103 - (إن في ذلك) المذكور من القصص (لآية) لعبرة (لمن خاف عذاب الآخرة ذلك) أي يوم القيامة (يوم مجموع له) فيه (الناس وذلك يوم مشهود) يشهده جميع الخلائق
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : إن في أخذنا من أخذنا من أهل القرى التي اقتصصنا خبرها عليكم ، أيها الناس ، "لآية" ، يقول : لعبرة وعظة ، لمن خاف عقاب الله وعذابه في الآخرة من عباده ، وحجةً عليه لربه ، وزاجراً يزجره عن أن يعصي الله ويخالفه فيما أمره ونهاه .
وقيل : بل معنى ذلك : إن فيه عبرة لمن خاف عذاب الآخرة ، بأن الله سيفي له بوعده .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب ، قال ابن زيد في قوله : "إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة" ، إنا سوف نفي لهم بما وعدناهم في الآخرة ، كما وفينا للأنبياء : أنا ننصرهم .
وقوله : "ذلك يوم مجموع له الناس" ، يقول تعالى ذكره : هذا اليوم ـ يعني يوم القيامة ـ "يوم مجموع له الناس" ، يقول : يحشر الله له الناس من قبورهم ، فيجمعهم فيه للجزاء والثواب والعقاب ، "وذلك يوم مشهود" ، يقول : وهو يوم تشهده الخلائق ، لا يتخلف منهم أحد ، فينتقم حينئذ ممن عصى الله وخالف أمره وكذب رسله .
وبنحو الذي قلنا قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم ، عن ابي بشر ، عن مجاهد في قوله : "ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود" ، قال : يوم القيامة .
حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن عكرمة ، مثله .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، وحدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن شعبة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف المكي ، عن ابن عباس قال : الشاهد ، محمد ، و المشهود يوم القيامة . ثم قرأ : "ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود" .
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثنا حماد ، عن علي بن زيد ، عن ابن عباس قال : الشاهد ، محمد ، و المشهود يوم القيامة . ثم تلا هذه الآية : "ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود" .
حدثت عن المسيب ، عن جويبر ، عن الضحاك قوله : "ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود" ، قال : ذلك يوم القيامة ، يجتمع فيه الخلق كلهم ، ويشهده أهل السماء وأهل الأرض .
قوله تعالى: " إن في ذلك لآية " أي لعبرة وموعظة. " لمن خاف عذاب الآخرة " " ذلك يوم "، ابتداء وخبر. " مجموع " من نعته. " له الناس " اسم ما لم يسم فاعله، ولهذا لم يقل مجموعون، فإن قدرت ارتفاع ( الناس) بالابتداء، والخبر ( مجموع له) فإنما لم يقل: مجموعون على هذا التقدير، لأن ( له) يقوم مقام الفاعل. والجمع الحشر، أي يحشرون لذلك اليوم. " وذلك يوم مشهود " أي يشهده البر والفاجر، ويشهده أهل السماء. وقد ذكرنا هذين الاسمين مع غيرهما من أسماء القيامة في كتاب التذكرة وبيناهما والحمد لله.
يقول تعالى إن في إهلاكنا الكافرين وإنجائنا المؤمنين "لاية" أي عظة واعتباراً على صدق موعودنا في الاخرة "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" وقال تعالى "فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين" الاية. وقوله: "ذلك يوم مجموع له الناس" أي أولهم وآخرهم كقوله: "وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً" "وذلك يوم مشهود" أي عظيم تحضره الملائكة ويجتمع فيه الرسل وتحشر الخلائق بأسرهم من الإنس والجن والطير والوحوش والدواب ويحكم فيه العادل الذي لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها, وقوله "وما نؤخره إلا لأجل معدود" أي ما نؤخر إقامة القيامة إلا لأنه قد سبقت كلمة الله في وجود أناس معدودين من ذرية آدم وضرب مدة معينة إذا انقطعت وتكامل وجود أولئك المقدر خروجهم قامت الساعة ولهذا قال: "وما نؤخره إلا لأجل معدود" أي لمدة مؤقتة لا يزاد عليها ولا ينتقص منها "يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه" أي يوم يأتي يوم القيامة لا يتكلم أحد إلا بإذن الله كقوله: "لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً" وقال: "وخشعت الأصوات للرحمن" الاية. وفي الصحيحين من حديث الشفاعة "ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم" وقوله: "فمنهم شقي وسعيد" أي فمن أهل الجمع شقي ومنهم سعيد كما قال "فريق في الجنة وفريق في السعير" وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده: حدثنا موسى بن حيان حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا سليمان أبو سفيان حدثنا عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر قال: لما نزلت "فمنهم شقي وسعيد" سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله: علام نعمل ؟ على شيء قد فرغ منه أم على شيء لم يفرغ منه, فقال: "على شيء قد فرغ منه يا عمر وجرت به الأقلام, ولكن كل ميسر لما خلق له" ثم بين تعالى حال الأشقياء وحال السعداء فقال:
103- "إن في ذلك لآية" أي في أخذ الله سبحانه لأهل القرى، أو في القصص الذي قصه على رسوله لعبرة وموعظة "لمن خاف عذاب الآخرة" لأنهم الذين يعتبرون بالعبر، ويتعظون بالمواعظ، والإشارة بقوله: "ذلك يوم مجموع له الناس" إلى يوم القيامة المدلول عليه بذكر الآخرة أن يجمع فيه الناس للمحاسبة والمجازاة "وذلك" أي يوم القيامة "يوم مشهود" أي يشهده أهل المحشر، أو مشهود فيه الخلائق، فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول.
103- قوله عز وجل: "إن في ذلك لآية"، لعبرة، "لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس"، يعني يوم القيامة، "وذلك يوم مشهود"، أي: يشهده أهل السماء والأرض.
103"إن في ذلك "أي فيما نزل بالأمم الهالكة أو فيما قصه الله تعالى من قصصهم . "لآية"لعبرة."لمن خاف عذاب الآخرة"يعتبر به عظمته لعلمه بأن ما حاق بهم أنموذج مما أعد الله للمجرمين في الآخرة، أو ينزجر به عن موجباته لعلمه بأنها من إله مختار بعذب من يشاء ويرحم من يشاء.فإن من أنكر الآخرة وأحال فناء هذا العالم لم يقل بالفاعل المختار ، وجعل تلك الوقائع للأسباب فلكية اتفقت في تلك الأيام لا لذنوب المهلكين بها."ذلك "إشارة إلى يوم القيامة وعذاب الآخرة دل عليه."يوم مجموع له الناس "أي يجمع له الناس ،والتغيير للدلالة على ثبات معنى الجمع لليوم وأنه من شأنه لا محالة وأن الناس لا يفكون عنه فهو أبلغ من قوله :"يوم يجمعكم ليوم الجمع"ومعنى الجمع له الجمع لما فيه من المحاسبة والمجازاة."وذلك يوم مشهود"أي مشهود فيه أهل السموات والأرضين فاتسع فيه بإجراء الظرف مجرى المفعول به كقوله:
في محفل من نواصي الناس مشهود
أي كثر شاهدوه ، ولو جعل اليوم مشهوداً في نفسه لبطل الغرض من تعظيم اليوم وتمييزه فإن سائر الأيام كذلك.
103. Lo! herein verily there is a portent for those who fear the doom of the Hereafter. That is a day unto which mankind will be gathered, and that is a day that will be witnessed.
103 - In that is a sign for those who feel the penalty of the hereafter: that is a day for which mankind will be gathered together: that will be a day of testimony.