109 - (إنه كان فريق من عبادي) هم المهاجرون (يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين)
يقول تعالى ذكره " إنه " وهذه الهاء في قوله إنه هي الهاء التي يسميها أهل العربية المجهول . وقد بينت معناها فيما مضى قبل ، ومعنى دخولها في الكلام ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع " كان فريق من عبادي " يقول : كانت جماعة من عبادي ، وهم أهل الإيمان بالله ، يقولون في الدنيا : " ربنا آمنا " بك وبرسلك ، وما جاءوا به من عند ، " فاغفر لنا وارحمنا " وأنت خير من رحم أهل البلاء ، فلا تعذبنا بعذابك .
قوله تعالى: " إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا " الآية. قال مجاهد : هم بلال وخباب وصهيب، وفلان وفلان من ضعفاء المسلمين، كان أبو جهل وأصحابه يهزؤون بهم.
هذا جواب من الله تعالى للكفار إذا سألوا الخروج من النار والرجعة إلى هذه الدار. يقول " اخسؤوا فيها " أي امكثوا فيها صاغرين مهانين أذلاء, "ولا تكلمون" أي لا تعودوا إلى سؤالكم هذا فإنه لا جواب لكم عندي. قال العوفي عن ابن عباس " اخسؤوا فيها ولا تكلمون " قال: هذا قول الرحمن حين انقطع كلامهم منه. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا عبدة بن سليمان المروزي , حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو قال: إن أهل جهنم يدعون مالكاً فلا يجيبهم أربعين عاماً, ثم يرد عليهم إنكم ماكثون, قال هانت دعوتهم والله على مالك ورب مالك, ثم يدعون ربهم فيقولون "ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون" قال: فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين ثم يرد عليهم " اخسؤوا فيها ولا تكلمون " قال: فوالله ما نبس القوم بعدها بكلمة واحدة, وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم, قال: فشبهت أصواتهم بأصوات الحمير أولها زفير وآخرها شهيق.
وقال ابن أبي حاتم أيضاً: حدثنا أحمد بن سنان , حدثنا عبد الرحمن بن مهدي , حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل , حدثنا أبو الزعراء قال: قال عبد الله بن مسعود : إذا أراد الله تعالى أن لا يخرج منهم أحداً يعني من جهنم, غير وجوههم وألوانهم, فيجيء الرجل من المؤمنين فيشفع فيقول: يا رب, فيقول الله: من عرف أحداً فليخرجه, فيجيء الرجل من المؤمنين فينظر فلا يعرف أحداً, فيناديه الرجل: يا فلان أنا فلان, فيقول ما أعرفك, قال: فعند ذلك يقولون "ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون" فعند ذلك يقول الله تعالى: " اخسؤوا فيها ولا تكلمون " فإذا قال ذلك أطبقت عليهم النار فلا يخرج منهم أحد.
ثم قال تعالى مذكراً لهم بذنوبهم في الدنيا وما كانوا يستهزئون بعباده المؤمنين وأوليائه, فقال تعالى: " إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين * فاتخذتموهم سخريا " أي فسخرتم منهم في دعائهم إياي وتضرعهم إلي "حتى أنسوكم ذكري" أي حملكم بغضهم على أن نسيتم معاملتي "وكنتم منهم تضحكون" أي من صنيعهم وعبادتهم, كما قال تعالى: " إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون * وإذا مروا بهم يتغامزون " أي يلمزونهم استهزاء: ثم أخبر تعالى عما جازى به أولياءه وعباده الصالحين, فقال تعالى: "إني جزيتهم اليوم بما صبروا" أي على أذاكم لهم واستهزائكم بهم "أنهم هم الفائزون" بالسعادة والسلامة والجنة والنجاة من النار.
ثم علل ذلك بقوله: 109- "إنه كان فريق من عبادي يقولون" وهم المؤمنون، وقيل الصحابة، يقولون: "ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين" قرأ الجمهور "إنه كان فريق" بكسر إن استئنافاً تعليلياً، وقرأ أبي بفتحها.
109. " إنه " الهاء في ((إنه)) عماد وتسمى أيضاً المجهولة، " كان فريق من عبادي "، وهم المؤمنون " يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ".
109ـ " إنه " إن الشأن وقرئ بالفتح أي لأنه . " كان فريق من عبادي " يعني المؤمنين ، وقيل الصحابة وقيل أهل الصفة . " يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين " .
109. Lo! there was a party of My slaves who said: Our Lord! We believe, therefor forgive us and have mercy on us for Thou art best of all who show mercy;
109 - A part of My servants there was, who used to pray, Our Lord! we believe; then do Thou forgive us, and have mercy upon us: for Thou art the Best of those who show mercy!