19 - (يعلم) أي الله (خائنة الأعين) بمسارفتها النظر إلى محرم (وما تخفي الصدور) القلوب
وقوله " يعلم خائنة الأعين" يقول جل ذكره مخبراً عن صفة نفسه : يعلم ربكم ما خانت أعين عباده ، وما أخفته صدورهم ، يعني : وما أضمرته قلوبهم . يقول : لا يخفى عليه شيء من أمورهم حتى ما يحدث به نفسه ويضمره قلبه إذا نظر ماذا يريد بنظره وما ينوي ذلك بقلبه " والله يقضي بالحق " يقول : والله تعالى ذكره يقضي في الذي خانته الأعين بنظرها ، وأخفته الصدور عن نظر العيون بالحق ، فيجزي الذين أغمضوا أبصارهم ، وصرفوها عن محارمه حذار الموقف بين يديه ، ومسئلته عنه بالحسنى ، والذين رددوا النظر ، وعزمت قلوبهم على مواقعة الفواحش إذا قدرت ، جزاءها .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثني عبد الله بن أحمد المروزي ، قال : ثنا علي بن حسين بن واقد ، قال : ثني أبي ، قال : ثنا الأعمش ، قال : ثنا سعيد بن جبير ، عن ابن عباس " يعلم خائنة الأعين " إذا نظرت إليها تريد الخيانة أم لا " وما تخفي الصدور " إذا قدرت عليها اتزني بها أم لا . قال : ثم سكت ، ثم قال : ألا أخبركم بالتي تليها ؟ قلت : نعم ، قال : " والله يقضي بالحق " قادر أن يجزي بالحسنة الحسنة ، وبالسيئة السيئة " إن الله هو السميع البصير " قال الحسن : فقلت للأعمش : حدثني الكلبي ، إلا أنه قال : إن الله قادر على أن يجزي بالسيئة السيئة وبالحسنة عشراً . وقال الأعمش : إن الذي عند الكلبي عندي ، ما خرج مني إلا بحقير .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " يعلم خائنة الأعين " قال : نظر الأعين إلى ما نهى الله عنه .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " خائنة الأعين " : أي يعلم همزه بعينه ، وإغماضه فيما لا يحب الله ولا يرضاه .
قوله تعالى : " يعلم خائنة الأعين " قال المؤرج : فيه تقديم وتأخير أي يعلم الأعين الخائنة . وقال ابن عباس : هو الرجل يكون جالساً مع القوم فتمر المرأة فيسارقها النظر إليها . وعنه : هو الرجل ينظر إلى المرأة فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره ، فإذا رأى منهم غفلة تدسس بالنظر ، فإذا نظر إليه أصحابه غض بصره ، وقد علم عز وجل منه أنه يود لو نظر إلى عورتها . وقال مجاهد : هي مسارقة نظر الأعين إلى ما نهى الله عنه . وقال قتادة : هي المهمزة بعينه وإغماضه فيما لا يحب الله تعالى . وقال الضحاك : هي قول الإنسان ما رأيت وقد رأى أو رأيت وما رأى . وقال السدي : إنها الرمز بالعين .وقال سفيان : هي النظرة بعد النظرة . وقال الفراء : ( خائنة الأعين ) النظرة الثانية ( وما تخفي الصدور ) النظرة الأولى .وقال ابن عباس : ( وما تخفي الصدرو ) أي هل يزني بها لو خلا بها أو لا . وقيل : ( وما تخفي الصدور ) تكنه وتضمره . ولما جيء بعبد الله بن سريح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما اطمأن أهل مكة وطلب له الأمان عثمان رضي الله عنه ، صمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ً ثم قال : ( نعم ) فلما انصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله : " ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه " فقال رجل من الأنصار فهلا أو مأت إلى يا رسول الله ، فقال " إن النبي لا تكون له حائنة أعين " .
يوم الازفة اسم من أسماء يوم القيامة وسميت بذلك لاقترابها كما قال تعالى: " أزفت الآزفة * ليس لها من دون الله كاشفة " وقال عز وجل: "اقتربت الساعة وانشق القمر" وقال جل وعلا: "اقترب للناس حسابهم" وقال: "أتى أمر الله فلا تستعجلوه" وقال جل جلاله: "فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا" الاية. وقوله تبارك وتعالى: "إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين" قال قتادة وقفت القلوب في الحناجر من الخوف فلا تخرج ولا تعود إلى أماكنها, وكذا قال عكرمة والسدي وغير واحد, ومعنى كاظمين أي ساكتين لا يتكلم أحد إلا بإذنه "يوم يقوم الروح والملائكة صفاً لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً" وقال ابن جريج "كاظمين" أي باكين. وقوله سبحانه وتعالى: "ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع" أي ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم ولا شفيع يشفع فيهم بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير. وقوله تعالى: "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" يخبر عز وجل عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء جليلها وحقيرها, صغيرها وكبيرها, دقيقها ولطيفها ليحذر الناس علمه فيهم فيستحيوا من الله تعالى حق الحياء ويتقوه حق تقواه, ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه فإنه عز وجل يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر. قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: "يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم وفيهم المرأة الحسناء أو تمر به وبهم المرأة الحسناء فإذا غفلوا لحظ إليها فإذا فطنوا غض بصره عنها فإذا غفلوا لحظ فإذا فطنوا غض, وقد اطلع الله تعالى من قلبه أنه ود أن لو اطلع على فرجها. رواه ابن أبي حاتم, وقال الضحاك "خائنة الأعين" هو الغمز وقول الرجل رأيت ولم ير. أو لم أر وقد رأى. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يعلم الله تعالى من العين في نظرها هل تريد الخيانة أم لا ؟ وكذا قال مجاهد وقتادة, وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: "وما تخفي الصدور" يعلم إذا أنت قدرت عليها هل تزني بها أم لا ؟ وقال السدي "وما تخفي الصدور" أي من الوسوسة.
وقوله عز وجل: "والله يقضي بالحق" أي يحكم بالعدل, قال الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: "والله يقضي بالحق" قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة "إن الله هو السميع البصير" وهذا الذي فسر به ابن عباس رضي الله عنهما هذه الاية كقوله تبارك وتعالى: " ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " وقوله جل وعلا: "والذين يدعون من دونه" أي من الأصنام والأوثان والأنداد "لا يقضون بشيء" أي لا يملكون شيئاً ولا يحكمون بشيء "إن الله هو السميع البصير" أي سميع لأقوال خلقه بصير بهم فيهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو الحاكم العادل في جميع ذلك.
ثم وصف سبحانه شمول علمه لكل شيء وإن كان في غاية الخفاء فقال: 19- "يعلم خائنة الأعين" وهي مسارقة النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، والجملة خبر آخر لقوله: "هو الذي يريكم" قال المؤرج: فيه تقديم وتأخير: أي يعلم الأعين الخائنة. وقال قتادة: خائنة الأعين: الهمز بالعين فيما لا يحب الله. وقال الضحاك: هو قول الإنسان ما رأيت وقد رأى، ورأيت وما رأى. وقال سفيان: هي النظرة بعد النظرة. والأول أولى، وبه قال مجاهد "وما تخفي الصدور" من الضمائر وتسره من معاصي الله.
19. " يعلم خائنة الأعين "، أي: خيانتها وهي مسارقة النظر إلى مالا يحل. قال مجاهد : وهو نظر الأعين إلى ما نهى الله عنه. " وما تخفي الصدور ".
19-" يعلم خائنة الأعين " النظرة الخائنة كالنظرة الثانية إلى غير المحرم واستراق النظر إليه ، أو خيانة الأعين " وما تخفي الصدور " من الضمائر والجملة خبر خامس للدلالة على أنه ما من خفي إلا وهو متعلق العلم والجزاء
19. He knoweth the traitor of the eyes, and that which the bosoms hide.
19 - (God) knows of (the tricks) that deceive with the eyes, and all that the hearts (of men) conceal.