(أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها) حال مقدرة ، أي مقدرين الخلود فيها إذا دخلوها (ونعم أجر العاملين) بالطاعة هذا الأجر
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله : "أولئك"، الذين ذكر أنه أعد لهم الجنة التي عرضها السموات والأرض ، من المتقين ، ووصفهم بما وصفهم به. ثم قال: هؤلاء الذين هذه صفتهم، "جزاؤهم"، يعني: ثوابهم من أعمالهم التي وصفهم تعالى ذكره أنهم عملوها، "مغفرة من ربهم"، يقول: عفو لهم من الله عن عقوبتهم على ما سلف من ذنوبهم ، ولهم على ما أطاعوا الله فيه من أعمالهم بالحسن منها، "جنات"، وهي البساتين ، "تجري من تحتها الأنهار"، يقول : تجري خلال أشجارها الأنهار وفي أسافلها، جزاء لهم على صالح أعمالهم ، "خالدين فيها" يعني : دائمي المقام في هذه الجنات التي وصفها، "ونعم أجر العاملين"، يعني : ونعم جزاء العاملين لله، الجنات التي وصفها، كما:
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق: "أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين"، أي ثواب المطيعين.
قوله تعالى:" أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين"
رتب تعالى بفضله وكرمه غفران الذنوب لمن أخلص في توبته ولم يصر على ذنبه ويمكن أن يتصل هذا بقصة احد، أي من فر ثم تاب ولم يصر فه مغفرة الله.
يقول تعالى ناهياً عباده المؤمنين عن تعاطي الربا وأكله أضعافاً مضاعفة كما كانوا في الجاهلية يقولون: إذا حل أجل الدين, إما أن تقضي وإما أن تربي, فإن قضاه, وإلا زاده في المدة, وزاده الاخر في القدر, وهكذا كل عام فربما تضاعف القليل حتى يصير كثيراً مضاعفاً, وأمر تعالى عباده بالتقوى لعلهم يفلحون في الأولى والأخرى, ثم توعدهم بالنار وحذرهم منها, فقال تعالى: " واتقوا النار التي أعدت للكافرين * وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون "ثم ندبهم إلى المبادرة إلى فعل الخيرات والمسارعة إلى نيل القربات, فقال تعالى: "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين" أي كما أعدت النار للكافرين, وقد قيل إن معنى قوله "عرضها السموات والأرض" تنبيهاً على اتساع طولها, كما قال في صفة فرش الجنة "بطائنها من إستبرق" أي فما ظنك بالظهائر ؟, وقيل: بل عرضها كطولها لأنها قبة تحت العرش, والشيء المقبب والمستدير عرضه كطوله, وقد دل على ذلك ما ثبت في الصحيح "إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وسقفها عرش الرحمن" وهذه الاية كقوله تعالى في سورة الحديد "سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض" الاية, وقد روينا في مسند الإمام أحمد " أن هرقل كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم إنك دعوتني إلى جنة عرضها السموات والأرض, فأين النار ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الله فأين الليل إذا جاء النهار ؟" وقد رواه ابن جرير فقال: حدثني يونس , أنبأنا ابن وهب , أخبرني مسلم بن خالد عن أبي خثيم , عن سعيد بن أبي راشد , عن يعلى بن مرة , قال: " لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص شيخاً كبيراً قد فسد, فقال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هرقل فناول الصحيفة رجلاً عن يساره, قال: قلت: من صاحبكم الذي يقرأ ؟ قالوا: معاوية , فإذا كتاب صاحبي: إنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين, فأين النار ؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله, فأين الليل إذا جاء النهار ؟" وقال الأعمش وسفيان الثوري وشعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب : إن ناساً من اليهود سألوا عمر بن الخطاب عن جنة عرضها السموات والأرض, فأين النار ؟ فقال لهم عمر : أرأيتم إذا جاء النهار أين الليل ؟ وإذا جاء الليل أين النهار ؟ فقالوا: لقد نزعت مثلها من التوراة, رواه ابن جرير من ثلاثة طرق, ثم قال: حدثنا أحمد بن حازم , حدثنا أبو نعيم , حدثنا جعفر بن برقان , أنبأنا يزيد بن الأصم : أن رجلاً من أهل الكتاب قال: يقولون "جنة عرضها السموات والأرض" فأين النار ؟ فقال ابن عباس رضي الله عنه: أين يكون الليل إذا جاء النهار, وأين يكون النهار إذا جاء الليل ؟ وقد روي هذا مرفوعاً, فقال البزار : حدثنا محمد بن معمر , حدثنا المغيرة بن سلمة أبو هشام , حدثنا عبد الواحد بن زياد عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم , عن عمه يزيد بن الأصم , عن أبي هريرة , قال: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: أرأيت قوله تعالى: "جنة عرضها السموات والأرض" فأين النار ؟ قال: أرأيت الليل إذا جاء لبس كل شيء, فأين النهار ؟ قال: حيث شاء الله, قال وكذلك النار تكون حيث شاء الله عز وجل" وهذا يحتمل معنيين (أحدهما) أن يكون المعنى في ذلك أنه لا يلزم من عدم مشاهدتنا الليل إذا جاء النهار أن لا يكون في مكان, وإن كنا لا نعلمه, وكذلك النار تكون حيث يشاء الله عز وجل, وهذا أظهر كما تقدم في حديث أبي هريرة عن البزار .
(الثاني) أن يكون المعنى أن النهار إذا تغشى وجه العالم من هذا الجانب, فإن الليل يكون من الجانب الاخر, فكذلك الجنة في أعلى عليين فوق السموات تحت العرش وعرضها, كما قال الله عز وجل "كعرض السماء والأرض" والنار في أسفل سافلين فلا تنافي بين كونها كعرض السموات والأرض وبين وجود النار, والله أعلم.
ثم ذكر تعالى صفة أهل الجنة فقال "الذين ينفقون في السراء والضراء" أي في الشدة والرخاء والمنشط والمكره والصحة والمرض وفي جميع الأحوال, كما قال "الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية" والمعنى أنهم لا يشغلهم أمر عن طاعة الله تعالى والإنفاق في مراضيه. والإحسان إلى خلقه من قراباتهم وغيرهم بأنواع البر. وقوله تعالى: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس" أي إذا ثار بهم الغيظ كظموه بمعنى كتموه فلم يعملوه, وعفوا مع ذلك عمن أساء إليهم. وقد ورد في بعض الاثار " يقول الله تعالى: يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت, أذكرك إذا غضبت فلا أهلكك فيمن أهلك", رواه ابن أبي حاتم , وقد قال أبو يعلى في مسنده: حدثنا أبو موسى الزمن, حدثنا عيسى بن شعيب الضرير أبو الفضل , حدثني الربيع بن سليمان الجيزي عن أبي عمرو بن أنس بن مالك , عن أبيه , قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كف غضبه, كف الله عنه عذابه, ومن خزن لسانه, ستر الله عورته, ومن اعتذر إلى الله, قبل الله عذره " وهذا حديث غريب, وفي إسناده نظر, وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن , حدثنا مالك عن الزهري , عن سعيد بن المسيب , عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ليس الشديد بالصرعة, ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" وقد رواه الشيخان من حديث مالك . وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا أبو معاوية , حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي , عن الحارث بن سويد , عن عبد الله وهو ابن مسعود رضي الله عنه, قال: قال رسول الله "أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله قال: قالوا: يا رسول الله ما منا أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه, قال اعلموا أنه ليس منكم أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله, مالك من مالك إلا ما قدمت, ومال وارثك ما أخرت قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعدون الصرعة فيكم ؟ قلنا: الذي لا تصرعه الرجال. قال لا ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تعدون فيكم الرقوب ؟ قلنا: الذي لا ولد له. قال لا, ولكن الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئاً" أخرج البخاري الفصل الأول منه, وأخرج مسلم أصل هذا الحديث, من رواية الأعمش به.
(حديث آخر) قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا شعبة سمعت عروة بن عبد الله الجعفي يحدث عن حصبة أو ابن أبي حصين , عن رجل شهد النبي صلى الله عليه وسلم يخطب, فقال " تدرون ما الرقوب ؟ قلنا: الذي لا ولد له, قال الرقوب كل الرقوب الذي له ولد فمات ولم يقدم منهم شيئاً قال تدرون ما الصعلوك ؟ قالوا: الذي ليس له مال, فقال النبي صلى الله عليه وسلم الصعلوك كل الصعلوك الذي له مال فمات ولم يقدم منه شيئاً قال: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ما الصرعة ؟ قالوا: الصريع قال فقال صلى الله عليه وسلم الصرعة كل الصرعة الذي يغضب فيشتد غضبه ويحمر وجهه ويقشعر شعره فيصرع غضبه".
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا ابن نمير , حدثنا هشام بن عروة عن أبيه , عن الأحنف بن قيس , عن عم له يقال له جارية بن قدامة السعدي , " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: يا رسول الله, قل لي قولاً ينفعني وأقلل علي لعلي أعيه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تغضب فأعاد عليه حتى أعاد عليه مراراً كل ذلك يقول لا تغضب", وهكذا رواه عن أبي معاوية عن هشام به, ورواه أيضاً عن يحيى بن سعيد القطان عن هشام به, " أن رجلاً قال: يا رسول الله, قل لي قولاً وأقلل علي لعلي أعقله, فقال لا تغضب" الحديث, انفرد به أحمد .
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق , أنبأنا معمر عن الزهري , عن حميد بن عبد الرحمن , " عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رجل: يا رسول الله أوصني, قال: لا تغضب. قال الرجل: ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال, فإذا الغضب يجمع الشر كله " , انفرد به أحمد .
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية , حدثنا داود بن أبي هند , عن أبي ابن حرب بن أبي الأسود , عن أبي الأسود , عن أبي ذر رضي الله عنه قال: كان يسقي على حوض له فجاء قوم فقالوا: أيكم يورد على أبي ذر ويحتسب شعرات من رأسه ؟ فقال رجل: أنا, فجاء الرجل فأورد عليه الحوض فدقه, وكان أبو ذر قائماً فجلس ثم اضطجع فقيل له: يا أبا ذر لم جلست ثم اضطجعت, فقال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس, فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع", ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل بإسناده إلا أنه وقع في روايته عن أبي حرب عن أبي ذر , والصحيح ابن أبي حرب عن أبيه عن أبي ذر , كما رواه عبد الله بن أحمد عن أبيه .
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن خالد , حدثنا أبو وائل الصنعاني , قال: كنا جلوساً عند عروة بن محمد إذ دخل عليه رجل فكلمه بكلام أغضبه, فلما أن أغضبه قام ثم عاد إلينا وقد توضأ, فقال: حدثني أبي عن جدي عطية هو ابن سعد السعدي ـ وقد كانت له صحبة ـ قال: " قال رسول الله إن الغضب من الشيطان, وإن الشيطان خلق من النار, وإنما تطفأ النار بالماء فإذا أغضب أحدكم فليتوضأ". وهكذا رواه أبو داود من حديث إبراهيم بن خالد الصنعاني عن أبي وائل القاص المرادي الصنعاني , قال أبو داود : أراه عبد الله بن بحير .
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يزيد , حدثنا نوح بن جعونة السلمي , عن مقاتل بن حيان , عن عطاء , عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنظر معسراً أو وضع له, وقاه الله من فيح جهنم, ألا إن عمل الجنة حزن بربوة ـ ثلاثاً ـ ألا إن عمل النار سهل بسهوة. والسعيد من وقي الفتن, وما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد ما كظمها عبد لله إلا ملأ جوفه إيماناً " , انفرد به أحمد , وإسناده حسن ليس فيه مجروح, ومتنه حسن.
(حديث آخر في معناه) ـ قال أبو داود : حدثنا عقبة بن مكرم , حدثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي عن بشر يعني ابن منصور , عن محمد بن عجلان , عن سويد بن وهب , عن رجل من أبناء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, عن أبيه, قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه, ملأه الله أمناً وإيماناً, ومن ترك لبس ثوب جمال وهو يقدر عليه ـ قال بشر: أحسبه قال: تواضعاً ـ كساه الله حلة الكرامة ومن زوج لله كساه الله تاج الملك".
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثنا سعيد , حدثني أبو مرحوم عن سهل بن معاذ بن أنس , عن أبيه " أن رسول الله قال من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء" ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث سعيد بن أبي أيوب به, وقال الترمذي : حسن غريب.
(حديث آخر) ـ قال عبد الرزاق : أنبأنا داود بن قيس عن زيد بن أسلم , عن رجل من أهل الشام يقال له عبد الجليل , عن عم له, عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله تعالى: "والكاظمين الغيظ" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه ملأه الله أمناً وإيماناً" رواه ابن جرير .
(حديث آخر) ـ قال ابن مردويه : حدثنا أحمد بن محمد بن زياد , أنبأنا يحيى بن أبي طالب , أنبأنا علي بن عاصم , أخبرني يونس بن عبيد عن الحسن , عن ابن عمر رضي الله عنهما, قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجرع عبد من جرعة أفضل أجراً من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله" وكذا رواه ابن ماجه عن بشر بن عمر , عن حماد بن سلمة , عن يونس بن عبيد به, فقوله تعالى: "والكاظمين الغيظ" أي لا يعملون غضبهم في الناس بل يكفون عنهم شرهم, ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل. ثم قال تعالى: "والعافين عن الناس" أي مع كف الشر يعفون عمن ظلمهم في أنفسهم فلا يبقى في أنفسهم موجدة على أحد, وهذا أكمل الأحوال, ولهذا قال "والله يحب المحسنين" فهذا من مقامات الإحسان, وفي الحديث "ثلاث أقسم عليهن: ما نقص مال من صدقة, وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً, ومن تواضع لله رفعه الله", وروى الحاكم في مستدركه من حديث موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى بن طلحة القرشي , عن عبادة بن الصامت , عن أبي بن كعب أن رسول الله, " قال: من سره أن يشرف له البنيان وترفع له الدرجات, فليعف عمن ظلمه, ويعط من حرمه, ويصل من قطعه " ثم قال: صحيح على شرط الشيخين, ولم يخرجاه وقد أورده ابن مردويه من حديث علي وكعب بن عجرة وأبي هريرة وأم سلمة رضي الله عنهم بنحو ذلك. وروي عن طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة نادى مناد يقول: أين العافون عن الناس ؟ هلموا إلى ربكم وخذوا أجوركم, وحق على كل امريء مسلم إذا عفا أن يدخل الجنة" وقوله تعالى: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم" أي إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار. قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد , حدثنا همام بن يحيى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة , عن عبد الرحمن بن أبي عمرة , عن أبي هريرة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم " قال إن رجلاً أذنب ذنباً فقال: رب إني أذنبت ذنباً فاغفره, فقال الله عز وجل: عبدي عمل ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به, قد غفرت لعبدي, ثم عمل ذنباً آخر فقال: رب إني عملت ذنباً فاغفره, فقال تبارك وتعالى: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به, قد غفرت لعبدي, ثم عمل ذنباً آخر فقال: رب إني عملت ذنباً فاغفره لي, فقال الله عز وجل: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنباً آخر فقال: رب, إني عملت ذنباً فاغفره, فقال عز وجل: عبدي علم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به, أشهدكم أني قد غفرت لعبدي فليعمل ماشاء". أخرجه في الصحيح من حديث إسحاق بن أبي طلحة بنحوه.
(حديث آخر) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر وأبو عامر , قالا: حدثنا زهير , حدثنا سعد الطائي , حدثنا أبو المدله مولى أم المؤمنين, سمع أبا هريرة , قلنا: " يا رسول الله, إذا رأيناك رقت قلوبنا, وكنا من أهل الاخرة, وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا, وشممنا النساء والأولاد, فقال لو أنكم تكونون على كل حال على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم, ولزارتكم في بيوتكم. ولو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم. قلنا: يا رسول الله, حدثنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال لبنة ذهب ولبنة فضة, وملاطها المسك الأذفر, وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت, وترابها الزعفران, من يدخلها ينعم ولا يبأس, ويخلد ولا يموت لا تبلى ثيابه, ولا يفنى شبابه, ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل, والصائم حتى يفطر, ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماء, ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين", ورواه الترمذي وابن ماجه من وجه آخر من حديث سعد به, ويتأكد الوضوء وصلاة ركعتين عند التوبة لما رواه الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا وكيع , حدثنا مسعر وسفيان الثوري عن عثمان بن المغبرة الثقفي , عن علي بن ربيعة , عن أسماء بن الحكم الفزاري عن علي رضي الله عنه, قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً, نفعني الله بما شاء منه. وإذا حدثني عنه غيره استحلفته, فإذا حلف لي صدقته, وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني ـ وصدق أبو بكر ـ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم, " قال ما من رجل يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الوضوء ـ قال مسعر ـ فيصلي ـ وقال سفيان ـ ثم يصلي ركعتين, فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له " وهكذا رواه علي بن المديني والحميدي وأبو بكر بن أبي شيبة وأهل السنن و ابن حبان في صحيحه و البزار والدارقطني من طرق عن عثمان بن المغيرة به, وقال الترمذي : هو حديث حسن, وقد ذكرنا طرقه, والكلام عليه مستقصى في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه, وبالجملة فهو حديث حسن, وهو من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن خليفة النبي أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. ومما يشهد بصحة هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ ـ أو فيسبغ ـ الوضوء, ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية, يدخل من أيها شاء" وفي الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه توضأ لهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم, ثم قال: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه, غفر له ما تقدم من ذنبه" فقد ثبت هذا الحديث من رواية الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين, عن سيد الأولين والاخرين, ورسول رب العالمين, كما دل عليه الكتاب المبين, من أن الاستغفار من الذنب ينفع العاصين, وقد قال عبد الرزاق : أنبأنا جعفر بن سليمان عن ثابت , عن أنس بن مالك رضي الله عنه, قال: بلغني أن إبليس حين نزلت هذه الاية "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم" الاية, بكى. وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محرز بن عون , حدثنا عثمان بن مطر , حدثنا عبد الغفور عن أبي نصيرة , عن أبي رجاء , عن أبي بكر رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم, " قال عليكم بلا إله إلا الله, والاستغفار, فأكثروا منهما, فإن إبليس قال: أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار, فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء, فهم يحسبون أنهم مهتدون " عثمان بن مطر وشيخه ضعيفان. وروى الإمام أحمد في مسنده من طريق عمرو بن أبي عمرو وأبي الهيثم العتواري عن أبي سعيد , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "قال إبليس: يا رب وعزتك لا أزال أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم, فقال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني". وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى , حدثنا عمر بن أبي خليفة , سمعت أبا بدر يحدث عن ثابت , عن أنس , قال: " جاء رجل فقال: يا رسول الله, أذنبت ذنباً, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذنبت فاستغفر ربك. قال: فإني أستغفر ثم أعود فأذنب قال: فإذا أذنبت فعد فاستغفر ربك, فقالها في الرابعة استغفر ربك حتى يكون الشيطان هو المحسور" وهذا حديث غريب من هذا الوجه. وقوله تعالى: "ومن يغفر الذنوب إلا الله" أي لا يغفرها أحد سواه, كما قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن مصعب , حدثنا سلام بن مسكين والمبارك عن الحسن عن الأسود بن سريع " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بأسير, فقال: اللهم إني أتوب إليك ولا أتوب إلى محمد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عرف الحق لأهله" وقوله "ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون" أي تابوا من ذنوبهم ورجعوا إلى الله عن قريب, ولم يستمروا على المعصية ويصروا عليها غير مقلعين عنها, ولو تكرر منهم الذنب تابوا عنه, كما قال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل وغيره, قالوا: حدثنا أبو يحيى عبد الحميد الحماني عن عثمان بن واقد , عن أبي نصيرة , عن مولى لأبي بكر, عن أبي بكر رضي الله عنه, قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة" ورواه أبو داود والترمذي والبزار في مسنده من حديث عثمان بن واقد ـ وقد وثقه يحيى بن معين به ـ وشيخه أبو نصيرة الواسطي واسمه مسلم بن عبيد , وثقه الإمام أحمد وابن حبان , وقول علي بن المديني والترمذي : ليس إسناد هذا الحديث بذاك, فالظاهر أنه لأجل جهالة مولى أبي بكر , ولكن جهالة مثله لا تضر لأنه تابعي كبير, ويكفيه نسبته إلى أبي بكر , فهو حديث حسن, والله أعلم. وقوله "وهم يعلمون" قال مجاهد وعبد الله بن عبيد بن عمير "وهم يعلمون" أن من تاب تاب الله عليه, وهذا كقوله تعالى: "ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده" وكقوله "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً" ونظائر هذا كثيرة جداً. وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد , أنبأنا جرير , حدثنا حبان هو ابن زيد الشرعبي عن عبد الله بن عمرو , عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه قال وهو على المنبر ارحموا ترحموا, واغفروا يغفر لكم, ويل لأقماع القول, ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون" تفرد به أحمد . ثم قال تعالى بعد وصفهم بما وصفهم به "أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم" أي جزاؤهم على هذه الصفات "مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار" أي من أنواع المشروبات "خالدين فيها" أي ماكثين فيها "ونعم أجر العاملين" يمدح تعالى الجنة.
قوله "أولئك جزاؤهم" الإشارة إلى المذكورين بقوله "والذين إذا فعلوا فاحشة". وقوله "جزاؤهم" بدل اشتمال من اسم الإشارة. وقوله "مغفرة" خبر " من ربهم" متعلق بمحذوف وقع صفة لمغفرة: أي كائنة من ربهم. وقوله "ونعم أجر العاملين" المخصوص بالمدح محذوف: أي أجرهم، أو ذلك المذكور. وقد تقدم تفسير الجنات وكيفية جري الأنهار من تحتها.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد: قال: كانوا يتبايعون إلى الأجل، فإذا جاء الأجل زادوا عليهم وزادوا في الأجل، فنزلت "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة". وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عطاء قال: كانت ثقيف تدين بني المغيرة في الجاهلية وذكر نحوه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن معاوية بن قرة قال: كان الناس يتأولون هذه الآية "واتقوا النار التي أعدت للكافرين" اتقوا لا أعذبكم بذنوبكم في النار التي أعددتها للكافرين. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح قال: قال المسلمون: يا رسول الله أبنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا؟ كانوا إذا أذنب أحدهم ذنباً أصبح كفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه اجدع أنفك اجدع أذنك افعل كذا وكذا، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت "وسارعوا" الآية. وأخرج ابن المنذر عن أنس بن مالك في تفسير "وسارعوا" قال: التكبيرة الأولى. وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن إبن عباس في قوله " عرضها السماوات والأرض " مثل ما ذكرناه سابقا عن الجمهور. وأخرج نحوه عنه سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق كريب. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله "الذين ينفقون في السراء والضراء" يقول: في اليسر والعسر "والكاظمين الغيظ" يقول: كاظمين على الغيظ: وقد وردت أحاديث كثيرة في ثواب من كظم الغيظ. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن النخعي في الآية قال: الظلم من الفاحشة والفاحشة من الظلم. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والطبراني وابن أبي الدنيا وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود قال: إن في كتاب الله لآيتين ما أذنب عبد ذنباً فقرأهما فاستغفر الله إلا غفر له "والذين إذا فعلوا فاحشة" الآية. وقوله "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الآية. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن ثابت البناتي قال: بلغني أن إبليس حين نزلت هذه الآية بكى "والذين إذا فعلوا فاحشة" الآية. وأخرج الحكيم الترمذي عن عطاف بن خالد قال: بلغني أنه لما نزل قوله تعالى " ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا " صاح إبليس بجنوده وحثا على رأسه التراب ودعا بالويل والثبور حتى جاءته جنوده من كل بر وبحر، فقالوا: مالك يا سيدنا؟ قال: آية نزلت في كتاب الله لا يضر بعدها أحداً من بني آدم ذنب، قالوا: وما هي؟ فأخبرهم، قالوا: نفتح لهم باب الأهواء فلا يتوبون ولا يستغفرون ولا يرون إلا أنهم على الحق، فرضي منهم بذلك. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحميدي وعبد بن حميد وأهل السنن الأربع وحسنه النسائي وابن حبان والدارقطني في الإفراد والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن السني والبيهقي في الشعب والضياء في المختارة عن أبي بكر الصديق سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجل يذنب ذنباً ثم يقوم عند ذكر ذنبه فيتطهر ثم يصلي ركعتين، ثم يستغفر الله من ذنبه ذلك إلا غفر الله له، ثم قرأ هذه الآية "والذين إذا فعلوا فاحشة" الآية". وأخرج البيهقي في الشعب عن الحسن مرفوعاً نحوه، ولكنه قال: ثم خرج إلى براز من الأرض فصلى. وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة". وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله "ولم يصروا" فيسكتون ولا يستغفرون. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل "ونعم أجر العاملين" قال: أجر العاملين بطاعة الله الجنة.
136-" أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين"، ثواب المطيعين . أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي انا ابو منصور السمعاني اخبرنا ابو جعفر الرياني أنا حميد بن زنجويه أنا عفان بن مسلم أنا أبو عوانة أنا عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة الأسدي عن أسماء بن الحكم الفزاري قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول : إني كنت رجلاً اذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً ينفعني الله منه بما شاء ان ينفعني، وإذا حدثني احد من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته ، وإنه حدثني ابو بكر وصدق ابو بكر انه سمع رسول الله يقول:"مامن عبد مؤمن يذنب ذنباً فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له "، ورواه ابو عيسى عن قتيبة عن أبي عوانة وزاد ثم قرأ:"والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم" الآية.
أخبرنا عبد الواحد المليحي انا أبو منصور السمعاني أنا أبو جعفر الرياني أنا حميد بن زنجويه أنا هشام بن عبد الملك أخبرنا همام عن إسحاق عن عبد الله بن أبي طلحة قال: كان قاض بالمدينة يقال له عبد الرحمن بن أبي عمرة فسمعته يقول: سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن عبداً أذنب ذنباً فقال: أي رب اذنبت ذنباً فاغفره لي، قال: فقال ربه عز وجل : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، فغفر له ، فمكث ماشاء الله ، ثم أصاب ذنباً آخر فقال: رب أذنبت ذنباً فاغفره لي، فقال ربه عز وجل: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي فليفعل ماشاء".
أخبرناعبد الواحد المليحي أنا أبو منصور السمعاني أنا أبو جعفر الرياني أنا حميد بن زنجويه أخبرنا النعمان السدوسي ، أخبرنا المهدي بن ميمون أخبرنا غيلان بن جرير عن شهر بن حوشب عن معدي كرب عن ابي ذر/ رضي الله عنه "عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال يابن آدم إنك مادعوتني ورجوتني غفرت لك على ماكان فيك ، ابن آدم إنك إن تلقاني بقراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرةً بعد أن لا تشرك بي شيئاً ، ابن آدم إنك إن تذنب حتى تبلغ ذنوبك عنان السماء ثم تستغفرني أغفر لك".
أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين الحسني الشرفي أنا أبو الأزهر أحمد ابن الأزهر أخبرنا إبراهيم بن الحكم بن أبان حدثني أبي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" قال الله تعالى :من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي مالم يشرك بي شيئاً " قال ثابت البناني: بلغني أن إبليس بكى حين نزلت هذه الآية"والذين إذا فعلوا فاحشة" الى آخرها.
136" أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها " خبر للذين إن ابتدأت به، وجملة مستأنفة مبينة لما قبلها إن عطفته على المتقين، أو على الذين ينفقون. ولا يلزم من إعداد الجنة للمتقين والتائبين جزاء لهم إن لا يدخلها المصرون، كما لا يلزم في إعداد النار للكافرين جزاء لهم أن لا يدخلها غيرهم، وتنكير جنات على الأول يدل على أن ما هم أدون مما للمتقين الموصوفين بتلك الصفات المذكورة في الآية المتقدمة، وكفاك فارقاً بين القبيلين أنه فصل آيتهم بأن بين أنهم محسنون مستوجبون لمحبة الله، وذلك لأنهم حافظوا على حدود الشرع وتخطوا إلى التخصص بمكارمه، وفصل آية هؤلاء بقوله: "ونعم أجر العاملين" لأن المتدارك لتقصيره كالعامل لتحصيل بعض ما فوت على نفسه، وكم بين المحسن والمتدارك والمحبوب والأجير، ولعل تبديل لفظ الجزاء بالأجر لهذه النكتة، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره ونعم أجر العاملين ذلك يعني المغفرة والجنات.
136. The reward of such will be forgiveness from their Lord, and Gardens underneath which rivers flow, wherein they will abide for ever, a bountiful reward for workers!
136 - For such the reward is forgivenesses from their lord, and gardens with rivers flowing underneath, an eternal dwelling: how excellent a recompense for those who work (and strive)