقباً لأنه يثقبهم.
10-" إلا من خطف الخطفة " استثناء من واو " يسمعون " ومن بدل منه ، والخطف الاختلاس والمراد اختلاس كلام الملائكة مسارقة ولذلك عرف الخطفة ، وقرئ خطف بالتشديد مفتوح الخاء ومكسورها وأصلهما اختطف . " فأتبعه شهاب " أتبع بمعنى تبع ، والشهاب ما يرى كأن كوكباً انقض ، وما قيل إنه بخار يصعد إلى الأثير فيشتغل فتخمين إن صح لم يناف ذلك إذ ليس فيه ما يدل على أنه ينقض من الفلك ولا في قوله " ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين " فإن كل نير يحصل في الجو العالي فهو مصباح لأهل الأرض وزينة للسماء من حيث إنه يرى كأنه على سطحه ، ولا يبعد أن يصير الحادث كما ذكر في بعض الأوقات رجماً لشياطين تتصعد إلى قرب الفلك للتسمع ، وما روي أن ذلك حدث بميلاد النبي عليه الصلاة والسلام إن صح فلعل المراد كثرة وقوعه ، أو مصيره " دحوراً " واختلف في أن المرجوم يتأذى به فيرجع أو يحترق به لكن قد يصيب الصاعد مرة وقد لا يصيب كالموج لراكب السفينة ولذلك لا يرتدعون عنه رأساً ، ولا يقال إن الشيطان من النار فلا يحترق ، لأنه ليس من النار الصرف كما أن الإنسان ليس من التراب الخالص من أن النار القوية إذ استولت على الضعيفة استهلكتها . " ثاقب " مضيء كأنه يثقب الجو بضوئه .
10. Save him who snatcheth a fragment, and there pursueth him a piercing flame.
10 - Except such as snatch away something by stealth, and they are pursued by a flaming fire, of piercing brightness.