23 - (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين) برهان بين ظاهر
يقول تعالى ذكره مسلياً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ، عما كان يلقى من مشركي قومه من قريش ، بإعلامه ما لقي موسى ممن أرسل إليه من التكذيب ، ومخبره أنه معليه عليهم ، وجاعل دائرة السوء على من حاده وشاقه ، كسنته في موسى صلوات الله عليه ، إذ أعلاه ، وأهلك عدوه فرعون " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا " : يعني بأدلته . " وسلطان مبين " : كما : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " وسلطان مبين " : أي عذر مبين ، يقول : وحججه المبينة لمن يراها أنها حجة محققة ما يدعو إليه موسى " إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب " يقول : فقال هؤلاء الذين أرسل إليهم موسى لموسى : هو ساحر يسحر العصا ، فيرى الناظر إليها أنها حية تسعى . " كذاب " يقول : يكذب على الله ، ويزعم أنه أرسله إلى الناس رسولاً .
قوله تعالى : " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا " ونهي التسع الآيات المذكورة في قوله تعالى : " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين " وقد مضى تعيينها " وسلطان مبين " أي بحجة واضحة بينة ، وهو يذكر ويؤنث . وقيل : أراد بالسلطان التوراة .
يقول تعالى مسلياً لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه ومبشراً له بأن العاقبة والنصرة له في الدنيا والاخرة كما جرى لموسى بن عمران عليه السلام فإن الله تعالى أرسله بالايات البينات. والدلائل الواضحات. ولهذا قال تعالى: "بآياتنا وسلطان مبين" والسلطان هو الحجة والبرهان "إلى فرعون" وهو ملك القبط بالديار المصرية "وهامان" وهو وزيره في مملكته "وقارون" وكان أكثر الناس في زمانه مالاً وتجارة "فقالوا ساحر كذاب" أي كذبوه وجعلوه ساحراً مجنوناً مموهاً كذاباً في أن الله أرسله وهذه كقوله تعالى: "كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا به ؟ بل هم قوم طاغون" "فلما جاءهم بالحق من عندنا" أي بالبرهان القاطع الدال على أن الله عز وجل أرسله إليهم "قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم" وهذا أمر ثان من فرعون بقتل ذكور بني إسرائيل. أما الأول فكان لأجل الاحتراز من وجود موسى أو لإذلال هذا الشعب وتقليل عددهم أو لمجموع الأمرين, وأما الأمر الثاني فللعلة الثانية ولإهانة هذا الشعب ولكي يتشاءموا بموسى عليه السلام ولهذا قالوا: " أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون " قال قتادة هذا أمر بعد أمر, قال الله عز وجل: "وما كيد الكافرين إلا في ضلال" أي وما مكرهم وقصدهم الذي هو تقليل عدد بني إسرائيل لئلا ينصروا عليهم إلا ذاهب وهالك في ضلال "وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه" وهذا عزم من فرعون لعنه الله تعالى إلى قتل موسى عليه الصلاة والسلام أي قال لقومه دعوني حتى أقتل لكم هذا "وليدع ربه" أي لا أبالي به, وهذا في غاية الجحد والتهجم والعناد, وقوله قبحه الله: "إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد" يعني موسى, يخشى فرعون أن يضل موسى الناس ويغير رسومهم وعاداتهم, وهذا كما يقال في المثل: صار فرعون مذكراً, يعني واعظاً يشفق على الناس من موسى عليه السلام. وقرأ الأكثرون " أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد " وقرأ الاخرون "أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد" وقرأ بعضهم "يظهر في الأرض الفساد" بالضم "وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب" أي لما بلغه قول فرعون "ذروني أقتل موسى" قال موسى عليه السلام استجرت بالله وعذت به من شره وشر أمثاله ولهذا قال: "إني عذت بربي وربكم" أيها المخاطبون "من كل متكبر" أي عن الحق مجرم "لا يؤمن بيوم الحساب" ولهذا جاء في الحديث عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوماً قال: "اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم".
ثم ذكر سبحانه قصة موسى وفرعون ليعتبروا فقال: 23- "ولقد أرسلنا موسى بآياتنا" هي التسع الآيات التي قد تقدم ذكرها في غير موضع "وسلطان مبين" أي حجة بينة واضحة، وهي التوراة.
23. قوله عز وجل: " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين "
23-" ولقد أرسلنا موسى بآياتنا " يعني المعجزات . " وسلطان مبين " وحجة قاهرة ظاهرة ، والعطف لتغاير الوصفين أو لإفراد بعض المعجزات كالعصا تفخيماً لشأنه .
23. And verily We sent Moses with Our revelations and a clear warrant
23 - Of old We sent Moses, with Our Signs and an Authority manifest,