16 - (إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد) بدلكم
يقول تعالى ذكره: إن يشأ يهلككم أيها الناس ربكم، لأنه أنشأكم من غير ما حاجة به إليكم " ويأت بخلق جديد " يقول: ويأت بخلق سواكم يطيعونه، ويأتمرون لأمره، وينتهون عما نهاهم عنه.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد ": أي ويأت بغيركم.
قوله تعالى : " إن يشأ يذهبكم " فيه حذف ، المعنى إن يشأ أن يذهبكم يذهبكم ، أي يفنيكم . " ويأت بخلق جديد " أي أطوع منكم وأزكى .
يخبر تعالى بغناه عما سواه, وبافتقار المخلوقات كلها وتذللها بين يديه, فقال تعالى: " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله " أي هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات, وهو تعالى الغني عنهم بالذات, ولهذا قال عز وجل: "والله هو الغني الحميد" أي هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له, وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله ويقدره ويشرعه. وقوله تعالى: "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد" أي لو شاء لأذهبكم أيها الناس وأتى بقوم غيركم, وما هذا عليه بصعب ولا ممتنع, ولهذا قال تعالى: "وما ذلك على الله بعزيز".
وقوله تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى" أي يوم القيامة "وإن تدع مثقلة إلى حملها" أي وإن تدع نفس مثقلة بأوزارها إلى أن تساعد على حمل ما عليها من الأوزار أو بعضه "لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى" أي وإن كان قريباً إليها حتى ولو كان أباها أو ابنها, كل مشغول بنفسه وحاله. قال عكرمة في قوله تعالى: "وإن تدع مثقلة إلى حملها" الاية, قال هو الجار يتعلق بجاره يوم القيامة, فيقول: يا رب سل هذا لم كان يغلق بابه دوني, وإن الكافر ليتعلق بالمؤمن يوم القيامة, فيقول له: يا مؤمن إن لي عندك يداً قد عرفت كيف كنت لك في الدنيا وقد احتجت إليك اليوم, فلا يزال المؤمن يشفع له عند ربه حتى يرده إلى منزل دون منزله, وهو في النار, وإن الوالد ليتعلق بولده يوم القيامة فيقول: يا بني أي والد كنت لك, فيثني خيراً, فيقول له: يا بني إني قد احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك أنجو بها مما ترى, فيقول له ولده: يا أبت ما أيسر ما طلبت, ولكني أتخوف مثلما تتخوف, فلا أستطيع أن أعطيك شيئاً, ثم يتعلق بزوجته فيقول: يا فلانة, أو يا هذه أي زوج كنت لك ؟ فتثني خيراً, فيقول لها: إني أطلب إليك حسنة واحدة تهبينها لي لعلي أنجو بها ممن ترين, قال: فتقول: ما أيسر ما طلبت, ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئاً, إني أتخوف مثل الذي تتخوف. يقول الله تعالى: "وإن تدع مثقلة إلى حملها" الاية, ويقول تبارك وتعالى: "لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً" ويقول تعالى: " يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " رواه ابن أبي حاتم رحمه الله عن أبي عبد الله الطهراني عن حفص بن عمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة به.
ثم قال تبارك وتعالى: "إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة" أي إنما يتعظ بما جئت به أولو البصائر والنهى, الخائفون من ربهم, الفاعلون ما أمرهم به "ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه" أي ومن عمل صالحاً فإنما يعود نفعه على نفسه "وإلى الله المصير" أي وإليه المرجع والمآب, وهو سريع الحساب, وسيجزي كل عامل بعمله إن خيراً فخير, وإن شراً فشر.
ثم ذكر سبحانه نوعاً من الأنواع التي يتحقق عندها افتقارهم إلأيه واستغناؤه عنهم فقال: 16- "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد" أي إن يشأ يفنكم ويأت بدلكم بخلق جديد يطيعونه ولا يعصونه، أو يأت بنوع من أنواع الخلق وعالم من العالم غير ما تعرفون.
16- " إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد ".
16 -" إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد " بقوم آخرين أطوع منكم ، أو بعالم آخر غير ما تعرفونه .
16. If He will, He can be rid of you and bring (instead of you) some new creation.
16 - If He so pleased, He could blot you out and bring in a New Creation.