112 - (وضرب الله مثلا) ويبدل منه (قرية) هي مكة والمراد اهلها (كانت آمنة) من الغارات لا تهاج (مطمئنة) لا يحتاج إلى الانتقال عنها لضيق أو خوف (يأتيها رزقها رغدا) واسعا (من كل مكان فكفرت بأنعم الله) بتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم (فأذاقها الله لباس الجوع) فقحطوا سبع سنين (والخوف) بسرايا النبي صلى الله عليه وسلم (بما كانوا يصنعون)
يقول تعالى ذكره : ومثل الله مثلاً لمكة التي سكانها أهل الشرك بالله هي القرية التي كانت آمنة مطمئنة ، وكان أمنها أن العرب كانت تتعادى ، ويقتل بعضها بعضاً ، ويسبي بعضها بعضاً ، وأهل مكة لا يغار عليهم ، ولا يحاربون في بلدهم ، فذلك كان أمنها . وقوله "مطمئنة" يعني : قارة بأهلها ، لا يحتاج أهلها إلى النجع ، كما كان سكان البوادي يحتاجون إليها "يأتيها رزقها رغدا" يقول : يأتي أهلها معايشهم واسعة كثيرة .وقوله "من كل مكان" يعني : من كل فج من فجاج هذه القرية ، ومن كل ناحية فيها .
وبنحو الذي قلنا في أن القرية التي ذكرت في هذا الموضع أريد بها مكة ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان" يعني : مكة .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا ابو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال :حدثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "قرية كانت آمنة مطمئنة" قال : مكة .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ،عن مجاهد ، مثله .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة" قال : ذكر لنا أنها مكة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "قرية كانت آمنة" قال : هي مكة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة" ... إلى آخر الآية ، قال : هذه مكة .
وقال آخرون : بل القرية التي ذكر الله في هذا الموضع مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : حدثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا نافع بن يزيد ، قال : حدثني عبد الرحمن بن شريح ،أن عبد الكريم بن الحارث الحضرمي ، حدث أنه سمع مشرح بن عاهان ، يقول : سمعت سليم بن نمير يقول :صدرنا من الحج مع حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وعثمان محصور بالمدينة ، فكانت تسأل عنه ما فعل ، حتى رأت راكبين ، فأرسلت إليهما تسالهما ، فقالا : قتل ، فقالت حفصة : والذي نفسي بيده إنها القرية ، تعني المدينة التي قال الله تعالى "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله" قرأها . قال ابو شريح : وأخبرني عبد الله بن المغيرة عمن حدثه ، أنه كان يقول : إنها المدينة ، وقوله : "فكفرت بأنعم الله" يقول : فكفر أهل هذه القرية بأنعم الله التي أنعم عليها .
واختلف أهل العربية في واحد الأنعم ، فقال بعض نحويي البصرة : جمع النعمة على أنعم ، كما قال الله ( حتى إذا بلغ اشده ) فزعم أنه جمع الشدة . وقال آخر منهم الواحد نعم ، وقال : يقال : ايام طعم ونعم أي : نعيم ، قال : فيجوز أن يكون معناها : فكفرت بنعيم الله لها . واستشهد على ذلك بقول الشاعر :
وعندي قروض الخير والشر كله فبؤس لذي بؤس ونعم بأنعم
وكان بعض أهل الكوفة يقول : أنعم :جمع نعماء ، مثل بأساء وأبؤس ، وضراء وأضر ، فأما الأشد فإنه زعم أنه جمع شد .
وقوله : "فأذاقها الله لباس الجوع والخوف" يقول تعالى ذكره : فأذاق الله أهل هذه القرية لباس الجوع ، وذلك جوع خالط أذاه أجسامهم ، فجعل الله تعالى ذكره ذلك لمخالطته أجسامهم بمنزلة اللباس لها ، وذلك أنهم سلط عليهم الجوع سنين متوالية بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أكلوا العلهز والجيف ـ قال أبو جعفر : والعلهز : الوبر يعجن بالدم والقراد يأكلونه ـ وأما الخوف فإن ذلك كان خوفهم من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت تطيف بهم .وقوله "بما كانوا يصنعون" يقول : بما كانوا يصنعون من الكفر بأنعم الله ، ويجحدون آياته ، ويكذبون رسوله ، وقال : بما كانوا يصنعون ، وقد جرى الكلام من ابتداء الآية إلى هذا الموضع على وجه الخير عن القرية ، لأن الخبر وإن كان جرى في الكلام عن القرية ، استغناءً بذكرها عن ذكر أهلها لمعرفة السامعين بالمراد منها ، فإن المراد أهلها، فلذلك قيل "بما كانوا يصنعون" فرد الخبر إلى أهل القرية ، وذلك نظير قوله "فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون" ولم يقل قائلة ، وقد قال قبله "فجاءها بأسنا" ، لأنه رجع بالخبر إلى الإخبار عن أهل القرية ، ونظائر ذلك في القرآن كثيرة .
قوله تعالى " وضرب الله مثلا قرية " هذا متصل بذكر المشركين و" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا على مشركي قريش وقال : اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف فابتلوا بالقحط حتى أكلوا العظام ، ووجه إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما ففرق فيهم " "كانت آمنة " لا يهاج أهلها " يأتيها رزقها رغدا من كل مكان " من البر والبحر نظيره " يجبى إليه ثمرات كل شيء " الآية " فكفرت بأنعم الله " الأنعم جمع النعمة كالأشد جمع الشدة وقيل جمع نعمى مثل بؤسى وأبؤس وهذا الكفران تكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم "فأذاقها الله " أي أذاق أهلها " لباس الجوع والخوف " سماه لباسا لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس "بما كانوا يصنعون " أي من الكفر والمعاصي وقرأه حفص بن غياث و نصر بن عاصم وابن أبي إسحاق والحسنوأبو عمرو فيما روى عنه عبد الوارث وعبيد وعباس والخوف نصبا بإيقاع أذاقها عليه ، عطفا على لباس الجوع وأذاقها الخوف وهو بعث النبي صلى الله عليه وسلم سراياه التي كانت تطيف بهم . وأصل الذوق بالفم ثم يستعار فيوضع موضع الابتلاء وضرب مكة مثلا لغيرها من البلاد أي أنها مع جوار بيت الله وعمارة مسجده لما كفر أهلها أصابهم القحط فيكف بغيرها من القرى وقد قيل : إنها المدينة آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كفرت بأنعم الله لقتل عثمان بن عفان وما حدث بها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتن وهذا قول عائشة وحفصة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم وقيل إنه مثل مضروب بأي قرية كانت على هذه الصفة من سائر القرى .
هذا مثل أريد به أهل مكة, فإنها كانت آمنة مطمئنة مستقرة يتخطف الناس من حولها, ومن دخلها كان آمنا لا يخاف, كما قال تعالى: " وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ", وهكذا قال ههنا: "يأتيها رزقها رغداً" أي هنيئاً سهلاً "من كل مكان فكفرت بأنعم الله" أي جحدت آلاء الله عليها وأعظمها بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إليهم, كما قال تعالى: " ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار " ولهذا بدلهم الله بحاليهم الأولين خلافهما, فقال: "فأذاقها الله لباس الجوع والخوف" أي ألبسها وأذاقها الجوع بعد أن كان يجبى إليهم ثمرات كل شيء, ويأيتها رزقها رغداً من كل مكان, وذلك لما استعصوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوا إلا خلافه فدعا عليهم بسبع كسبع يوسف, فأصابتهم سنة أذهبت كل شيء لهم, فأكلوا العلهز وهو وبر البعير يخلط بدمه إذا نحروه.
وقوله: "والخوف" وذلك أنهم بدلوا بأمنهم خوفاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين هاجروا إلى المدينة من سطوته وسراياه وجيوشه, وجعل كل ما لهم في دمار وسفال حتى فتحها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بسبب صنيعهم وبغيهم وتكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله فيهم منهم, وامتن به عليهم في قوله: "لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم" الاية. وقوله تعالى: " فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا * رسولا " الاية, وقوله: " كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون * فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون " وكما أنه انعكس على الكافرين حالهم فخافوا بعد الأمن, وجاعوا بعد الرغد, فبدل الله المؤمنين من بعد خوفهم أمناً, ورزقهم بعد العيلة, وجعلهم أمراء الناس وحكامهم وسادتهم وقادتهم وأئمتهم, وهذا الذي قلناه من أن هذا المثل ضرب لأهل مكة قاله العوفي عن ابن عباس, وإليه ذهب مجاهد وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم, وحكاه مالك عن الزهري رحمهم الله.
وقال ابن جرير: حدثني ابن عبد الرحيم البرقي, حدثنا ابن أبي مريم, حدثنا نافع بن يزيد, حدثنا عبد الرحمن بن شريح أن عبد الكريم بن الحارث الحضرمي حدثه أنه سمع مشرح بن هاعان يقول: سمعت سليم بن عتر يقول: صدرنا من الحج مع حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان رضي الله عنه محصور بالمدينة, فكانت تسأل عنه ما فعل ؟ حتى رأت راكبين فأرسلت إليهما تسألهما فقالا: قتل, فقالت حفصة: والذي نفسي بيده إنها القرية ـ تعني المدينة ـ التي قال الله تعالى: "وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله" قال ابن شريح: وأخبرني عبيد الله بن المغيرة عمن حدثه أنه كان يقول إنها المدينة.
قوله: 112- "وضرب الله مثلاً قرية" قد قدمنا أن ضرب مضمن معنى جعل حتى تكون "قرية" المفعول الأول و "مثلاً" المفعول الثاني، وإنما تأخرت "قرية" لئلا يقع الفصل بينهما وبين صفاتها، وقدمنا أيضاً أنه يجوز أن يكون ضرب على بابه غير مضمن ويكون "مثلاً" مفعوله الأول " قرية " بدلاً منه. وقد اختلف المفسرون هل المراد بهذه القرية قرية معينة، أو المراد قرية غير معينة، بل كل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة؟ فذهب الأكثر إلى الأول وصرحوا بأنها مكة، وذلك لما دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف"، فابتلوا بالقحط حتى أكلوا العظام. والثاني أرجح لأن تنكير قرية يفيد ذلك، ومكة تدخل في هذا العموم البدلي دخولاً أولياً، وأيضاً يكون الوعيد أبلغ، والمثل أكمل، وغير مكة مثلها، وعلى فرض إرادتها ففي المثل إنذار لغيرها من مثل عاقبتها، ثم وصف القرية بأنها "كانت آمنة" غير خائفة "مطمئنة" غير منزعجة، أي لا يخاف أهلها ولا ينزعجون "يأتيها رزقها" أي ما يرتزق به أهلها "رغداً" واسعاً "من كل مكان" من الأمكنة التي يجلب ما فيها إليها "فكفرت" أي كفر أهلها "بأنعم الله" التي أنعم بها عليهم، والأنعم جمع نعمة كالأشد جمع شدة، وقيل جمع نعمى مثل بؤسى وأبؤس، وهذا الكفر منهم هو كفرهم بالله سبحانه وتكذيب رسله "فأذاقها الله" أي أذاق أهلها "لباس الجوع والخوف" سمي ذلك لباساً لأنه يظهر به عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس، فاستعير له إسمه وأوقع عليه الإذاقة، وأصلها الذوق بالفم، ثم استعيرت لمطلق الاتصال مع إنبائها بشدة الإصابة لما فيها من اجتماع الإدراكين: إدراك اللمس، والذوق. روي أن ابن الراوندي الزنديق قال لابن الأعرابي إمام اللغة والأدب: هل يذاق اللباس؟ فقال له ابن الأعرابي: لا بأس أيها النسناس، هب أن محمداً ما كان نبياً أما كان عربياً؟ كأنه طعن في الآية بأن المناسب أن يقال: فكساها الله لباس الجوع أو فأذاقها الله طعم الجوع. فرد عليه ابن الأعرابي. وقد أجاب علماء البيان أن هذا من تجريد الاستعارة، وذلك أنه استعار اللباس لما غشي الإنسان من بعض الحوادث كالجوع والخوف لاشتماله عليه اشتمال اللباس على اللابس، ثم ذكر الوصف ملائماً للمستعار له وهو الجوع والخوف، لأن إطلاق الذوق على إدراك الجوع والخوف جرى عندهم مجرى الحقيقة، فيقولون ذاق فلان البؤس والضر وأذاقه غيره، فكانت الاستعارة مجردة، ولو قال فكساها كانت مرشحة. قيل وترشيح الاستعارة وإن كان مستحسناً من جهة المبالغة إلا أن للتجريد ترجيحاً من حيث إنه روعي جانب المستعار له فازداد الكلام وضوحاً: وقيل إن أصل الذوق بالفم ثم قد يستعار فيوضع موضع التعرف والاختبار، ومن ذلك قول الشاعر:
ومن يذق الدنيا فإني طعمتها وسيق إلينا عذبها وعذابها
وقرأ حفص بن غياث ونصر بن عاصم وابن أبي إسحاق وأبو عمرو فيما روى عنه عبد الوارث بنصب الخوف عطفاً على لباس، وقرأ الباقون بالضم عطفاً على الجوع. قال الفراء: كل الصفات أجريت على القرية إلا قوله: "يصنعون" تنبيهاً على أن المراد في الحقيقة أهلها.
112 - قوله تعالى : " وضرب الله مثلاً قريةً كانت آمنة " ، يعني : مكة ، كانت آمنة ، لا يهاج أهلها ولا يغار عليها ، " مطمئنةً " ، قارة بأهلها ، لا يحتاجون إلى الانتقال للانتجاع كما يحتاج إليه سائر العرب ، " يأتيها رزقها رغداً من كل مكان " ، يحمل إليها من البر والبحر نظيره : " يجبى إليه ثمرات كل شيء " ( القصص - 57 ) ."فكفرت بأنعم الله " ،جمع النعمة ،وقيل : جمع نعماء مثل بأساء وأبؤس ، " فأذاقها الله لباس الجوع " ، ابتلاهم الله بالجوع سبع سنين ،وقطعت العرب عنهم الميرة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جهدوا فأكلوا العظام المحرقة ، والجيف ،والكلاب الميتة ، والعهن ، وهو الوبر يعالج بالدم ، حتى كان أحدهم ينظر إلى السماء فيرى شبه الدخان من الجوع ، ثم إن رؤساء مكة كلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : هذا عاديت الرجال ، فما بال النساء والصبيان ؟ فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس بحمل الطعام إليهم وهم بعد مشركون . وذكر اللباس لأن ما أصابهم من الهزال والشحوب وتغير مظاهرهم عما كانوا عليه من قبل كاللباس لهم ، " والخوف " ، يعني : بعوث النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه التي كانت تطيف بهم . " بما كانوا يصنعون " .
112."وضرب الله مثلاً قريةً"أي جعلها مثلاً لكل قوم أنعم الله عليهم فأبطرتهم النعمة فكفروا ، فأنزل الله بهم نقمته، أو لمكة . "كانت آمنةً مطمئنةً" لا يزعج أهلها خوف."يأتيها رزقها"أقواتها."رغداً"واسعاً."من كل مكان"من نواحيها ."فكفرت بأنعم الله "بنعمه جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء كدرع وأدرع ، أو جمع نعم كبؤس وأبؤس ."فأذاقها الله لباس الجوع والخوف " استعار الذوق لإدراك أثر الضرر، واللباس لما غشيهم واشتمل عليهم من الجوع والخوف ، وأوقع الإذاقة عليه بالنظر إلى المستعار له كقول كثير:
عمر الرداء إذا تبسم ضاحكاً غلقت لضحكته رقاب المال
فإنه استعار الرداء للمعروف لأنه يصون عرض صاحبه صون الرداء لما يلقى عليه ،وأضاف إليه الغمر الذي هو وصف المعروف والنوال لا وصف الرداء نظراً إلى المستعار له ،وقد ينظر إلى المستعار كقوله:
ينازعني ردائي عبد عمرو رويدك يا أخا عمرو بن بكر
لي الشطر الذي ملكت يميني ودونك فاعتجر منه بشطر
استعار الرداء لسيفه ثم قال فاعتجر نظراً إلى المستعار."بما كانوا يصنعون"بصنيعهم.
112. Allah coineth a similitude: a township that dwelt secure and well content, its provision coming to it in abundance from every side, but it disbelieved in Allah's favors, so Allah made it experience the garb of dearth and fear because of what they used to do.
112 - God sets forth a parable: a city enjoying security and quiet, abundantly supplied with sustenance from every place: yet was it ungrateful for the favours of God: so God made it taste of hunger and terror (in extremes) (closing in on it) like a garment (from every side), because of the (evil) which (its people) wrought.