21 - (طاعة وقول معروف) أي حسن لك (فإذا عزم الأمر) أي فرض القتال (فلو صدقوا الله) في الإيمان والطاعة (لكان خيرا لهم) وجملة لو جواب إذا
وقوله " طاعة وقول معروف " وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن قيل هؤلاء المنافقين من قبل أن تنزل سورة محكمة ، ويذكر فيها القتال ، وأنهم إذا قيل لهم : إن الله مفترض عليكم الجهاد ، قالوا : سمع وطاعة ، فقال الله عزوجل لهم " إذا أنزلت سورة " وفرض القتال عليهم ، فشق ذلك عليهم ، وكرهوه " طاعة وقول معروف " قبل وجوب الفرض عليكم ، فإذا عزم الأمر كرهتموه وشق عليكم .
وقوله " طاعة وقول معروف " مرفوع بمضمر ، وهو قولكم قبل نزول فرض قبل نزول فرض القتال " طاعة وقول معروف " .
وروي عن ابن عباس بإسناد غير مرتضى أنه قال : قال الله تعالى " فأولى لهم " ثم قال للذين آمنوا منهم " طاعة وقول معروف " فعل هذا القول تمام الوعيد فأولى ، ثم يستأنف بعد ، فيقال" طاعة وقول معروف" فتكون الطاعة مرفوعة بقوله لهم .
وكان مجاهد يقول في ذلك ما :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " طاعة وقول معروف " قال : أمر الله بذلك المنافقين .
وقوله "فإذا عزم الأمر " يقول : فإذا وجب القتال وجاء أمر الله ذلك كرهتموه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : " فإذا عزم الأمر " قال : إذا جد الأمر . هكذا قال محمد بن عمرو في حديثه ، عن أبي عاصم وقال الحارث في حديثه : عن الحسن يقول : جد الأمر .
وقوله " فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم " يقول تعالى ذكره : فلو صدقوا الله ما وعدوه قبل نزول السورة بالقتال بقولهم إذ قيل لهم إن الله سيأمركم بالقتال طاعة ، فولوا له بذلك ، لكان خيراً لهم في عاجل دنياهم ، وآجل معادهم .
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " فإذا عزم الأمر " يقول : طواعية الله ورسوله ، وقول معروف عند حقائق الأمور خير لهم .
حدثنا ابن عبد الاعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة يقول : طاعة الله وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم .
قوله تعالى : " طاعة وقول معروف " ( طاعة وقول معروف ) أي طاعة وقول معروف أمثل وأحسن ، وهو مذهب سيبويه و الخليل ، وقيل : إن التقدير أمرنا طاعة وقول معروف ، فحذف المبتدأ فيوقف على ( فأولى لهم ) ، وكذا من قدر يقولون منا طاعة ، وقيل : إن الآية الثانية متصلة بالأولى ، واللام في قوله : ( لهم ) بمعنى الباء ، أي الطاعة أولى وأليق بهم وأحق لهم من ترك امتثال أمر الله ، وهي قراءة أبي ( يقولون طاعة ) وقيل إن : ( طاعة ) نعت لـ( سورة ) على تقدير : فإذا أنزلت سورة ذات طاعة ، فلا يوقف على هذا على ( فأولى لهم ) قال ابن عباس : إن قولهم ( طاعة ) إخبار من الله عز وجل عن المنافقين والمعنى لهم طاعة وقول معروف ، قيل : وجوب الفرائض عليهم ، فإذا أنزلت الفرائض شق عليهم نزولها ، فيوقف على هذا على ( فأولى ) .
قوله تعالى : " فإذا عزم الأمر " أي جد القتال ، أو وجب فرض القتال ، كرهوه فكرهوه جواب ( إذا ) وهو محذوف ، وقيل : المعنى فإذا عزم أصحاب الأمر ، " فلو صدقوا الله " أي في الإيمان والجهاد ، " لكان خيرا لهم " من المعصية والمخالفة .
يقول تعالى مخبراً عن المؤمنين أنهم تمنوا شرعية الجهاد, فلما فرضه الله عز وجل وأمر به نكل عنه كثير من الناس كقوله تبارك وتعالى: " ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا " وقال عز وجل ههنا: " ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة " أي مشتملة على حكم القتال ولهذا قال: "فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت" أي من فزعهم ورعبهم وجبنهم من لقاء الأعداء, ثم قال مشجعاً لهم " فأولى لهم * طاعة وقول معروف " أي وكان الأولى بهم أن يسمعوا ويطيعوا أي في الحالة الراهنة "فإذا عزم الأمر" أي جد الحال, وحضر القتال "فلو صدقوا الله" أي خلصوا له النية "لكان خيراً لهم".
وقوله سبحانه وتعالى: "فهل عسيتم إن توليتم" أي عن الجهاد ونكلتم عنه " أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " أي تعودوا إلى ما كنتم فيه من الجاهلية الجهلاء تسفكون الدماء وتقطعون الأرحام, ولهذا قال تعالى: "أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم" وهذا نهي عن الإفساد في الأرض عموماً, وعن قطع الأرحام خصوصاً, بل وقد أمر الله تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام, وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال, وقد وردت الأحاديث الصحاح والحسان بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق عديدة ووجوه كثيرة, قال البخاري: حدثنا خالد بن مخلد, حدثنا سليمان, حدثني معاوية بن أبي مزرد عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خلق الله تعالى الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقوي الرحمن عز وجل فقال مه, فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال تعالى: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت: بلى, قال: فذاك لك" قال أبو هريرة رضي الله عنه: اقرءوا إن شئتم "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم" ثم رواه البخاري من طريقين آخرين عن معاوية بن أبي مزرد به قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرءوا إن شئتم "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم" " . ورواه مسلم من حديث معاوية بن أبي مزرد به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن علية, حدثنا عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن عن أبيه عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنب أحرى أن يعجل الله تعالى عقوبته في الدنيا مع ما يدخر لصاحبه في الاخرة من البغي وقطيعة الرحم". ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث إسماعيل هو ابن علية به, وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن بكر, حدثنا ميمون أبو محمد المرئي, حدثنا محمد بن عباد المخزومي عن ثوبان رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سره النسأ في الأجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه". تفرد به أحمد وله شاهد في الصحيح. وقال أحمد أيضاً: حدثنا يزيد بن هارون, حدثنا حجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي ذوي أرحام, أصل ويقطعون, وأعفو ويظلمون, وأحسن ويسيئون أفأكافئهم ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "لا, إذن تتركون جميعاً ولكن جد بالفضل وصلهم, فإنه لن يزال معك ظهير من الله عز وجل ما كنت على ذلك" تفرد به أحمد من هذا الوجه وله شاهد من وجه آخر.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يعلى, حدثنا فطر عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافىء ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" رواه البخاري. وقال أحمد: حدثنا بهز, حدثنا حماد بن سلمة, أخبرنا قتادة عن أبي ثمامة الثقفي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "توضع الرحم يوم القيامة لها حجنة كحجنة المغزل تكلم بلسان طلق ذلق, فتقطع من قطعها وتصل من وصلها" وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان, حدثنا عمرو عن أبي قابوس عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الراحمون يرحمهم الرحمن, ارحموا أهل الأرض يرحمكم أهل السماء, والرحم شجنة من الرحمن من وصلها وصلته ومن قطعها بتته" وقد رواه أبو داود والترمذي من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار به, وهذا هو الذي يروى بتسلسل الأولية وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون حدثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ, أن أباه حدثه أنه دخل على عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وهو مريض فقال له عبد الرحمن رضي الله عنه, وصلت رحمك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسمها من اسمي, فمن يصلها أصله ومن يقطعها أقطعه فأبته ـ أو قال ـ من بتها أبته" تفرد به أحمد من هذا الوجه, ورواه أحمد أيضاً من حديث الزهري عن أبي سلمة عن الرداد ـ أو أبي الرداد ـ عن عبد الرحمن بن عوف به, ورواه أبو داود والترمذي من رواية أبي سلمة عن أبيه, والأحاديث في هذا كثيرة جداً.
وقال الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز, حدثنا محمد بن عمار الموصلي, حدثنا عيسى بن يونس عن الحجاج بن الفرافصة, عن أبي عمر البصري عن سليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" وبه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا ظهر القول وخزن العمل وائتلفت الألسنة وتباغضت القلوب, وقطع كل ذي رحم رحمه فعند ذلك لعنهم الله وأصمهم وأعمى أبصارهم" والأحاديث في هذا كثيرة, والله أعلم.
وقوله: 21- "طاعة وقول معروف" كلام مستأنف: أي أمرهم طاعة، أو طاعة وقول معروف خير لكم. قال الخليل وسيبويه: إن التقدير والطاعة وقول معروف أحسن وأمثل لكم من غيرهما. وقيل إن طاعة خبر أولى، وقيل إن طاعة صفة لسورة، وقيل إن لهم خبر مقدم وطاعة مبتدأ مؤخر، والأول أولى "فإذا عزم الأمر" عزم الأمر جد الأمر: أي جد القتال ووجب وفرض، وأسند العزم إلى الأمر وهو لأصحابه مجازاً، وجواب إذا قيل هو فلو صدقوا الله وقيل محذوف تقديره كرهوه. قال المفسرون معناه إذا جد الأمر ولزم فرض القتال خالفوا وتخلفوا "فلو صدقوا الله" في إظهار الإيمان والطاعة "لكان خيراً لهم" من المعصية والمخالفة.
21. ثم قال: " طاعة وقول معروف "، وهذا ابتداء محذوف الخبر، تقديره: طاعة، وقول معروف أمثل، أي لو أطاعوا وقالوا قولاً معروفاً كان أمثل وأحسن.
وقيل: مجازه: يقول هؤلاء المنافقون قبل نزول السورة المحكمة: طاعة، رفع على الحكاية أي أمرنا طاعة أو منا طاعة، ((وقول معروف)): حسن.
((لهم)) بمعنى الباء، مجازهوقيل: هو متصل بما قبله، واللام في قوله:: فأولى بهم طاعة الله ورسوله، وقول معروف بالإجابة، أي لو أطاعوا كانت الطاعة والإجابة أولى بهم، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء .
" فإذا عزم الأمر "، أي جد الأمر ولزم فرض القتال وصار الأمر معزوماً، " فلو صدقوا الله "، في إظهار الإيمان والطاعة، " لكان خيراً لهم "، وقيل: جواب ((إذا)) محذوف تقديره فإذا عزم الأمر نكلوا وكذبوا فيما وعدوا ولو صدقوا الله لكان خيراً لهم.
21-" طاعة وقول معروف " استئناف أي امرهم " طاعة " أو " طاعة وقول معروف " خير لهم ، أو حكاية قولهم لقراءة أبي يقولون طاعة " فإذا عزم الأمر " أي جد وهو لأصحاب الأمر ، وإسناده إليه مجاز وعامل الظرف محذوف ، وقيل " فلو صدقوا الله " أي فيما زعموا من الحرص على الجهاد أو الإيمان . " لكان " الصدق " خيراً لهم ".
21. Obedience and a civil word. Then, when the matter is determined, if they are loyal to Allah it will be well for them.
21 - Were it to obey and say what is just and when a matter is resolved on, it were best for them it they were true to God.