12 - (وإذا مس الإنسان) الكافر (الضر) المرض والفقر (دعانا لجنبه) أي مضطجعاً (أو قاعداً أو قائماً) أي في كل حالٍ (فلما كشفنا عنه ضره مر) على كفره (كأنْ) مخففة واسمها محذوف أي كأنه (لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك) كما زين له الدعاء عند الضرر والإعراض عند الرخاء (زين للمسرفين) المشركين (ما كانوا يعملون)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وإذا أصاب الانسان الشدة والجهد، " دعانا لجنبه "، يقول: استغاث بنا في كشف ذلك عنه، " لجنبه "، يعني مضطجعاً لجنبه، " أو قاعدا أو قائما "، بالحال التي يكون بها عند نزول ذلك الضر به، " فلما كشفنا عنه ضره "، يقول: فلما فرجنا عنه الجهد الذي أصابه، " مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه "، يقول: استمر على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء أو تناساه، وترك الشكر لربه الذي فرج عنه ما كان قد نزل به من البلاء حين استعاذ به، وعاد للشرك ودعوى الآلهة والأوثان أرباباً معه. يقول تعالى ذكره: " كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون "، يقول: كما زين لهذا الإنسان الذي وصفنا صفته، استمراره على كفره بعد كشف الله عنه ما كان فيه من الضر، كذلك زين للذين أسرفوا في الكذب على الله وعلى أنبيائه، فتجاوزوا في القول فيهم إلى غير ما إذن الله لهم به، ما كانوا يعملون من معاصي الله والشرك به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: " دعانا لجنبه "، قال: مضطجعاً.
قوله تعالى: "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه" قيل: المراد بالإنسان هنا الكافر، قيل: هو أبو حذيفة بن المغيرة المشرك، تصيبه البأساء والشدة والجهد. "دعانا لجنبه" أي على جنبه مضطجعاً. "أو قاعدا أو قائما" وإنما أراد جميع حالاته، لأن الإنسان لا يعدو إحدى هذه الحالات الثلاثة. قال بعضهم: إنما بدأ بالمضطجع لأنه بالضر أشد في غالب الأمر، فهو يدعو أكثر، واجتهاده أشد، ثم القاعد ثم القائم. "فلما كشفنا عنه ضره مر" أي استمر على كفره ولم يشكر ولم يتعظ.
قلت: وهذه صفة كثير من المخلطين الموحدين، إذا أصابته العافية مر على ما كان عليه من المعاصي، فالآية تعم الكافر وغيره. "كأن لم يدعنا" قال الأخفش: هي كأن الثقيلة خففت، والمعنى كأنه، وأنشد:
وي كأن من يكن له نشب يحـ ـبب ومن يفتقر يعش عيش ضر
"كذلك زين" أي كما زين لهذا الدعاء عند البلاء والإعراض عند الرخاء. "زين للمسرفين" أي للمشركين أعمالهم من الكفر والمعاصي. وهذا التزيين يجوز أن يكون من الله، ويجوز أن يكون من الشيطان، وإضلاله دعاؤه إلى الكفر.
يخبر تعالى عن الإنسان وضجره وقلقه إذا مسه الشر كقوله: "وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض" أي كثير وهما في معنى واحد وذلك لأنه إذا أصابته شدة قلق لها وجزع منها وأكثر الدعاء عند ذلك فدعا الله في كشفها ورفعها عنه في حال اضطجاعه وقعوده وقيامه وفي جميع أحواله فإذا فرج الله شدته وكشف كربته أعرض ونأى بجانبه وذهب كأنه ما كان به من ذلك شيء " مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه " ثم ذم تعالى من هذه صفته وطريقته فقال: "كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون" فأما من رزقه الله الهداية والسداد والتوفيق والرشاد فإنه مستثنى من ذلك كقوله تعالى: "إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات" وكقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيراً له, إن اصابته ضراء فصبر كان خيراً له وإن أصابته سراء فشكر كان خيراً له, وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن".
ثم بين الله سبحانه أنهم كاذبون في استعجال الشر ولو أصابهم ما طلبوه لأظهروا العجز والجزع فقال: 12- "وإذا مس الإنسان الضر" أي هذا الجنس الصادق على كل ما يحصل التضرر به "دعانا لجنبه" اللام للوقت كقوله جئته لشهر كذا، أو في محل نصب على الحال بدلالة عطف قاعداً أو قائماً عليه، وتكون اللام بمعنى على: أي دعانا مضطجعاً "أو قاعداً أو قائماً" وكأنه قال: دعانا في جميع الأحوال المذكورة وغيرها، وخص المذكورة بالذكر لأنها لأنها الغالب على الإنسان، وما عداها نادر كالركوع والسجود، ويجوز أن يراد أنه يدعو الله حال كونه مضطجعاً غير قادر على القعود، وقاعداً غير قاعد على القيام، وقائماً غير قادر على المشي، والأول أولى. قال الزجاج: إن تعديل أحوال الدعاء أبلغ من تعديد أحوال المضرة، لأنه إذا كان داعياً على الدوام، ثم نسي في وقت الرخاء كان أعجب. قوله: "فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه" أي فلما كشفنا عنه ضره الذي مسه كما تفيده الفاء مضى على طريقته التي كان عليها قبل أن يمسه الضر ونسي حالة الجهد والبلاء، أو مضى عن موقف الدعاء والتضرع لا يرجع إليه كأنه لا عهد له به كأنه لم يدعنا عند أن مسه الضر إلى كشف ذلك الضر الذي مسه. وقيل معنى "مر" استمر على كفره ولم يشكر ولم يتعظ. قال الأخفش: أن في "كأن لم يدعنا" هي المخففة من الثقيلة، والمعنى: كأنه انتهى. والجملة التشبيهية في محل نصب على الحال. وهذه الحالة التي ذكرها الله سبحانه للداعي لا تختص بأهل الكفر، بل تتفق لكثير من المسلمين تلين ألسنهم بالدعاء وقلوبهم بالخشوع والتذلل عند نزول ما يكرهون بهم. فإذا كشفه الله عنهم غفلوا عن الدعاء والتضرع، وذهلوا عما يجب عليهم من شكر النعمة التي أنعم الله بها عليهم من إجابة دعائهم ورفع ما نزل بهم من الضر ودفع ما أصابهم من المكروه. وهذا مما يدل على أن الآية تعم المسلم والكافر كما يشعر به لفظ الناس ولفظ الإنسان، اللهم أوزعنا شكر نعمك، وأذكرنا الأحوال التي منيت علينا فيها بإجابة الدعاء، حتى نستكثر من الشكر الذي لا نطيق سواه ولا نقدر على غيره، وما أغناك عنه وأحوجنا إليه و "لئن شكرتم لأزيدنكم" والإشارة بقوله: "كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون" إلى مصدر الفعل المذكور بعده كما مر غير مرة أي مثل ذلك التزيين العجيب زين للمسرفين عملهم. والمسرف في اللغة: هو الذي ينفق المال الكثير لأجل الغرض الخسيس، ومحل كذلك النصب على المصدرية. والتزيين هو إما من جهة الله تعالى على طريقة التحلية وعدم اللطف بهم، أو من طريق الشيطان بالوسوسة، أو من طريق النفس الأمارة بالسوء. والمعنى: أنه زين لهم الإعراض عن الدعاء والغفلة عن الشكر والاشتغال بالشهوات.
12-قوله تعالى: "وإذا مس الإنسان الضر"، الجهد والشدة، "دعانا لجنبه"، أي: على جنبه مضطجعا، "أو قاعدا أو قائما"، يريد في جميع حالاته، لأن الإنسان لا يعدو إحدى هذه الحالات.
"فلما كشفنا"، دفعنا " عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه "، أي استمر على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء، كأنه لم يدعنا إلى ضر مسه أي: لم يطلب منا كشف ضر مسه. "كذلك زين للمسرفين" المجاوزين الحد في الكفر والمعصية، "ما كانوا يعملون"، من العصيان. قال ابن جريج: كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون من الدعاء عند البلاء وترك الشكر عند الرخاء. وقيل: معناه كما زين لكم أعمالكم زين للمسرفين الذين كانوا من قبلكم أعمالهم.
12."وإذا مس الإنسان الضر دعانا"لإزالته مخلصاً فيه ."لجنبه"ملقى لجنبه أي مضطجعاً."أو قاعداً أو قائماً"وفائدة الترديد تعميم الدعاء لجميع الأحوال أو لأصناف المضار ."فلما كشفنا عنه ضره مر"يعني مضى على طريقته واستمر على كفره أو مر عن موفق الدعاء لا يرجع إليه ."كأن لم يدعنا" كأنه لم يدعنا فخفف وحذف ضمير الشأن كما قال :
ونحر مشرق اللون كأن ثدياه حقان
"إلى ضر مسه " إلى كشف ضر ."كذلك " مثل ذلك التزيين . " زين للمسرفين ما كانوا يعملون "من الانهماك في الشهوات والإعراض عن العبادات.
12. And if misfortune touch a man he crieth unto Us, (while reclining) on his side, or sitting or standing, but when We have relieved him of the misfortune he goeth his way as though he had not cried unto Us because of a misfortune that afflicted him. Thus is what they do made (seeming) fair unto the prodigal.
12 - When trouble toucheth a man, he crieth unto us (in all postures) lying down on his side, or sitting, or standing. but when we have solved his trouble, he passeth on his way as if he had never cried to us for a trouble that touched him thus do the deeds of transgressors seem fair in their eyes