12 - (يدعو) يعبد (من دون الله) من الصنم (ما لا يضره) إن لم يعبده (وما لا ينفعه) إن عبده (ذلك) الدعاء (هو الضلال البعيد) عن الحق
يقول تعالى ذكره : و إن أصابت هذا الذي يعبد الله على حرف فتنة ، ارتد عن دين الله ، يدعو من دون الله آلهة لا تضره إن لم يعبدها في الدنيا ، ولا تنفعه في الآخرة إن عبدها " ذلك هو الضلال البعيد " .
يقول : ارتداده ذلك داعيا من دون الله هذه الآلهة هو الأخذ على غير استقامة ، و الذهاب عن دين الله ذهابا بعيدا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله " يدعو من دون الله ما لا يضره و ما لا ينفعه " يكفر بعد إيمانه " ذلك هو الضلال البعيد " .
قوله تعالى: " يدعو من دون الله " أي هذا الذي يرجع إلى الكفر يعبد الصنم الذي لا ينفع ولا يضر. " ذلك هو الضلال البعيد " قال الفراء الطويل.
قال مجاهد وقتادة وغيرهما: "على حرف" على شك, وقال غيرهم: على طرف, ومنه حرف الجبل أي طرفه, أي دخل في الدين على طرف فإن وجد ما يحبه استقر وإلا انشمر. وقال البخاري : حدثنا إبراهيم بن الحارث , حدثنا يحيى بن ابي بكير , حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "ومن الناس من يعبد الله على حرف" قال: كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاماً ونتجت خيله قال: هذا دين صالح, وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال: هذا دين سوء, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا أحمد بن عبد الرحمن , حدثني أبي عن أبيه عن أشعث بن إسحاق القمي عن جعفر بن أبي المغيرة , عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان ناس من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون, فإذا رجعوا إلى بلادهم فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن, قالوا: إن ديننا هذا لصالح فتمسكوا به وإن وجدوا عام جدوبة وعام ولاد سوء وعام قحط, قالوا: ما في ديننا هذا خير, فأنزل الله على نبيه "ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به" الاية.
وقال العوفي عن ابن عباس : كان أحدهم إذا قدم المدينة وهي أرض وبيئة, فإن صح بها جسمه ونتجت فرسه مهراً حسناً وولدت امرأته غلاماً رضي به, واطمأن إليه, وقال: ما أصبت منذ كنت على ديني هذا إلا خيراً, "وإن أصابته فتنة" والفتنة البلاء, أي وإن أصابه وجع المدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه الصدقة, أتاه الشيطان فقال: والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شراً, وذلك الفتنة, وهكذا ذكر قتادة والضحاك وابن جريج وغير واحد من السلف في تفسير هذه الاية. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هو المنافق إن صلحت له دنياه أقام على العبادة, وإن فسدت عليه دنياه وتغيرت انقلب فلا يقيم على العبادة إلا لما صلح من دنياه, فإن أصابته فتنة أو شدة أو اختبار أو ضيق ترك دينه ورجع إلى الكفر. وقال مجاهد في قوله: "انقلب على وجهه" أي ارتد كافراً.
وقوله: " خسر الدنيا والآخرة " أي فلا هو حصل من الدنيا على شيء, وأما الاخرة فقد كفر بالله العظيم, فهو فيها في غاية الشقاء والإهانة, ولهذا قال تعالى: "ذلك هو الخسران المبين" أي هذه هي الخسارة العظيمة والصفقة الخاسرة وقوله: " يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه " أي من الأصنام والأنداد, يستغيث بها ويستنصرها ويسترزقها وهي لا تنفعه ولا تضره "ذلك هو الضلال البعيد". وقوله: "يدعو لمن ضره أقرب من نفعه" أي ضرره في الدنيا قبل الاخرة أقرب من نفعه فيها, وأما في الاخرة فضرره محقق متيقن. وقوله: "لبئس المولى ولبئس العشير" قال مجاهد : يعني الوثن, يعني بئس هذا الذي دعاه من دون الله مولى, يعني ولياً وناصراً, " ولبئس العشير " وهو المخالط والمعاشر, واختار ابن جرير أن المراد لبئس ابن العم والصاحب "من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه" وقول مجاهد إن المراد به الوثن أولى وأقرب إلى سياق الكلام, والله أعلم.
12- "يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه" أي هذا الذي انقلب على وجهه ورجع إلى الكفر يدعو من دون الله: أي يعبد متجاوزاً عبادة الله إلى عبادة الأصنام ما لا يضره إن ترك عبادته، ولا ينفعه إن عبده لكون ذلك المعبود جماداً لا يقدر على ضر ولا نفع، والإشارة بقول: "ذلك" إلى الدعاء المفهوم من الفعل وهو يدعو، واسم الإشارة مبتدأ وخبره "هو الضلال البعيد" أي عن الحق والرشد مستعار من ضلال من سلك غير الطريق فصار بضلاله بعيداً عنها. قال الفراء: البعيد الطويل.
12. " يدعو من دون الله ما لا يضره "، إن عصاه ولم يعبده، " وما لا ينفعه "، إن أطاعه وعبده، " ذلك هو الضلال البعيد "، عن الحق والرشد.
12ـ " يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه " يعبد جماداً لا يضر بنفسه ولا ينفع . " ذلك هو الضلال البعيد " عن المقصد مستعار من ضلال من أبعد في التيه ضالاً .
12. He calleth, beside Allah, unto that which hurteth him not nor benefiteth him. That is the far error.
12 - They call on such deities, besides God, as can neither hurt nor profit them: that is straying far indeed (from the way)!