128 - (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا) على أذاهم (إن الأرض لله يورثها) يعطيها (من يشاء من عباده والعاقبة) المحمودة (للمتقين) الله
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " قال موسى لقومه "، من بني إسرائيل، لما قال فرعون للملأ من قومه: ((سنقتل أبناء بني إسرائيل ونستحيي نساءهم))، " استعينوا بالله "، على فرعون وقومه فيما ينوبكم من أمركم، " واصبروا "، على ما نالكم من المكاره في أنفسكم وأبنائكم من فرعون. وكان قد تبع موسى من بني إسرائيل على ما:
حدثني عبد الكريم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما آمنت السحرة، اتبع موسى ستمئة ألف من بني إسرائيل.
وقوله: " إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده "، يقول: إن الأرض لله، لعل الله أن يؤرثكم، إن صبرتم على ما نالكم من مكروه في أنفسكم وأولادكم من فرعون، واحتسبتم ذلك، واستقمتم على السداد، أرض فرعون وقومه، بأن يهلكهم ويستخلفكم فيها، فإن الله يورث أرضه من يشاء من عباده، " والعاقبة للمتقين "، يقول: والعاقبة المحمودة لمن اتقى الله وراقبه، فخافه باجتناب معاصيه، وأدى فرائضه.
ولما بلغ قوم موسى من فرعون قال لهم موسى: "استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء" أطمعهم في أن يورثهم الله أرض مصر. "والعاقبة للمتقين" أي الجنة لمن اتقى وعاقبة كل شيء. آخره. ولكنها إذا أطلقت فقيل: العاقبة لفلان فهم منه في العرف الخير.
يخبر تعالى عما تمالأ عليه فرعون وملؤه وما أضمروه لموسى عليه السلام وقومه من الأذى والبغضة "وقال الملأ من قوم فرعون" أي لفرعون "أتذر موسى وقومه" أي أتدعهم ليفسدوا في الأرض أي يفسدوا أهل رعيتك ويدعوهم إلى عبادة ربهم دونك يا لله العجب صار هؤلاء يشفقون من إفساد موسى وقومه! ألا إن فرعون وقومه هم المفسدون ولكن لا يشعرون ولهذا قالوا "ويذرك وآلهتك" قال بعضهم الواو هاهنا حالية أي أتذره وقومه يفسدون في الأرض وقد ترك عبادتك ؟ وقرأ ذلك أبي بن كعب وقد تركوك أن يعبدوك وآلهتك حكاه ابن جرير, وقال آخرون: هي عاطفة أي أتدعهم يصنعون من الفساد ما قد أقررتهم عليه وعلى ترك آلهتك, وقرأ بعضهم إلاهتك أي عبادتك وروي ذلك عن ابن عباس ومجاهد وغيره وعلى القراءة الأولى قال بعضهم: كان لفرعون إله يعبده قال الحسن البصري كان لفرعون إله يعبده في السر وقال في رواية أخرى كان له حنانة في عنقه معلقة يسجد لها. وقال السدي في قوله تعالى: "ويذرك وآلهتك" وآلهته فيما زعم ابن عباس كانوا إذا رأوا بقرة حسناء أمرهم فرعون أن يعبدوها فلذلك أخرج لهم السامري عجلاً جسداً له خوار. فأجابهم فرعون فيما سألوه بقوله سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وهذا أمر ثان بهذا الصنيع وقد كان نكل بهم قبل ولادة موسى عليه السلام حذراً من وجوده فكان خلاف ما رامه وضد ما قصده فرعون. وهكذا عومل في صنيعه أيضاً لما أراد إذلال بني إسرائيل وقهرهم فجاء الأمر على خلاف ما أراد: أعزهم الله وأذله وأرغم أنفه وأغرقه وجنوده. ولما صمم فرعون على ما ذكره من المساءة لبني إسرائيل "قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا" ووعدهم بالعاقبة وأن الدار ستصير لهم في قوله "إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين * قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا" أي قد فعلوا بنا مثل ما رأيت من الهوان والإذلال من قبل ما جئت يا موسى ومن بعد ذلك فقال منبهاً لهم على حالهم الحاضر وما يصيرون إليه في ثاني الحال "عسى ربكم أن يهلك عدوكم" الاية, وهذا تخصيص لهم على العزم على الشكر عند حلول النعم وزوال النقم.
وجملة: 128- "قال موسى لقومه" مستأنفة جواب سؤال مقدر. لما بلغ موسى ما قاله فرعون أمر قومه بالاستعانة بالله والصبر على المحنة، ثم أخبرهم "إن الأرض" يعني أرض مصر "لله يورثها من يشاء من عباده" أو جنس الأرض، وهو وعد من موسى لقومه بالنصر على فرعون وقومه، وأن الله سيورثهم أرضهم وديارهم. ثم بشرهم أن العاقبة للمتقين: أي العاقبة المحمودة في الدنيا والآخرة للمتقين من عباده، وهم موسى ومن معه. وعاقبة كل شيء آخره. وقرئ والعاقبة بالنصب عطفاً على الأرض.
128 - " قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله " ، يعني أرض مصر ، " يورثها " يعطيها " من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " ، بالنصر والظفر . وقيل : السعادة والشهادة . وقيل : الجنة .
128. " قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا" لما سمعوا قول فرعون وتضجروا منه تسكينا لهم . " إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده " تسلية لهم وتقرير للأمر بالاستعانة بالله والتثبيت في الأمر . " والعاقبة للمتقين " وعد لهم بالنصرة وتذكير لما وعدهم من إهلاك القبط وتوريثهم ديارهم وتحقيق له .وقرئ " العاقبة " بالنصب عطف على اسم إن وللام في " الأرض " تحتمل العهد والجنس .
128. And Moses said unto his people: Seek help in Allah and endure. Lo! the earth is Allah's. He giveth it for an inheritance to whom He will. And lo! the sequel is for those who keep their duty (unto Him).
128 - Said Moses to his people: pray for help from God, and (wait) in patience and constancy: for the earth is God's to give as a heritage to such of his servants as he pleaseth; and the end is (best) for the righteous.