109 - (واتبع ما يوحى إليك) من ربك (واصبر) على الدعوة وأذاهم (حتى يحكم الله) فيهم بأمره (وهو خير الحاكمين) أعدَلهم ، وقد صبر حتى حكم على المشركين بالقتال وأهل الكتاب بالجزية
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واتبع، يا محمد، وحي الله الذي يوحيه إليك، وتنزيله الذي ينزله عليك، فاعمل به، واصبر على ما أصابك في الله من مشركي قومك من الأذى والمكاره، وعلى ما نالك منهم، حتى يقضي الله فيهم وفيك أمره بفعل فاصل، " وهو خير الحاكمين "، يقول: وهو خير القاضين وأعدل الفاصلين. فحكم جل ثناؤه بينه وبينهم يوم بدر، وقتلهم بالسيف، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم فيمن بقي منهم أن يسلك بهم سبيل من أهلك منهم، أو يتوبوا وينيبوا إلى طاعته، كما:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " وما أنا عليكم بوكيل * واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين "، قال: هذا منسوخ، " حتى يحكم الله "، حكم الله بجهادهم، وأمره بالغلظة عليهم.
آخر تفسير سورة يونس عليه السلام
قوله تعالى: "واتبع ما يوحى إليك واصبر" قيل: نسخ بآية القتال. وقيل: ليس منسوخاً، ومعناه اصبر على الطاعة وعن المعصية. وقال ابن عباس: لما نزلت جمع النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار ولم يجمع معهم غيرهم فقال:
"إنكم ستجدون بعدي أثرةً فاصبروا حتى تلقوني على الحوض". وعن أنس بمثل ذلك، ثم قال أنس: فلم يصبروا فأمرهم بالصبر كما أمره الله تعالى، وفي ذلك يقول عبد الرحمن بن حسان:
ألا أبلغ معاوية بن حرب أمير المؤمنين ثنا كلامي
بأنا صابرون ومنظروكم إلى يوم التغابن والخصام
"حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين" ابتداء وخبر، لأنه عز وجل لا يحكم إلا بالحق.
تمت سورة يونس، والحمد لله وحده.
يقول تعالى أمراً لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس أن الذي جاءهم به من عند الله هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك فيه فمن اهتدى به واتبعه فإنما يعود نفع ذلك الاتباع على نفسه, ومن ضل عنه فإنما يرجع وبال ذلك عليه "وما أنا عليكم بوكيل" أي وما أنا موكل بكم حتى تكونوا مؤمنين وإنما أنا نذير لكم, والهداية على الله تعالى وقوله: "واتبع ما يوحى إليك واصبر" أي تمسك بما أنزل الله عليك وأوحاه إليك واصبر على مخالفة من خالفك من الناس "حتى يحكم الله" أي يفتح بينك وبينهم "وهو خير الحاكمين" أي خير الفاتحين بعدله وحكمته.
ثم أمره الله سبحانه أن يتبع ما أوحاه الله إليه من الأوامر والنواهي التي يشرعها الله له ولأمته ثم أمره بالصبر على أذى الكفار وما يلاقيه من مشاق التبليغ وما يعانيه من تلون أخلاق المشركين وتعجرفهم، وجعل ذلك الصبر ممتداً إلى غاية هي قوله: "حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين" أي يحكم الله بينه وبينهم في الدنيا بالنصر له عليهم، وفي الآخرة بعذابهم بالنار وهم يشاهدونه صلى الله عليه وسلم هو وأمته، المتبعون له المؤمنون به، العاملون بما يأمرهم به، المنتهون عما ينهاهم عنه، يتقلبون في نعيم الجنة الذي لا ينفد، ولا يمكن وصفه، ولا يوقف على أدنى مزاياه.
وقد أخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله: "وما تغني الآيات والنذر عن قوم" يقول: عند قوم "لا يؤمنون" نسخت قوله: " حكمة بالغة فما تغن النذر ". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: "فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم" قال: وقائع الله في الذين خلوا من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع في الآية قال: خوفهم عذابه ونقمته وعقوبته، ثم أخبرهم أنه إذا وقع من ذلك أمر نجى الله رسله والذين آمنوا، فقال: "ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا" الآية. وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله: "وإن يردك بخير" يقول: بعافية وأخرج البيهقي في الشعب عن عامر بن قيس قال: ثلاث آيات في كتاب الله اكتفيت بهن عن جميع الخلائق: أولهن: "وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله"، والثانية: "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له"، والثالثة: "ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها". وأخرج أبو الشيخ عن الحسن نحوه. وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "فلا راد لفضله" قال: هو الحق المذكور في قوله: "قد جاءكم الحق من ربكم". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في قوله: "واصبر حتى يحكم الله" قال: هذا منسوخ، أمره بجهادهم والغلظة عليهم.
109-"واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله"، بنصرك وقهر عدوك وإظهار دينه، "وهو خير الحاكمين"، فحكم بقتال المشركين وبالجزية على أهل الكتاب يعطونها عن يد وهم صاغرون.
109 " واتبع ما يوحى إليك " بالامتثال والتبليغ . " واصبر" على دعوتهم وتحمل أذيتهم . " حتى يحكم الله " بالنصرة أو الأمر بالقتال . " وهو خير الحاكمين " إذ لا يمكن الخطأ في حكمه لاطلاعه على السرائر اطلاعه على الظواهر .
عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ سورة يونس أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بيونس وكذب به وبعدد من غرق مع فرعون " .
109. And (O Muhammad) follow that which is inspired in thee, and forbear until Allah give judgment. And He is the Best of Judges.
109 - Follow thou the inspiration sent unto thee, and be patient and constant, till God do decide: for he is the best to decide.