111 - (قالوا أرجه وأخاه) أخِّر أمرهما (وأرسل في المدائن حاشرين) جامعين
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال الملأ من قوم فرعون لفرعون: أرجئه، أي: أخره. وقال بعضهم: معناه: احبس.
و((الإرجاء))، في كلام العرب التأخير. يقال منه ((أرجيت هذا الأمر))، و((أرجأته))، إذا أخرته، ومنه قول الله تعالى: " ترجي من تشاء منهن " [الأحزاب: 51]، تؤخر، فالهمز من كلام بعض قبائل قيس، يقولون: ((أرجأت هذا الأمر))، وترك الهمز من لغة تميم وأسد، يقولون: ((أرجيته)).
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأته عامة قرأة المدينة وبعض العراقيين: ((أرجه )) بغير الهمز، وبجر ((الهاء)).
وقرأه بعض قرأة الكوفيين: " أرجه " بترك الهمز وتسكين ((الهاء))، على لغة من يقف على الهاء في المكني في الوصل، إذا تحرك ما قبلها، كما قال الراجز:
أنحى علي الدهر رجلاً ويدا يقسم لا يصلح إلا أفسدا
فيصلح اليوم ويفسده غدا
وقد يفعلون مثل هذا بهاء التأنيث، فيقولون: ((هذه طلحه قد أقبلت))، كما قال الراجز:
لما رأى أن لا دعه ولا شبع مال إلى أرطاة حقف فاضطجع
وقرأه بعض البصريين: ((أرجئه )) بالهمز وضم ((الهاء))، على لغة من ذكرت من قيس.
قال أبو جعفر: وأولى القراءات في ذلك بالصواب، أشهرها وأفصحها في كلام العرب، وذلك ترك الهمز وجر ((الهاء))، وإن كانت الأخرى جائزة، غير أن الذي اخترنا أفصح اللغات وأكثرها على ألسن فصحاء العرب.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: " أرجه ".
فقال بعضهم: معناه: أخره.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج ، أخبرني عطاء الخراساني ، عن ابن عباس قوله: " أرجه وأخاه "، قال: أخره.
وقال آخرون: معناه: احبسه.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " أرجه وأخاه "، أي: احبسه وأخاه.
وأما قوله: " وأرسل في المدائن حاشرين "، يقول: من يحشر السحرة فيجمعهم إليك.
وقيل: هم الشرط.
ذكر من قال ذلك:
حدثني عباس بن أبي طالب قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا الحكم بن ظهير، عن السدي ، عن ابن عباس: " وأرسل في المدائن حاشرين "، قال: الشرط.
حدثنا ابن وكحيع قال، حدثنا أبي، عن إسمعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن أبيه، عن مجاهد : " وأرسل في المدائن حاشرين "، قال: الشرط.
قال حدثنا حميد، عن قيس، عن السدي : " وأرسل في المدائن حاشرين "، قال: الشرط.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا إسمعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن أبيه، عن مجاهد ، عن ابنه عباس في قوله: " في المدائن حاشرين "، قال: الشرط.
حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس: " وأرسل في المدائن حاشرين "، قال: الشرط.
"قالوا أرجه" قرأ أهل المدينة وعاصم و الكسائي بغير همز، إلا أن ورشاً و الكسائي أشبعا كسرة الهاء. وقرأ أبو عمرو بهمزة ساكنة والهاء مضمومة. وهما لغتان، يقال: أرجأته وأرجيته، أي أخرته. وكذلك قرأ ابن كثير وابن محيصن وهشام، إلا أنهم أشبعوا ضمة الهاء. وقرأ سائر أهل الكوفة أرجه بإسكان الهاء. قال الفراء: هي لغة للعرب، يقفون على الهاء المكني عنها في الوصل إذا تحرك ما قبلها، وكذا هذه طلحة قد أقبلت. وأنكر البصريون هذا. قال قتادة: معنى أرجه احبسه. وقال ابن عباس: أخره. وقيل: أرجه مأخوذ من رجا يرجو، أي أطمعه ودعه يرجو، حكاه النحاس عن محمد بن يزيد. وكسر الهاء على الاتباع. ويجوز ضمها على الأصل. وإسكانها لحن لا يجوز إلا في شذوذ من الشعر. "وأخاه" عطف على الهاء. "حاشرين" نصب على الحال.
قال ابن عباس "أرجه" أخره وقال قتادة احبسه "وأرسل" أي ابعث "في المدائن" أي في الأقاليم ومدائن ملكك "حاشرين" أي من يحشر لك السحرة من سائر البلاد ويجمعهم وقت كان السحر في زمانهم غالباً كثيراً ظاهراً واعتقد من اعتقد منهم وأوهم من أوهم منهم أن ما جاء به موسى عليه السلام من قبيل ما تشعبذه سحرتهم فلهذا جمعوا له السحرة ليعارضوه بنظير ما أراهم من البينات كما أخبر تعالى عن فرعون حيث قال " أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى * فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى * قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى * فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى " وقال تعالى ههنا:
وكون هذا من كلام فرعون هو الأولى بدليل ما بعده وهو 111- "قالوا أرجه وأخاه" قال: الملأ جواباً لكلام فرعون حيث استشارهم وطلب ما عندهم من الرأي أرجه: أي أخره وأخاه يقال: أرجأته وأرجيته: أخرته. قرأ عاصم والكسائي وحمزة وأهل المدينة "أرجه" بغير همز، وقرأ الباقون بالهمز، وقرأ أهل الكوفة إلا الكسائي "أرجه" بسكون الهاء. قال الفراء: هي لغة للعرب يقفون على الهاء في الوصل، وأنكر ذلك البصريون، وقيل معنى أرجه: احبسه، وقيل: هو من رجا يرجو: أي أطمعه ودعه يرجوك، حكاه النحاس عن محمد بن يزيد المبرد "وأرسل في المدائن حاشرين" أي أرسل جماعة حاشرين في المدائن التي فيها السحرة، وحاشرين مفعول أرسل، وقيل: هو منصوب على الحال.
111- " قالوا " ، يعني الملأ ، " أرجه " قرأ ابن كثير وأهل البصرة وابن عامر بالهمزة وصم الهاء ، وقرأ الآخرون بلا همزة ، ثم نافع برواية ورش و الكسائي يشبعان الهاء كسراً ، ويكنها عاصم وحمزة ، ويختلسها أبو جعفر وقالون .
قال عطاء ، معناه أخره . وقيل : احبسه ، " وأخاه " ، معناه أشاروا إليه بتأخير أمره وترك التعرض له بالقتل ، " وأرسل في المدائن حاشرين " ، يعني الشرط والمدائن ، وهي مدائن الصعيد من نواحي مصر ، قالوا : أرسل إلى هذا المدائن رجالاً يحشرون إليك من فيها من السحرة ، وكان رؤساء السحرة بأقصى مدائن الصعيد ، فإن غلبهم موسى صدقناه وإن غلبوا علمنا أنه ساحر .
111." قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين "
111. They said (unto Pharaoh): Put him off (a while) him and his brother and send into the cities summoners,
111 - They said: keep him and his brother in suspense (for a while); and send to the cities men to collect