19 - (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) المبالغون في التصديق (والشهداء عند ربهم) على المكذبين من الأمم (لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا) الدالة على وحدانيتنا (أولئك أصحاب الجحيم) النار
يقول تعالى ذكره : والذين أقروا بوحدانية الله وإرساله رسله فصدقوا الرسل وآمنوا بما جاءهم به من عند ربهم أولئك هم الصديقون .
وقوله : " والشهداء عند ربهم " اختلف أهل التأويل في ذلك فقال بعضهم : والشهداء عند ربهم منفصل من الذي قبله والخبر عن الذين آمنوا بالله ورسله متناه عند قوله " الصديقون " والصديقون
مرفوعون بقوله : هم ثم ابتدى الخبر عن الشهداء فقيل : والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والشهداء في قولهم مرفوعون بقوله " لهم أجرهم ونورهم " .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه ابن عباس قوله " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون " قال : هذه مفصولة " والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق " أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " قال : هي للشهداء خاصة .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق قال : هي خاصة للشهداء .
قال : ثنا مهران عن سفيان عن أبي الضحى " أولئك هم الصديقون " ثم استأنف الكلام فقال والشهداء عند ربهم .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول : في قوله " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون " هذه مفصولة سماهم الله صديقين بأنهم آمنوا بالله وصدقوا رسله ثم قال " والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " هذه مفصولة .
وقال آخرون بل قوله " والشهداء " من صفة الذين آمنوا بالله ورسله قالوا إنما تناهى الخبر عن الذين آمنوا عند قوله " والشهداء عند ربهم " ثم ابتدئ الخبر عما لهم فقيل : لهم أجرهم ونورهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن المثنى قال : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة قال : أخبرنا أبو قيس أنه سمع هذيلا يحدث قال : ذكروا الشهداء فقال عبد الله : الرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه ، والرجل يقاتل للدنيا ، والرجل يقاتل للسمعة ، والرجل يقاتل للمغنم ، قال : شعبة هذا معناه والرجل يقاتل يريد وجه الله والرجل يموت على فراشه وهو شهيد وقرأ عبد الله هذه الآية " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم " .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت وليث عن مجاهد " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " قال : كل مؤمن شهيد ثم قرأها .
حدثني صالح بن حرب أبو معمر قال : ثنا إسماعيل بن يحيى قال : ثنا ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن البراء بن عازب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " مؤمنو أمتي شهداء قال : ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم " ."
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله " الصديقون والشهداء عند ربهم " قال : بالإيمان على أنفسهم بالله .
وقال آخرون الشهداء عند ربهم في هذا الموضع : النبيون الذين يشهدون على أممهم من قول الله عز وجل " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " ( النساء : 41 ( .
والذي هو أولى الأقوال عندي في ذلك بالصواب قول من قال : الكلام والخبر عن الذين آمنوا متناه عند قوله " أولئك هم الصديقون " وإن قوله " والشهداء عند ربهم " خبر مبتدأ عن الشهداء .
وإنما قلنا : إن ذلك أولى الأقوال في ذلك بالصواب لأن ذلك هو الغلب من معانيه في الظاهر وان الإيمان غير موجب في المتعارف للمؤمن اسم شهيد لا بمعنى غيره إلا أن يراد به شهيد على ما آمن به وصدقه فيكون ذلك وجها وإن كان فيه بعض البعد لأن ذلك ليس بالمعروف من معانيه إذا أطلق بغير وصل فتأويل قوله " والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " إذا : والشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أو هلكوا في سبيله عند ربهم لهم ثواب الله إياهم في الآخرة ونورهم .
وقوله " والذين كفروا و كذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم " يقول تعالى ذكره : والذين كفروا بالله وكذبوا بأدلته وحججه أولئك أصحاب الجحيم .
قوله تعالى : " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " واختلف في " والشهداء "هل هو مقطوع مما قبل أو متصل به . فقال مجاهد و زيد بن أسلم : إن الشهداء والصديقين هم المؤمنون وأنه متصل، وروي معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يوقف على هذا على قوله : " الصديقون " وهذا قول ابن مسعود في تأويل الآية .قال القشيري قال الله تعالى : " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين " فالصديقون هم الذين الأنبياء ،والشهداء هم الذين يتلون الصديقين ،والصالحون يتلون الشهداء ، فيجوز أن تكون هذه الآية في جملة من صدق بالرسل ، أعني " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء " .ويكون المعنى بالشهداء من شهد لله بالوحدانية ، فيكون صديق فوق صديق في الدرجات ، كما "قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن أهل الجنات العلا ليراهم من دونهم كما يرى أحدكم الكوكب الذي في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما " وروي عن أبن عباس ومسروق أن الشهداء غير الصديقين . فالشهداء على هذا منفصل مما قبله والوقوف على قوله : " الصديقون " حسن .والمعنى " والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " أي لهم أجر أنفسهم ونور أنفسهم .وفيهم قولان أحدهما - أنهم الرسل يشهدون على اممهم بالتصديق والتكذيب ، قاله الكلبي ، ودليله قوله تعالى " وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " [النساء : 41 ] . الثاني - أنهم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة ،وفيما يشهدون به قولان : أحدهما - أنهم يشهدون على أنفسهم بما عملوا من طاعة ومعصية . وهذا معنى قول مجاهد . الثاني - يشهدون لأنبيائهم بتبليغهم الرسالة إلى أممهم، قال الكبي . وقال مقاتل قولا ثالثا : إنهم القتلى في سبيل الله تعالى . ونحوه عن ابن عباس أيضا قال أراد شهداء المؤمنين . والواو واو الابتداء .والصديقون على هذا القول مقطوع من الشهداء .
وقداختلف في تعيينهم ، فقال الضحاك هم ثمانية نفر ، أبو بكر وعلي وزيد وعثمان وطلحة والزبير وسعد وحمزة .وتابعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ، ألحقه الله بهم لما صدق نبيه صلى الله عليه وسلم .وقال مقاتل بن حيان : الصديقون هم الذين آمنوا بالرسول ولم يكذبوهم طرف عين ، مثل مؤمن آل فرعون ، وصاحب آل ياسين ،وأبي بكر الصديق ،وأصحاب الأخدود .
قوله تعال : " والذين كفروا وكذبوا بآياتنا " أين بالرسل والمعجزات " أولئك أصحاب الجحيم " فلا أجر لهم ولا نور .
يخبر تعالى عما يثيب به المصدقين والمصدقات بأموالهم على أهل الحاجة والفقر والمسكنة "وأقرضوا الله قرضاً حسناً" أي دفعوه بنية خالصة ابتغاء مرضاة الله لا يريدون جزاءً ممن أعطوه ولا شكوراً, ولهذا قال: "يضاعف لهم" أي يقابل لهم الحسنة بعشر أمثالها, ويزاد على ذلك إلى سبعمائة ضعف, وفوق ذلك "ولهم أجر كريم" أي ثواب جزيل حسن ومرجع صالح ومآب كريم. وقوله تعالى: "والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون" هذا تمام لجملة وصف المؤمنين با لله ورسله بأنهم صديقون, قال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى: " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون " هذه مفصولة "والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم" وقال أبو الضحى "أولئك هم الصديقون" ثم استأنف الكلام فقال: "والشهداء عند ربهم" وهكذا قال مسروق والضحاك ومقاتل بن حيان وغيرهم.
وقال الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى, "أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم" قال: هم ثلاثة أصناف: يعني المصدقين والصديقين والشهداء, كما قال تعالى: " ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين " ففرق بين الصديقين والشهداء فدل على أنهما صنفان ولا شك أن الصديق أعلى مقاماً من الشهيد, كما رواه الإمام مالك بن أنس رحمه الله في كتابه الموطأ عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار, عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل مابينهم" قال: يارسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال "بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين" اتفق البخاري ومسلم على إخراجه من حديث مالك به, وقال آخرون: بل المراد من قوله تعالى: "أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم" فأخبر عن المؤمنين با لله ورسله بأنهم صديقون وشهداء, حكاه ابن جرير عن مجاهد, ثم قال ابن جرير: حدثني صالح بن حرب أبو معمر, حدثنا إسماعيل بن يحيى, حدثنا ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن البراء بن عازب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مؤمنو أمتي شهداء" قال: ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الاية "والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم" هذا حديث غريب. وقال أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون في قوله تعالى: " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " قال: يجيئون يوم القيامة معاً كالأصبعين.
وقوله تعالى: "والشهداء عند ربهم" أي في جنات النعيم كما جاء في الصحيحين "إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع عليهم ربك اطلاعة فقال: ماذا تريدون ؟! فقالوا: نحب أن تردنا إلى الدار الدنيا فنقاتل فيك فنقتل كما قتلنا أول مرة, فقال: إني قد قضيت أنهم إليها لا يرجعون". وقوله تعالى: "لهم أجرهم ونورهم" أي لهم عند الله أجر جزيل ونور عظيم يسعى بين أيديهم وهم في ذلك يتفاوتون بحسب ما كانوا في الدار الدنيا من الأعمال كما قال الإمام أحمد, حدثنا يحيى بن إسحاق, حدثنا ابن لهيعة, عن عطاء بن دينار عن أبي يزيد الخولاني قال: سمعت فضالة بن عبيد يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الشهداء أربعة رجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو فصدق الله فقتل فذاك الذي ينظر الناس إليه هكذا" ورفع رأسه حتى سقطت قلنسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلنسوة عمر "والثاني مؤمن لقي العدو فكأنما يضرب ظهره بشوك الطلح جاءه سهم غرب فقتله فذاك في الدرجة الثانية, والثالث رجل مؤمن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذاك في الدرجة الثالثة, والرابع رجل مؤمن أسرف على نفسه إسرافاً كثيراً لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذاك في الدرجة الرابعة" وهكذا رواه علي بن المديني عن أبي داود الطيالسي عن ابن المبارك عن ابن لهيعة, وقال هذا إسناد مصري صالح, ورواه الترمذي من حديث ابن لهيعة وقال: حسن غريب, وقوله تعالى: "والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم" لما ذكر السعداء ومآلهم عطف بذكر الأشقياء وبين حالهم.
19- "والذين آمنوا بالله ورسله" جميعاً، والإشارة بقوله: "أولئك" إلى الموصول، وخبره قوله: "هم الصديقون والشهداء" والجملة خبر الموصول. قال مجاهد: كل من آمن بالله ورسله فهو صديق. قال المقاتلان: هم الذين لم يشكوا في الرسل حين أخبروهم ولم يكذبوهم. وقال مجاهد: هذه الآية للشهداء خاصة، وهم الأنبياء الذي يشهدون للأمر وعليهم، واختار هذا الفراء والزجاج. وقال مقاتل بن سليمان: هم الذين استشهدوا في سبيل الله، وكذا قال ابن جرير، وقيل هم أمم الرسل يشهدون يوم القيامة لأنبيائهم بالتبليغ، والظاهر أن معنى الآية: إن الذين آمنوا بالله ورسله جميعاً بمنزلة الصديقين والشهداء المشهورين بعلو الدرجة عند الله، وقيل إن الصديقين هم المبالغون في الصدق حيث آمنوا بالله وصدقوا جميع رسله، والقائمون لله سبحانه بالتوحيد. ثم بين سبحانه ما لهم من الخير بسبب ما اتصفوا به من الإيمان بالله ورسله فقال: "لهم أجرهم ونورهم" والضمير الأول راجع إلى الموصول، والضميران الأخيران راجعان إلى الصديقين والشهداء، فالضمائر الثلاثة كلها راجعة إلى شيء واحد، والمعنى: لهم الأجر والنور الموعودان لهم. ثم لما ذكر حال المؤمنين وثوابهم ذكر حال الكافرين وعقابهم
فقال: "والذين كفروا وكذبوا بآياتنا" أي جمعوا بين الكفر وتكذيب الآيات، والإشارة بقوله: "أولئك" إلى الموصول باعتبار ما في صلته من اتصافهم بالكفر والتكذيب، وهذا مبتدأ وخبره "أصحاب الجحيم" يعذبون بها ولا أجر لهم ولا نور. بل عذاب مقيم وظلمة دائمة.
وقد أخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استبطأ الله قلوب المهاجرين بعد سبع عشرة سنة من نزول القرآن، فأنزل الله: "ألم يأن للذين آمنوا" الآية". وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من أصحابه في المسجد وهم يضحكون، فسحب رداءه محمراً وجهه فقال: أتضحكون ولم يأتكم أمان من ربكم بأنه قد غفر لكم، ولقد أنزل علي في ضحككم آية "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله" قالوا: يا رسول الله فما كفارة ذلك؟ قال: تبكون بقدر ما ضحكتم". وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجه وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية "ألم يأن للذين آمنوا" إلا أربع سنين. وأخرج نحوه عنه ابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه من طريق أخرى. وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عنه أيضاً قال: لما نزلت هذه الآية أقبل بعضنا على بعض: أي شيء أحدثنا أي شيء صنعنا؟. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: إن الله استبطأ قلوب المهاجرين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن "ألم يأن للذين آمنوا" الآية. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد العزيز بن أبي رواد أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ظهر فيهم المزاح والضحك، فنزلت هذه الآية "ألم يأن للذين آمنوا". وأخرج ابن المبارك عن ابن عباس "اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها" قال: يعني أنه يلين القلوب بعد قسوتها. وأخرج ابن جرير عن البراء بن عازب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مؤمنوا أمتي شهداء، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم: "والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم"". وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال: كل مؤمن صديق وشهيد. وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال: "إن الرجل ليموت على فراشه وهو شهيد، ثم تلا هذه الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة نحوه. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس "والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون" قال: هذه مفصولة "والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم"". وأخرج ابن حبان عن عمرو بن مرة الجهني: قال "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الصلوات الخمس وأديت الزكاة وصمت رمضان وقمته فممن أنا؟ قال: من الصديقين والشهداء".
19- " والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون "، والصديق: الكثير الصدق، قال مجاهد: كل من آمن بالله ورسوله فهو صديق وتلا هذه الآية.
قال الضحاك: هم ثمانية نفر من هذه الأمة، سبقوا أهل الأرض في زمانهم إلى الإسلام: أبو بكر، وعلي، وزيد، وعثمان، وطلحة، والزبير، وسعد، وحمزة، وتاسعهم عمر بن الخطاب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ألحقه الله بهم لما عرف من صدق نيته.
"والشهداء عند ربهم"، اختلفوا في نظم هذه الآية، منهم من قال: هي متصلة بما قبلها، والواو واو النسق، وأراد بالشهداء المؤمنين المخلصين. قال الضحاك: هم الذين سميناهم. قال مجاهد: كل مؤمن صديق شهيد، وتلا هذه الآية.
وقال قوم: تم الكلام عند قوله: "هم الصديقون" ثم ابتدأ فقال: والشهداء عند ربهم، والواو واو الاستئناف، وهو قول ابن عباس ومسروق وجماعة. ثم اختلفوا فيهم فقال قوم: هم الأنبياء الذين يشهدون على أمم يوم القيامة، يروى ذلك عن ابن عباس هو قول مقاتل بن حيان.
وقال مقاتل بن سليمان: هم الذين استشهدوا في سبيل الله.
"لهم أجرهم"، بما عملوا من العمل الصالح، "ونورهم"، على الصراط، " والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ".
19-" والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم " أي أولئك عند الله بمنزلة الصديقين والشهداء ، أو هم المبالغون في الصدق فإنهم آمنوا وصدقوا جميع أخبار الله ورسوله والقائمون بالشهادة لله ولهم ، أو على الأمم يوم القيامة .وقيل " والشهداء عند ربهم " مبتدأ وخبر ، والمراد به الأنبياء من قوله : " فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد " أو الذين استشهدوا في سبيل الله " لهم أجرهم ونورهم " مثل أجر الصديقين والشهداء ومثل نورهم ولكنه من غير تضعيف ليحل التفاوت ، أو الأجر والنور الموعودان لهم . " والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم " فيه دليل على أن الخلود في النار مخصوص بالكفار من حيث أن التركيب يشعر بالاختصاص والصحبة تدل على الملازمة عرفاء .
19. And those who believe in Allah and His messengers, they are the loyal; and the martyrs are with their Lord; they have their reward and their light; while as for those who disbelieve and deny Our revelations, they are owners of hell fire.
19 - And those who believe in God and His apostles they are the Sincere (Lovers of Truth), and the Witnesses (who testify), in the eyes of their Lord: they shall have their Reward and their Light but those who reject God and deny Our Signs, they are the Companions of Hell Fire.