163 - (واسألهم) يا محمد توبيخاً (عن القرية التي كانت حاضرة البحر) مجاورة بحر القلزم وهي أيلة ما وقع بأهلها (إذ يعدون) يعتدون (في السبت) بصيد السمك المأمورين بتركه فيه (إذ) ظرف ليعدوه (تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً) ظاهرة على الماء (ويوم لا يسبتون) لا يعظمون السبت أي سائر الأيام (لا تأتيهم) ابتلاء من الله (كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون) ولما صادوا السمك افترقت القرية أثلاثاً ثلثٌ صادوا معهم وثلثٌ نهوهم وثلثٌ أمسكوا عن الصيد والنهي
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واسأل، يا محمد، هؤلاء اليهود، وهم مجاوروك، عن أمر " القرية التي كانت حاضرة البحر "، يقول: كانت بحضرة البحر، أي: بقرب البحر وعلى شاطئه.
واختلف أهل التأويل فيها.
فقال بعضهم: هي ((أيلة)).
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحق، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "، قال: هي قرية يقال لها ((أيلة))، بين مدين والطور.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير في قوله: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "، قال: سمعنا أنها أيلة.
حدثني سلام بن سالم الخزاعي قال، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي قال، حدثنا ابن جريج ، عن عكرمة قال: دخلت على ابن عباس والمصحف في حجره وهو يبكي فقلت: ما يبكيك، جعلني الله فداك؟ فقال: ويلك، وتعرف القرية التي كانت حاضرة البحر؟ فقلت: تلك أيلة!
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "، قال: هي أيلة.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: هي قرية على شاطىء البحر، بين مصر والمدينة، يقال لها ((أيلة)).
حدثنا موسى بن هرون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: هم أهل أيلة، القرية التي كانت حاضرة البحر.
حدثني الحارث قال، حدثنا أبو سعد، عن مجاهد في قوله: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "، قال: أيلة.
وقال آخرون: معناه: ساحل مدين.
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة : " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر " الآية، ذكر لنا أنها كانت قرية على ساحل البحر، يقال لها أيلة.
وقال آخرون: هي مقنا.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "، قال: هي قرية يقال لها ((مقنا))، بين مدين وعينونى.
وقال آخرون: هي مدين.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: هي قرية بين أيلة والطور، يقال لها ((مدين)).
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هي قرية حاضرة البحر، وجائز أن تكون أيلة، وجائز أن تكون مدين، وجائز أن تكون مقنا، لأن كل ذلك حاضرة البحر، ولا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع العذر بأي ذلك من أي، والاختلاف فيه على ما وصفت. ولا يوصل إلى علم ما قد كان فمضى مما لم نعاينه، إلا بخبر يوجب العلم. ولا خبر كذلك في ذلك.
وقوله: " إذ يعدون في السبت "، يعني به أهله، إذ يعتدون في السبت أمر الله، ويتجاوزونه إلى ما حرمه الله عليهم.
يقال منه: ((عدا فلان أمري)) و((اعتدى))، إذا تجاوزه.
وكان اعتداؤهم في السبت: أن الله كان حرم عليهم السبت، فكانوا يصطادون فيه السمك.
" إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا "، يقول: إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم الذي نهوا فيه عن العمل، " شرعا "، يقول: شارعة ظاهرة على الماء من كل طريق وناحية، كشوارع الطرق، كالذي:
حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعد، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك ، عن ابن عباس: " إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا "، يقول: ظاهرة على الماء.
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: " شرعا "، يقول: من كل مكان.
وقوله: " ويوم لا يسبتون " يقول: ويوم لا يعظمونه تعظيمهم السبت، وذلك سائر الأيام غير يوم السبت، " لا تأتيهم "، الحيتان، " كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون "، يقول: كما وصفنا لكم من الاختبار والابتلاء الذي ذكرنا، بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده، وإخفائه عنهم في اليوم المحلل صيده، " كذلك نبلوهم "، ونختبرهم، " بما كانوا يفسقون "، يقول: بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها.
واختلفت القرأة في قراءة قوله: " ويوم لا يسبتون ".
فقرىء بفتح ((الياء)) من " يسبتون ".
من قول القائل: ((سبت فلان يسبت سبتاً وسبوتاً))، إذا عظم ((السبت)).
وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه: ((ويوم لا يسبتون)) بضم الياء.
من ((أسبت القوم يسبتون))، إذا دخلوا في ((السبت))، كما يقال: ((أجمعنا))، مرت بنا جمعة، و((أشهرنا)) مر بنا شهر، و((أسبتنا))، مر بنا سبت.
ونصب ((يوم)) من قوله: " ويوم لا يسبتون "، بقوله: " لا تأتيهم "، لأن معنى الكلام: لا تأتيهم يوم لا يسبتون.
قوله تعالى: "واسألهم عن القرية" أي عن أهل القرية، فعبر عنهم بها لما كانت مستقراً لهم أو سبب اجتماعهم. نظيره "واسأل القرية التي كنا فيها" [يوسف: 82]. وقوله عليه السلام:
"اهتز العرش لموت سعد بن معاذ" يعني أهل العرش من الملائكة، فرحا واستبشاراً بقدومه، رضي الله عنه. أي واسأل اليهود الذين هم جيرانك عن أخبار أسلافهم وما مسخ الله منهم قردة وخنازير. وهذا سؤال تقرير وتوبيخ. وكان ذلك علامة لصدق النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أطلعه الله على تلك الأمور من غير تعلم. وكانوا يقولون: نحن أبناء الله وأحباؤه، لأنا من سبط خليله إبراهيم، ومن سبط إسرائيل وهم بكر الله، ومن سبط موسى كليم الله، ومن سبط ولده عزير، فنحن من أولادهم. فقال الله عز وجل لنبيه: سلهم يا محمد عن القرية، أما عذبتهم بذنوبهم، وذلك بتغيير فرع من فروع الشريعة.
واختلف في تعيين هذه القرية، فقال ابن عباس وعكرمة و السدي: هي أيلة. وعن ابن عباس أيضاً أنها مدين بين أيلة والطور. الزهري: طبرية. قتادة وزيد بن أسلم: هي ساحل من سواحل الشام، بين مدين وعينون، يقال لها: مقناة. وكان اليهود يكتمون هذه القصة لما فيها من السبة عليهم. "التي كانت حاضرة البحر" أي كانت بقرب البحر، تقول: كنت بحضرة الدار أي بقربها. "إذ يعدون في السبت" أي يصيدون الحيتان، وقد نهوا عنه، يقال: سبت اليهود، تركوا العمل في سبتهم. وسبت الرجل للمفعول سباتاً أخذه ذلك، مثل الخرس. وأسبت سكن فلم يتحرك. والقوم صاروا في السبت. واليهود دخلوا في السبت، وهو اليوم المعروف. وهو من الراحة والقطع. ويجمع أسبت وسبوت وأسبات. وفي الخبر "عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من احتجم يوم السبت فأصابه برص فلا يلومن إلا نفسه". قال علماؤنا: وذلك لأن الدم يجمد يوم السبت، فإذا مددته لتستخرجه لم يجر وعاد برصاً. وقراءة الجماعة يعدون. وقرأ أبو نهيك يعدون بضم الياء وكسر العين وشد الدال. الأولى من الاعتداء والثانية من الإعداء، أي يهيئون الآلة لأخذها. وقرأ ابن السميقع في الأسبات على جمع السبت. "إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم" وقرئ أسباتهم. "شرعا" أي شوارع ظاهرة على الماء كثيرة. وقال الليث: حيتان شرع رافعة رؤوسها. وقيل: معناه أن حيتان البحر كانت ترد يوم السبت عنقاً من البحر فتزاحم أيلة. ألهمها الله تعالى أنها لا تصاد يوم السبت، لنهيه تعالى اليهود عن صيدها. وقيل: إنها كانت تشرع على أبوابهم، كالكباش البيض رافعةً رؤوسها. حكاه بعض المتأخرين، فتعدوا فأخذوها في السبت، قاله الحسن. وقيل: يوم الأحد، وهو الأصح على ما يأتي بيانه. "ويوم لا يسبتون" أي لا يفعلون السبت، يقال: سبت يسبت إذا عظم السبت. وقرأ الحسن يسبتون بضم الياء، أي يدخلون في السبت، كما يقال: أجمعنا وأظهرنا وأشهرنا، أي دخلنا في الجمعة والظهر والشهر. "لا تأتيهم" أي حيتانهم. "كذلك نبلوهم" أي نشدد عليهم في العبادة ونختبرهم. والكاف في موضع نصب. "بما كانوا يفسقون" أي بفسقهم. وسئل الحسين بن الفضل: هل تجد في كتاب الله الحلال لا يأتيك إلا قوتاً، والحرام يأتيك جزفاً جزفاً؟ قال: نعم، في قصة داود وأيلة "إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم". وروي في قصص هذه الآية أنها كانت في زمن داود عليه السلام، وأن إبليس أوحى إليهم فقال: إنما نهيتم عن أخذها يوم السبت، فاتخذوا الحياض، فكانوا يسوقون الحيتان إليها يوم الجمعة فتبقى فيها، فلا يمكنها الخروج منها لقلة الماء، فيأخذونها يوم الأحد. وروى أشهب عن مالك قال. زعم ابن رومان أنهم كانوا يأخذ الرجل خيطاً ويضع فيه وهقة، وألقاها في ذنب الحوت، وفي الطرف الآخر من الخيط وتد وتركه كذلك إلى الأحد، ثم تطرق الناس حين رأوا من صنع هذا لا يبتلى حتى كثر صيد الحوت، ومشي به في الأسواق، وأعلن الفسقة بصيده، فقامت فرقة من بني إسرائيل ونهت، وجاهرت بالنهي واعتزلت. وقيل: إن الناهين قالوا: لا نساكنكم، فقسموا القرية بجدار. فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم ولم يخرج من المعتدين أحد، فقالوا: إن للناس لشأنا، فعلوا على الجدار فنظروا فإذا هم قردة، ففتحوا الباب ودخلوا عليهم، فعرفت القردة أنسابها من الإنس، ولم تعرف الإنس أنسابهم من القردة، فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي، فيقول: ألم ننهكم! فتقول برأسها نعم. قال قتادة: صار الشبان قردةً والشيوخ خنازير، فما نجا إلا الذين نهوا وهلك سائرهم. فعلى هذا القول إن بني إسرائيل لم تفترق إلا فرقتين.
هذا السياق هو بسط لقوله تعالى: "ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت" الاية يقول تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه "واسألهم" أي واسأل هؤلاء اليهود الذين بحضرتك عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم في المخالفة وحذر هؤلاء من كتمان صفتك التي يجدونها في كتبهم لئلا يحل بهم ما حل بإخوانهم وسلفهم وهذه القرية هي أيلة وهي على شاطى بحر القلزم قال محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" قال هي قرية يقال لها أيلة بين مدين والطور وكذا قال عكرمة ومجاهد وقتادة والسدي وقال عبد الله بن كثير القارى سمعنا أنها أيلة وقيل هي مدين وهو رواية عن ابن عباس, وقال ابن زيد هي قرية يقال لها معتا بين مدين وعينونا وقوله "إذ يعدون في السبت" أي يعتدون فيه ويخالفون أمر الله فيه لهم بالوصاة به إذ ذاك "إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً" قال الضحاك عن ابن عباس أي ظاهرة على الماء وقال العوفي عن ابن عباس ظاهرة من كل مكان. قال ابن جرير وقوله "ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم" أي نختبرهم بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده وإخفائه عنهم في اليوم الحلال لهم صيده "كذلك نبلوهم" نختبرهم "بما كانوا يفسقون" يقول بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها, وهؤلاء قوم احتالوا على انتهاك محارم الله بما تعاطوا من الأسباب الظاهرة التي معناها في الباطن تعاطي الحرام وقد قال الفقيه الإمام أبو عبد الله بن بطة رحمه الله: حدثنا أحمد بن محمد بن مسلم حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني حدثنا يزيد بن هارون حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل" وهذا إسناد جيد فإن أحمد بن محمد بن مسلم هذا ذكره الخطيب في تاريخه ووثقه وباقي رجاله مشهورون ثقات ويصحح الترمذي بمثل هذا الإسناد كثيراً .
قوله: 163- "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" معطوف على عامل إذ المقدر: أي اذكر إذ قيل لهم واسألهم، وهذا سؤال تقريع وتوبيخ، والمراد من سؤال القرية: سؤال أهلها: أي اسألهم عن هذا الحادث الذي حدث لهم فيها المخالف لما أمرهم الله به. وفي ضمن هذا السؤال فائدة جليلة، وهي تعريف اليهود بأن ذلك مما يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن اطلاعه لا يكون إلا بإخبار له من الله سبحانه، فيكون دليلاً على صدقه.
واختلف أهل التفسير في هذه القرية: أي قرية هي؟ فقيل أيلة، وقيل طبرية، وقيل مدين، وقيل إيليا، وقيل قرية من قرى ساحل الشام التي كانت حاضرة البحر: أي التي كانت بقرب البحر، يقال كنت بحضرة الدار: أي بقربها. والمعنى: سل يا محمد هؤلاء اليهود الموجودين عن قصة أهل القرية المذكورة. قرئ واسألهم وقرئ سلهم "إذ يعدون" أي وقت يعدون وهو ظرف لمحذوف دل عليه الكلام لأن السؤال هو عن حالهم وقصتهم وقت يعدون، وقيل: إنه ظرف لكانت أو لحاضرة. وقرئ يعدون بضم الياء وكسر العين وتشديد الدال من الإعداء للآلة. وقرأ الجمهور يعدون بفتح الياء وسكون العين وضم الدال مخففة: أي يتجاوزون حدود الله بالصيد يوم السبت الذي نهوا عن الاصطياد فيه، وقرئ يعدون بفتح الياء والعين وضم الدال مشددة بمعنى يعتدون، أدغمت التاء في الدال. والسبت هو اليوم المعروف وأصله السكون، يقال: سبت إذا سكن وسبت اليهود تركوا العمل في سبتهم، والجمع أسبت، وسبوت، وأسبات وقرأ ابن السميفع في الأسبات على الجمع "إذ تأتيهم حيتانهم" ظرف ليعدون. والحيتان: جمع حوت وأضيفت إليهم لمزيد اختصاص لهم بما كان منها على هذه الصفة من الإتيان يوم السبت دون ما عداه، و "يوم سبتهم" ظرف لتأتيهم. وقرئ يوم أسباتهم و "شرعاً" حال، وهو جمع شارع: أي ظاهرة على الماء، وقيل رافعة رؤوسها، وقيل إنها كانت تشرع على أبوابها كالكباش البيض. قال في الكشاف: يقال: شرع علينا فلان إذا دنا منا وأشرف علينا، وشرعت على فلان في بيته فرأيته يفعل كذا انتهى "ويوم لا يسبتون لا تأتيهم" أي لا يفعلون السبت، وذلك عند خروج يوم السبت لا تأتيهم الحيتان، كما كانت تأتيهم في يوم السبت "كذلك نبلوهم" أي مثل ذلك البلاء العظيم نبلوهم بسبب فسقهم والابتلاء الامتحان والاختبار.
163- قوله تعالى : " واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر " قيل : هي ( مدين ) ، { أي : سل يا محمد هؤلاء اليهود الذي هم جيرانك سؤال توبيخ وتقريع عن القرية التي كانت حاضرة البحر } أي : بقربه . قال ابن عباس : هي قرية يقال لها ( إيله ) بين ( مدين ) و ( الطور ) على شاطئ البحر . وقال الزهري : هي ( طبرية الشام ) . " إذ يعدون في السبت " ، أي : يظلمون فيه ويجاوزون أمر الله تعالى بصيد السمك ، " إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً " ، أي : ظاهرة على الماء كثيرة ، جمع شارع . وقال الضحاك : متتابعة .
وفي القصة : أنها كانت تأتيهم يوم السبت مثل الكباش السمان البيض .
" ويوم لا يسبتون لا تأتيهم " كإتيانهم يوم السبت ، قرأ الحسن : ( لا يسبتون ) بضم الياء أي : لا يدخلون في السبت ، والقراءة المعروفة بنصب الياء ، ومعناه : لا يعظمون السبت ، " كذلك نبلوهم " ، نختبرهم ، " بما كانوا يفسقون " ، فوسوس إليهم الشيطان وقال : إن الله لم ينهكم عن الاصطياد وإنما نهاكم عن الأكل ، فاصطادوا . أو قيل : وسوس إليهم أنكم إنما نهيتم عن الأخذ ، فاتخذوا حياضاً على شاطئ البحر ، تسوقون الحيتان إليها يوم السبت ، ثم تأخذونها يوم الأحد . ففعلوا ذلك زماناً ثم تجرؤوا على السبت ، وقالوا : ما نرى السبت إلا قد أحل لنا ، فأخذوا وأكلوا وباعوا ، فصار أهل القرية أثلاثاً ، وكانوا نحوا من سبعين ألفاً ، ثلث نهوا ، وثلث لم ينهوا وسكتوا وقالوا : لم تعظون قوماً الله مهلكهم ؟ وثلث هم أصحاب الخطيئة ، فلما لم ينتهوا قال الناهون : لا نساكنكم في قرية واحدة فقسموا القرية بجدار للمسلمين باب وللمعتدين باب ، ولعنهم داود عليه السلام ، فأصبح الناهون ذات يوم ولم يخرج من المعتدين أحد ، فقالوا : إن لهم شأناً لعل الخمر غلبتهم فعلوا على الجدار ، فإذا هم قردة ، فعرفت القرود أنسابها من الإنس ولم تعرف الإنس أنسابها من القرود ، فجعلت القرود يأتيها نسيبها من الإنس فتشم ثيابه وتبكي ، فيقول : ألم ننهكم فتقول برأسها : نعم ، فما نجا إلا الدين نهوا وهلك سائرهم .
163. " واسألهم " للتقرير والتقريع بقديم كفرهم وعصيانهم ، والإعلام بما هو من علومهم التي لا تعلم إلا بتعليم أو وحي ليكون لك ذلك معجزة عليهم . " عن القرية " عن خبرها وما وقع بأهلها . " التي كانت حاضرة البحر " قريبة منه وهي آيلة قرية بين مدين والطور على شاطئ البحر ، وقيل مدين ، وقيل طبرية . " إذ يعدون في السبت " يتجاوزون حدود الله بالصيد يوم السبت ، و" إذ " ظرف ل " كانت " أو " حاضرة " أو للمضاف المحذوف أو بدل منه بدل اشتمال . " إذ تأتيهم حيتانهم " ظرف ل" يعدون " أو بدل بعد بدل . وقرئ " يعدون " وأصله يعتدون ويعدون من الإعداد أي يعدون آلات الصيد يوم السبت ، وقد نهوا أن يشتغلوا فيه بغير العبادة . " يوم سبتهم شرعاً" يوم تعظيمهم أمر السبت مصدر سبتت اليهود إذا عظمت سبتها بالتجرد للعبادة . وقيل اسم للوم والإضافة لاختصاصهم بإحكام فيه ن ويؤيد الأول إن قرئ يوم إسباتهم. وقوله : " ويوم لا يسبتون لا تأتيهم " وقرئ " لا يسبتون " من أسبت و" لا يسبتون " على البناء للمفعول بمعنى لا يدخلون في السبت ، و" شرعاً" حال من الحيتان ومعناه ظاهرة على وجه الماء من شرع علينا إذا دنا وأشرف . " كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون " مثل ذلك البلاء الشديد نبلوهم بسبب فسقهم . وقيل كذلك متصل بما قبله أي لا تأتيهم مثل إتيانهم يوم السبت ن والباء متلق ب " يعدون " .
163. Ask them (O Muhammad) of the township that was by the sea, how they did break the sabbath, how their big fish came unto them visibly upon their sabbath day and on a day when they did not keep sabbath came they not unto them. Thus did We try them for that they were evil livers.
163 - Ask them concerning the town standing close by the sea. behold they transgressed in the matter of the Sabbath. for on the day their Sabbath their fish did come to them, openly holding up their heads, but on the day they had no Sabbath, they came not: thus did we make a trial of them, for they were Given to transgression.