20 - (ولولا فضل الله عليكم) أيها العصبة (ورحمته وأن الله رؤوف رحيم) بكم لعاجلكم بالعقوبة
يقول تعالى ذكره : ولولا أن تفضل الله عليكم أيها الناس ورحمكم ، وأن الله ذو رأفة ، ذو رحمة بخلقه ، لهلكتم فيما أفضتم فيه ، وعاجلتكم من الله العقوبة . وترك ذكر الجواب ، لمعرفة السامع بالمراد .
من الكلام بعده ، وهو قوله : " يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان " .
القول في تأويل قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر " .
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ، لا تسلكوا سبيل الشيطان وطرقه ، ولا تقتفوا آثاره ، بإشاعتكم الفاحشة في الذين آمنوا ، وإذاعتكموها فيهم ، وروايتكم ذلك عمن جاء به فإن الشيطان يأمر بالفحشاء ، وهي الزنا ، والمنكر من القول .
وقد بينا معنى الخطوات والفحشاء فيما مضى بشواهد ذلك بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
قوله تعالى : " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم " .
يقول الله تعالى: "ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم" أي لولا هذا لكان أمر آخر, ولكنه تعالى رؤوف بعباده رحيم بهم, فتاب على من تاب إليه من هذه القضية, وطهر من طهر منهم بالحد الذي أقيم عليهم, ثم قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان" يعني طرائقه ومسالكه وما يأمر به "ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر" هذا تنفير وتحذير من ذلك بأفصح عبارة وأبلغها وأوجزها وأحسنها, قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "خطوات الشيطان" عمله. وقال عكرمة : نزغاته. وقال قتادة : كل معصية فهي من خطوات الشيطان. وقال أبو مجلز : النذور في المعاصي من خطوات الشيطان. وقال مسروق : سأل رجل ابن مسعود فقال: إني حرمت أن آكل طعاماً وسماه, فقال: هذا من نزغات الشيطان, كفر عن يمينك وكل وقال الشعبي في رجل نذر ذبح ولده: هذا من نزغات الشيطان, وأفتاه أن يذبح كبشاً.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا حسان بن عبد الله المصري , حدثنا السري بن يحيى عن سليمان التيمي عن أبي رافع قال: غضبت علي امرأتي فقالت هي يوماً يهودية ويوماً نصرانية, وكل مملوك لها حر إن لم تطلق امرأتك, فأتيت عبد الله بن عمر فقال: إنما هذه من نزغات الشيطان, وكذلك قالت زينب بنت أم سلمة وهي يومئذ أفقه امرأة بالمدينة, وأتيت عاصم بن عمر فقال مثل ذلك. ثم قال تعالى: " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا " أي لولا هو يرزق من يشاء التوبة والرجوع إليه ويزكي النفوس من شركها, وفجورها ودنسها, وما فيها من أخلاق رديئة كل بحسبه, لما حصل أحد لنفسه زكاة ولا خيراً "ولكن الله يزكي من يشاء" أي من خلقه, ويضل من يشاء ويرديه في مهالك الضلال والغي. وقوله "والله سميع" أي سميع لأقوال عباده "عليم" بمن يستحق منهم الهدى والضلال.
14-"ولولا فضل الله عليكم ورحمته" هو تكرير لما تقدم تذكيراً للمنة منه سبحانه على عباده بترك المعالجة لهم "وأن الله رؤوف رحيم" ومن رأفته بعباده أن لا يعاجلهم بذنوبهم، ومن رحمته لهم أن يتقدم إليهم بمثل هذا الإعذار والإنذار وجملة: وأن الله رؤوف رحيم معطوفة على فضل الله، وجواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه: أي لعاجلكم بالعقوبة.
20- "ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رؤوف رحيم"، جواب "لولا" محذوف، أي: لعاجلكم بالعقوبة: قال ابن عباس: يريد مسطحاً، وحسان، وحمنة.
20 -" ولولا فضل الله عليكم ورحمته " تكرير للمنة بترك المعاجلة بالعقاب للدلالة على عظم الجريمة ولذا عطف قوله : " وأن الله رؤوف رحيم " على حصول فضله ورحمته عليهم وحذف الجواب وهو مستغنى عنه بذكره مرة .
20. Had it not been for the grace of Allah and His mercy unto you, and that Allah is Clement, Merciful, (ye ad been undone).
20 - Were it not for the grace and mercy of God on you, and that God is full of kindness and mercy, (ye would be ruined indeed).