14 - (له) تعالى (دعوة الحق) أي كلمته وهي لا إله إلا الله (والذين يدعون) بالياء والتاء يعبدون (من دونه) أي غيره وهم الأصنام (لا يستجيبون لهم بشيء) مما يطلبونه (إلا) استجابة (كباسط) أي كاستجابة باسط (كفيه إلى الماء) على شفير البئر يدعوه (ليبلغ فاه) بارتفاعه من البئر إليه (وما هو ببالغه) أي فاه أبدا فكذلك ما هم بمستجيبين لهم (وما دعاء الكافرين) عبادتهم الأصنام أو حقيقة الدعاء (إلا في ضلال) ضياع
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : لله من خلقه الدعوة الحق ، و الدعوة هي الحق ، كما أضيفت الدار إلى الآخرة في قوله : ( ولدار الآخرة ) . وقد بينا ذلك فيما مضى .
وإنما عنى بالدعوة الحق ، توحيد الله وشهادة ان لا إله إلا الله .
وبنحو الذي قلنا تأوله أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا إسرائيل ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : "دعوة الحق" ، قال : لا إله إلا الله .
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : "له دعوة الحق" ، قال : شهادة أن لا إله إلا الله .
قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن هاشم قال ، حدثنا سيف ، عن أبي روق ، عن أبي أيوب ، عن علي رضي الله عنه : "له دعوة الحق" ، قال : التوحيد .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : قوله : "له دعوة الحق" ، قال : لا إله إلا الله .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال ابن عباس في قوله : "له دعوة الحق" ، قال : لا إله إلا الله .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "له دعوة الحق" ، لا إله إلا الله . ليست تنبغي لأحد غيره . لا ينبغي أن يقال : فلان إله بني فلان .
وقوله : "والذين يدعون من دونه" ، يقول تعالى ذكره : والآلهة التي يدعوها المشركون أرباباً وآلهة .
وقوله : "من دونه" ، يقول : من دون الله .
وإنما عني بقوله : "من دونه" ، الآلهة ، أنها مقصرة عنه ، وأنها لا تكون إلهاً ، ولا يجوز أن يكون إلهاً إلا الله الواحد القهار ، ومنه قول الشاعر :
أتوعدني وراء بني رياح ؟ كذبت لتقصرن يداك دوني
يعني :لتقصرن يداك عني .
وقوله : "لا يستجيبون لهم بشيء" ، يقول : لا تجيب هذه الآلهة ،التي يدعوها هؤلاء المشركون آلهةً ، بشيء يريدونه من نفع أو دفع ضر ، "إلا كباسط كفيه إلى الماء" ، يقول : لا ينفع داعي الآلهة دعاؤه إياها ، إلا كما ينفع باسط كفيه إلى الماء بسطه إياهما إليه من غير أن يرفعه إليه في إناء ، ولكن ليرتفع إليه بدعائه إياه ، وإشارته إليه ، وقبضه عليه .
والعرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه ، مثلاً ، بالقابض على الماء ، قال بعضهم :
فإني وإياكم وشوقا إليكم كقابض ماء لم تسقه أنامله
يعني بذلك : أنه ليس في يده من ذلك إلا كما في يد القابض على الماء ، لأن القابض على الماء لا شيء في يده . وقال آخر :
فأصبحت مما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليد
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا سيف ،عن أبي روق ، عن أبي أيوب ، عن علي رضي الله عنه في قوله : "إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه" ، قال : كالرجل العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه ، وما هو ببالغه .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : "كباسط كفيه إلى الماء" ، يدعو الماء بلسانه ، ويشير إليه بيده ،ولا يأتيه أبداً .
قال ، حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال ، أخبرني الأعرج ، عن مجاهد : "ليبلغ فاه" ، يدعوه ليأتيه ، وما هو بآتيه ، كذلك لا يستجيب من هو دونه .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "كباسط كفيه إلى الماء" ، يدعو الماء بلسانه ، ويشير إليه بيده ، فلا يأتيه أبداً .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ،عن مجاهد ـ .
قال ، وحدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثل حديث الحسن بن حجاج . قال ابن جريج : وقال الأعرج ، عن مجاهد : "ليبلغ فاه" ، قال : يدعوه لأن يأتيه وما هو بآتيه ، فكذلك لا يستجيب من دونه .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه" ، وليس ببالغه حتى يتمزع عنقه ويهلك عطشاً . قال الله تعالى : "وما دعاء الكافرين إلا في ضلال" ، هذا مثل ضربه الله . أي : هذا الذي يدعو من دون هذا الوثن وهذا الحجر ، لا يستجيب له بشيء أبداً ولا يسوق إليه خيراً ، ولا يدفع عنه سوءاً حتى يأتيه الموت ، كمثل هذا الذي بسط ذارعيه إلى الماء ليبلغ فاه ، ولا يبلغ فاه ولا يصل إليه ذلك حتى يموت عطشاً .
وقال آخرون : معنى ذلك : "والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء" ، ليتناول خياله فيه ، وما هو ببالغ ذلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : "كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه" ، فقال : هذا مثل المشرك مع الله غيره ، فمثله كمثل الرجل العطشان الذي ينظر إلى خياله في الماء من بعيد ، فهو يريد أن يتناوله ولا يقدر عليه .
وقال آخرون في ذلك ما :
حدثني به محمد به سعد قال ، حدثني ابي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء" ، إلى "وما دعاء الكافرين إلا في ضلال" ، يقول : مثل الأوثان والذين يعبدونها من دون الله ، كمثل رجل ، قد بلغه العطش حتى كربه الموت ، وكفاه في الماء قد وضعهما لا يبلغان فاه . يقول الله : لا تستجيب الآلهة ولا تنفع الذين يعبدونها حتى يبلغ كفا هذا فاه ، وما هما ببالغتين فاه أبداً .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه" ، قال : لا ينفعونهم بشيء إلا كما ينفع هذا بكفيه ، يعني بسطهما إلى ما لا ينال أبداً .
وقال آخرون في ذلك ما :
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه" ، وليس الماء ببالغ فاه ، ما قام باسطاً كفيه لا يقبضهما ، "وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال" ، قال : هذا مثل ضربه لمن اتخذ من دون الله إلهاً أنه غير نافعه ، ولا يدفع عنه سوءاً ، حتى يموت على ذلك .
وقوله : "وما دعاء الكافرين إلا في ضلال" ، يقول : وما دعاء من كفر بالله ما يدعو من الأوثان والآلهة ، "إلا في ضلال" ، يقول : إلا في غير استقامة ولا هدى ،لأنه يشرك بالله .
قوله تعالى: " له دعوة الحق " أي لله دعوة الصدق. قال ابن عباس وقتادة وغيرهما: لا إله إلا الله. وقال الحسن: إن الله هو الحق، فدعؤه دعوة الحق. وقيل: إن الإخلاص في الدعاء هو دعوة الحق، قاله بعض المتأخرين. وقيل: دعوة الحق دعاؤه عند الخوف، فإنه لا يدعى فيه إلا إياه، كما قال: " ضل من تدعون إلا إياه " ( الإسراء: 67)، قال الماوردي : وهو أشبه بسياق الآية، لأنه قال: " والذين يدعون من دونه " يعني الأصنام والأوثان. " لا يستجيبون لهم بشيء " أي لا يستجيبون لهم دعاء، ولا يسمعون لهم نداء. " إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه " ضرب الله عز وجل الماء مثلاً ليأسهم من الإجابة لدعائهم، لأن العرب تضرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلا بالقابض الماء باليد قال:
فأصبحت فيما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليد
وفي معنى هذا المثل ثلاثة أوجه: أحدها: أن الذي يدعو إلهاً من دون الله كالظمآن الذي يدعو الماء إلى فيه من بعيد يريد تناوله ولا يقدر عليه بلسانه، ويشير إليه بيده فلا يأتيه أبداً، لأن الماء لايستجيب، وما الماء ببالغ إليه، قاله مجاهد. الثاني: أنه كالظمآن الذي يرى خياله في الماء وقد بسط كفه فيه ليبلغ فاه وما هو ببالغه، لكذب ظنه، وفساد توهمه، قاله ابن عباس. الثالث: أنه كباسط كفه إلى الماء ليقبض عليه فلا يجمد في كفه شيء منه. وزعم الفراء أن المراد بالماء ها هنا البئر، لأنها معدن للماء، وأن المثل كمن مد يده إلى البئر بغير رشاء، وشاهده قول الشاعر:
فإن الماء ماء أبي وجدي وبئري ذو حفرت وذو طويت
قال علي رضي الله عنه: هو كالعطشان على شفة البئر، فلا يبلغ قعر البئر، ولا الماء يرتفع إليه، ومعنى ( إلا كباسط) إلا كاستجابة باسط كفيه ( إلى الماء) فالمصدر مضاف إلى الباسط، ثم حذف المضاف، وفاعل المصدر المضاف مراد في المعنى وهو الماء، والمعنى: إلا كإجابة باسط كفيه إلى الماء، واللام في قوله: ( ليبلغ فاه) متعلقة بالبسط، وقوله: ( وما هو ببالغه) كناية عن الماء، أي وما الماء ببالغ فاه. ويجوز أن يكون ( هو) كناية عن الفم، أي ما الفم ببالغ الماء. " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال " أي ليست عبادة الكافرين الأصنام إلا في ضلال، لأنها شرك. وقيل: إلا في ضلال أي يضل عنهم ذلك الدعاء، فلا يجدون منه سبيلاً، كما قال: " أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا " ( الأعراف: 37) وقال ابن عباس: أي أصوات الكافرين محجوبة عن الله فلا يسمع دعاءهم.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه "له دعوة الحق" قال: التوحيد, رواه ابن جرير. وقال ابن عباس وقتادة ومالك عن محمد بن المنكدر "له دعوة الحق" لا إله إلا الله "والذين يدعون من دونه" الاية, أي ومثل الذين يعبدون آلهة غير الله "كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه". قال علي بن أبي طالب: كمثل الذي يتناول الماء من طرف البئر بيده وهو لا يناله أبداً بيده, فكيف يبلغ فاه ؟ وقال مجاهد "كباسط كفيه" يدعو الماء بلسانه ويشير إليه فلا يأتيه أبداً, وقيل: المراد كقابض يده على الماء, فإنه لا يحكم منه على شي, كما قال الشاعر:
فإني وإياكم وشوقاً إليكم كقابض ماء لم تسقه أنامله
وقال الاخر:
فأصبحت مما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليد
ومعنى هذا الكلام أن الذي يبسط يده إلى الماء إما قابضاً وإما متناولاً له من بعد كما أنه لا ينتفع بالماء الذي لم يصل إلى فيه الذي جعله محلاً للشرب, فكذلك هؤلاء المشركون الذين يعبدون مع الله إلهاً غيره, لا ينتفعون بهم أبداً في الدنيا ولا في الاخرة, ولهذا قال "وما دعاء الكافرين إلا في ضلال".
14- "له دعوة الحق" إضافة الدعوة إلى الحق للملابسة: أي الدعوة الملابسة للحق المختصة به التي لا مدخل للباطل فيها بوجه من الوجوه كما يقال كلمة الحق، والمعنى أنها دعوة مجابة واقعة في موقعها، لا كدعوة من دونه. وقيل الحق هو الله سبحانه، والعنى: أن لله سبحانه دعوة المدعو الحق وهو الذي يسمع فيجيب. وقيل المراد بدعوة الحق ها هنا كلمة التوحيد والإخلاص، والمعنى: لله من خلقه أن يوحدوه ويخلصوا له. وقيل دعوة الحق دعاؤه سبحانه عند الخوف فإنه لا يدعي فيه سواه كما قال تعالى: " ضل من تدعون إلا إياه ". وقيل الدعوة العبادة، فإن عبادة الله هي الحق والصدق "والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء" أي والآلهة الذين يدعونهم يعني الكفار من دون الله عز وجل لا يستجيبون لهم بشيء مما يطلبونه منهم كائناً ما كان إلا استجابة كاستجابة الماء لمن بسط كفيه إليه من بعيد فإنه لا يجيبه، لأنه جماد لا يشعر بحاجته إليه، ولا يدري أنه طلب منه أن يبلغ فاه، ولهذا قال "وما هو" أي الماء "ببالغه" أي ببالغ فيه. قال الزجاج: إلا كما يستجاب للذي يبسط كفيه إلى الماء يدعو الماء إلى فيه، والماء لا يستجيب، أعلم الله سبحانه أن دعاءهم الأصنام كدعاء العطشان إلى الماء يدعوه إلى بلوغ فمه، وما الماء ببالغه. وقيل المعنى: أنه كباسط كفيه إلى الماء ليقبض عليه فلا يحصل في كفه شيء منه، وقد ضربت العرب لمن سعى فيما لا يدركه مثلاً بالقبض على الماء كما قال الشاعر:
فأصبحت مما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليد
وقال الآخر:
ومن يأمن الدنيا يكن مثل قابض على الماء خانته فروج الأصابع
وقال الفراء: إن المراد بالماء هنا ماء البئر لأنها معدن للماء، وأنه شبهه بمن مد يده إلى البئر بغير رشاء، ضرب الله سبحانه هذا مثلاً لمن يدعو غيره من الأصنام "وما دعاء الكافرين إلا في ضلال" أي يضل عنهم ذلك الدعاء فلا يجدون منه شيئاً، ولا ينفعهم بوجه من الوجوه بل هو ضائع ذاهب.
14- "له دعوة الحق"، أي: لله دعوة الصدق.
قال علي رضي الله عنه: دعوة الحق التوحيد.
وقال ابن عباس: شهادة أن لا إله إلا الله.
وقيل: الدعاء بالإخلاص، والدعاء الخالص لا يكون إلا لله عز وجل.
"والذين يدعون من دونه"، أي: يعبدون الأصنام من دون الله تعالى. "لا يستجيبون لهم بشيء"، أي: لا يجيبونهم بشيء يريدونه من نفع أو دفع ضر، "إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه"، أي: إلا كباسط كفيه ليقبض على الماء والقابض على الماء لا يكون في يده شيء، ولا يبلغ إلى فيه منه شيء، كذلك الذى يدعو الأصنام، وهي لا تضر ولا تنفع، لا يكون بيده شيء.
وقيل: معناه كالرجل العطشان الذى يرى الماء من بعيد، فهو يشير بكفه إلى الماء، ويدعوه بلسانه، فلا يأتيه أبدا، هذا معنى قول مجاهد.
ومثله عن علي و عطاء: كالعطشان الجالس على شفير البئر، يمد يده إلى البئر فلا يبلغ قعر البئر إلى الماء، ولا يرتفع إليه الماء، فلا ينفعه بسط الكف إلى الماء ودعاؤه له، ولا هو يبلغ فاه كذلك الذين يدعون الأصنام لا ينفعهم دعاؤهم، وهي لا تقدر على شيء.
وعن ابن عباس: كالعطشان إذا بسط كفيه في الماء لا ينفعه ذلك ما لم يغرف بهما الماء، ولا يبلغ الماء فاه ما دام باسطا كفيه. وهو مثل ضربه لخيبة الكفار.
"وما دعاء الكافرين"، أصنامهم، "إلا في ضلال"، يضل عنهم إذا احتاجوا إليه، كما قال: "وضل عنهم ما كانوا يفترون" ( الأنعام-24 وغيرها).
وقال الضحاك عن ابن عباس: وما دعاء الكافرين ربهم إلا في ضلال لأن أصواتهم محجوبة عن الله تعالى.
14."له دعوة الحق"الدعاء الحق فإنه الذي يحق أن يعبد ويدعى إلى عبادته دون غيره ، أو له الدعوة المجابة فإن من دعاه أجابه ، ويؤيده ما بعده و"الحق"على الوجهين ما يناقض الباطل وإضافة الـ"دعوة"إليه لما بينهما من الملابسة ، أو على تأويل دعوة المدعو الحق. وقيل"الحق"هو الله تعالى وكل دعاء إليه دعوة الحق ، والمراد بالجملتين إن كانت الآية في أربد وعامر أن إهلاكهما من حيث لم يشعرا به محال من الله إجابة لدعوة رسوله صلى الله عليه وسلم أو دلالة على أنه على الحق، وإن كانت عامة فالمراد وعيد الكفرة على مجادلة رسول الله صلى الله عليه وسلم بحلول محاله بهم وتهديدهم بإجابة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم ، أو بيان ضلالهم فساد رأيهم ."والذين يدعون"أي الأصنام الذين يدعوهم المشركون، فحذف الراجع أو والمشركون الذين يدعون الأصنام فحذف المفعول لدلالة . "من دونه"عليه. "لا يستجيبون لهم بشيء"من الطلبات ."إلا كباسط كفيه" إلا استجابة كاستجابة من بسط كفيه."إلى الماء ليبلغ فاه"يطلب منه أن يبلغه."وما هو ببالغه"لأنه جماد لا يشعر بدعائه ولا يقدر على إجابته والإتيان بغير ما جبل عليه وكذلك آلهتهم .وقيل شبهوا في قلة جدوى دعائهم لها بمن أراد أن يغترف الماء ليشربه فبسط كفيه ليشربه . وقرئ تدعون بالتاء وباسط بالتنوين . "وما دعاء الكافرين إلا في ضلال"في ضياع وخسارة وباطل .
14. Unto Him is the real prayer. Those unto whom they pray beside Allah respond to them not at all, save as (if the response to) one who stretcheth forth his hands toward water (asking) that it may come unto his mouth, and it will never reach it. The prayer of disbelievers goeth (far) astray.
14 - For him (alone) is prayer in truth: any others that they call upon besides him hear them no more than if they were to stretch forth their hands for water to reach their mouths but it reaches them not: for the prayer of those without faith is nothing but (futile) wandering (in the mind).