22 - (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم) لغاتكم من عربية وعجمية وغيرها (وألوانكم) من بياض وسواد وغيرهما وأنتم أولاد رجل واحد وامرأة واحدة (إن في ذلك لآيات) دلالات على قدرته تعالى (للعالمين) بفتح اللام وكسرها أي ذوي العقول واولي العلم
يقول تعالى ذكره: ومن حججه وأدلته أيضاً على أنه لا يعجزه شيء، وأنه إذا شاء أمات من كان حياً من خلقه، ثم إذا شاء أنشره وأعاده كما كان قبل إماتته إياه خلقه السماوات والأرض من غير شيء أحدث ذلك منه، بل بقدرته التي لا يمتنع معها عليه شيء أراده " واختلاف ألسنتكم " يقول: واختلاف منطق ألسنتكم ولغاتها " وألوانكم " يقول: واختلاف ألوان أجسامكم " إن في ذلك لآيات للعالمين " يقول: إن في فعله ذلك كذلك لعبراً وأدلة لخلقه الذين يعقلون أنه لا يعييه إعادتهم لهيئتهم التي كانوا بها قبل مماتهم من بعد فنائهم. وقد بينا معنى العالمين فيما مضى قبل.
قوله تعالى " ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين " .
يقول تعالى: "ومن آياته" الدالة على قدرته العظيمة "خلق السموات والأرض" أي خلق السموات في ارتفاعها واتساعها, وسقوف أجرامها, وزهارة كواكبها ونجومها الثوابت والسيارات, والأرض في انخفاضها وكثافتها, وما فيها من جبال وأودية وبحار, وقفار وحيوان وأشجار. وقوله تعالى: "واختلاف ألسنتكم" يعني اللغات, فهؤلاء بلغة العرب, وهؤلاء تتر لهم لغة أخرى, وهؤلاء كرج, وهؤلاء روم, وهؤلاء فرنج وهؤلاء بربر, وهؤلاء تكرور, وهؤلاء حبشة, وهؤلاء هنود, وهؤلاء عجم, وهؤلاء صقالبة, وهؤلاء خزر, وهؤلاء أرمن, وهؤلاء أكراد, إلى غير ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى من اختلاف لغات بني آدم واختلاف ألوانهم وهي حلاهم, فجميع أهل الأرض بل أهل الدنيا منذ خلق الله آدم إلى قيام الساعة كل له عينان وحاجبان وأنف وجبين وفم وخدان, وليس يشبه واحد منهم الاخر, بل لا بد أن يفارقه بشيء من السمت أو الهيئة أو الكلام ظاهراً كان أو خفياً يظهر عند التأمل, كل وجه منهم أسلوب بذاته وهيئته لا تشبه أخرى, ولو توافق جماعة في صفة من جمال أو قبح لا بد من فارق بين كل واحد منهم وبين الاخر " إن في ذلك لآيات للعالمين * ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله " أي ومن الايات ما جعل الله من صفة النوم في الليل والنهار, فيه تحصل الراحة وسكون الحركة وذهاب الكلال والتعب. وجعل لكم الانتشار والسعي في الأسباب والأسفار في النهار وهذا ضد النوم " إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون " أي يعون.
قال الطبراني : حدثنا حجاج بن عمران السدوسي , حدثنا عمرو بن الحصين العقيلي , حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة , حدثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان , سمعت عبد الملك بن مروان يحدث عن أبيه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: " أصابني أرق من الليل, فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :قل اللهم غارت النجوم, وهدأت العيون, وأنت حي قيوم يا حي يا قيوم, أنم عيني وأهدىء ليلي فقلتها, فذهب عني " .
22- "ومن آياته خلق السموات والأرض" فإن من خلق هذه الأجرام العظيمة التي هي أجرام السموات والأرض وجعلها باقية ما دامت هذه الدار وخلق فيها من عجائب الصنع وغرائب التكوين ما هو عبرة للمعتبرين قادر عى أن يخلقكم بعد موتكم وينشركم من قبوركم "واختلاف ألسنتكم" أي لغاتكم من عرب وعجم، وترك، وروم وغير ذلك من اللغات "وألوانكم" من البياض والسواد والحمرة والصفرة والزرقة والخضرة مع كونكم أولاد رجل واحد وأم واحدة، ويجمعكم نوع واحد وهو الإنسانية، وفصل واحد وهو الناطقية، حتى صرتم متميزين في ذات بينكم لا يلتبس هذا بهذا، بل كل فرد من أفرادكم ما يميزه عن غيره من الأفراد، وفي هذا من بديع القدرة ما لا يعقله إلا العالمو، ولا يفهمه إلا المتفكرون "إن في ذلك لآيات للعالمين" الذين هم من جنس هذا العالم من غير فرق بين بر وفاجر، قرأ الجمهور بفتح لام العالمين. وقرأ حفص وحده بكسرها. قال الفراء: وله وجه جيد لأنه قد قال: "لآيات لقوم يعقلون" "لآيات لأولي الألباب" "وما يعقلها إلا العالمون".
22- "ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم"، يعني: اختلاف اللغات من العربية والعجمية وغيرهما، "وألوانكم"، أبيض وأسود وأحمر، وأنتم ولد رجل واحد وامرأة واحدة، "إن في ذلك لآيات للعالمين"، قرأ حفص: "للعالمين" بكسر اللام.
22 -" ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم " لغاتكم بأن علم كل صنف لغته أو ألهمه وضعها وأقدره عليه ، أو أجناس نطفكم وأشكاله فإنك لا تكاد تسمع منطقين متساويين في الكيفية . " وألوانكم " بياض الجلد وسواده ، أو تخطيطات الأعضاء وهيئاتها وألوانها ، وحلاها بحيث وقع التمايز والتعارف حتى أن التوأمين مع توافق موادهما وأسبابهما والأمور الملاقية لهما في التخليق يختلفان في شيء من ذلك لا محالة . " إن في ذلك لآيات للعالمين " لا تكاد تخفى على عاقل من ملك أو إنس أو جن ، وقرأ حفص بكسر اللام ويؤيد قوله : " وما يعقلها إلا العالمون "
22. And of His signs is the creation of the heavens and the earth, and the difference of your languages and colors. Lo! herein indeed are portents for men of knowledge.
22 - And among His Signs is the creation of the heavens and the earth, and the variations in your languages and your colours: verily in that are signs for those who know.