(بلى) يكفيكم ذلك ، وفي الأنفال بألْف لأنه أمدهم أولا بها ثم صارت ثلاثة ثم صارت خمسة كما قال تعالى (إن تصبروا) على لقاء العدو (وتتقوا) الله في المخالفة (ويأتوكم) أي المشركون (من فورهم) وقتهم (هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوِّمين) بكسر الواو وفتحها أي معلَّمين وقد صبروا وأنجز الله وعده بأن قاتلت معهم الملائكة على خيل بلق عليهم عمائم صفر أو بيض أرسلوها بين أكتافهم
حدثني ابن المثنى قال ، حدثنا عبد الأعلى قال ، حدثنا داود، عن عامر قال : لما كان يوم بدر بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر نحوه ، إلا إنه قال : "ويأتوكم من فورهم هذا"- يعني كرزاً وأصحابه - "يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"، قال : فبلغ كرزاً وأصحابه الهزيمة، فلم يمدهم ، ولم تنزل الخمسة، وأمدوا بعد ذلك بألف ، فهم أربعة آلاف من الملائكة مع المسلمين.
حدثني محمد بن سنان قال ، حدثنا أبو بكر الحنفي ، عن عباد، عن الحسن في قوله : "إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة"، الآية كلها، قال : هذا يوم بدر.
حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي قال: حدث المسلمون أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين ببدر، قال : فشق ذلك على المسلمين ، فأنزل الله عز وجل : "ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم" إلى قوله : "من الملائكة مسومين"، قال : فبلغته هزيمة المشركين ، فلم يمد أصحابه ، ولم يمدوا بالخمسة.
وقال آخرون : كان هذا الوعد من الله لهم يوم بدر، فصبر المؤمنون واتقوا الله ، فأمدهم بملائكته على ما وعدهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحق قال ، حدثني عبد الله بن أبي بكر عن بعض بني ساعدة قال : سمعت أبا أسيد مالك بن ربيعة بعد ما أصيب بصره يقول : لوكنت معكم ببدر الآن ومعي بصري لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة، لا أشك ولا أتمارى.
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة قال ، قال ابن إسحق ، وحدثني عبد الله بن أبي بكر، عن بعض بني ساعدة، عن أبي أسيد مالك بن ربيعة، وكان شهد بدراً، أنه قال بعد إذ ذهب بصره : لو كنت معكم اليوم ببدر ومعي بصري ، لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة، لا أشك ولا أتمارى.
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحق قال ، حدثني عبد الله بن أبي بكير: أنه حدث عن ابن عباس : أن ابن عباس قال: حدثني رجل من بني غفار قال : أقبلت أنا وابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يشرف بنا على بدر، ونحن مشركان ، ننتظر الوقعة، على من تكون الدبرة فننتهب مع من ينتهب. قال : فبينا نحن في الجبل ، إذ دنت منا سحابة، فسمعنا فيها حمحمة الخيل ، فسمعت قائلاً يقول : أقدم حيزوم. قال : فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه ، وأما أنا فكدت أهلك ، ثم تماسكت.
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحق قال ، وحدثني الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عنمقسم مولى عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن عباس قال : لم تقاتل الملائكة في يوم من الأيام سوى يوم بدر، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عدداً ومدداً لا يضربون.
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة قال ، قال محمد بن إسحق ، حدثني أبي إسحق بن يسار، عن رجال من بني مازن بن النجار، عن أبي داود المازني ، وكان شهد بدراً قال : إني لأتبع رجلاً من المشركين يوم بدر لأضربه ، إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ، فعرفت أن قد قتله غيري. حدثني ابن حميد قال ، حدثنا سلمة قال ، قال محمد، حدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، عن عكرمة مولى ابن عباس قال : قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت غلاماً للعباس بن عبد المطلب ، وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت ، فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل وأسلمت. وكان العباس يهاب قومه ويكره أن يخالفهم ، وكان يكتم إسلامه ، وكان ذا مال كثير متفرق في قوماً. وكان أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر وبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة. وكذلك صنعوا، لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلاً. فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه ، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزاً. قال : وكنت رجلاً ضعيفاً، وكنت أعمل القداح ، أنحتها في حجرة زمزم ، فوالله إني لجالس فيها أنحت القداح وعندي أم الفضل جالسة، وقد سرنا ما جاءنا من الخبر، إذ أتبل الفاسق أبو لهب يجر رجليه بشر حتى جلس على طنب الحجرة، فكان ظهره إلى ظهري. فبينا هو جالس إذ قال الناس : هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب قد قدم ! قال : قال أبو لهب : هلم إلي يا ابن أخي ، فعندك الخبر! قال : فجلس إليه والناس قيام عليه ، فقال : يا ابن أخي أخبرني ، كيف كان أمر الناس ؟ قال : لا شيء والله ، إن كان إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا ويأسروننا كيف شاءوا! وأيم الله ، مع ذلك ما لمت الناس ، لقينا رجالاً بيضاً على خيل بلق ما بين السماء والأرض ما تليق شيئاً، ولا يقوم لها شيء. قال أبو رافع : فرفعت طنب الحجرة بيدي ثم قلت : تلك الملائكة!.
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن محمد قال ، حدثني الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : كان الذي أسر العباس أبو اليسر كعب بن عمرو أخو بني سلمة، وكان أبو اليسر رجلاً مجموعاً، وكان العباس رجلاً جسيماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي اليسر: كيف أسرت العباس أبا اليسر؟ قال : يا رسول الله ، لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده ، هيئته كذا وكذا! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أعانك عليه ملك كريم.
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين"، أمدوا بألف ، ثم صاروا ثلاثة آلاف ، ثم صاروا خمسة آلاف ، "بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"، وذلك يوم بدر، أمدهم الله بخمسة آلاف من الملائكة. حدثت عن عمار، عن ابن أبي نجيح ، عن أبيه، عن الربيع بنحوه. حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثنا عمي ، قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله : "يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"، فإنهم أتوا محمداً صلى الله عليه وسلم مسمومين.
حدثني محمد بن بشار قال ، حدثنا سفيان ، عن ابن هشيم ، عن مجاهد قال : لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر.
وقال آخرون : إن الله عز وجل : إنما وعدهم يوم بدر أن يمدهم إن صبروا عند طاعته وجهاد أعدائه ، واتقوه باجتناب محارمه ، أن يمدهم في حروبهم كلها، فلم يصبروا ولم يتقوا إلا في يوم الأحزاب ، فأمدهم حين حاصروا قريظة.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال ، حدثنا عبيد الله بن موسى قال ، أخبرنا سليمان بن زيد أبو إدام المحاربي ، عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كنا محاصري قريظة والنضير ما شاء الله أن نحاصرهم ، فلم يفتح علينا، فرجعنا، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فهو يغسل رأسه ، إذ جاءه جبريل صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد، وضعتم أسلحتكم ولم تضع الملائكة أوزارها! فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخرقة فلف بها رأسه ولم يغسله ، ثم نادى فينا فقمنا كالين معيين لا نعبأ السير شيئاً، حتى أتينا قريظة والنضير. فيومئذ أمدنا الله عز وجل بثلاثة آلاف من الملائكة، وفتح الله لنا فتحاً يسيراً، فانقلبنا بنعمة من الله فضل.
وقال آخرون بنحو هذا المعنى، غير أنهم قالوا : لم يصبر القوم ولم يتقوا ولم يمدوا بشيء في أحد.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، حدثني عمرو بن دينار، عن عكرمة، سمعه يقول : "بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا"، قال : يوم بدر. قال : فلم يصبروا ولم يتقوا فلم يمدوا يوم أحد، ولو مدوا لم يهزموا يومئذ.
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قال : سمعت عكرمة يقول : لم يمدوا يوم أحد ولا بملك واحد، أو قال : إلا بملك واحد، أبو جعفر يشك.
حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ قال ، سمعت عبيد بن سليمان ، عن الضحاك قوله : "ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف" إلى "خمسة آلاف من الملائكة مسومين"، كان هذا موعداً من الله يوم أحد عرضه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أن المؤمنين إن اتقوا وصبروا أمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ، ففر المسلمون يوم أحد وولوا مدبرين ، فلم يمدهم الله.
حدثنا يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا" الآية كلها. قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم ينظرون المشركين : يا رسول الله ، أليس يمدنا الله كما أمدنا يوم بدر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين"، وإنما أمدكم يوم بدر بألف ؟ قال : فجاءت الزيادة من الله على أن يصبروا ويتقوا، قال: بشرط أن يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم ، الآية كلها.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله أخبر عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال للمؤمنين : "ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين"؟ فوعدهم الله بثلاثة آلاف من الملائكة مدداً لهم ، ثم وعدهم بعد الثلاثة الآلاف ، خمسة آلاف إن صبروا لأعدائهم واتقوا الله. ولا دلالة في الآية على أنهم أمدوا بالثلاثة آلاف ولا بالخمسة آلاف ، ولا على أنهم لم يمدوا بهم. وقد يجوز أن يكون الله عز وجل أمدهم ، على نحو ما رواه الذين أثبتوا أنه أمدهم ، وقد يجوز أن يكون لم يمدهم على نحو الذي ذكره من أنكر ذلك. ولا خبر عندنا صح من الوجه الذي يثبت أنهم أمدوا بالثلاثة آلاف ولا بالخمسة الآلاف. وغير جائز أن يقال في ذلك قول إلا بخبر تقوم الحجة به. ولا خبر به كذلك ، فنسلم لأحد الفريقين قوله . غير أن في القرآن دلالة على أنهم قد أمدوا يوم بدر بألف من الملائكة، وذلك قوله : "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين" [الأنفال : 9]، فأما في يوم أحد فالدلالة على أنهم لم يمدوا أبين منها في أنهم أمدوا. وذلك أنهم لو أمدوا لم يهزموا، وينال ما نيل منهم . فالصواب فيه من القول أن يقال كما قال تعالى ذكره.
وقد بينا معنى الإمداد فيما مضى ، والمدد، ومعنى الصبر و التقوى. وأما قوله : "يأتوكم من فورهم هذا"، فإن أهل التأويل اختلفوا فيه.
فقال بعضهم : معنى قوله : "من فورهم هذا"، من وجههم هذا.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا حميد بن مسعدة قال ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن عثمان بن غياث، عن عكرمة قال "ويأتوكم من فورهم هذا"، قال : من وجههم هذا.
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة : "من فورهم هذا"، يقول : من وجههم هذا.
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر، عن قتادة مثله.
حدثنا محمد بن سنان قال ، حدثنا أبو بكر الحنفي قال ، حدثنا عباد، عن الحسن في قوله : ،"ويأتوكم من فورهم هذا"، من وجههم هذا.
حدثت عن عمار بن الحسن، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه ، عن الربيع قوله : "ويأتوكم من فورهم هذا"، يقول : من وجههم هذا. حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن المفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : "ويأتوكم من فورهم هذا" يقول : من وجههم هذا.
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "ويأتوكم من فورهم هذا"، يقول : من سفرهم هذا، ويقال -يعني عن غير ابن عباس - بل هو: من غضبهم هذا.
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد : "من فورهم هذا"، من وجههم هذا.
قال آخرون : معنى ذلك : من غضبهم هذا.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن المثنى قال ، حدثنا عبد الأعلى قال ، حدثنا داود، عن عكرمة في قوله : "ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة"، قال : فورهم ذلك، كان يوم أحد، غضبوا ليوم بدر مما لقوا.
حدثني محمد بن عمارة قال ، حدثنا سهل بن عامر قال ، حدثنا مالك بن مغول قال : سمعت أبا صالح مولى أم هانيء يقول : "من فورهم هذا"، يقول : من غضبهم هذا.
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : "ويأتوكم من فورهم هذا"، قال : غضب لهم ، يعني الكفار، فلم يقاتلوهم عند تلك الساعة، وذلك يوم أحد.
حدثني القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا حجاج قال ، قال ابن جريج ، قال مجاهد : "من فورهم هذا"، قال : من غضبهم هذا.
حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ قال ، أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال سمعت الضحاك ، في قوله : "ويأتوكم من فورهم هذا"، يقول : من وجههم وغضبهم.
قال أبو جعفر: وأصل الفور، ابتداء الأمر يؤخذ فيه ، ثم يوصل بآخر. يقال منه : فارت القدر فهي تفور فوراً وفوراناً، إذا ابتدأ ما فيها بالغليان ثم اتصل. ومضيت إلى فلان من فوري ذلك، يراد به : من وجهي الذي ابتدأت فيه.
فالذي قال في هذه الآية : معنى قوله : "من فورهم هذا"، من وجههم هذا ، قصد إلى أن تأويله : ويأتيكم كرز بن جابر وأصحابه يوم بدر من ابتداء مخرجهم الذي خرجوا منه لنصرة أصحابهم من المشركين.
وأما الذين قالوا: معنى ذلك : من غضبهم هذا - فإنما عنوا أن تأويل ذلك : ويأتيكم كفار قريش وتباعهم يوم أحد من ابتداء غضبهم الذي غضبوه لقتلاهم الذين قتلوا يوم بدر بها، يمددكم ربكم بخمسة آلاف.
ولذلك من اختلاف تأويلهم في معنى قوله : "ويأتوكم من فورهم هذا"، اختلف أهل التأويل في إمداد الله المؤمنين بأحد بملائكته.
فقال بعضهم : لم يمدوا بهم ، لأن المؤمنين لم يصبروا لأعدائهم ولم يتقوا الله عز وجل ، بترك من ترك من الرماة طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوته في الموضع الذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثبوت فيه ، ولكنهم أحلوا به طلب الغنائم ، فقتل من قتل من المسلمين ونال المشركون منهم ما نالوا. وإنما كان الله عز وجل وعد نبيه صلى الله عليه وسلم إمدادهم بهم إن صبروا واتقوا الله.
وأما الذين قالوا : كان ذلك يوم بدر بسبب كرز بن جابر، فإن بعضهم قالوا: لم يأت كرز وأصحابه إخوانهم من المشركين مدداً لهم ببدر، ولم يمد الله المؤمنين بملائكته. لأن الله عز وجل إنما وعدهم أن يمدهم بملائكته إن أتاهم كرز ومدد المشركين من فورهم ، ولم ياتهم المدد.
وأما الذين قالوا: إن الله تعالى ذكره أمد المسلمين بالملائكة يوم بدر، فإنهم اعتلوا بقول الله عز وجل : "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين" [الأنفال : 9]، قال : فالألف منهم قد أتاهم مدداً. وإنما الوعد الذي كانت فيه الشروط ، فما زاد على الألف ، فأما الألف فقد كانوا أمدوا به ، لأن الله عز وجل كان قد وعدهم ذلك ، ولن يخلف الله وعده.
قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله: "مسومين".
فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة : مسومين بفتح الواو، بمعنى أن الله سومها.
وقرأ ذلك بعض قرأة أهل الكوفة والبصرة "مسومين" بكسر الواو، بمعنى أن الملائكة سومت لنفسها.
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ بكسر الواو، لتظاهر الأخبار عن [أصحاب] رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل التأويل منهم ومن التابعين بعدهم : بأن الملائكة هي التي سومت أنفسها، من غير إضافة تسويمها إلى الله عز وجل ، أو إلى غيره من خلقه.
ولا معنى لقول من قال : إنما كان يختار الكسر في قوله "مسومين"، لو كان في البشر، فأما الملائكة فوصفهم غير ذلك ، ظناً منه بان الملائكة غير ممكن فيها تسويم أنفسها إمكان ذلك في البشر. وذلك أنه غير مستحيل أن يكون الله عز وجل مكنها من تسويم أنفسها نحو تمكينه البشر من تسويم أنفسهم ، فسوموا أنفسهم نحو الذي سوم البشر، طلباً منها بذلك طاعة ربها، فأضيف تسويمها أنفسها إليها، وإن كان ذلك عن تسبيب الله لهم أسبابه. وهي إذا كانت موصوفة بتسويمها أنفسها تقرباً منها إلى ربها، كان أبلغ في مدحها، لاختيارها طاعة الله ، من أن تكون موصوفة بان ذلك مفعول بها. ذكر الأخبار بما ذكرنا: من إضافة من أضاف التسويم إلى الملائكة، دون إضافة ذلك إلى غيرهم ، على نحو ما قلنا فيه.
حدثني يعقوب قال ، أخبرنا ابن علية قال ، أخبرنا ابن عون ، عن عمير بن إسحق قال : إن أول ما كان الصوف ليومئذ -يعني يوم بدر- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسوموا، فإن الملائكة قد تسومت. حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا مختار بن غسان قال ، حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل ، عن الزبير بن المنذر، عن جده أبي أسيد -وكان بدرياً - فكان يقول : لو أن بصري فرج منه ، ثم ذهبتم معي إلى أحد لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة في عمائم صفر قد طرحوها بين أكتافهم.
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : "بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"، يقول : معلمين ، مجزوزة أذناب خيلهم ، ونواصيها - فيها الصوف أو العهن. وذلك التسويم.
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام ، عن عنبسة، عن محمد بن عبدالرحمن ، عن القاسم بن أبي بزة، عن مجاهد في قوله : "بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"، قال مجزوزة أذنابها، وأعرافها فيها الصوف أو العهن ، فذلك التسويم.
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة : "مسومين"، ذكر لنا أن سيماهم يومئذ، الصوف بنواصي خيلهم وأذنابها، وأنهم على خيل بلق.
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "مسومين" ، قال : كان سيماها صوفاً في نواصيها.
حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه ، عن ليث ، عن مجاهد أنه كان يقول : "مسومين"، قال : كانت خيولهم مجزوزة الأعراف ، معلمة نواصيها وأذنابها بالصوف والعهن .
حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه ، عن الربيع : كانوا يومئذ على خيل بلق .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا جويبر، عن الضحاك وبعض أشياخنا، عن الحسن ، نحو حديث معمر، عن قتادة.
حدثنا محمد قال ، حدثنا أحمد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "مسومين"، معلمين .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "بخمسة آلاف من الملائكة مسومين"، فإنهم أتوا محمداً النبي صلى الله عليه وسلم مسومين بالصوف ، فسوم محمد وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصوف .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا ابن يمان قال ، حدثنا هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة قال : نزلت الملائكة في سيما الزبير، عليهم عمائم صفر. وكانت عمامة الزبير صفراء.
حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا جويبر، عن الضحاك في قوله : "مسومين"، قال : بالصوف في نواصيها وأذنابها .
حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة قال : نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق ، عليهم عمائم صفر. وكان على الزبير يومئذ عمامة صفراء.
حدثني أحمد بن يحيى الصوفي قال ، حدثنا عبد الرحمن بن شريك قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا هشام بن عروة، عن عروة، عن عبد الله بن الزبير: أن الزبير كانت عليه ملاءة صفراء يوم بدر، فاعتم بها، فنزلت الملائكة يوم بدر على نبي الله صلى الله عليه وسلم معممين بعمائم صفر.
قال أبو جعفر: فهذه الأخبار التي ذكرنا بعضها "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه : تسوموا فان الملائكة قد تسومت"، وقول أبي أسيد: خرجت الملائكة في عمائم صفر قد طرحوها بين أكتافهم، وقول من قال منهم : "مسومين" معلمين ، ينبئ جميع ذلك عن صحة ما اخترنا من القراءة في ذلك ، وأن التسويم كان من الملائكة بأنفسها، على نحو ما قلنا في ذلك فيما مضى.
وأما الذين قرأوا ذلك : مسومين، فإنهم أراهم تأولوا في ذلك ما :
حدثنا به حميد بن مسعدة قال ، حدثنا يزيد بن زريع ، عن عثمان بن غياث ، عن عكرمة: بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، يقول : عليهم سيما القتال .
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة : بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ، يقول : عليهم سيما القتال ، وذلك يوم بدر، أمدهم الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين . يقول : عليهم سيما القتال .
فقالوا : كان سيما القتال عليهم ، لا أنهم كانوا تسوموا بسيما فيضاف إليهم التسويم ، فمن أجل ذلك قرأوا مسومين، بمعنى أن الله تعالى أضاف التسويم إلى من سومهم تلك السيما.
والسيما العلامة يقال : هي سيما حسنة، وسيمياء حسنة، كما قال الشاعر:
غلام رماه الله بالحسن يافعاً له سيمياء لا تشق على البصر
يعني بذلك : علامة من حسن ، فإذا أعلم الرجل بعلامة يعرف بها في حرب أو غيره قيل : سوم نفسه فهو يسومها تسويماً.
قوله تعالى:" بلى " وتم الكلام. " إن تصبروا" شرط، أي على لقاء العدو. " وتتقوا" عطف عليه، اس معصيته. والجواب " يمددكم " ومعنى" من فورهم" من وجههم. هذا عن عكرمة وقتادة والحسن والربيع والسدي وابن زيد. وقيل: من غضبهم، عن مجاهد والضحاك. كانوا قد غضبوا يوم أحد ليوم بدر مما لقوا. وأصل الفور القصد إلى الشيء والأخذ فيه بجد، وهو من قولهم: فارت القدر تفور فوراً وفوراناً إذا غلت. والفور الغليان. وفار غضبه إذا جاش. وفعله من فوره أي قبل أن يسكن. والفوارة ما يفور من القدر. وفي التنزيل" وفار التنور" [هود:40] قال الشاعر:
تفور علينا قدرهم فنديمها
الثالثة: قوله تعالى:" مسومين" بفتح الواو اسم مفعول، وهي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي ونافع. أي معلمين بعلامات. و" مسومين" بكسر الواو اسم فاعل، وهي قراءة ابي عمرو وابن كثير وعاصم، فيحتمل من المعنى ما تقدم، أي قد أعلموا أنفسهم بعلامة، وأعلموا خيلهم. ورجح الطبري وغيره هذه القراءة. قال كثير من المفسرين: مسومين أي مرسلين خيلهم في الغارة. وذكر المهدوي هذا المعنى في (مسومين) بفتح الواو، أي أرسلهم الله تعالى على الكفار. وقاله ابن فورك أيضاً. وعلى القراءة الأولى اختلفوا في سيما الملائكة، فروي عن ابن ابي طالب وابن عباس وغيرهما أن الملائكة اعتمت بعمائم بيض قد أرسلوها بين اكتافهم، ذكره البيهقي عن ابن عباس، وحكاه المهدوي عن الزجاج. إلا جبريل فإنه كان بعمامة صفراء على مثال الزبير بن العوام، وقاله ابن إسحاق. وقال الربيع: كانت سيماهم انهم كانوا على خيل رجالاً بيضاً على خيل بلق بين السماء والأرض معلمين يقتلون ويأسرون. فقوله (معلمين) دل على أن الخيل البلق ليست السيما. والله أعلم. وقال مجاهد: كانت خيلهم مجزوزة الأذناب والأعراف معلمة النواصي والأذناب بالصوف والعهن. وروي عن ابن عباس: تسومت الملائكة يوم بدر بالصوف الأبيض في نواصي الخيل وأذنابها. وقال عباد بن عبد الله بن الزبير وهشام بن عروة والكلبي: نزلت الملائكة في سيما الزبير عليهم عمائم صفر مرخاة على أكتافهم. وقال ذلك عبد الله وعروة ابنا الزبير. وقال عبد الله: كانت ملاءة صفراء اعتم بها الزبير رضي الله عنه.
قلت: ودلت الآية:
وهي الرابعة: على اتخاذ الشارة والعلامة للقبائل والكتائب يجعلها السلطان لهم، لتتميز كل قبيلة وكتيبة من غيرها عند الحرب، وعلى فضل الخيل البلق لنزول الملائكة عليها.
قلت: ولعلها نزلت عليها موافقة لفرس المقداد، فإنه كان أبلق ولم يكن لهم فرس غيره، فنزلت الملائكة على الخيل البلق إكراماً للمقداد، كما نزل جبريل معتجراً بعمامة صفراء على مثال الزبير. والله أعلم. ودلت الآية أيضاً.
وهي الخامسة: على لباس الصوف وقد لبسه الأنبياء والصالحون. وروى أبو داود وابن ماجه واللفظ له عن ابي بردة عن ابيه قال قال لي أبي:
لوشهدتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصابتنا السماء لحسبت أن ريحنا ريح الضأن.
ولبس صلى الله عليه وسلم جبة رومية من صوف ضيقة الكمين، رواه الأئمة.
ولبسها يونس عليه السلام، رواهمسلم وسيأتي لهذا المعنى مزيد بيان في (النحل) إن شاء الله تعالى.
السادسة: قلت : وأما ما ذكره مجاهد من أن خيلهم كانت مجزوزة الأذناب والأعراف فبعيد، فإن في مصنف أبي داود عن عتبة بن عبد السلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(لا تقصوا نواصي الخيل ولا معارفها ولا أذنابها فإن أذنابها مذابها ومعارفها دفاؤها ونواصيها معقود فيها الخير). فقول مجاهد إلى توقيف من أن خيل الملائكة كانت على تلك الصفة. والله أعلم.
ودلت الآية على حسن الأبيض والأصفر من الألوان لنزول الملائكة بذلك، وقد قال ابن عباس: من لبس نعلاً أصفر قضيت حاجته. وقال عليه السلام:
(البسوا من ثيابكم البياض فإنه من خير ثيابكم وكفنوا فيه موتاكم). وأما العمائم فتيجان العرب ولباسها. وروى ركانة:
وكان صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم - قال ركانة- وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس). أخرجه أبو داود. قال البخاري : إسناده مجهول لايعرف سماع بعضه من بعض.
اختلف المفسرون في هذا الوعد, هل كان يوم بدر أو يوم أحد ؟ على قولين (أحدهما) أن قوله: "إذ تقول للمؤمنين" متعلق بقوله: "ولقد نصركم الله ببدر" وروي هذا عن الحسن البصري وعامر الشعبي والربيع بن أنس وغيرهم, واختاره ابن جرير قال عباد بن منصور عن الحسن في قوله: "إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة" قال: هذا يوم بدر, رواه ابن أبي حاتم . ثم قال: حدثنا أبي , حدثنا موسى بن إسماعيل , حدثنا وهيب , حدثنا داود عن عامر يعني الشعبي : أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر يمد المشركين, فشق ذلك عليهم, فأنزل الله تعالى: " ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين * بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " قال: فبلغت كرزاً الهزيمة, فلم يمد المشركين, ولم يمد الله المسلمين بالخمسة, وقال الربيع بن أنس : أمد الله المسليمن بألف, ثم صاروا ثلاثة آلاف, ثم صاروا خمسة آلاف, فإن قيل: فما الجمع بين هذه الاية على هذا القول, وبين قوله تعالى في قصة بدر: " إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين * وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم " ؟ فالجواب أن التنصيص على الألف ـ ههنا ـ لا ينافي الثلاثة الالاف فما فوقها, لقوله: "مردفين" بمعنى يردفهم غيرهم ويتبعهم ألوف أخر مثلهم. وهذا السياق شبيه بهذا السياق في سورة آل عمران. فالظاهر أن ذلك كان يوم بدر كما هو المعروف من أن قتال الملائكة إنما كان يوم بدر, والله أعلم. وقال سعيد بن أبي عروبة , عن قتادة : أمد الله المسلمين يوم بدر بخمسة آلاف. (القول الثاني) ـ إن هذا الوعد متعلق بقوله: " وإذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال " وذلك يوم أحد وهو قول مجاهد وعكرمة والضحاك والزهري وموسى بن عقبة وغيرهم. لكن قالوا: لم يحصل الإمداد بالخمسة الالاف لأن المسلمين فروا يومئذ, زاد عكرمة : ولا بالثلاثة الالاف لقوله تعالى: "بلى إن تصبروا وتتقوا" فلم يصبروا بل فروا فلم يمدوا بملك واحد وقوله: "بلى إن تصبروا وتتقوا" يعني: تصبروا على عدوكم, وتتقوني وتطيعوا أمري. وقوله تعالى: "ويأتوكم من فورهم هذا" قال الحسن وقتادة والربيع والسدي : أي من وجههم هذا, وقال مجاهد وعكرمة وأبو صالح : أي من غضبهم هذا. وقال الضحاك : من غضبهم ووجههم. وقال العوفي عن ابن عباس : من سفرهم هذا, ويقال: من غضبهم هذا. وقوله تعالى: "يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين" أي معلمين بالسيما, وقال أبو إسحاق السبيعي عن حارثة بن مضرب , عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه, قال: كان سيما الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض, وكان سيماهم أيضاً في نواصي خيولهم, رواه ابن أبي حاتم . ثم قال: حدثنا أبو زرعة , حدثنا هدبة بن خالد , حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو بن علقمة , عن أبي سلمة , عن أبي هريرة رضي الله عنه في هذه الاية "مسومين" قال: بالعهن الأحمر, وقال مجاهد : "مسومين" أي محذفة أعرافها, معلمة نواصيها بالصوف الأبيض في أذناب الخيل. وقال العوفي , عن ابن عباس رضي الله عنه, قال: أتت الملائكة محمداً صلى الله عليه وسلم, مسومين بالصوف, فسوم محمد وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصوف. وقال قتادة وعكرمة "مسومين" أي بسيما القتال, وقال مكحول : مسومين بالعمائم. وروى ابن مردويه من حديث عبد القدوس بن حبيب عن عطاء بن أبي رباح , عن ابن عباس , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: "مسومين" قال "معلمين". وكان سيما الملائكة يوم بدر عمائم سود, ويوم حنين عمائم حمر. وروى من حديث حصين بن مخارق عن سعيد , عن الحكم , عن مقسم , عن ابن عباس , قال: لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر. وقال ابن إسحاق : حدثني من لا أتهم عن مقسم, عن ابن عباس , قال: كان سيما الملائكة يوم بدر, عمائم بيض قد أرسلوها في ظهورهم, ويوم حنين عمائم حمر. ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر, وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عدداً ومدداً لا يضربون, ثم رواه عن الحسن بن عمارة , عن الحكم , عن مقسم , عن ابن عباس فذكر نحوه. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الأحمسي , حدثنا وكيع , حدثنا هشام بن عروة عن يحيى بن عباد أن الزبير رضي الله عنه, كان عليه يوم بدر عمامة صفراء معتجراً بها, فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر, رواه ابن مردويه من طريق هشام بن عروة عن أبيه , عن عبد الله بن الزبير , فذكره. وقوله تعالى: "وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به" أي وما أنزل الله الملائكة وأعلمكم بإنزالهم إلا بشارة لكم وتطييباً لقلوبكم وتطميناً, وإلا فإنما النصر من عند الله الذي لو شاء لانتصر من أعدائه بدونكم, ومن غير احتياج إلى قتالكم لهم, كما قال تعالى بعد أمره المؤمنين بالقتال " ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم * سيهديهم ويصلح بالهم * ويدخلهم الجنة عرفها لهم " ولهذا قال ههنا "وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم" أي هو ذو العزة التي لا ترام, والحكمة في قدره والأحكام, ثم قال تعالى: "ليقطع طرفاً من الذين كفروا" أي أمركم بالجهاد والجلاد لما له في ذلك من الحكمة في كل تقدير, ولهذا ذكر جميع الأقسام الممكنة في الكفار المجاهدين, فقال: "ليقطع طرفاً" أي ليهلك أمة "من الذين كفروا أو يكبتهم" أي يخزيهم ويردهم بغيظهم لما لم ينالوا منكم ما أرادوا. ولهذا قال: "أو يكبتهم فينقلبوا" أي يرجعوا "خائبين" أي لم يحصلوا على ما أملوا. ثم اعترض بجملة دلت على أن الحكم في الدنيا والاخرة له وحده لا شريك له, فقال تعالى: "ليس لك من الأمر شيء" أي بل الأمر كله إلي, كما قال تعالى: "فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب" وقال " ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" وقال "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" قال محمد بن إسحاق في قوله: "ليس لك من الأمر شيء" أي ليس لك من الحكم شيء في عبادي إلا ما أمرتك به فيهم, ثم ذكر تعالى بقية الأقسام, فقال "أو يتوب عليهم" أي مما هم فيه من الكفر فيهديهم بعد الضلالة "أو يعذبهم" أي في الدنيا والاخرة على كفرهم وذنوبهم, ولهذا قال "فإنهم ظالمون" أي يستحقون ذلك. وقال البخاري : حدثنا حبان بن موسى , أنبأنا عبد الله , أنبأنا معمر عن الزهري , حدثني سالم عن أبيه , " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الثانية من الفجر :اللهم العن فلاناً وفلاناً بعدما يقول سمع الله لمن حمده, ربنا ولك الحمد" فأنزل الله تعالى: "ليس لك من الأمر شيء" الاية وهكذا رواه النسائي من حديث عبد الله بن المبارك وعبد الرزاق , كلاهما عن معمر به. وقال الإمام أحمد حدثنا أبو النضر حدثنا أبو عقيل ـ قال أحمد : وهو عبد الله بن عقيل صالح الحديث ثقة ـ حدثنا عمر بن حمزة عن سالم عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم العن فلاناً, اللهم العن الحارث بن هشام, اللهم العن سهيل بن عمرو, اللهم العن صفوان بن أمية" فنزلت هذه الاية "ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون" فتيب عليهم كلهم وقال أحمد : حدثنا أبو معاوية الغلابي , حدثنا خالد بن الحارث , حدثنا محمد بن عجلان عن نافع , عن عبد الله , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو على أربعة, قال: فأنزل الله "ليس لك من الأمر شيء" إلى آخر الاية, قال: وهداهم الله للإسلام. وقال محمد بن عجلان عن نافع , عن ابن عمر رضي الله عنهما, قال, كان رسول الله يدعو على رجال من المشركين يسميهم بأسمائهم, حتى أنزل الله تعالى: "ليس لك من الأمر شيء" الاية, وقال البخاري أيضاً: حدثنا موسى بن إسماعيل , حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب , وأبي سلمة بن عبد الرحمن , عن أبي هريرة رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد, أو يدعو لأحد, قنت بعد الركوع وربما قال: إذا قال "سمع الله لمن حمده, ربنا لك الحمد: اللهم أنج الوليد بن الوليد , وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة , والمستضعفين من المؤمنين, اللهم اشدد وطأتك على مضر, واجعلها عليهم سنين كسني يوسف يجهر بذلك " . وكان " يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر اللهم العن فلاناً وفلاناً " لأحياء من أحياء العرب, حتى أنزل الله "ليس لك من الأمر شيء" الاية.
وقال البخاري : قال حميد وثابت , عن أنس بن مالك : " شج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد, فقال : كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ؟" فنزلت "ليس لك من الأمر شيء" وقد أسند هذا الحديث الذي علقه البخاري في صحيحه , فقال البخاري في غزوة أحد: حدثنا يحيى بن عبد الله السلمي , أخبرنا عبد الله , أخبرنا معمر عن الزهري , حدثني سالم بن عبد الله بن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً بعدما يقول سمع الله لمن حمده, ربنا ولك الحمد", فأنزل الله "ليس لك من الأمر شيء" الاية. وعن حنظلة بن أبي سفيان قال: سمعت سالم بن عبد الله قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام, فنزلت "ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون" "هكذا ذكر هذه الزيادة البخاري معلقة مرسلة, وقد تقدمت مسندة متصلة في مسند أحمد آنفاً.
وقال الإمام أحمد : حدثنا هشيم , حدثنا حميد عن أنس رضي الله عنه, " أن النبي صلى الله عليه وسلم, كسرت رباعيته يوم أحد, وشج في جبهته حتى سال الدم على وجهه, فقال :كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم, وهو يدعوهم إلى ربهم عز وجل ؟" فأنزل الله "ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون" انفرد به مسلم , فرواه عن القعنبي , عن حماد بن سلمة , عن ثابت , عن أنس , فذكره.
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد , حدثنا يحيى بن واضح : حدثنا الحسين بن واقد عن مطر , عن قتادة , قال: " أصيب النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد, وكسرت رباعيته, وفرق حاجبه, فوقع وعليه درعان والدم يسيل, فمر به سالم مولى أبي حذيفة فأجلسه ومسح عن وجهه, فأفاق وهو يقول كيف بقوم فعلوا هذا بنبيهم, وهو يدعوهم إلى الله عز وجل ؟" فأنزل الله "ليس لك من الأمر شيء" الاية, وكذا رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بنحوه, ولم يقل: فأفاق.
ثم قال تعالى: "ولله ما في السموات وما في الأرض" أي الجميع ملك له, وأهلها عبيد بين يديه "يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء" أي هو المتصرف فلا معقب لحكمه, ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون "والله غفور رحيم".
وأصل الفور: القصد إلى الشيء والأخذ فيه بجد، وهو من قولهم فارت القدر تفور فوراً وفوراناً: إذا غلت، والفور: الغليان، وفار غضبه: إذا جاش وفعله من فوره أي: قبل أن يكسن، والفوارة ما يفور من القدر، استعير للسرعة: أي إن يأتوكم من ساعتهم هذه يمددكم ربكم بالملائكة في حال إتيانهم لا يتأخر عن ذلك. قوله: 125- "مسومين" بفتح الواو اسم مفعول، وهي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي ونافع: أي معلمين بعلامات . وقرأ ابن عمرو وابن كثير وعاصم" مسومين " بكسر الواو اسم فاعل : أي معلمين أنفسهم بعلامة. ورجح ابن جرير هذه القراة، والتسويم إظهار سيما الشيء. قال كثير من المفسرين "مسومين" أي: مرسلين خيلهم في الغارة، وقيل: إن الملائكة اعتمت بعمائم بيض، وقيل: حمر، وقيل: خضر، وقيل: صفر، فهذه هي العلامة التي علموا بها أنفسهم حكي ذلك عن الزجاج، وقيل: كانوا على خيل بلق، وقيل غير ذلك.
125-" بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين " فصبروا يوم بدر فاتقوا فأمدهم الله بخمسة آلاف كما وعد، قال الحسن : وهؤلاء الخمسة آلاف ردء المؤمنين الى يوم القيامة .
وقال ابن عباس ومجاهد : لم تقاتل الملائكة في المعركة الا يوم بدر، وفيما سوى ذلك يشهدون القتال ولا يقاتلون ، إنما يكونون عدداً ومدداً.
قال محمد بن إسحاق: لما كان يوم أحد انجلى القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقي سعد بن مالك يرمي ، وفتى شاب يتنبل له فلما فني النبل أتاه به فنثره ، فقال ارم أبا اسحاق مرتين ، فلما انجلت المعركة سئل عن ذلك الرجل ، فلم يعرف.
اخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي أنا احمد بن عبد الله النعيميأنا محمد بن يوسف أنامحمد بن اسماعيل أناعبد العزيز بن عبد الله أناعبد العزيز بن عبد الله أناابراهيم بن سعد عن ابية عن جده عن سعد بن أبي وقاص قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم احد ومعه رجلان يقاتلان عنه ، عليهما ثياب بيض كأشد القتال، ما رايتهما قبل ولا بعد.
ورواه مسلم عن ابي بكر بن ابي شيبه ، قال اخبرنا محمد بن بشر وابو اسامة عن مسعر عن سعد ابن ابراهيم عن ابية عن سعد يعني ابن ابي وقاص قال:" رأيت عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن شمالة يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض ما رأيتهما قبل ولا بعد" يعني: جبريل وميكائيل.
وقال الشعبي : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين يوم بدر: أن كرز بن جابر المحاربي يريد أن يمد المشركين فشق ذلك عليهم ، فأنزل الله تعالى :" ألن يكفيكم أن يمدكم " إلى قوله " مسومين " فبلغ كرزاً الهزيمة فرجع فلم يأتهم ولم يمدهم ، فلم يمدهم الله أيضاً بالخمسة آلاف ، وكانوا قد امدوا بألف .
وقال الآخرون : إنما وعد الله تعالى المسلمين يوم بدر إن صبروا على طاعته واتقوا محارمه : ان يمدهم أيضاً في حروبهم كلها ، فلم يصبروا الا في يوم الأحزاب ، فأمدهم الله حتى حاصروا قريظة والنضير ، قال عبد الله بن أبي أوفي: كنا محاصري قريظة والنضير ما شاء الله فلم يفتح علينا فرجعنا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل فهو يغسل رأسه إذ جاءه جبريل عليه السلام،فقال:وضعتم أسلحتكم ولم تضع الملائكة أوزارها ؟ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخرقة فلف بها رأسه ولم يغسله ، ثم نادى فينا فقمنا حتى اتيتا قريظة والنضير فيومئذ أمدنا الله تعالى بثلاثة آلاف من الملائكة ، ففتح لنا فتحاً يسيراً.
وقال الضحاك وعكرمة : كان هذا يوم احد وعدهم الله المدد ان صبروا فلم يصبروا فلم يمدوا به .
قوله تعالى :"أن يمدكم ربكم " والإمداد :إعانة الجيش بالجيش ، وقيل : ماكان على جهة القوة والإعانة ، يقال فيه : أمدة إمداداً ، وما كان على جهة الزيادة ، يقال : مدة مداً ، ومنه قوله تعالى: "والبحر يمده "(لقمان -27) وقيل: المد في الشر، والامداد في الخير ، يدل عليه قوله تعالى : "ويمدهم في طغيانهم يعمهون " (البقرة -15) "ونمد له من العذاب مداً" (مريم -79) وقال في الخير: " أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين " وقال :" وأمددناكم بأموال وبنين " (الإسراء -26).
قوله تعالى :"بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين" قرأ ابن عامر بتشديد الزاي على التكثير لقوله تعالى :"ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة "(سورة الأنعام -111) ، وقرأ الآخرون بالتخفيف دليله قوله تعالى : "لولا أنزل علينا الملائكة " (الفرقان -21) وقوله :"وأنزل جنوداً لم تروها " (التوبة -26).
ثم قال :" بلى " نمدكم " إن تصبروا " لعدوكم " وتتقوا " أي : مخالفة نبيكم "ويأتوكم " يعني المشركين " من فورهم هذا " قال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة والحسن وأكثر المفسرين : من وجههم هذا ، وقال مجاهد والضحاك : من غضبهم هذا ، لأنهم إنما رجعوا للحرب يوم أحد من غضبهم ليوم بدر، " يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة " لم يرد خمسة آلاف سوى ماذكر من ثلاثة آلاف ، بل أراد معهم ، وقوله " مسومين" أي: معلمين ، قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بكسر الواو ، وقرأ الآخرون بفتحها ، فمن كسر الواو فأراد انهم سوموا خيلهم ، ومن فتحها أراد به أنفسهم ، والتسويم : الإعلام من السومة وهي العلامة.
واختلفوا في تلك العلامة ، قال عروة بن الزبير: كانت الملائكة على خيل بلق عليهم عمائم صفر، وقال علي وابن عباس رضي الله عنهم : كانت عليهم عمائم بيض قد أرسلوها بين أكتافهم ،(وقال هشام ابن عروة والكلبي: عمائم صفر مرخاة على أكتافهم ) ، وقال الضحاك وقتادة : كانوا قد اعلموا بالعهن في نواصي الخيل وأذنابها ، وروى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر :"تسوموا فإن الملائكة قد تسومت بالصوف الأبيض في قلانسهم ومغافرهم".
125"بلى" إيجاب لما بعد لن، أي بلى يكفيكم. ثم وعد لهم الزيادة على الصبر والتقوى حثاً عليهما وتقوية لقلوبهم فقال: " إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم " أي المشركون. "من فورهم هذا" من ساعتهم هذه، وهو في الأصل مصدر من فارت القدر إذ غلت، فاستعير للسرعة ثم أطلق للحال التي لا ريث فيها ولا تراخي، والمعنى أن يأتوكم في الحال. " يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة " في حال إتيانهم بلا تراخ ولا تأخير. "مسومين" معلمين من التسويم الذي هو إظهار سيما الشيء لقوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه. "تسوموا فإن الملائكة قد تسومت". أو مرسلين من التسويم بمعنى الأسامة. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب بكسر الواو.
125. Nay, but if ye persevere, and keep from evil, and (the enemy) attack you suddenly, your Lord will help you with five thousand angels sweeping on.
125 - Yea, if ye remain firm, and act aright, even if the enemy should rush here on you in hot haste, your lord would help you with five thousand angels making a terrific onslaught.