116 - (وإن تطع أكثر من في الأرض) أي الكفار (يضلوك عن سبيل الله) دينه (إن) ما (يتبعون إلا الظن) في مجادلتهم لك في أمر الميتة إذ قالوا ما قتل الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم (وإن) ما (هم إلا يخرصون) يكذبون في ذلك
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : لا تطع هؤلاء العادلين بالله الأنداد، يا محمد، فيما دعوك إليه من أكل ما ذبحوا لآلهتهم وأهلوا به لغير ربهم ، وأشكالهم من أهل الزيغ والضلال ، فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن دين الله ، ومحجة الحق والصواب ، فيصدوك عن ذلك .
وإنما قال الله لنبيه : "وإن تطع أكثر من في الأرض"، من بني آدم لأنهم كانوا حينئذ كفاراً ضلالاً، فقال له جل ثناؤه : لا تطعهم فيما دعوك إليه ، فإنك إن تطعهم ضللت ضلالهم ، وكنت مثلهم ، لأنهم لا يدعونك إلى الهدى وقد أخطأوه . ثم أخبر جل ثناؤه عن حال الذين نهى نبيه عن طاعتهم فيما دعوه إليه في أنفسهم ، فقال : "إن يتبعون إلا الظن"، فأخبر جل ثناؤه أنهم من أمرهم على ظن عند أنفسهم ، وحسبان على صحة عزم عليه ، وإن كان خطأ في الحقيقة، "وإن هم إلا يخرصون"، يقول : ما هم إلا متخرصون ، يظنون ويوقعون حزراً ، لا يقين علم.
يقال منه : خرص يخرص خرصاً وخروصاً أي كذب ، وتخرص بظن ، وتخرص بكذب ، وخرصت النخل أخرصه ، وخرصت إبلك ، أصابها البرد والجوع .
قوله تعالى: "وإن تطع أكثر من في الأرض" أي الكفار. "يضلوك عن سبيل الله" أي عن الطريق التي تؤدي إلى ثواب الله. "إن يتبعون إلا الظن" إن بمعنى ما، وكذلك "وإن هم إلا يخرصون" أي يحدسون ويقدرون، ومنه الخرص، وأصله القطع. قال الشاعر:
ترى قصد المران فينا كأنه تذرع خرصان بأيدي الشواطب
يعني جريداً يقطع طولاً ويتخذ منه الخرص وهو جمع الخرص، ومنه خرص يخرص النخل خرصاً إذا حرزه ليأخذ الخراج منه. فالخارص يقطع بما لا يجوز القطع به، إذ لا يقين معه. وسيأتي لهذا مزيد بيان في الذاريات إن شاء الله تعالى.
يخبر تعالى: عن حال أكثر أهل الأرض, من بني آدم أنه الضلال, كما قال تعالى: "ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين" وقال تعالى: "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" وهم في ضلالهم ليسوا على يقين من أمرهم, وإنما هم في ظنون كاذبة وحسبان باطل, "إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون" فإن الخرص هو الجزر, ومنه خرص النخل, وهو جزر ما عليها من التمر, وذلك كله عن قدر الله ومشيئته "هو أعلم من يضل عن سبيله" فييسره لذلك "وهو أعلم بالمهتدين" فييسرهم لذلك, وكل ميسر لما خلق له.
قوله: 116- "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله" أخبره الله سبحانه بأنه إذا رام طاعة أكثر من في الأرض أضلوه، لأن الحق لا يكون إلا بيد الأقلين، ومنهم الطائفة التي تزال على الحق ولا يضرها خلاف من يخالفها، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: المراد بالأكثر الكفار، وقيل: المراد بالأرض مكة: أي أكثر أهل مكة، ثم علل ذلك سبحانه بقوله: "إن يتبعون إلا الظن" أي ما يتبعون إلا الظن الذي لا أصل له، وهو ظنهم أن معبوداتهم تستحق العبادة وأنها تقربهم إلى الله "وإن هم إلا يخرصون" أي وما هم إلا يخرصون: أي يحدسون ويقدرون، وأصل الخرص القطع، ومنه خرص النخل يخرص: إذا حزره ليأخذ منه الزكاة، فالخارص يقطع بما لا يجوز القطع به إذ لا يقين منه، وإذا كان هذا حال أكثر من في الأرض فالعلم الحقيقي هو عند الله، فاتبع ما أمرك به ودع عنك طاعة غيره.
116- " وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله "، عن دين الله، وذلك أن أكثر أهل الأرض كانوا على الضلالة، وقيل: أراد أنهم جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في أكل الميتة ، وقالوا : أتأكلون ما تقتلون ولا تأكلون ما قتله الله عز وجل ؟ فقال " وإن تطع أكثر من في الأرض " أي: وإن تطعهم في أكل الميتة يضلوك عن سبيل الله، " إن يتبعون إلا الظن "، يريد أن دينهم الذي هم عليه ظن[وهوىً]لم يأخذوه عن بصيرة، " وإن هم إلا يخرصون " يكذبون.
116 " وإن تطع أكثر من في الأرض " أي أكثر الناس يريد الكفار ، أو الجهال أو أتباع الهوى ، وقيل الأرض أرض مكة . " يضلوك عن سبيل الله " عن الطريق الموصل إليه ، فإن الضال في غالب الأمر لا يأمر إلا بما فيه ضلال . " إن يتبعون إلا الظن " وهو ظنهم أن آباءهم كانوا على الحق ، أو جهالاتهم وآراؤهم الفاسدة فإن الظن يطلق على ما يقابل العلم : " وإن هم إلا يخرصون " يكذبون على الله سبحانه وتعالى فيما ينسبون إليه كاتخاذ الولد وجعل عبادة الأوثان وصلة إليه ، وتحليل الميتة وتحريم البحائر ، أو يقدرون أنهم على شيء وحقيقته ما يقال عن ظن وتخمين .
116. If thou obeyedst most of those on earth they would mislead thee far from Allah's way. They follow naught but an opinion, and they do but guess.
116 - Wert thou to follow the common run of those on earth, they will lead thee away from the way of God. they follow nothing but conjecture: they do nothing but lie.