25 - (وإذا تتلى عليهم آياتنا) من القرآن الدالة على قدرتنا على البعث (بينات) واضحات حال (ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا) أحياء (إن كنتم صادقين) أنا نبعث
يقول تعالى ذكره : وإذا تتلى على هؤلاء المشركين المكذبين بالبعث آياتنا ، بأن الله باعث خلقه من بعد مماتهم فجامعهم يوم القيامة عنده للثواب و العقاب " بينات " يعني : واضحات جليات ، تنفي الشك عن قلب أهل التصديق بالله في ذلك " ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين "
يقول تعالى ذكره : لم يكن لهم حجة على رسولنا الذي يتلو ذلك عليهم إلا قولهم له : ائتنا بآبائنا الذين قد هلكوا أحياء و انشرهم لنا إن كنت صادقاً فيما تتلو علينا و تخبرنا ، حتى نصدق بحقيقة تقول بأن الله باعثنا من بعد مماتنا و محيينا من بعد فنائنا .
قوله تعالى : " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات " أي وإذا تقرأ على هؤلاء المشركين آياتنا المنزلة في جواز البعث لم يكن ثم دفع " ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا " ( حجتهم ) خبر كان ، والاسم ( إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا ) الموتى نسألهم عن صدق ما تقولون ، فرد الله عليهم بقوله : " قل الله يحييكم " يعني بعد كونكم نطفاً أمواتاً " ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة " كما أحياكم في الدنيا ، " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " أن الله يعيدهم كما بدأهم الزمخشري : فإن قلت لم سمى قولهم حجة وليس بحجة ؟ قلت : لأنهم أدلوا به كما يدلي المحتج بحجته ، وساقوه مساقها فسميت حجة على سبيل التهكم ، أو لأنه في حسبانهم وتقديرهم حجة ، أو لأنه في أسلوب قوله :
تحية بينهم ضرب وجيع
كأنه قيل : ما كان حجتهم إلا ما ليس بحجة ، والمراد نفي أن تكون لهم حجة ألبتة فإن قلت : كيف وقع قوله : " قل الله يحييكم " جواب ، " ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين " قلت : لما أنكروا البعث وكذبوا الرسل ، وحسبوا أن ما قالوه قول مبكت ألزموا ما هم مقرون به من الله عز وجل هو الذي يحييهم ثم يميتهم ، وضم إلى إلزام ذلك إلزام ما هو واجب الإقرار به أن أنصفوا وأصغوا إلى داعي الحق وهو جمعهم يوم القيامة ، ومن كان قادراً على ذلك كان قادراً على الإتيان بآبائهم ، وكان أهون شيء عليه .
يخبر تعالى عن قول الدهرية من الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب في إنكار المعاد "وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا" أي ما ثم إلا هذه الدار, يموت قوم ويعيش آخرون, وما ثم معاد ولا قيامة, وهذا يقوله مشركو العرب المنكرون المعاد, وتقوله الفلاسفة الإلهيون منهم, وهم ينكرون البداءة والرجعة, وتقوله الفلاسفة الدهرية الدرية المنكرون للصانع, المعتقدون أن في كل ستة وثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه, وزعموا أن هذا قد تكرر مرات لا تتناهى, فكابروا المعقول وكذبوا المنقول ولهذا قالوا "وما يهلكنا إلا الدهر" قال الله تعالى: "وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون" أي يتوهمون ويتخيلون فأما الحديث الذي أخرجه صاحبا الصحيح وأبو داود والنسائي من رواية سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول تعالى يؤذيني ابن آدم, يسب الدهر وأنا الدهر, بيدي الأمر أقلب ليله ونهاره" وفي رواية "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر" وقد أورده ابن جرير بسياق غريب جداً فقال: حدثنا أبو كريب, حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان أهل الجاهلية يقولون إنما يهلكنا الليل والنهار وهو الذي يهلكنا يميتنا ويحيينا فقال الله تعالى في كتابه: "وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر" ويسبون الدهر فقال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم, يسب الدهر وأنا الدهر, بيدي الأمر أقلب الليل والنهار ", وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن منصور عن شريح بن النعمان عن ابن عيينة مثله. ثم روى عن يونس عن ابن وهب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: يسب ابن آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار" وأخرجه صاحبا الصحيح والنسائي من حديث يونس بن يزيد به. وقال محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال يقول الله تعالى: استقرضت عبدي فلم يعطني وسبني عبدي, يقول وادهراه وأنا الدهر" قال الشافعي وأبو عبيدة وغيرهما من الأئمة في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم "لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر" كانت العرب في جاهليتهم إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة قالوا يا خيبة الدهر, فينسبون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه, وإنما فاعلها هو الله تعالى فكأنهم إنما سبوا الله عز وجل, لأنه فاعل ذلك في الحقيقة, فلهذا نهى عن سب الدهر بهذا الاعتبار, لأن الله تعالى هو الدهر الذي يعنونه ويسندون إليه تلك الأفعال, هذا أحسن ما قيل في تفسيره وهو المراد, والله أعلم, وقد غلط ابن حزم ومن نحا نحوه من الظاهرية في عدهم الدهر من الأسماء الحسنى أخذاً من هذا الحديث.
وقوله تعالى: "وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات" أي إذا استدل عليهم وبين لهم الحق, وأن الله تعالى قادر على إعادة الأبدان بعد فنائها وتفرقها "ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين" أي أحيوهم إن كان ما تقولونه حقاً. قال الله تعالى: "قل الله يحييكم ثم يميتكم" أي كما تشاهدون ذلك يخرجكم من العدم إلى الوجود "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ؟" أي الذي قدر على البداءة قادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" "ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه" أي إنما يجمعكم إلى يوم القيامة لا يعيدكم في الدنيا حتى تقولوا "ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين" "يوم يجمعكم ليوم الجمع" " لأي يوم أجلت * ليوم الفصل " "وما نؤخره إلا لأجل معدود" وقال ههنا "ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه" أي لا شك فيه "ولكن أكثر الناس لا يعلمون" أي فلهذا ينكرون المعاد ويستبعدون قيام الأجساد قال الله تعالى: " إنهم يرونه بعيدا * ونراه قريبا " أي يرون وقوعه بعيداً والمؤمنون يرون ذلك سهلاً قريباً.
25- "وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات" أي إذا تليت آيات القرآن على المشركين حال كونها بينات واضحات ظاهرة المعنى والدلالة على البعث "ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين" أنا نبعث بعد الموت: أي ما كان لهم حجة ولا متمسك إلا هذا القول الباطل الذي ليس من الحجة في شيء، وإنما سماه حجة تهكماً بهم. قرأ الجمهور بنصب حجتهم على أنه خبر كان، واسمهما "إلا أن قالوا" وقرأ زيد بن علي وعمرو بن عبيد وعبيد بن عمر برفع "حجتهم" على أنها اسم كان.
25. " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين "
25-" وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات " واضحات الدلالة على ما يخالف معتقدهم أو مبينات له . " ما كان حجتهم " ما كان لهم متشبث يعارضونها به . " إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين " وإنما سماه حجة على حسبانهم ومساقهم ، أو على أسلوب قولهم .
تحية بينهم ضرب وجيع
فإنه لا يلزم من عدم حصول الشيء حالاً امتناعه مطلقاً .
25. And when Our clear revelations are recited unto them their only argument is that they say: Bring (back) our fathers then, if ye are truthful.
25 - And when Our Clear Signs are rehearsed to them, their argument is nothing but this: they say, Bring (back) our forefathers, if what ye say is true!