106 - (اتبع ما أوحي إليك من ربك) أي القرآن (لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : اتبع ، يا محمد، ما أمرك به ربك في وحيه الذي أوحاه إليك ، فاعمل به ، وانزجر عما زجرك عنه فيه ، ودع ما يدعوك إليه مشركو قومك من عبادة الأوثان والأصنام ، فإنه لا إله إلا هو. يقول : لا معبود يستحق عليك إخلاص العبادة اسه إلا الله الذي هو فالق الحب والنوى ، وفالق الإصباح ، وجاعل الليل سكناً ، والشمس والقمر حسباناً، "وأعرض عن المشركين"، يقول : ودع عنك جدالهم وخصومتهم . ثم نسخ ذلك جل ثناؤه بقوله في براءة : "اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم"، الآية ، [التوبة :5]، كما :
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : أما قوله : وأعرض عن المشركين ونحوه ، مما أمر الله المؤمنين بالعفو عن المشركين ، فإنه نسخ ذلك قوله : "اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" [التوبة : 5].
قوله تعالى: "اتبع ما أوحي إليك من ربك" يعني القرآن، أي لا تشغل قلبك وخاطرك بهم، بل اشتغل بعبادة الله. "لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين" منسوخ.
يقول تعالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم ولمن اتبع طريقته "اتبع ما أوحي إليك من ربك" اي اقتد به واقتف أثره, واعمل به, فإن ما أوحي إليك من ربك هو الحق, الذي لا مرية فيه, لأنه لا إله إلا هو "وأعرض عن المشركين" أي اعف عنهم واصفح واحتمل أذاهم, حتى يفتح الله لك, وينصرك ويظفرك عليهم, واعلم أن لله حكمة في إضلالهم, فإنه لو شاء لهدى الناس جميعاً, ولو شاء لجمعهم على الهدى "ولو شاء الله ما أشركوا" أي بل له المشيئة والحكمة, فيما يشاؤه ويختاره, لا يسأل عما يفعل, وهم يسألون, وقوله تعالى: "وما جعلناك عليهم حفيظاً" أي حافظاً, تحفظ أقوالهم وأعمالهم "وما أنت عليهم بوكيل" أي موكل على أرزاقهم وأمورهم إن عليك إلا البلاغ كما قال تعالى: " فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر " وقال "إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب" .
قوله: 106- "اتبع ما أوحي إليك من ربك" أمره الله باتباع ما أوحي إليه وأن لا يشغل خاطره بهم، بل يشتغل باتباع ما أمره الله، وجملة "لا إله إلا هو" معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه لقصد تأكيد إيجاب الاتباع "وأعرض" معطوف على "اتبع" أمره الله بالإعراض عن المشركين بعدما أمره باتباع ما أوحي إليه، وهذا قبل نزول آية السيف.
106- " اتبع ما أوحي إليك من ربك "، يعني: القرآن اعمل به، " لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين "، فلا تجادلهم .
106 " اتبع ما أوحي إليك من ربك " بالتدين به " لا إله إلا هو " اعتراض أكد به إيجاب الاتباع ، أو حال مؤكدة من ربك بمعنى منفردا في الألوهية . " وأعرض عن المشركين " ولا تحتفل بأقوالهم ولا تلتفت إلى آرائهم ، ومن جعله منسوخا بآية السيف حمل الإعراض على ما يعم الكف عنهم .
106. Follow that which is inspired in thee from thy Lord; there is no God save Him; and turn away from the idolaters.
106 - Follow what thou art taught by inspiration from thy lord: there is no God but he: and turn aside from those who join gods with God.