(يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين) تقدم مثله
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في الذين عناهم الله جل ثناؤه بقوله:"الذين آتيناهم الكتاب". فقال: بعضهم: هم المؤمنون برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، من أصحابه. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة قوله:"الذين آتيناهم الكتاب"، هؤلاء أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم، آمنوا بكتاب الله وصدقوا به.
وقال آخرون: بل عنى الله بذلك علماء بني إسرائيل، الذين آمنوا بالله وصدقوا رسله، فأقروا بحكم التوراة. فعملوا بما أمر الله فيها من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، والإيمان به، والتصديق بما جاء به من عند الله. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون"، قال: من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم من يهود، فأولئك هم الخاسرون.
قال أبو جعفر: وهذا القول أولى بالصواب من القول الذي قاله قتادة. لأن الآيات قبلها مضت بأخبار أهل الكتابين، وتبديل من بدل منهم كتاب الله، وتأولهم إياه على غير تأويله، وادعائهم على الله الأباطيل، ولم يجر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الآية التي قبلها ذكر، فيكون قوله:"الذين آتيناهم الكتاب"، موجهًا إلى الخبر عنهم، ولا لهم بعدها ذكر في الآية التي تتلوها، فيكون موجهًا ذلك إلى أنه خبر مبتدأ عن قصص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد انقضاء قصص غيرهم، ولا جاء بأن ذلك خبرعنهم أثر يجب التسليم له.
فإذ كان ذلك كذلك، فالذي هو أولى بمعنى الآية، أن يكون موجهًا إلى أنه خبر عمن قص الله جل ثناؤه قصصهم في الآية قبلها والآية بعدها، وهم أهل الكتابين التوراة والإنجيل. وإذ كان ذلك كذلك، فتأويل الآية: الذين آتيناهم الكتاب الذي قد عرفته يا محمد وهو التوراة فقرأوه واتبعوا ما فيه، فصدقوك وآمنوا بك وبما جئت به من عندي، أولئك يتلونه حق تلاوته.
وإنما أدخلت الألف واللام في "الكتاب"، لأنه معرفة. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عرفوا أي الكتب عنى به.
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله عز وجل: "يتلونه حق تلاوته". فقال بعضهم: معنى ذلك: يتبعونه حق اتباعه. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن المثنى قال، حدثني ابن أبي عدي وعبد الأعلى وحدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا ابن أبي عدي جميعًا، عن داود، عن عكرمة عن ابن عباس:"يتلونه حق تلاوته"، يتبعونه حق اتباعه.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الوهاب قال، حدثنا داود، عن عكرمة، بمثله.
حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، بمثله.
حدثني الحسين بن عمرو العنقزي قال، حدثني أبي، عن أسباط، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس فى قول الله عز وجل:"يتلونه حق تلاوته"، قال يحلون حلاله ويحرمون حرامه، ولا يحرفونه.
حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال، قال أبو مالك: إن ابن عباس قال في: "يتلونه حق تلاوته"، فذكر مثله إلا أنه قال: ولا يحرفونه عن مواضعه.
حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا المؤمل قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا يزيد، عن مرة، عن عبد الله في قول الله عز وجل:"يتلونه حق تلاوته"، قال: يتبعونه حق اتباعه.
حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية قال، قال عبد الله بن مسعود: والذي نفسي بيده، إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه، ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئًا على غير تأويله.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، ومنصور بن المعتمر، عن ابن مسعود في قوله:"يتلونه حق تلاوته"، أن يحل حلاله ويحرم حرامه، ولا يحرفه عن مواضعه.
حدثنا أحمد بن إسحق قال، حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا عباد بن العوام، عمن ذكره، عن عكرمة، عن ابن عباس:"يتلونه حق تلاوته"، يتبعونه حق اتباعه.
حدثنا أحمد بن إسحق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا عباد بن العوام، عن الحجاج، عن عطاء بمثله.
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن أبي رزين في قوله: "يتلونه حق تلاوته"، قال: يتبعونه حق اتباعه.
حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا مؤمل قال حدثنا سفيان وحدثني المثنى قال، حدثني أبو نعيم قال، حدثنا سفيان وحدثني نصر بن عبد الرحمن الأزدي قال، حدثنا يحيى بن إبراهيم، عن سفيان قالوا جميعًا، عن منصور، عن أبي رزين بمثله.
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن مجاهد:"يتلونه حق تلاوته"، قال: عملاً به.
حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، قال أخبرنا عبد الملك، عن قيس بن سعد:"يتلونه حق تلاوته"، قال: يتبعونه حق اتباعه، ألم تر إلى قوله:"والقمر إذا تلاها" (الشمس: 2)، يعني الشمس إذا تبعها القمر.
حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء وقيس بن سعد، عن مجاهد في قوله:"يتلونه حق تلاوته"، قال: يعملون به حق عمله.
حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم عن عبد الملك عن قيس بن سعد، عن مجاهد، قال: يتبعونه حق اتباعه.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:"يتلونه حق تلاوته"، يعملون به حق عمله.
حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا مؤمل بن إسمعيل قال، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن مجاهد في قوله:"يتلونه حق تلاوته"، قال: يتبعونه حق اتباعه.
حدثني عمرو قال، حدثنا أبو قتيبة قال، حدثنا الحسن بن أبي جعفر، عن أيوب، عن أبي الخليل، عن مجاهد:"يتلونه حق تلاوته" قال: يتبعونه حق اتباعه.
حدثنا عمرو قال، حدثنا يحيى القطان، عن عبد الملك، عن عطاء قوله:"يتلونه حق تلاوته"، قال: يتبعونه حق اتباعه، يعملون به حق عمله.
حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثني أبي، عن المبارك، عن الحسن:"يتلونه حق تلاوته"، قال: يعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، هويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه.
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "يتلونه حق تلاوته"، قال: أحلوا حلاله وحرموا حرامه، وعملوا بما فيه. ذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول: إن حق تلاوته: أن يحل حلاله ويحرم حرامه، وأن يقرأه كما أنزله الله عز وجل، ولا يحرفه عن مواضعه.
حدثنا عمرو قال، حدثنا أبو داود قال، حدثنا الحكم بن عطية، سمعت قتادة يقول:"يتلونه حق تلاوته"، قال: يتبعونه حق اتباعه. قال: اتباعه: يحلون حلاله ويحرمون حرامه، ويقرأونه كما أنزل.
حدثنا المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم، عن داود، عن عكرمة فى قوله:"يتلونه حق تلاوته"، قال: يتبعونه حق اتباعه، أما سمعت الله عز وجل: "والقمر إذا تلاها" (الشمس: 2)، قال: إذا تبعها.
وقال آخرون: "يتلونه حق تلاوته"، يقرأونه حق قراءته.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في تأويل ذلك أنه بمعنى: يتبعونه حق اتباعه، من قول القائل: ما زلت أتلو أثره ، إذا اتبع أثره، لإجماع الحجة من أهل التأويل على أن ذلك تأويله.
وإذ كان ذلك تأويله، فمعنى الكلام: الذين آتيناهم الكتاب، يا محمد من أهل التوراة الذين آمنوا بك وبما جئتهم به من الحق من عندي، يتبعون كتابي الذي أنزلته على رسولي موسى صلوات الله عليه، فيؤمنون به ويقرون بما فيه من نعتك وصفتك، وأنك رسولي، فرض عليهم طاعتي في الإيمان بك والتصديق بما جئتهم به من عندي، ويعملون بما أحللت لهم، ويجتنبون ما حرمت عليهم فيه، ولا يحرفونه عن مواضعه، ولا يبدلونه ولا يغيرونه كما أنزلته عليهم بتأويل ولا غيره.
أما قوله:"حق تلاوته"، فمبالغة في صفة اتباعهم الكتاب ولزومهم العمل به، كما يقال: إن فلانا لعالم حق عالم، وكما يقال: إن فلانًا لفاضل كل فاضل.
وقد اختلف أهل العربية في إضافة حق إلى المعرفة. فقال بعض نحويي الكوفة غير جائزة إضافته إلى معرفة، لأنه بمعنى أي، وبمعنى قولك: أفضل رجل فلان، وأفعل لا يضاف إلى واحد معرفة، لأنه مبعض، ولا يكون الواحد المبعض معرفة. فأحالوا أن يقال: مررت بالرجل حق الرجل ومررت بالرجل جد الرجل، كما أحالوا:مررت بالرجل أي الرجل. وأجازوا ذلك في كل الرجل وعين الرجل ونفس الرجل. وقالوا: إنما أجزنا ذلك، لأن هذه الحروف كانت في الأصل توكيدًا، فلما صرن مدوحًا، تركن مدوحًا على أصولهن في المعرفة.
وزعموا أن قوله:"يتلونه حق تلاوته" إنما جازت إضافته إلى التلاوة، وهي مضافة إلى معرفة، لأن العرب تعتد بـ الهاء إذا عادت إلى نكرة بالنكرة، فيقولون: مررت برجل واحد أمه، ونسيج وحده، وسيد قومه، قالوا فكذلك قوله "حق تلاوته"، إنما جازت إضافة حق إلى التلاوة وهي مضافة إلى الهاء لاعتداد العرب بـ الهاء التي في نظائرها في عداد النكرات. قالوا ولو كان ذلك حق التلاوة لوجب أن يكون جائزًا مررت بالرجل حق الرجل.
فعلى هذا القول تأويل الكلام: الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوة.
وقال بعض نحويي البصرة: جائزة إضافة حق إلى النكرات مع النكرات، ومع المعارف إلى المعارف، وإنما ذلك نظير قول القائل: مررت بالرجل غلام الرجل وبرجل غلام رجل.
فتأويل الآية على قول هؤلاء: الذين اتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته.
وأولى ذلك بالصواب عندنا القول الأول، لأن معنى قوله:"حق تلاوته" أي تلاوة، بمعنى مدح التلاوة التى تلوها وتفضيلها. وأي غير جائزة إضافتها إلى واحد معرفة عند جميعهم. وكذلك حق غير جائزة إضافتها إلى واحد معرفة. وإنما أضيف في "حق تلاوته" إلى ما فيه الهاء، لما وصفت من العلة التي تقدم بيانها.
القول في تأويل قوله تعالى:" أولئك يؤمنون به".
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"أولئك"، هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يتلون ما آتاهم من الكتاب حق تلاوته، وأما قوله: "يؤمنون به"، فإنه يعني: يصدقون به. والهاء التي في قوله:"به" عائدة على الهاء التي في "تلاوته"، وهما جميعًا من ذكر الكتاب الذي قال الله:"الذين آتيناهم الكتاب".
فأخبر الله جل ثناؤه أن المؤمن بالتوراة، هو المتبع ما فيها من حلالها وحرامها، والعامل بما فيها من فرائض الله التي فرضها فيها على أهلها، وأن أهلها الذين هم أهلها من كان ذلك صفته، دون من كان محرفًا لها، مبدلاً تأويلها، مغيرًا سننها، تاركًا ما فرض الله فيها عليه.
وإنما وصف جل ثناؤه من وصف بما وصف به من متبعي التوراة، وأثنى عليهم بما أثنى به عليهم، لأن في اتباعها اتباع محمد نبي الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه، لأن التوراة تأمر أهلها بذلك، وتخبرهم عن الله تعالى ذكره بنبوته، وفرض طاعته على جميع خلق الله من بني آدم، وأن في التكذيب بمحمد التكذيب لها. فأخبر جل ثناؤه أن متبعي التوراة هم المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، وهم العاملون بما فيها، كما:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله:"أولئك يؤمنون به"، قال: من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل وبالتوراة، وإن الكافر بمحمد صلى الله عليه وسلم هو الكافر بها الخاسر، كما قال جل ثناؤه:"ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون".
القول في تأويل قوله تعالى:"ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون".
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ومن يكفر به"، ومن يكفر بالكتاب الذي أخبر أنه يتلوه من آتاه من المؤمنين حق تلاوته. ويعني بقوله جل ثناؤه:"يكفر"، يجحد ما فيه من فرائض الله ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه، ويبدله فيحرف تأويله، أولئك هم الذين خسروا علمهم وعملهم، فبخسوا أنفسهم حظوظها من رحمة الله، واستبدلوا بها سخط الله وغضبه. وقال ابن زيد في قوله، بما:
حدثني يونس به قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون"، قال: من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم من يهود،"فأولئك هم الخاسرون ".
قوله تعالى : "يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين" .
قد تقدم نظير هذه الاية في صدر السورة وكررت ههنا للتأكيد والحث على اتباع الرسول النبي الأمي الذي يجدون صفته في كتبهم نعته واسمه وأمره وأمته فحذرهم من كتمان هذا، وكتمان ما أنعم به عليهم وأمرهم أن يذكروا نعمة الله عليهم من النعم الدنيوية والدينية ولا يحسدوا بني عمهم من العرب على ما رزقهم الله من إرسال الرسول الخاتم منهم، ولا يحملهم ذلك على الحسد على مخالفته وتكذيبه والحيد عن موافقته، صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين.
قوله: 122- "يا بني إسرائيل" إلى قوله: "ولا هم ينصرون" قد سبق مثل هذا في صدر السورة، وقد تقدم تفسيره، ووجه التكرار الحث على اتباع الرسول النبي الأمي، ذكر معناه ابن كثير في تفسيره. وقال البقاعي في تفسيره: إنه لما طال المدى في استقصاء تذكيرهم بالنعم ثم في بيان عوارهم وهتك أستارهم، وختم ذلك بالترهيب لتضييع أديانهم بأعمالهم وأحوالهم وأقوالهم، أعاد ما صدر به قصتهم من التذكير بالنعم، والتحذير من حلول النقم يوم تجمع الأمم، ويدوم فيه الندم لمن زلت به القدم، ليعلم أن ذلك فذلكة القصة، والمقصود بالذات الحث على انتهاز الفرصة. انتهى. وأقول: ليس هذا بشيء، فإنه لو كان سبب التكرار ما ذكره من طول المدى وأنه عاد ما صدر به قصتهم لذلك لكان الأولى بالتكرار، والأحق بإعادة الذكر هو قوله سبحانه: "يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون" فإن هذه الآية مع كونها أول الكلام معهم والخطاب لهم في هذه السورة هي أيضاً أولى بأن تعاد وتكرر لما فيها من الأمر بذكر النعم والوفاء بالعهد والرهبة لله سبحانه، وبهذا تعرف صحة ما قدمناه لك عند بيان شرع الله سبحانه في خطاب بني إسرائيل من هذه السورة فراجعه ثم حكى البقاعي بعد كلامه السابق عن الحوالي أنه قال: كرره تعالى إظهاراً لمقصد التئام آخر الخطاب بأوله، وليتخذ هذا الإفصاح والتعليم أصلاً لما يمكن بأن يرد من نحوه في سائر القرآن حتى كان الخطاب إذا انتهى إلى غاية خاتمه يجب أن يلحظ القلب بذاته تلك الغاية فيتلوها ليكون في تلاوته جامعاً لطرفي الثناء، وفي تفهيمه جامعاً لمعاني طرفي المعنى انتهى. وأقول: لو كان هذا هو سبب التكرار لكان الأولى به ما عرفناك. وأما قوله: وليتخذ ذلك أصلاً لما يرد من التكرار في سائر القرآن فمعلوم أن حصول هذا الأمر في الأذهان وتقرره في الأفهام لا يختص بتكرير آية معينة يكون افتتاح هذا المقصد بها، فلم تتم حينئذ النكتة في تكرير هاتين الآيتين بخصوصهما، ولله الحكمة البالغة التي لا تبلغها الأفهام ولا تدركها العقول، فليس في تكليف هذه المناسبات المتعسفة إلا ما عرفناك به هنالك فتذكر.
122. " يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين "
122-" يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين " .
122. O Children of Israel! Remember My favor wherewith I favored you and how I referred you to (all) creatures.
122 - O children of Israel! call to mind the special favour which i bestowed upon you, and that i preferred you to all others (for my message).