(الذين) بدل من الذين قبله أو نعت (قالوا لإخوانهم) في الدين (و) قد (قعدوا) عن الجهاد (لو أطاعونا) أي شهداء أحد أو إخواننا في القعود (ما قتلوا قل) لهم (فادرؤوا) ادفعوا (عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين) في أن القعود ينجي منه
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك : وليعلم الله الذين نافقوا، "الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا".
فموضع "الذين" نصب على الإبدال من "الذين نافقوا"، وقد يجوز أن يكون رفعاً على الترجمة عما في قوله : "يكتمون" من ذكر "الذين نافقوا".
فمعنى الآية : وليعلم الله الذين قالوا لإخوانهم الذين أصيبوا مع المسلمين في حربهم المشركين بأحد يوم أحد فقتلوا هنالك من عشائرهم وقومهم - "وقعدوا"، يعني : وقعد هؤلاء المنافقون القائلون ما قالوا- مما أخبر الله عز وجل عنهم من قيلهم - عن الجهاد مع إخوانهم وعشائرهم في سبيل الله - "لو أطاعونا"، يعني : لو أطاعنا من قتل.بأحد من إخواننا وعشائرنا ، "ما قتلوا"، يعني : ما قتلوا هنالك ، قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: "قل"، يا محمد، لهؤلاء القائلين هذه المقالة من المنافقين ، " فادرؤوا "، يعني : فادفعوا.
من قول القائل : درأت عن فلان القتل، بمعنى دفعت عنه، درؤه درءاً، ومنه قول الشاعر:
تقول وقد درأت لها وضيني أهذا دينه أبدا وديني
يقول تعالى ذكره : قل لهم : فادفعوا، إن كنتم ، أيها المنافقون ، صادقين في قيلكم : لو أطاعنا إخواننا في ترك الجهاد في سبيل الله مع محمد صلى الله عليه وسلم وقتالهم أبا سفيان ومن معه من قريش ، ما قتلوا هنالك بالسيف ، ولكانوا أحياء بقعودهم معكم ، وتخلفهم عن محمد صلى الله عليه وسلم وشهود جهاد أعداء الله معه ، "عن أنفسكم" الموت ، فإنكم قد قعدتم عن حربهم وقد تخلفتم عن جهادهم ، وأنتم لا محالة ميتون، كما:
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق : "الذين قالوا لإخوانهم"، الذين أصيبوا معكم من عشائرهم وقومهم ، "لو أطاعونا ما قتلوا"، الآية، أي : إنه لا بد من الموت ، فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا. وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله ، حرصاً على البقاء في الدنيا، وفراراً من الموت.
ذكر من قال: الذين قالوا لإخوانهم هذا القول ، هم الذين قال الله فيهم: "وليعلم الذين نافقوا".
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا"، الآية، ذكر لنا أنها نزلت في عدو الله عبد الله بن أبي.
حدثنا محمد قال ، حدثنا محمد قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي قال : هم عبد الله بن أبي وأصحابه.
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : هو عبد الله بن أبي الذي قعد وقال لإخوانه الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: "لو أطاعونا ما قتلوا"، الآية، قال ابن جريج ، عن مجاهد قال ، قال جابر بن عبد الله: هو عبدالله بن أبي ابن سلول.
حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه ، عن الربيع قوله : "الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا"،الآية،قال :نزلت في عدو الله عبد الله بن أبي.
قوله تعالى : " الذين قالوا لإخوانهم " معناه لأجل إخوانهم ، وهم الشهداء المقتولون من الخزرج ، وهم إخوة نسب ومجاورة ، لا إخوة الدين ، أي قالوا لهؤلاء الشهداء : لو قعدوا ، أي بالمدينة ما قتلوا ، وقيل : قال عبد الله بن أبي وأصحابه لإخوانهم ، أي لأشكالهم من المنافقين : لو أطاعونا ، هؤلاء الذين قتلوا لما قتلوا ، وقوله : " لو أطاعونا " يريد في ألا يخرجوا إلى قريش ، وقوله : " وقعدوا " أي قالوا هذا القول وقعدوا بأنفسهم عن الجهاد ، فرد الله عليهم بقوله " قل فادرؤوا " أي قل لهم يا محمد : إن صدقتم فادفعوا الموت عن أنفسكم ، والدرء الدفع ، بين بهذا أن الحذر لا ينفع من القدر ، وأن المقتول يقتل بأجله ، وما علم الله وأخبر به كائن لا محالة ، وقيل : مات يوم قيل هذا ن سبعون منافقاً ، وقال أبو الليث السمرقندي : سمعت بعض المفسرين بسمرقند يقول : لما نزلت الآية : " قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت " مات يومئذ سبعون نفساً من المنافقين .
يقول تعالى: " أو لما أصابتكم مصيبة " وهي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل السبعين منهم "قد أصبتم مثليها" يعني يوم بدر, فإنهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلاً, وأسروا سبعين أسيراً, "قلتم أنى هذا" أي من أين جرى علينا هذا "قل هو من عند أنفسكم" قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة , حدثنا قراد أبو نوح , حدثنا عكرمة بن عمار , حدثنا سماك الحنفي أبو زميل , حدثني ابن عباس , حدثني عمر بن الخطاب , قال: لما كان يوم أحد من العام المقبل, عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء, فقتل منهم سبعون, وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه, وكسرت رباعيته, وهشمت البيضة على رأسه, وسال الدم على وجهه, فأنزل الله " أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم " بأخذكم الفداء. وهكذا رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن غزوان وهو قراد أبو نوح بإسناده ولكن بأطول منه, وهكذا قال الحسن البصري , وقال ابن جرير : حدثنا القاسم , حدثنا الحسين , حدثنا إسماعيل ابن علية عن ابن عون عن محمد عن عبيد , ح, قال سنيد وهو حسين : وحدثني حجاج عن جرير , عن محمد عن عبيدة , عن علي رضي الله عنه, قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا محمد, إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى, وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين: إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم, وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم, قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس, فذكر لهم ذلك فقالوا: يا رسول الله, عشائرنا وإخواننا ألا نأخذ فداءهم فنتقوى به على قتال عدونا, ويستشهد منا عدتهم, فليس في ذلك ما نكره ؟ قال: فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلاً, عدة أسارى أهل بدر " , وهكذا رواه النسائي والترمذي من حديث أبي داود الحفري عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة , عن سفيان بن سعيد , عن هشام بن حسان , عن محمد بن سيرين به, ثم قال الترمذي : حسن غريب, لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة , وروى أبو أسامة عن هشام نحوه, وروى عن ابن سيرين عن عبيدة , عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً. وقال محمد بن إسحاق و ابن جريج والربيع بن أنس والسدي "قل هو من عند أنفسكم" أي بسبب عصيانكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم فعصيتم, يعني بذلك الرماة "إن الله على كل شيء قدير" أي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه, ثم قال تعالى: "وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله" أي فراركم بين يدي عدوكم وقتلهم لجماعة منكم وجراحتهم لاخرين, كان بقضاء الله وقدره, وله الحكمة في ذلك "وليعلم المؤمنين" أي الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا " وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم " يعني بذلك أصحاب عبد الله بن أبي ابن سلول الذين رجعوا معه في أثناء الطريق, فاتبعهم رجال من المؤمنين يحرضونهم على الإياب والقتال والمساعدة, ولهذا قال "أو ادفعوا" قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وأبو صالح والحسن والسدي : يعني كثروا سواد المسلمين, وقال الحسن بن صالح : ادفعوا بالدعاء, وقال غيره: رابطوا, فتعللوا قائلين " لو نعلم قتالا لاتبعناكم " قال مجاهد : يعنون لو نعلم أنكم تلقون حرباً لجئناكم, ولكن لا تلقون قتالاً. قال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ , وغيرهم من علمائنا, كلهم قد حدث, قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني حين خرج إلى أحد في ألف رجل من أصحابه, حتى إذا كان بالشوط بين أحد والمدينة, انحاز عنه عبد الله بن أبي ابن سلول بثلث الناس, وقال: أطاعهم فخرج وعصاني, ووالله ما ندري علام نقتل أنفسنا ههنا أيها الناس ؟ فرجع بمن اتبعه من الناس من قومه أهل النفاق وأهل الريب, واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول: يا قوم أذكركم الله أن لا تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضر من عدوكم, قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكن لا نرى أن يكون قتال, فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الإنصراف عنهم, قال: أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم, ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الله عز وجل: "هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان" استدلوا به علة أن الشخص قد تتقلب به الأحوال, فيكون في حال أقرب إلى الكفر, وفي حال أقرب إلى الإيمان, لقوله: "هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان". ثم قال تعالى: "يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم" يعني أنهم يقولون القول ولا يعتقدون صحته, ومنه قولهم هذا " لو نعلم قتالا لاتبعناكم " فإنهم يتحققون أن جنداً من المشركين قد جاؤوا من بلاد بعيدة يتحرقون على المسلمين بسبب ما أصيب من سراتهم يوم بدر. وهم أضعاف المسلمين أنه كائن بينهم قتال لا محالة. ولهذا قال تعالى: "والله أعلم بما يكتمون" ثم قال تعالى: "الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا" أي لو سمعوا من مشورتنا عليهم في القعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل, قال الله تعالى: " قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين " أي إن كان القعود يسلم به الشخص من القتل والموت, فينبغي أنكم لا تموتون, والموت لا بد آت إليكم ولو كنتم في بروج مشيدة, فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين. قال مجاهد عن جابر بن عبد الله : نزلت هذه الاية في عبد الله بن أبي ابن سلول.
قوله 168- "الذين قالوا لإخوانهم" إلخ: أي هم الذين قالوا لإخوانهم على أنه خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون بدلاً من واو يكتمون، أو منصوباً على الذم، أو وصف للذين نافقوا. وقد تقدم معنى "قالوا لإخوانهم" أي: قالوا لهم ذلك، والحال أن هؤلاء القائلين قد قعدوا عن القتال "لو أطاعونا" بترك الخروج من المدينة ما قتلوا، فرد الله ذلك عليهم بقوله " قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين " والدرء: الدفع، أي لا ينفع الحذر من القدر، فإن المقتول يقتل بأجله.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله "أو لما أصابتكم مصيبة" الآية. يقول: إنكم قد أصبتم من المشركين يوم بدر مثلي ما أصابوا منكم يوم أحد، وقد بين هذا عكرمة. فأخرج ابن جرير عنه قال: قتل المسلمون من المشركين يوم بدر سبعين وأسروا سبعين، وقتل المشركون يوم أحد من المسلمين سبعين. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: لما رأوا من قتل منهم يوم أحد قالوا من أين هذا؟ ما كان للكفار أن يقتلوا منا، فلما رأى الله ما قالوا من ذلك، قال الله: هم بالأسرى الذين أخذتم يوم بدر. فردهم الله بذلك وعجل لهم عقوبة ذلك في الدنيا ليسلموا منها في الآخرة، ويؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن مردويه عن علي قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الأسارى، وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين: إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم، وبين أن يأخذوا الفداء على أن تقبل منهم عدتهم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فذكر ذلك لهم، فقالوا: يا رسول الله عشائرنا وإخواننا لا بل نأخذ فداءهم فنقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا عدتهم، فليس في ذلك ما نكره، فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلاً عدة أسارى أهل بدر. وهذا الحديث في سنن الترمذي والنسائي هو من طريق أبي داود الحفري عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن سفيان بي سعيد عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي: قال الترمذي بعد إخراجه: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة. وروى أبو أسامة عن هشام نحوه. وروي عن ابن سيرين عن عبيدة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً وإسناد ابن جرير لهذا الحديث هكذا: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن عون قال سنيد وهو حسين، وحدثني حجاج عن جرير عن محمد عن زبيدة عن علي فذكره. وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي بكر بن أب شيبة، حدثنا قراد بن نوح، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا سماك الحنفي أبو زميل حدثني ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون وفر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عنه، وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه، وسال الدم على وجهه، فأنزل الله عز وجل: "أو لما أصابتكم مصيبة" الآية. وأخرجه الإمام أحمد من طريق عبد الرحمن بن عزوان وهو قراد بن نوح به، ولكن بأطول منه، ولكنه يشكل على حديث التخيير السابق ما نزل من المعاتبة منه سبحانه وتعالى لمن أخذ الفداء بقوله: "ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض" وما روي من بكائه صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر ندماً على أخذ الفداء، ولو كان أخذ ذلك بعد التخيير لهم من الله سبحانه لم يعاتبهم عليه، ولا حصل ما حصل من النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من الندم والحزن، ولا صوب النبي صلى الله عليه وسلم رأي عمر رضي الله عنه، حيث أشار بقتل الأسرى وقال ما معناه: لو نزلت عقوبة لم ينج منها إلا عمر، والجميع في كتب الحديث والسير. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس "قلتم أنى هذا" ونحن مسلمون نقاتل غضباً لله وهؤلاء مشركون. فقال "قل هو من عند أنفسكم" عقوبة لكم بمعصيتكم النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لا تتبعوهم. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله "أو ادفعوا" قال: كثروا بأنفسكم وإن لم تقاتلوا. وأخرج أيضاً عن الضحاك نحوه. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عون الأنصاري في قوله "أو ادفعوا" قال: رابطوا. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن شهاب وغيره قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد في ألف رجل من أصحابه، حتى إذا كانوا بالشوط بين أحد والمدينة انخزل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس وقال: أطاعهم وعصاني، والله ما ندري على ما نقتل أنفسنا ههنا؟ فرجع بمن اتبعه من أهل النفاق وأهل الريب، واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام من بني سلمة يقول: يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم وقومكم عندما حضرهم عدوهم، قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولا نرى أن يكون قتال. وأخرجه ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ومحمد بن يحيى بن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحسين بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن معاذ وغيرهم من علمائنا فذكره، وزاد أنهم لما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف قال: أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله "لو نعلم قتالاً لاتبعناكم" قال: لو نعلم أنا واجدون معكم مكان قتال لاتبعناكم.
168-"الذين قالوا لإخوانهم " ، في النسب لا في الدين وهم شهداء احد "وقعدوا" يعني: قعد هؤلاء القائلون عن الجهاد"لو أطاعونا" ، وانصرفوا عن محمد صلى الله عليه وسلم وقعدوا في بيوتهم " ما قتلوا قل" ، لهم يا محمد،" فادرؤوا "، فادفعوا، " عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين" ، إن الحذر لايغني عن القدر.
168"الذين قالوا" رفع بدلاً من واو "يكتمون"، أو نصب على الذم أو الوصف للذين نافقوا، أو جر بدلاً من الضمير في "بأفواههم" أو "قلوبهم" كقوله:
على حالة لو أن في القوم حاتماً على جوده لضن بالماء حاتم
"لإخوانهم" أي لأجلهم، يريد من قتل يوم أحد من أقاربهم أو من جنسهم. "وقعدوا" حال مقدرة بقد أي قالوا قاعدين عن القتال. "لو أطاعونا" في القعود بالمدينة. "ما قتلوا" كما لم نقتل. وقرأ هاشم " ما قتلوا " بتشديد التاء. " قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين " أي إن كنتم صادقين إنكم تقدرون على دفع القتل عمن كتب عليه فادفعوا عن أنفسكم الموت وأسبابه، فإنه أحرى بكم، والمعنى أن القعود غير مغن عن الموت، فإن أسباب الموت كثيرة كما أن القتال يكون سبباً للهلاك والقعود سبباً للنجاة قد يكون الأمر بالعكس.
168. Those who, while they sat at home, said of their brethren (who were fighting for the cause of Allah): If they had been guided by us they would not have been slain. Say (unto them, O Muhammad): Then avert death from yourselves if ye are truthful.
168 - (they are) the ones that say, (of their brethren slain), while they themselves sit (at ease): if only they had listened to us, they would not have been slain. say: avert death from your own selves, if ye speak the truth.