13 - (ثم جعلناه) أي الإنسان نسل آدم (نطفة) منيا (في قرار مكين) هو الرحم
يعني تعالى ذكره بقوله : " ثم جعلناه نطفة في قرار مكين " ثم جعلنا الإنسان الذي جعلناه من سلالة من طين ، نطفة في قرار مكين ، وهو حيث استقرت فيه نطفة الرجل من رحم المرأة ، ووصفه بأنه مكين ، لأنه مكن لذلك وهيئ ليستقر فيه إلى بلوغ أمره الذي جعله له قرارا . وقوله : " ثم خلقنا النطفة علقة " يقول : ثم صيرنا النطفة التي جعلناها في قرار مكين علقة ، وهي القطعة من الدم ، " فخلقنا العلقة مضغة " يقول : فجعلنا ذلك الدم مضغة ، وهي القطعة من اللحم ، وقوله : " فخلقنا المضغة عظاما " يقول : فجعلنا تلك المضغة اللحم عظاما .
وقد اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الحجاز والعراق سوى عاصم " فخلقنا المضغة عظاما " على الجماع ، وكان عاصم وعبد الله يقرآن ذلك عظما في الحرفين على التوحيد جميعا .
والقراءة التي نختار في ذلك الجماع ، لإجماع الحجة من القراء عليه .
وقوله : " فكسونا العظام لحما " يقول : فألبسنا العظام لحما .وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله ثم خلقنا النطفة عظما وعصبا فكسوناه لحما .وقوله : " ثم أنشأناه خلقا آخر " يقول : ثم أنشأنا هذا الإنسان خلقا آخر ، وهذه الهاء التي في " أنشأناه " عائدة على الإنسان في قوله : " ولقد خلقنا الإنسان " قد يجوز أن تكون من ذكر العظم والنطفة والمضغة . جعل ذلك كله كالشيء الواحد ، فقيل : ثم أنشأنا ذلك خلقا آخر .
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله : " ثم أنشأناه خلقا آخر " فقال بعضهم : إنشاؤه إياه خلقا آخر : نفخه الروح فيه ، فيصير حينئذ إنسانا ، وكان قبل ذلك صورة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا حجاج ، عن عطاء ، عن ابن عباس في قوله " ثم أنشأناه خلقا آخر " قال : نفخ الروح فيه .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا هشيم عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء ، عن ابن عباس ، بمثله .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : ابن عباس : " ثم أنشأناه خلقا آخر " قال : الروح .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عكرمة ، في قوله : " ثم أنشأناه خلقا آخر " قال : نفخ الروح فيه .
حدثنا ابن بشار و ابن المثنى ، قالا : ثنا عبد الرحمن ، قال ثنا سلمة ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، " ثم أنشأناه خلقا آخر " قال : نفخ فيه الروح .
قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان عن منصور ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، في قوله : " ثم أنشأناه خلقا آخر " قال : نفخ فيه الروح ، فهو الخلق الآخر الذي ذكر .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : " ثم أنشأناه خلقا " يعني الروح تنفخ فيه بعد الخلق .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " ثم أنشأناه خلقا آخر " قال : الروح الذي جعله فيه .
وقال آخرون : إنشاؤه خلقا آخر ، تصريفه إياه في الأحوال بعد الولادة : في الطفولة ، والكهولة ، والاغتذاء ، ونيات الشعر ، والسن ، ونحو ذلك من أحوال الأحياء في الدنيا .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال: ثنا أبي ، قال : ثني عمي ، قال ثني أبي ، عن أبيه ، ابن عباس ، قوله : " ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين " يقول : خرج من بطن أمه بعدما خلق ، فكان من بدء خلقه الآخر أن استهل ، ثم كان من خلقه أن دل على ثدي أمه ، ثم كان من خلقه أن علم كيف يبسط رجليه ، إلى أن قعد ، إلى أن حبا ، إلى أن قام على رجليه ، إلى أن مشى إلى أن فطن ، فعلم كيف يشرب ويأكل من الطعام ، إلى أن بلغ الحلم ، إلى أن بلغ أن يتقلب في البلاد .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : " ثم أنشأناه خلقا آخر " قال : يقول بعضهم : هو نبات الشعر ، وبعضهم يقول : هو نفخ الروح .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة مثله .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك " ثم أنشأناه خلقا آخر " قال : يقال الخلق الآخر بعد خروجه من بطن أمه بسنه وشعره .
وقال آخرون : بل عنى بإنشائه خلقاً : سوى شبابه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " ثم أنشأناه خلقا آخر " قال : حين استوى شبابه .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال مجاهد : حين استوى به الشباب .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : قال : عني نفخ الروح فيه ، وذلك أنه بنفخ الروح فيه يتحول خلقاً آخر إنساناً ، وكان قبل ذلك بالأحوال التي وصفه الله أنه كان بها ، من نطفة وعلقة ومضغة وعظم ، وبنفخ الروح فيه ، يتحول عن تلك المعاني كلها إلى معنى الإنسانية ، كما تحول أبوه آدم بنفخ الروح في الطينة التي خلق منها إنساناً ، وخلقاً آخر غير الطين خلق منه .
وقوله : " فتبارك الله أحسن الخالقين " اختلف أخل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه فتبارك الله أحسن الصانعين .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن مجاهد " فتبارك الله أحسن الخالقين " قال : يصنعون ويصنع الله ، والله خير الصانعين .
وقال آخرون : إنما قيل : " فتبارك الله أحسن الخالقين " لأن عيسى ابن مريم كان يخلق ، فأخبر جل ثناؤه عن نفسه أنه يخلق أحسن مما كان يخلق .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال :قال ابن جريج ، في قوله : " فتبارك الله أحسن الخالقين " قال : عيسى ابن مريم يخلق .
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول مجاهد ، لأن العرب تسمي كل صانع خلقاً ، ومنه قول زهير :
ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم ثم لا يفري
ويروي :
ولأنت تخلق ما فريت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
الثانية: قوله تعالى: " نطفة " قد مضى القول في النطفة والعلقة والمضغة وما في ذلك من الأحكام في أول الحج، والحمد لله على ذلك.
يقول تعالى مخبراً عن ابتداء خلق الإنسان من سلالة من طين, وهو آدم عليه السلام خلقه الله من صلصال من حمإ مسنون. وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن أبي يحيى عن ابن عباس "من سلالة من طين" قال: من صفوة الماء. وقال مجاهد : من سلالة أي من مني آدم. وقال ابن جرير : إنما سمي آدم طيناً لأنه مخلوق منه وقال قتادة : استل آدم من الطين وهذا أظهر في المعنى وأقرب إلى السياق, فإن آدم عليه السلام خلق من طين لازب, وهو الصلصال من الحمإ المسنون, وذلك مخلوق من التراب كما قال تعالى: "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون".
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد , حدثنا أسامة بن زهير عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض, فجاء بنو آدم على قدر الأرض, جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك, والخبيث والطيب وبين ذلك" وقد رواه أبو داود والترمذي من طرق عن عوف الأعرابي به نحوه. وقال الترمذي : حسن صحيح "ثم جعلناه نطفة" هذا الضمير عائد على جنس الإنسان كما قال في الاية الأخرى: " وبدأ خلق الإنسان من طين * ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين " أي ضعيف, كما قال: " ألم نخلقكم من ماء مهين * فجعلناه في قرار مكين " يعني الرحم معد لذلك مهيأ له " إلى قدر معلوم * فقدرنا فنعم القادرون " أي مدة معلومة وأجل معين حتى استحكم وتنقل من حال إلى حال وصفة إلى صفة, ولهذا قال ههنا: " ثم خلقنا النطفة علقة " أي ثم صيرنا النطفة, وهي الماء الدافق الذي يخرج من صلب الرجل وهو ظهره, وترائب المرأة وهي عظام صدرها ما بين الترقوة إلى السرة, فصارت علقة حمراء على شكل العلقة مستطيلة, قال عكرمة : وهي دم "فخلقنا العلقة مضغة" وهي قطعة كالبضعة من اللحم لا شكل فيها ولا تخطيط "فخلقنا المضغة عظاماً" يعني شكلناها ذات رأس ويدين ورجلين بعظامها وعصبها وعروقها.
وقرأ آخرون " فخلقنا المضغة عظاما " قال ابن عباس : وهو عظم الصلب, وفي الصحيح من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل جسد ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب" "فكسونا العظام لحماً" أي وجعلنا على ذلك ما يستره ويشده ويقويه"ثم أنشأناه خلقاً آخر" أي ثم نفخنا فيه الروح فتحرك وصار خلقاً آخر ذا سمع وبصر وإدراك وحركة واضطراب "فتبارك الله أحسن الخالقين". وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا جعفر بن مسافر , حدثنا يحيى بن حسان , حدثنا النضر يعني ابن كثير مولى بني هاشم , حدثنا زيد بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا نمت النطفة أربعة أشهر بعث الله إليها ملكاً فنفخ فيها الروح في ظلمات ثلاث, فذلك قوله: "ثم أنشأناه خلقاً آخر" يعني نفخنا فيه الروح, وروي عن أبي سعيد الخدري أنه نفخ الروح, قال ابن عباس "ثم أنشأناه خلقاً آخر" يعني فنفخنا فيه الروح, وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والضحاك والربيع بن أنس والسدي وابن زيد , واختاره ابن جرير .
وقال العوفي عن ابن عباس "ثم أنشأناه خلقاً آخر" يعني ننقله من حال إلى حال إلى أن خرج طفلاً ثم نشأ صغيراً, ثم احتلم ثم صار شاباً, ثم كهلاً ثم شيخاً ثم هرماً. وعن قتادة والضحاك نحو ذلك, ولا منافاة فإنه من ابتداء نفخ الروح فيه شرع في هذه التنقلات والأحوال, والله أعلم. قال الإمام أحمد في مسنده : حدثنا أبو معاوية , حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله ـ هو ابن مسعود رضي الله عنه ـ قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة, ثم يكون علقة مثل ذلك, ثم يكون مضغة مثل ذلك, ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات: رزقه, وأجله, وعمله, وهل هو شقي أو سعيد, فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع, فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها, وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع, فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها" أخرجاه من حديث سليمان بن مهران الأعمش .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان , حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال: قال عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ إن النطفة إذا وقعت في الرحم طارت في كل شعر وظفر, فتمكث أربعين يوماً, ثم تعود في الرحم فتكون علقة. وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا حسين بن الحسن , حدثنا أبو كدينة عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله قال: مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه, فقالت قريش: " يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي, فقال: لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي, قال: فجاءه حتى جلس, فقال: يا محمد مم يخلق الإنسان ؟ فقال :يا يهودي من كل يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة, فأما نطفة الرجل فنطفة غليظة منها العظم والعصب, وأما نطفة المرأة فنطفة رقيقة منها اللحم والدم فقال: هكذا كان يقول من قبلك " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان عن عمرو عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين ليلة, فيقول: يا رب ماذا ؟ أشقي أم سعيد, أذكر أم أنثى ؟ فيقول الله, فيكتبان, ويكتب عمله وأثره ومصيبته ورزقه, ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد على ما فيها ولا ينقص" وقد رواه مسلم في صحيحه من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو هو ابن دينار به نحوه, ومن طريق أخرى عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن حذيفة بن أسيد أبي سريحة الغفاري بنحوه, والله أعلم.
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا أحمد بن عبدة , حدثنا حماد بن زيد , حدثنا عبيد الله بن أبي بكر عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وكل بالرحم ملكاً, فيقول: أي رب نطفة, أي رب علقة, أي رب مضغة, فإذا أراد الله خلقها قال: أي رب, ذكر أو أنثى ؟ شقي أو سعيد ؟ فما الرزق والأجل ؟ قال: فذلك يكتب في بطن أمه" أخرجاه في الصحيحين من حديث حماد بن زيد به.
وقوله: "فتبارك الله أحسن الخالقين" يعني حين ذكر قدرته ولطفه في خلق هذه النطفة من حال إلى حال وشكل إلى شكل حتى تصورت إلى ما صارت إليه من الإنسان السوي الكامل الخلق, قال: "فتبارك الله أحسن الخالقين" قال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن حبيب , حدثنا أبو داود , حدثنا حماد بن سلمة , حدثنا علي بن زيد عن أنس قال: قال عمر , يعني ابن الخطاب رضي الله عنه: وافقت ربي ووافقني في أربع: نزلت هذه الاية "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين" الاية, قلت أنا فتبارك الله أحسن الخالقين, فنزلت "فتبارك الله أحسن الخالقين". وقال أيضاً: حدثنا أبي حدثنا آدم بن أبي إياس , حدثنا شيبان عن جابر الجعفي عن عامر الشعبي , عن زيد بن ثابت الأنصاري قال: أملى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر " فقال معاذ "فتبارك الله أحسن الخالقين" فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال له معاذ : " مم تضحك يا رسول الله ؟ فقال: بها ختمت فتبارك الله أحسن الخالقين" وفي إسناد جابر بن يزيد الجعفي ضعيف جداً, وفي خبره هذا نكارة شديدة, وذلك أن هذه السورة مكية, وزيد بن ثابت إنما كتب الوحي بالمدينة, وكذلك إسلام معاذ بن جبل إنما كان بالمدينة أيضاً, فالله أعلم. وقوله: "ثم إنكم بعد ذلك لميتون" يعني بعد هذه النشأة الأولى من العدم تصيرون إلى الموت "ثم إنكم يوم القيامة تبعثون" يعني النشأة الاخرة " ثم الله ينشئ النشأة الآخرة " يعني يوم المعاد. وقيام الأرواح إلى الأجساد, فيحاسب الخلائق, ويوفى كل عامل عمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
13- "ثم جعلناه" أي الجنس باعتبار أفراده الذين هم بنو آدم، أو جعلنا نسله على حذف مضاف إن أريد بالإنسان آدم "نطفة" وقد تقدم تفسير النطفة في سورة الحج، وكذلك تفسير العلقة والمضغة. والمراد بالقرار المكين: الرحم، وعبر عنها بالقرار الذي هو مصدر مبالغة.
13. " ثم جعلناه نطفة "، يعني الذي هو الإنسان جعلناه نطفة، " في قرار مكين "، حريز، وهو الرحم مكن [أي قد هيئ] لاستقرارها فيه إلى بلوغ أمدها.
13ـ " ثم جعلناه " ثم جعلنا نسله فحذف المضاف . " نطفةً " بأن خلقناه منها أو ثم جعلنا السلالة نطفة ، وتذكير الضمير على تأويل الجوهر أو المسلول أو الماء . " في قرار مكين " مستقر حصين يعني الرحم ، وهو في الأصل صفة للمستقر وصف به المحل للمبالغة كما عبر عنه بالقرار .
13. Then placed him as a drop (of seed) in a safe lodging;
13 - Then We placed him as (a drop of) sperm in a place of rest, firmly fixed;