2 - (ينزل الملائكة) أي جبريل (بالروح) بالوحي (من أمره) بإرادته (على من يشاء من عباده) وهم الأنبياء (أن) مفسرة (أنذروا) خوفوا الكافرين بالعذاب وأعلموهم (أنه لا إله إلا أنا فاتقون) خافون
اختلفت القراء في قراءة قوله "ينزل الملائكة" فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة "ينزل الملائكة" بالياء وتشديد الزاي ونصب الملائكة ، بمعنى : ينزل الله الملائكة بالروح . وقرأ اذلك بعض البصريين وبعض المكيين ينزل الملائكة بالياء وتخفيف الزاي ونصب الملائكة . وحكي عن بعض الكوفيين أنه كان يقرؤه تنزل الملائكة بالتاء وتشديد الزاي والملائكة بالرفع . على اختلاف عنه في ذلك . وقد روي عنه موافقة سائر قراء بلده .
وأولى القراءات بالصواب في ذلك عندي قراءة من قرأ "ينزل الملائكة" بمعنى : ينزل الله ملائكة . وإنما اخترت ذلك ، لأن الله هو المنزل ملائكته بوحيه إلى رسله ، فإضافة فعل ذلك إليه أولى وأحق . واخترت ينزل بالتشديد على التخفيف ، لأنه تعالى ذكره كان ينزل من الوحي على من نزله شيئاً بعد شيء . والتشديد به إذ كان ذلك معناه ، أولى من التخفيف .
فتأويل الكلام : ينزل الله ملائكته بما يحيا به الحق ، ويضحمل به الباطل "من أمره على من يشاء من عباده" يعني على من يشاء من رسله "أن أنذروا" ، فأن الأولى في موضع خفض ، رداً على الروح ، والثانية في موضع نصب بأنذروا . ومعنى الكلام : ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده ، بأن أنذروا عبادي سطوتي على كفرهم بي وإشراكهم في اتخاذهم معي الآلهة والأوثان ، فإنه لا إله إلا أنا ، يقول : لا تنبغي الألوهة إلا لي ، ولا يصلح أن يعبد شيء سواي ، "فاتقون " : يقول : فاحذروني بأداء فرائضي ، وإفراد العبادة وإخلاص الربوبية لي ، فإن ذلك نجاتكم من الهلكة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله "ينزل الملائكة بالروح" يقول : بالوحي .
حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي، عن ابيه ، عن ابن عباس ، قوله "ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده" يقول :ينزل الملائكة ....
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، وحدثني المثنى ، قال : حدثنا ابو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعاً ، عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله "بالروح من أمره" إنه لا ينزل ملك إلا ومعه روح .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قال مجاهد : قوله "ينزل الملائكة بالروح من أمره" قال : لا ينزل ملك إلا ومعه روح "ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده" قال : بالنبوة ، قال ابن جريج : وسمعت أن الروح خلق من الملائكة نزل به الروح ( ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس ، في قوله : "ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون" قال : كل كلم تكلم به ربنا فهو روح منه ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) .... إلى قوله ( ألا إلى الله تصير الأمور ) .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: "ينزل الملائكة بالروح من أمره" يقول : ينزل بالرحمة والوحي من أمره "على من يشاء من عباده" فيصطفي منهم رسلاً .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده" قال : بالوحي والرحمة .
وأما قوله "أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون" فقد بينا معناه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله "أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون" إنما بعث الله المرسلين أن يوحد الله وحده ، ويطاع أمره ، ويجتنب سخطه .
قرأ المفضل عن عاصم ( تنزل الملائكة) والأصل تتنزل، فالفعل مسند إلى الملائكة. وقرأ الكسائي عن أبي بكر عن عاصم باختلاف عنه و الأعمش ( تنزل الملائكة) غير مسمى الفاعل. وقرأ الجعفي عن أبي بكر عن عاصم ( ننزل الملائكة) بالنون مسمى الفاعل، الباقون ( ينزل) بالياء مسمى الفاعل، والضمير فيه لاسم الله عز وجل. وروي عن قتادة ( ننزل الملائكة) بالنون والتخفيف. وقرأ الأعمش ( تنزل) بفتح التاء وكسر الزاي، من النزول. ( الملائكة) رفعاً مثل " تنزل الملائكة " ( القدر: 4). " بالروح " أي بالوحي وهو النبوة، قاله ابن عباس. نظيره " يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده " ( غافر: 15). الربيع بن أنس: بكلام الله وهو القرآن. وقيل: هو بيان الحق الذي يجب اتباعه. وقيل أرواح الخلق، قاله مجاهد، لا ينزل ملك إلا ومعه روح. وكذا روي عن ابن عباس أن الروح خلق من خلق الله عز وجل كصور ابن آدم، لا ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد منهم. وقيل بالرحمة، قاله الحسن وقتادة. وقيل بالهداية، لأنها تحيا بها القلوب كما تحيا بالأرواح الأبدان، وهو معنى قوله الزجاج. قال الزجاج: الروح ما كان فيه من أمر الله حياة بالإرشاد إلى أمره. وقال أبو عبيدة: الروح هنا جبريل. والباء في قوله: " بالروح " بمعنى مع، كقولك: خرج بثيابه، أي مع ثيابه. " من أمره " أي بأمره. " على من يشاء من عباده " أي على الذين اختارهم الله للنبوة. وهذا رد لقولهم: " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " ( الزخرف: 31). " أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون " تحذيره من عبادة الأوثان، ولذلك جاء الإنذار، لأن أصله التحذير مما يخاف منه. ودل على ذلك قوله: ( فاتقون). و ( أن) في موضع نصب بنزع الخافض، أي بأن أنذروا أهل الكفر بأنه لا إله إلا الله، فـ ( أن) في محل نصب بسقوط الخافض أو بوقوع الإنذار عليه.
يقول تعالى: "ينزل الملائكة بالروح" أي الوحي, كقوله: " وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا " وقوله: "على من يشاء من عباده" وهم الأنبياء, كما قال تعالى: "الله أعلم حيث يجعل رسالته", وقال: " الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس" وقال: " يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق * يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ". وقوله: "أن أنذروا" أي لينذروا "أنه لا إله إلا أنا فاتقون"أي فاتقوا عقوبتي لمن خالف أمري وعبد غيري.
2- "ينزل الملائكة بالروح من أمره" قرأ المفضل عن عاصم تنزل الملائكة، والأصل تتنزل، فالفعل مسند إلى الملائكة. وقرأ الأعمش تنزل على البناء للمفعول، وقرأ الجعفي عن أبي بكر عن عاصم ننزل بالنون، والفاعل هو الله سبحانه. وقرأ الباقون "ينزل الملائكة" بالياء التحتية إلا أن ابن كثير وأبا عمرو يسكنان النون، والفاعل هو الله سبحانه، ووجه اتصال هذه الجملة بما قبلها أنه صلى الله عليه وسلم لما أخبرهم عن الله أنه قد قرب أمره، ونهاهم عن الاستعجال ترددوا في الطريق التي علم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فأخبر أنه علم بها بالوحي على ألسن رسل الله سبحانه من ملائكته، والروح: الوحي، ومثله "يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده" وسمي الوحي روحاً لأنه يحيي قلوب المؤمنين، فإن من جملة الوحي القرآن، وهو نازل من الدين منزلة الروح من الجسد، وقيل المراد أرواح الخلائق، وقيل الروح الرحمة، وقيل الهداية لأنها تحيا بها القلوب كما تحيا الأبدان بالأرواح. قال الزجاج: الروح ما كان فيه من الله حياة بالإرشاد إلى أمره. وقال أبو عبيد: الروح هنا جبريل، وتكون الباء على هذا بمعنى مع، ومن في "من أمره" بيانية: أي بأشياء أو مبتدئاً من أمره أو صفة للروح، أو متعلق بينزل، ومعنى "على من يشاء من عباده" على من اختصه بذلك، وهم الأنبياء "أن أنذروا". قال الزجاج "أن أنذروا" بدل من الروح أي ينزلهم بأن أنذروا، وأن إما مفسرة لأن تنزل الوحي فيه معنى القول، وإما مخففة من الثقيلة وضمير الشأن مقدر: أي بأن الشأن أقول لكم أنذروا: أي أعلموا الناس "أنه لا إله إلا أنا" أي مروهم بتوحيدي وأعلموهم ذلك مع تخويفهم، لأن في الإنذار تخويفاً وتهديداً، والضمير في أنه للشأن "فاتقون" الخطاب للمستعجلين على طريق الالتفات، وهو تحذير لهم من الشرك بالله.
2-" ينزل الملائكة " ، قرأ العامة بضم الياء وكسر الزاي و"الملائكة " نصب .وقرأ يعقوب بالتاء وفتحها وفتح الزاي و"الملائكة " رفع، " ينزل الملائكة بالروح " بالوحي، سماه روحاً لأنه يحيي به القلوب والحق.
قال عطاء : بالنبوة .
وقال قتادة : بالرحمة.
قال أبو عبيده " بالروح " يعني مع الروح ، وهو جبريل. " من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا " ، أعلموا: " أنه لا إله إلا أنا فاتقون ".
وقيل معناه مروهم بقول ((لا إله إلا الله )) منذرين مخوفين بالقرآن إن لم يقولوا.
وقوله " فاتقون " أي:فخافون .
2."ينزل الملائكة بالروح" بالوحي أو القرآن ، فإنه يحيي به القلوب الميتة بالجهل ، أو يقوم في الدين مقام الروح في الجسد ، وذكره عقيب ذلك إشارة إلى الطريق الذي به علم الرسول صلى الله عليه وسلم ما تحقق موعدهم به ودنوه وإزاحة لاستبعادهم اختصاصه بالعلم به . وقرأ ابن كثر وأبو عمرو "ينزل" من أنزل ، وعن يعقوبمثله وعنه تنزل بمعنى تتنزل . وقرأ أبو بكرتنزل على المضارع المبين للمفعول من التنزيل ."من أمره"بأمره أو من أجله . "على من يشاء من عباده"أن يتخذه رسولاً ."أن أنذروا"بأن أنذروا أي اعلموا من نذرت بكذا إذا علمته."أنه لا إله إلا أنا فاتقون"أن الشأن"لا إله إلا أنا فاتقون"، أو خوفوا أهل الكفر والمعاصي بأنه "لا إله إلا أنا"وقوله "فاتقون"رجوع إلى مخاطبتهم بما هو المقصود و"أن"مفسرة لأن الروح بمعنى الوحي الدال على القول ، أو مصدرية في موضع الجر بدلاً من الروح أو النصب ينزع الخافض، أو مخففة من الثقيلة . والآية تدل على أن نزول الوحي بواسطة الملائكة وأن حاصله التنبيه على التوحيد الذي هو منتهى كمال القوة العلمية، والأمر بالتقوى الذي هو أقصى كما القوة العملية . وأن النبوة عطائية والآيات التي بعدها دليل على وحدانيته من حيث إنها تدل على أنه تعالى هو الموجد لأصول العالم وفروعه على وفق الحكمة والمصلحة، ولو كان اله شريكك لقدر على ذلك فيلزم التمانع.
2. He sendeth down the angels with the Spirit of His command unto whom He will of His bondmen, (saying): Warn mankind that there is no god save Me, so keep your duty unto Me.
2 - He doth send down his angels with inspiration of his command, to such of his servants as he pleaseth, (saying): warn (man) that there is no god but I: so do your duty unto Me.