21 - (واذكر أخا عاد) هو هود عليه السلام (إذ) ألخ بدل اشتمال (أنذر قومه) خوفهم (بالأحقاف) واد باليمن به منازلهم (وقد خلت النذر) مضت الرسل (من بين يديه ومن خلفه) أي من قبل هود ومن بعده إلى أقوامهم أن أي بأن قال (ألا تعبدوا إلا الله) وجملة قد خلت معترضة (إني أخاف عليكم) إن عبدتم غير الله (عذاب يوم عظيم)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واذكر يا محمد لقومك الرادين عليك ما جئتهم به من الحق هوداً أخا عاد ، فإن الله بعثك إليهم كالذي بعثه إلى عاد ، فخوفهم أن يحل بهم من نقمة الله على كفرهم ما حل بهم إذ كذبوا رسولنا هوداً إليهم ، إذ أنذر قومه عاداً بالأحقاف . و الأحقاف : جمع حقف وهو من الرمل ما استطال ، و لم يبلغ أن يكون جبلاً و إياه عنى الأعشى :
فبات إلى أرطاة حقف تلفه خريق شمال يترك الوجه أقتما
واختلف أهل التأويل في الموضع الذي به هذه الأحقاف ، فقال بعضهم : هي جبل بالشام .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس : " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف " قال : جبل بالشام .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " إذ أنذر قومه بالأحقاف " جبل يسمى الأحقاف .
وقال آخرون : بل هي واد بين عمان ومهرة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه عن ابن عباس " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف " قال : فقال : الأحقاف الذي أنذر هود قومه واد بين عمان و مهرة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة عن ابن اسحاق ، قال : كانت منازل عاد و جماعتهم ، حيث بعث الله إليهم هوداً الأحقاف : الرمل فيما بين عمان إلى حضرموت فاليمن كله ، وكانوا مع ذلك قد فشوا في الأرض كلها ، قهروا أهلها بفضل قوتهم التي آتاهم الله .
و قال آخرون : هي أرض .
ذكرمن قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد قال : الأحقاف : الأرض.
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " إذ أنذر قومه بالأحقاف " قال حشاف أو كلمة تشبهها ، قال أبو موسى : يقولون مستحشف .
حدثني الحارث قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، " إذ أنذر قومه بالأحقاف " حشاف من حسمى .
وقال آخرون : هي رمال مشرفة على البحر بالشجر .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة ، قوله " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف " ذكر لنا أن عاداً كانوا حياً باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر .
حدثنا محمدابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة ، في قوله " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف " قال : بلغنا أنهم كانوا على أرض يقال لها الشحر ، مشرفين على البحر ، وكانوا أهل رمل .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عمرو بن عبد الله ، عن قتادة أنه قال : كان مساكن عاد بالشحر .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تبارك وتعالى أخبر أن عاداً أنذرهم أخوهم هود بالأحقاف ، و الأحقاف ما وصفت من الرمال المستطيلة المشرفة ، كما قال العجاج :
بات إلى أرطاة حقف أحقفا
و كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف " قال : الأحقاف : الرمل الذي يكون كهيئة الجبل تدعوه العرب الحقف ، و لا يكون أحقافاً إلا من الرمل ، قال : و أخو عاد هود . و جائز أن يكون ذلك جبلاً بالشأم ، و جائز أن يكون وادياً بين عمان و حضرموت ، و جائز أن يكون الشحر ، و ليس في العلم به أداء فرض ولا في الجهل به تضييع واجب ، و أين كان فصفته ما وصفنا من أنهم كانوا قوماً منازلهم الرمال المستعليه المستطيلة .
وقوله " وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه أن لا تعبدوا إلا الله " يقول تعالى ذكره : و قد مضت الرسل بإنذار أممها " من بين يديه " يعني : من قبل هود و من خلفه ، يعني : و من بعد هود . وقد ذكر أن ذلك في قراءة عبد الله وقد خلت النذر من بين يديه و من بعده ، " أن لا تعبدوا إلا الله " يقول : لا تشركوا مع الله شيئاً في عبادتكم إياه ، و لكن أخلصوا له العبادة ، و أفردوا له الألوهة ، إنه لا إله غيره . و كانوا فيما ذكر أهل أوثان يعبدونها من دون الله .
و بنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثت أن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه أن لا تعبدوا إلا الله " قال : لن يبعث الله رسولاً إلا بإن يعبد الله .
وقوله " إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل هود لقومه : إني أخاف عليكم أيها القوم بعبادتكم غير الله عذاب الله في يوم عظيم وذلك يوم يعظم هوله وهو يوم القيامة .
قوله تعالى : " واذكر أخا عاد " هو هود بن عبد الله بن رباح عليه السلام ، كان أخاهم في النسب لا في الدين " إذ أنذر قومه بالأحقاف " أي أذكر لهؤلاء المشركين قصة عاد ليعتبروا بها ، وقيل : أمره بأن يتذكر في نفسه قصة هود ليقتدي به ، ويهون عليه تكذيب قومه له ، والأحقاف ، ديار عاد ، وهي الرمال العظام ، في قول الخليل ،وغيره ، وكانوا قهروا أهل الأرض بفضل قوتهم ، والأحقاف جمع حقف ، وهو ما استطال من الرمل العظيم وأعوج ولم يبلغ جبلاً ، والجمع حقاف وأحقاف وحقوف واحقوقف الرمل والهلال أي اعوج ، وقيل : الحقف جمع حقاف والأحقاف جمع الجمع ، ويقال : حقف أحقف ، قال الأعشى :
بات إلى أرطاة حقف أحقفا
أي رمل مستطيل مشرف ، والفعل منه أحقوقف ، قال العجاج :
طي الليالي زلفاً فزلفا سمارة الهلال حتى احقوقفا
أي انحنى واستدار ، وقال امرؤ القيس :
كحقف النقا يمشي الوليدان فوقه بما احتسبا من لين مس وتسهال
وفيما أريد بالأحقاف هاهنا مختلف فيه فقال ابن زيد : هي رمال مشرفة مستطيلة كهيئة الجبال ، ولم تبلغ أن تكون جبالاً ، وشاهده ما ذكرناه ، وقال قتادة : هي جبال مشرفة بالشحر ، والشحر قريب من عدن ، يقال : شحر عمان وشحر عمان ، وهو ساحل البحر بين عمان وعدن ، وعنه أيضاً ، ذكر لنا أن عاداً كانوا أحياء باليمن ، أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر ، وقال مجاهد : هي أرض من حسمى تسمى بالأحقاف ، وحسمى ( بكسر الحاء ) اسم أرض بالبادية فيها جبال شواهق ملس الجوانس لا يكاد القتام يفارقها قال النابغة :
فأصبح عاقلاً بجبال حسمى دهاق الترب محتزم القتام
قاله الجوهري : وقال ابن عباس و الضحاك : الأحقاف جبل بالشام ، وعن ابن عباس أيضاً : واد بين عمان ومهرة ، وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت بواد يقال له مهرة ، وإليه تنسب الإبل المهرية ، فيقال : إبل مهرية ومهاري ، وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم ، وكانوا من قبيلة إرم ، وقال الكلبي : أحقاف الجبل ما نضب عنه الماء زمان الغرق ، كان ينضب الماء من الأرض ويبقى أثره ، وروى الطفيل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : خير وادين في الناس واد بمكة وواد نزل به آدم بأرض الهند ، وشر واديين في الناس واد بالأحقاف وواد بحضرموت يدعوى برهوت تلقى فيه أرواح الكفار ، وخير بئر في الناس بئر زمزم ، وشر بئئر في الناس بئر برهوت ، وهو في ذلك الواي بحضرموت ، " وقد خلت النذر " أي مضت الرسل : " من بين يديه " أي من قبل هود ، " ومن خلفه " أي ومن بعده ، قاله الفراء : وفي قراءة ابن مسعود ( من بين يديه ومن بعده ) ، " أن لا تعبدوا إلا الله " هذا من قول المرسل ، فهو كلام معترض ، ثم قال هود : " إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " ، وقيل : ( ألا تعبدوا إلا الله ) من كلام هود ، والله أعلم .
يقول تعالى مسلياً لنبيه صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذب من قومه "واذكر أخا عاد" وهو هود عليه الصلاة والسلام, بعثه الله عز وجل إلى عاد الأولى وكانوا يسكنون الأحقاف, جمع حقف وهو الجبل من الرمل, قاله ابن زيد, وقال عكرمة: الأحقاف الجبل والغار, وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الأحقاف واد بحضرموت يدعى برهوت تلقى فيه أرواح الكفار, وقال قتادة: ذكر لنا أن عاداً كانوا حياً باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال الشحر, قال ابن ماجه: باب إذا دعا فليبدأ بنفسه. حدثنا الحسين بن علي الخلال, حدثنا أبي, حدثنا زيد بن الحباب, حدثنا سفيان, عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يرحمنا الله وأخا عاد" وقوله تعالى: "وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه" يعني وقد أرسل الله تعالى إلى من حول بلادهم في القرى مرسلين ومنذرين كقوله عز وجل: "فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها" وكقوله جل وعلا: " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود * إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم أن لا تعبدوا إلا الله " " إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " أي قال لهم هود ذلك فأجابه قومه قائلين "أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا ؟" أي لتصدنا عن آلهتنا "فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين" استعجلوا عذاب الله وعقوبته استبعاداً منهم وقوعه كقوله جلت عظمته "يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها" "قال إنما العلم عند الله" أي الله أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب فسيفعل ذلك بكم وأما أنا فمن شأني أني أبلغكم ما أرسلت به "ولكني أراكم قوماً تجهلون" أي لا تعقلون ولا تفهمون.
قال الله تعالى: " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم " أي لما رأوا العذاب مستقبلهم, اعتقدوا أنه عارض ممطر, ففرحوا واستبشروا به وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر. قال الله تعالى: "بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم" أي هو العذاب الذي قلتم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين "تدمر" أي تخرب "كل شيء" من بلادهم مما من شأنه الخراب "بأمر ربها" أي بإذن الله لها في ذلك كقوله سبحانه وتعالى: "ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم" أي كالشيء البالي ولهذا قال عز وجل: "فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم" أي قد بادوا كلهم عن آخرهم ولم تبق لهم باقية "كذلك نجزي القوم المجرمين" أي هذا حكمنا فيمن كذب رسلنا وخالف أمرنا. وقد ورد حديث في قصتهم وهو غريب جداً من غرائب الحديث وأفراده. قال الإمام أحمد: حدثنا زيد بن الحباب, حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي قال: حدثنا عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحارث البكري قال: خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها فقالت لي: يا عبد الله إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة, فهل أنت مبلغي إليه ؟ قال فحملتها فأتيت بها المدينة, فإذا المسجد غاص بأهله, وإذا راية سوداء تخفق, وإذا بلال رضي الله عنه, متقلداً السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما شأن الناس ؟ قالوا يريد أن يبعث عمرو بن العاص رضي الله عنه وجهاً قال: فجلست فدخل منزله, أو قال رحله, فاستأذنت عليه فأذن لي, فدخلت فسلمت, فقال صلى الله عليه وسلم: "هل كان بينكم وبين تميم شيء ؟" قلت: نعم وكان لنا الدائرة عليهم, ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها, فسألتني أن أحملها إليك فهاهي بالباب, فأذن لها فدخلت فقلت: يا رسول الله إن رأيت أن تجعل بيننا وبين تميم حاجزاً فاجعل الدهناء فحميت العجوز واستوفزت وقالت: يا رسول الله فإلى أين يضطر مضطرك ؟ قال: قلت إن مثلي ما قال الأول معزى حملت حتفها, حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصماً, أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد, قال "وما وافد عاد ؟" وهو أعلم بالحديث منه, ولكن يستطعمه, قلت: إن عاداً قحطوا فبعثوا وفداً لهم يقال له قيل, فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهراً يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان, فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة, فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أجىء إلى مريض فأداويه ولا إلى أسير أفاديه, اللهم اسق عاداً ما كنت تسقيه, فمرت به سحابات سود فنودي منها اختر. فأومأ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها, خذها رماداً رمدداً, لا تبقى من عاد أحداً, قال: فلما بلغني أنه أرسل عليهم من الريح إلا قدر ما يجري في خاتمي هذا حتى هلكوا قال أبو وائل: وصدق وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافداً لهم قالوا: لا تكن كوافد عاد. ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه كما تقدم في سورة الأعراف.
وقال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف, أخبرنا ابن وهب, أخبرنا عمرو أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى رأيت منه لهوته إنما كان يبتسم وقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى غيماً أو ريحاً عرف ذلك في وجهه, قالت: يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك إذا رأيته عرفت في وجهك الكراهية, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح, وقد رأى قوم العذاب وقالوا هذا عارض ممطرنا" وأخرجاه من حديث ابن وهب.
(طريق أخرى) قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئاً في أفق من آفاق السماء ترك عمله وإن كان في صلاته ثم يقول: "اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه" فإن كشفه الله تعالى حمد الله عز وجل, وإن أمطر قال: "اللهم صيباً نافعاً".
(طريق أخرى) قال مسلم في صحيحه: حدثنا أبو بكر الطاهر, أخبرنا ابن وهب قال: سمعت ابن جريج يحدثنا عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به, وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به قالت: وإذا تخبلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر, فإذا أمطرت سري عنه, فعرفت ذلك عائشة رضي الله عنها, فسألته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعله يا عائشة كما قال قوم عاد "فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا"" وقد ذكرنا قصة هلاك قوم عاد في سورة الأعراف وهود بما أغنى عن إعادته هنا, ولله تعالى الحمد والمنة.
وقال الطبراني: حدثنا عبدان بن أحمد, حدثنا إسماعيل بن زكريا الكوفي, حدثنا أبو مالك بن مسلم الملائي عن مجاهد وسعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما فتح على عاد من الريح إلا مثل موضع الخاتم, ثم أرسلت عليهم البدو إلى الحضر, فلما رآها أهل الحضر قالوا هذا عارض ممطرنا مستقبل أوديتهم, وكان أهل البوادي فيها, فألقى أهل البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا ـ قال ـ عتت على خزانها حتى خرجت من خلال الأبواب ", والله سبحانه وتعالى أعلم.
قوله: 20- "واذكر أخا عاد" أي واذكر يا محمد لقومك أخا عاد، وهو هود بن عبد الله بن رباح كان أخاهم في النسب، لا في الدين، وقوله: " إذ أنذر قومه " بدل اشتمال منه: أي وقت إنذاره إياهم "بالأحقاف" وهي ديار عاد جمع حقف، وهو الرمل العظيم المستطيل المعوج قاله الخليل وغيره وكانوا قهروا أهل الأرض بقوتهم، والمعنى أن الله سبحانه أمره أن يذكر لقومه قصتهم ليتعظوا ويخافوا، وقيل أمره بأن يتذكر في نفسه قصتهم مع هود ليقتدي به ويهون عليه تكذيب قومه. قال عطاء: الأحقاف رمال بلاد الشحر. وقال مقاتل: هي باليمين في حضر موت وقال ابن زيد: هي رمال مبسوطة مستطيلة كهيئة الجبال، ولم تبلغ أن تكون جبالاً "وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه" أي وقد مضت الرسل من قبله ومن بعده كذا قال الفراء وغيره. وفي قراءة ابن مسعود: من بين يديه ومن بعده
والجملة في محل نصب على الحال، ويجوز أن تكون معترضة بين إنذار هود وبين قوله لقومه: "إني أخاف عليكم" والأول أولى. والمعنى: أعلمهم أن الرسل الذين بعثوا قبله والذين سيبعثون بعده كلهم منذرون نحو إنذاره، ثم رجع إلى كلام هود لقومه، فقال حاكياً عنه "إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم" وقيل إن جعل تلك الجملة اعتراضية أولى بالمقام وأوفق بالمعنى.
21. قوله عز وجل: " واذكر أخا عاد "، يعني هوداً عليه السلام، " إذ أنذر قومه بالأحقاف "، قال ابن عباس ((الأحقاف)): واد بين عمان ومهرة.
وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت بموضع يقال له: ((مهرة)) وإليها تنسب الإبل المهرية، وكانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج العود رجعوا إلى منازلهم، وكانوا من قبيلة إرم.
قال قتادة : ذكر لنا أن عاداً كانوا أحياء باليمن، وكانوا أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها: ((الشحر)). و((الأحقاف)) جمع حقف، وهي المستطيل المعوج من الرمال. قال ابن زيد هي ما استطال من الرمل كهيئة الجبل ولم يبلغ أن يكون جبلاً، قال الكسائي : هي ما استدار من الرمل،
" وقد خلت النذر "، مضت الرسل، " من بين يديه "، أي من قبل هود، " ومن خلفه "، إلى قومهم، " أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ".
21-" واذكر أخا عاد " يعني هوداً . " إذ أنذر قومه بالأحقاف " جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء من احقوقف الشيء إذا اعوج ، وكانوا يسكنون بين رمال مشرفة على البحر بالشحر من اليمن " وقد خلت النذر " الرسل " من بين يديه ومن خلفه " قبل هود وبعده والجملة حال أو اعتراض . " أن لا تعبدوا إلا الله " أي لا تعبدوا ، أو بأن لا تعبدوا فإن النهي عن الشيء إنذار من مضرته . " إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " هائل بسبب شرككم .
21. And make mention (O Muhammad) of the brother of Aad when he warned his folk among the wind curved sand hills and verily warners came and went before and after him saying: Serve none but Allah. Lo! I fear for you the doom of a tremendous Day.
21 - Mention (Hud) one of Ad's (own) brethren: behold, he warned his people about the winding Sand tracts: but there have been Warners before him and after him: Worship ye none other than God: truly I fear for you the Penalty of a Mighty Day.