2 - (ليغفر لك الله) بجهادك (ما تقدم من ذنبك وما تأخر) منه لترغب امتك في الجهاد وهو مؤول لعصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالدليل العقلي القاطع من الذنوب واللام للعلة الغائية فمدخولها مسبب لا سبب (ويتم) بالفتح المذكور (نعمته) إنعامه (عليك ويهديك) به (صراطا) طريقا (مستقيما) يثبتك عليه وهو دين الإسلام
وأخرج الشيخان والترمذي والحاكم عن أنس قال أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر مرجعه من الحديبية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد نزلت علي آية احب إلي مما على الأرض ثم قرأها عليهم فقالوا هنيئا مريئا لك يا رسول الله قد بين الله لك ماذا يفعل بك فماذا يفعل بنا فنزلت ليدخل المؤمنين والمؤمنات حتى بلغ فوزا عظيما
قوله تعالى " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما "
قوله تعالى : " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما "
قال ابن الأنباري : ( فتحاً مبيناً ) غير تام ، لأن قوله : " ليغفر لك الله ما تقدم " متعلق بالفتح ، كأنه قال : إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً لكي يجمع الله لك مع الفتح المغفرة ، فيجمع الله لك به ما تقر به عينك في الدنيا والآخرة ، وقال أبو حاتم السجستاني : هي لام القسم وهذا خطأ ، لأن لام القسم لا تكسر ولا ينصب بها ، ولو جاز هذا لجاز : ليقوم زيد ، يتأويل ليقومن زيد ، الزمخشري : فإن قلت كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة ؟ قلت : لم يجعل علة للمغفرة ، ولكن لاجتماع ما عدد من الأمور الأربعة ، وهي : المغفرة ، وإتمام النعمة ، وهداية الصراط المستقيم ، والنصر العزيز ،كأنه قال يسرنا لك فتح مكة ونصرناك على عدوك ليجمع لك عز الدارين وأعراض العاجل والآجل ، ويجوز أن يكون فتح مكة من حيث إنه جهاد للعدو سبباً للغفران والثواب ، وفي الترمذي : عن أنس قال : أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر " مرجعه من الحديبية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد أنزلت علي آية أحب ألي مما على وجه الأرض ، ثم قرأها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ، فقالوا : هنيئاً مريئاً يا رسول الله ، لقد بي، الله لك ماذا يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟ فنزلت عليه : " ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار " حتى بلغ " فوزا عظيما " قال حديث حسن صحيح ، وفيه عن مجمع بن جارية واختلف أهل التأويل في معنى ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) فقيل : ( ما تقدم من ذنبك ) قبل الرسالة ، ( وما تأخر ) بعدها ، قاله مجاهد ، ونحوه قال الطبري و سفيان الثوري ، قال الطبري :هو راجع إلى قوله تعالى : " إذا جاء نصر الله والفتح " إلى قوله : " توابا " ، " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك " قبل الرسالة ، " وما تأخر " إلى وقت نزول هذه الآية ، وقال سفيان الثوري : ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك ) ما عملته في الجاهلية من قبل أن يوحى إليك ( وما تأخر ) كل شيء لم تعمله ، وقاله الواحدي ، وقد مضى الكلام في جريان الصغائر على الأنبياء في سورة البقرة ، فهذا قول : وقيل : ( وما تقدم ) قبل الفتح ، ( وما تأخر ) بعد الفتح ، وقيل : ( ما تقدم ) قبل نزول هذه الآية ، ( وما تأخر ) بعدها ، وقال عطاء الخراساني : ( ما تقدم من ذنبك ) يعني من ذنب أبويك آدم وحواء ، ( وما تأخر ) من ذنوب أمتك ، وقيل : من ذنب أبيك إبراهيم ، ( وما تأخر ) من ذنوب النبيين ، وقيل : ( وما تقدم ) من ذنب يوم بدر ، ( وما تأخر ) من ذنب يوم حنين ، وذلك أن الذنب المتقدم يوم بدر ، أنه جعل يدعو ويقول : اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض أبداً ، وجعل يردد هذا القول دفعات ، فأوحى الله إليه ، من أين تعلم أني لو أهلكت هذه العصابة لا أعبد أبداً ، فكان هذا الذنب المتقدم ، وأما الذنب والمتأخر فيوم حنين ، لما انهزم الناس قال لعمه العباس ولابن عمه ابن سفيان : ناولاني كفاً من حصباء الوادي ، فناولاه فأخذه بيده ورمى به في وجوه المشركين وقال : شاهدت الوجوه ، حم ، لا ينصرون ) فانهزم القوم عن آخرهم ، فلم يبق أحد إلا امتلأت عيناه رملاً وحصباء ، ثم نادى في أصحابه فرجعوا فقال لهم عند رجوعهم : لو لم أرمهم لم ينهزموا ، فأنزل الله عز وجل : " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " [ الأنفال : 17 ] ، فكان هذا هو الذنب المتأخر ، وقال أبو علي الروذباري : يقول لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه لك .
قوله تعالى : " ويتم نعمته عليك " قال ابن عباس : في الجنة ، وقيل : بالنبوة والحكمة ، وقيل : بفتح مكة والطائف وخيبر ، وقيل : بخضوع من استكبر وطاعة من تجبر ، " ويهديك صراطا مستقيما " أي يثبتك على الهدى إلى أن يقبضك إليه .
نزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم, من الحديبية في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة, حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام فيقضي عمرته فيه, وحالوا بينه وبين ذلك ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة, وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل, فأجابهم إلى ذلك على تكره من جماعة من الصحابة, منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما سيأتي تفصيله في موضعه من تفسير هذه السورة إن شاء الله تعالى, فلما نحر هديه حيث أحصر ورجع أنزل الله عز وجل هذه السورة من أمره وأمرهم, وجعل ذلك الصلح فتحاً باعتبار ما فيه من المصلحة وما آل الأمر إليه, كما روى ابن مسعود رضي الله عنه وغيره أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح صلح الحديبية, وقال الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال: ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبة, وقال البخاري: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحاً, ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية, كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة. والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة, فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتانا فجلس على شفيرها ثم دعا بإناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها فتركناها غير بعيد, ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو نوح, حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قال: فسألته عن شيء ثلاث مرات فلم يرد علي, قال فقلت في نفسي: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب ألححت كررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك ؟ قال: فركبت راحلتي فحركت بعيري فتقدمت مخافة أن يكون نزل في شيء, قال: فإذا أنا بمناد يا عمر, قال: فرجعت وأنا أظن أنه نزل في شيء قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم "نزل علي البارحة سورة هي أحب إلي من الدنيا وما فيها "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً* ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" " ورواه البخاري والترمذي والنسائي من طرق عن مالك رحمه الله, وقال علي بن المديني هذا إسناد مدني جيد لم نجده إلا عندهم, وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق, حدثنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" مرجعه من الحديبية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد أنزلت علي الليلة آية أحب إلي مما على الأرض" ثم قرأها عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هنيئاً مريئاً يا نبي الله لقد بين الله عز وجل ما يفعل بك فماذا يفعل بنا ؟ فنزلت عليه صلى الله عليه وسلم " ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما " أخرجاه في الصحيحين من رواية قتادة به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن عيسى, حدثنا مجمع بن يعقوب قال: سمعت أبي يحدث عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري, عن عمه مجمع بن حارثة الأنصاري رضي الله عنه, وكان أحد القراء الذين قرأوا القرآن قال: شهدنا الحديبية فلما انصرفنا عنها إذا الناس ينفرون الأباعر فقال الناس بعضهم لبعض: ما للناس ؟ قالوا: أوحي إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا مع الناس نوجف فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته عند كراع الغميم, فاجتمع الناس عليه فقرأ عليهم "إنا فتحنا لك فتحاً مبينا" قال: فقال: رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي رسول الله أو فتح هو ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "إي والذي نفس محمد بيده إنه لفتح" فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهماً. وكان الجيش ألفاً وخمسمائة منهم ثلثمائة فارس أعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهماً ورواه أبو داود في الجهاد عن محمد بن عيسى عن مجمع بن يعقوب به.
وقال ابن جرير حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع, حدثنا أبو بحر, حدثنا شعبة, حدثنا جامع بن شداد عن عبدالرحمن بن أبي علقمة قال: سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: لما أقبلنا من الحديبية عرسنا فنمنا فلم نستيقظ إلا والشمس قد طلعت, فاستيقظنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم قال: فقلنا أيقظوه فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "افعلوا ما كنتم تفعلون وكذلك يفعل من نام أو نسي" قال: وفقدنا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبناها فوجدناها قد تعلق خطامها بشجرة, فأتيته بها فركبها فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي قال: وكان إذا أتاه الوحي اشتد عليه, فلما سري عنه أخبرنا أنه أنزل عليه "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً" وقد رواه أحمد وأبو داود والنسائي من غير وجه عن جامع بن شداد به. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن, حدثنا سفيان عن زياد بن علاقة قال: سمعت المغيرة بن شعبة يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي حتى ترم قدماه فقيل له أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال صلى الله عليه وسلم "أفلا أكون عبداً شكوراً ؟" أخرجاه وبقية الجماعة إلا أبا داود من حديث زياد به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف, حدثنا ابن وهب, حدثني أبو صخر عن ابن قسيط عن ابن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه, فقالت له عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أتصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم لك من ذنبك وما تأخر ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة أفلا أكون عبداً شكوراً". أخرجه مسلم في الصحيح من رواية عبد الله بن وهب به. وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا عبد الله بن عوف الخراز وكان ثقة بمكة حدثنا محمد بن بشر حدثنا مسعر عن قتادة عن أنس قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه ـ أو قال ساقاه ـ فقيل له أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال: "أفلا أكون عبداً شكوراً" غريب من هذا الوجه فقوله: "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً" أي بيناً وظاهراً والمراد به صلح الحديبية, فإنه حصل بسببه خير جزيل, وآمن الناس واجتمع بعضهم ببعض, وتكلم المؤمن مع الكافر وانتشر العلم النافع والإيمان.
وقوله تعالى: "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم التي لا يشاركه فيها غيره, وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو صلى الله عليه وسلم في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه لا من الأولين ولا من الاخرين, وهو صلى الله عليه وسلم أكمل البشر على الإطلاق وسيدهم في الدنيا والاخرة, ولما كان أطوع خلق الله تعالى لله وأشدهم تعظيماً لأوامره ونواهيه قال حين بركت به الناقة: "حبسها حابس الفيل" ثم قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يسألوني اليوم شيئاً يعظمون به حرمات الله إلا أجبتهم إليها" فلما أطاع الله في ذلك وأجاب إلى الصلح قال الله تعالى له: "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك" أي في الدنيا والاخرة "ويهديك صراطاً مستقيماً" أي بما يشرعه لك من الشرع العظيم والدين القويم "وينصرك الله نصراً عزيزاً" أي بسبب خضوعك لأمر الله عز وجل يرفعك الله وينصرك على أعدائك كما جاء في الحديث الصحيح "وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً. وما تواضع أحد لله عز وجل إلا رفعه الله تعالى" وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ما عاقبت أحداً عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله تبارك وتعالى فيه.
2- "ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" اللام تعلقة بفتحنا، وهي لا العلة. قال ابن الأنباري: سألت أبا العباس: يعني المبرد عن اللام في قوله: "ليغفر لك الله" فقال: هي لام كي معناها: إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة في الفتح، فلما انضم إلى المغفرة شيء حادث واقع حسن معنى كي، وغلط من قال ليس الفتح سبب المغفرة. وقال صاحب الكشاف: إن اللام لم تكن علة للمغفرة، ولكن لاجتماع ما عدد من الأمور الأربعة وهي: المغفرة، وإتمام النعمة وهداية الصراط المستقيم، والنصر العزيز. كأنه قيل: يسرنا لك فتح مكة ونصرناك على عدوك لنجمع لك بين عز الدارين، وأعراض العاجل والآجل. وهذا كلام غير جيد، فإن اللام داخلة على المغفرة فهي علة للفتح، فكيف يصح أن تكون معللة. وقال الرازي في توجيه التعليل: إن المراد بقوله: "ليغفر لك الله" التعريف بالمغفرة تقديره: إنا فتحنا لك لتعرف أنك مغفور لك معصوم. وقال ابن عطية: المراد أن الله فتح لك لكي يجعل الفتح علامة لغفرانه لك، فكأنها لام الصيرورة. وقال أبو حاتم: هي لام القسم وهو خطأ، فإن لام القسم لا تكسر ولا ينصب بها.
واختلف في معنى قوله: "ما تقدم من ذنبك وما تأخر" فقيل ما تقدم من ذنبك قبل الرسالة، وما تأخر بعدها قاله مجاهد وسفيان والثوري وابن جرير والواحدي وغيرهم. وقال عطاء: ما تقدم من ذنبك: يعني ذنب أبويك آدم وحواء، وما تأخر من ذنوب أمتك. وما أبعد هذا عن معنى القرآن. وقيل ما تقدم من ذنب أبيك إبراهيم، وما تأخر من ذنوب النبيين من بعده، وهذا كالذي قبله. وقيل ما تقدم من ذنب يوم بدر، ما تأخر من ذنب يوم حنين، وهذا كالقولين الأولين في البعد. وقيل لو كان ذنب قديم أو حديث لغرنا لك، وقيل غي ذلك مما لا وجه له، والأول أولى. ويكون المراد بالذنب بعد الرسالة ترك ما هو الأولى، وسمي ذنباً في حقه لجلالة قدره وإن لم يكن ذنباً في حق غيره "ويتم نعمته عليك" بإظهار دينك على الدين كله، وقيل بالجنة، وقيل بالنبوة والحكمة، وقيل بفتح مكة والطائف وخيبر، والأولى أن يكون المعنى: ليجتمع لك مع الفتح تمام النعمة بالمغفرة والهداية إلى صراط مستقيم، وهو الإسلام، ومعنى يهديك يثبتك على الهدى إلى أن يقبضك إليه.
2. قيل: اللام في قوله: ((ليغفر)) لام كي، معناه: إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام النعمة في الفتح.
وقال الحسين بن الفضل : هو مردود إلى قوله: " واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات " (محمد-19) " ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر "، و " ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات " الآية.
وقال محمد بن جرير : هو راجع إلى قوله: " إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره " (النصر-1-3) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك في الجاهلية قبل الرسالة، وما تأخر إلى وقت نزول هذه السورة.
وقيل: ((ما تأخر)) مما يكون، وهذا على طريقة من يجوز الصغائر على الأنبياء.
وقال سفيان الثوري : ((ما تقدم)) مما عملت في الجاهلية، ((وما تأخر)): كل شيء لم تعمله، ويذكر مثل ذلك على طريق التأكيد، كما يقال أعطى من رآه ومن لم يره، وضرب من لقيه ومن لم يلقه.
وقال عطاء الخراساني : ((ما تقدم من ذنبك)): يعني ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك، ((وما تأخر)) ذنوب أمتك بدعوتك.
" ويتم نعمته عليك "، بالنبوة والحكمة، " ويهديك صراطاً مستقيماً "، أي يتثبتك عليه، والمعنى ليجتمع لك مع الفتح تمام النعمة بالمغفرة والهداية إلى الصراط المستقيم وهو الإسلام. وقيل: ويهديك أي يهدي بك.
2-" ليغفر لك الله " علة للفتح من حيث إنه مسبب عن جهاد الكفار والسعي في إزاحة الشرك وإعلاء الدين وتكميل النفوس الناقصة قهراً ليصير ذلك بالتدريج اختياراً ، وتخليص الضعفة عن أيدي الظلمة . " ما تقدم من ذنبك وما تأخر " جميع ما فرط منك مما يصح أن تعاتب عليه . " ويتم نعمته عليك " بإعلاء الدين وضم الملك إلى النبوة . " ويهديك صراطاً مستقيماً " في تبليغ الرسالة وإقامة مراسم الرئاسة .
2. That Allah may forgive thee of thy sin that which is past and that which is to come, and may perfect His favor unto thee, and may guide thee on a right path,
2 - That God may forgive thee thy faults of the past and those to follow; fulfil His favour to thee; and guide thee on the Straight Way;