11 - (وقال الذين كفروا للذين آمنوا) في حقهم (لو كان) الإيمان (خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا) القائلون (به) القرآن (فسيقولون هذا) القرآن (إفك) كذب (قديم)
وأخرج أيضا عن قتادة قال قال ناس من المشركين نحن أعز ونحن ونحن فلو كان خيرا ما سبقنا إليه فلان وفلان فنزل وقال الذين كفروا
ك وأخرج ابن المنذر عن عون بن أبي شداد قال كانت لعمر ابن الخطاب أمة أسلمت قبله يقال لها زنين فكان عمر يضربها على إسلامها حتى يفتر وكان كفارقريش يقولون لو كان خيرا ما سبقتنا إليه زنين فأنزل الله في شأنها وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا الآية وأخرج ابن سعد نحوه عن الضحاك والحسن
يقول تعالى ذكره : و قال الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عيه وسلم من يهود بني إسرائيل للذين آمنوا به : لو كان تصديقكم محمداً على ما جاءكم به خيراً ، ما سبقتمونا إلى التصديق به . و هذا التأويل على مذهب من تأول قوله "وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله " أنه مهني به عبد الله بن سلام ، فأما على تأويل من تأول أنه عني به مشركو قريش ، فإنه ينبغي أن يوجه تأويل قوله " و قال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه " أنه عني به مشركو قريش و كذلك كان يتأوله قتادة و في تأويله إياه كذلك ترك منه تأويله قوله " و شهد شاهد من بني إسرائيل على مثله " أنه مهني به عبد الله بن سلام .
ذكر الرواية عنه بذلك :
حدثنا ابن عبد الاعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة " وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه " قال : قال ذاك أناس من المشركين : نحن أعز ، ونحن ، ونحن فلو كان خيراً ما سبقنا إليه فلان و فلان ، فإن الله يختص برحمته من يشاء .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه " قال : قد قال ذلك قائلون من الناس كانوا أعز منهم في الجاهلية قالوا : و الله لو كان هذا خيراً ما سبقونا إليه بنو فلان ، يختص الله برحمته من يشاء و يكرم من يشاء ، تبارك و تعالى .
وقوله " وإذ لم يهتدوا به " يقول تعالى ذكره : و إذ لم يبصروا بمحمد و بما جاء به من عند الله من الهدى ، فيرشدوا به الطريق المستقيم " فسيقولون هذا إفك قديم " يقول : فسيقولون هذا القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه و سلم من أخبار الاولين قديمة ، كما قال جل ثناؤه مخبراً عنهم : "وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا "الفرقان : 5 .
قوله تعالى : " وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه " اختلف في سبب نزولها على ستة أقوال :
الأول : أن أبا ذر الغفاري دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام بمكة فأجاب ، واستجار به قومه فأتاه زعيمهم فأسلم ، ثم دعاهم الزعيم فأسلموا ، فبلغ ذلك قريشاً فقالوا : غفار الحلفاء لو كان هذا خيراً ما سبقونا إليه ، فنزلت هذه الآية قاله أبو المتوكل .
الثاني : إن زنيرة أسلمت فأصيب بصرها فقالوا لها : أصابك اللات والعزى ، فرد الله عليها بصرها ، فقال عظماء قريش : لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقتنا إليه زنيرة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، قاله عروة بن الزبير .
الثالث : إن الذين كفروا هم بنو عامر وغطفان وتميم وأسد وحنظلة وأشجع ، قالوا لمن أسلم من غفار وأسلم وجهينة ومزينة وخزاعة ، لو كان ما جاء به محد خيراً ما سبقتنا إليه رعاة البهم إذ نحن أعز منهم ، قاله الكلبي و الزجاج ، وحكاه القشيري عن ابن عباس ، وقال قتادة : نزلت في مشركي قريش ، قالوا : لو كان ما يدعونا إليه محمد خيراً ما سبقنا إليه بلال وصهيب وعمار وفلان وفلان ، وهو القول الرابع .
القول الخامس : أن الذين كفروا من اليهود قالوا للذين آمنوا يعني عبد الله بن سلام وأصحابه : لو كان دين محمد حقاً ما سبقونا إليه ، قاله أكثر المفسرين ، حكاه الثعلبي وقال مسروق : إن الكفار قالوا لو كان خيراً ما سبقتنا إليه اليهود ، فنزلت هذه الآية .
وهذه المعارضة من الكفار في قولهم : لو كان خيراً ما سبقونا إليه من أكبر المعارضات بانقلابها عليهم لكل من خالفهم ، حتى يقال لهم : لو كان ما أنتم عليه خيراً ما عدلنا عنه ، ولو كان تكذيبكم للرسول خيراً ما سبقتمونا إليه ، ذكره الماوردي ، ثم قيل : قوله : " ما سبقونا إليه " يجوز أن يكون من قول الكفار لبعض المؤمنين ، ويجوز أن يكون على الخروج من الخطاب إلى الغيبة ، كقوله تعالى : " حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم " [ يونس : 22 ] ، " وإذ لم يهتدوا به " يعني الإيمان ، وقيل القرآن ، وقيل محمد صلى الله عليه وسلم : " فسيقولون هذا إفك قديم " أي لما لم يصيبوا الهدى بالقرآن ولا بمن جاء به عادوه ونسبوه إلى الكذب ، وقالوا هذا إفك قديم ، كما قالوا : أساطير الأولين ، وقيل لبعضهم : هل في القرآن : من جهل شيئاً عاداه ؟ فقال نعم ، قال الله تعالى : " وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم " ومثله : " بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه " [ يونس : 39 ] .
يقول تعالى: "قل" يا محمد لهؤلاء المشركين الكافرين بالقرآن "أرأيتم إن كان" هذا القرآن "من عند الله وكفرتم به" أي ما ظنكم أن الله صانع بكم إن كان هذا الكتاب الذي جئتكم به قد أنزل علي لأبلغكموه, وقد كفرتم به وكذبتموه. "وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله" أي وقد شهدت بصدقه وصحته الكتب المتقدمة المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبلي, بشرت به وأخبرت بمثل ما أخبر هذا القرآن به. وقوله عز وجل: "فآمن" أي هذا الذي شهد بصدقه من بني إسرائيل لمعرفته بحقيقته "واستكبرتم" أنتم عن اتباعه, وقال مسروق: فآمن هذا الشاهد بنبيه وكتابه وكفرتم أنتم بنبيكم وكتابكم "إن الله لا يهدي القوم الظالمين" وهذا الشاهد اسم جنس يعم عبد الله بن سلام رضي الله عنه وغيره, فإن هذه الاية مكية نزلت قبل إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه, وهذا كقوله تبارك وتعالى: "وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين" وقال: " إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا " قال مسروق والشعبي: ليس بعبد الله بن سلام هذه الاية مكية, وإسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه كان بالمدينة. رواه عنهما ابن جرير وابن أبي حاتم واختاره ابن جرير. وقال مالك عن أبي النضر عن عامر بن سعد عن أبيه قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد يمشي على وجه الأرض إنه من أهل الجنة, إلا لعبد الله بن سلام رضي الله عنه, قال: وفيه نزلت "وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله" رواه البخاري ومسلم والنسائي من حديث مالك به, وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والضحاك وقتادة وعكرمة ويوسف بن عبد الله بن سلام وهلال بن يساف والسدي والثوري ومالك بن أنس, وابن زيد أنهم كلهم قالوا: إنه عبد الله بن سلام.
وقوله تعالى: "وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه" أي قالوا عن المؤمنين بالقرآن لو كان القرآن خيراً ما سبقنا هؤلاء إليه, يعنون بلالاً وعماراً وصهيباً وخباباً رضي الله عنهم, وأشباههم وأضرابهم من المستضعفين والعبيد والإماء, وما ذاك إلا لأنهم عند أنفسهم يعتقدون أن لهم عند الله وجاهة وله بهم عناية. وقد غلطوا في ذلك غلطاً فاحشاً وأخطأوا خطأ بيناً كما قال تبارك وتعالى: "وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا" أي يتعجبون كيف اهتدى هؤلاء دوننا ولهذا قالوا: "لو كان خيراً ما سبقونا إليه" وأما أهل السنة والجماعة, فيقولون: في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة رضي الله عنهم هو بدعة لأنه لو كان خيراً لسبقونا إليه, لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها.
وقوله تعالى: "وإذ لم يهتدوا به" أي بالقرآن "فسيقولون هذا إفك قديم" أي كذب قديم أي مأثور عن الناس الأقدمين فينتقصون القرآن وأهله, وهذا هو الكبر الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بطر الحق وغمط الناس" . ثم قال تعالى: "ومن قبله كتاب موسى" وهو التوراة "إماماً ورحمة وهذا كتاب" يعني القرآن "مصدق" أي لما قبله من الكتب "لساناً عربياً" أي فصيحاً بيناً واضحاً "لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين" أي مشتمل على النذارة للكافرين والبشارة للمؤمنين, وقوله تعالى: "فلا خوف عليهم" أي فيما يستقبلون "ولا هم يحزنون" على ما خلفهم "أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون" أي الأعمال سبب لنيل الرحمة لهم وسبوغها عليهم, والله أعلم.
ثم ذكر سبحانه نوعاً آخر من أقاويلهم الباطلة فقال: 10- "وقال الذين كفروا للذين آمنوا" أي لأجلهم، ويجوز أن تكون هذه اللام هي لام التبليغ "لو كان خيراً ما سبقونا إليه" أي لو كان ما جاء به محمد من القرآن والنبوة خيراً ما سبقونا إليه لأنهم عند أنفسهم المستحقون للسبق إلى كل مكرمة، ولم يعلموا أن الله سبحانه يختص برحمته من يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء ويصطفي لدينه من يشاء " وإذ لم يهتدوا به " أي بالقرآن، وقيل بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقيل بالإيمان "فسيقولون هذا إفك قديم" فجاوزوا نفي خيرية القرآن إلى دعوى أنه كذب قديم كما قالوا أساطير الأولين، والعامل في إذ مقدر: أي ظهر عنادهم، ولا يجوز أن يعمل فيه فسيقولون لتضاد الزمانين: أعني المضي والاستقبال ولأجل الفاء أيضاً، وقيل إن العامل فيه فعل مقدر من جنس المذكور: أي لم يهتدوا به.
11. " وقال الذين كفروا "، من اليهود، " للذين آمنوا لو كان "، [دين محمد صلى الله عليه وسلم]، " خيراً ما سبقونا إليه "، يعني عبد الله بن سلام وأصحابه.
وقال قتادة : نزلت في مشركي مكة، قالوا: لو كان ما يدعونا إليه محمد خيراً ما سبقنا إليه فلان وفلان.
وقال الكلبي : الذين كفروا: أسد وغطفان، قالوا للذين آمنوا يعني: جهينة ومزينة: لو كان ما جاء به محمد خيراً ما سبقنا إليه رعاء البهم.
قال الله تعالى: " وإذ لم يهتدوا به "، يعني بالقرآن كما اهتدى به أهل الإيمان " فسيقولون هذا إفك قديم "، كما قالوا أساطير الأولين.
11-" وقال الذين كفروا للذين آمنوا " لأجلهم . " لو كان " الإيمان أو ما أتى به محمد عليه الصلاة والسلام . " خيراً ما سبقونا إليه " وهم سقاط إذ عامتهم فقراء وموال ورعاة ، وإنما قاله قريش وقيل بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع لما أسلم جهينة ومزينة وأسلم وغفار ، أو اليهود حين أسلم عبد الله من سلام وأصحابه . " وإذ لم يهتدوا به " ظرف لمحذوف مثل ظهر عنادهم وقوله : " فسيقولون هذا إفك قديم " مسبب عنه وهو كقولهم : أساطير الأولين .
11. And those who disbelieve say of those who believe: If it had been (any) good, they would not have been before us in attaining it. And since they will not be guided by it, they say: This is an ancient lie;
11 - The Unbelievers say of those who believe: If (this Message) were a good thing, (such men) would not have gone to it first, before us! And seeing that they guide not themselves thereby, they will say, This is an (old,) old falsehood!