27 - (قال قرينه) الشيطان (ربنا ما أطغيته) أضللته (ولكن كان في ضلال بعيد) فدعوته فاستجاب لي وقال هو أطغاني بدعائه له
يقول تعالى ذكره : قال قرين الإنسان الكفار المناع للخير ، وهو شيطانه الذي كان موكلا به في الدنيا .
كما حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله " قال قرينه ربنا ما أطغيته " قال : قرينه شيطانه .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " قال قرينه " قال : الشيطان قيض له .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " الذي جعل مع الله إلها آخر " هو المشرك " قال قرينه ربنا ما أطغيته " قال : قرينه الشيطان .
حدثنا ابن عبد الاعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة " قال قرينه ربنا ما أطغيته " قال : قرينه : الشيطان .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله " قال قرينه ربنا ما أطغيته " قال : قرينه : شيطانه .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال :قال ابن زيد في قوله " قال قرينه ربنا ما أطغيته " قا ل قرينه من الجن : ربنا ما أطغيته ، تبرأ منه .
وقوله " ربنا ما أطغيته " يقول : ما أنا جعلته طاغيا متعديا إلى ما ليس له . وإنما يعني بذلك الكفر بالله " ولكن كان في ضلال بعيد " يقول ولكن كان في طريق جائر عن سبيل الهدى جورا بعيدا .
وإنما أخبر تعالى ذكره عن قول قرين الكافر له يوم القيامة ، إعلاما منه عباده ، تبرء بعضهم من بعض يوم القيامة .
كما حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " ربنا ما أطغيته " قال : تبرأ منه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني عبد الله بن أبي زياد قال : ثنا عبد الله بن أبي بكر قال : ثنا جعفر قال : سمعت أبا عمران يقول في قوله " ربنا ما أطغيته " تبرأ منه .
"قال قرينه ربنا ما أطغيته " يعني الشيطان الذي قيض لهذا الكافر العنيد تبرأ منه وكذبه . "ولكن كان في ضلال بعيد" عن الحق وكان طاغيا باختياره وإنما دعوته فاستجاب لي . وقرينه هنا هو شيطانه بغير اختلاف حكاه المهدوي وحكى الثعلبي قال ابن عباس ومقاتل قرينه الملك . وذلك أن الوليد بن المغيرة يقول للملك الذي كان يكتب سيئاته رب إنه أعجلني فيقول الملك : ربنا ما أطغيته أي ما أعجلته وقال سعيد بن جبير: يقول الكافر رب إنه زاد علي في الكتابة فيقول الملك : ربنا ما أطغيته أي ما زدت عليه في الكتابة ، فحينئذ .
يقول تعالى مخبراً عن الملك الموكل بعمل ابن آدم إنه يشهد عليه يوم القيامة بما فعل ويقول: "هذا ما لدي عتيد" أي معتمد محضر بلا زيادة ولا نقصان. وقال مجاهد: هذا كلام الملك السائق, يقول ابن آدم الذي وكلتني به قد أحضرته وقد اختار ابن جرير أنه يعم السائق والشهيد, وله اتجاه وقوة, فعند ذلك يحكم الله تعالى في الخليقة بالعدل فيقول: "ألقيا في جهنم كل كفار عنيد" وقد اختلف النحاة في قوله: "ألقيا" فقال بعضهم هي لغة لبعض العرب يخاطبون المفرد بالتثنية كما روي عن الحجاج أنه كان يقول يا حرسي اضربا عنقه, ومما أنشد ابن جرير على هذه قول الشاعر:
فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر وإن تتركاني أحم عرضاً ممنعا
وقيل: بل هي نون التأكيد سهلت إلى الألف, وهذا بعيد لأن هذا إنما يكون في الوقف, والظاهر أنها مخاطبة مع السائق والشهيد, فالسائق أحضره إلى عرصة الحساب, فلما أدى الشهيد عليه أمرهما الله تعالى بإلقائه في نار جهنم, وبئس المصير "ألقيا في جهنم كل كفار عنيد" أي كثير الكفر والتكذيب بالحق عنيد معاند للحق, معارض له بالباطل مع علمه بذلك "مناع للخير" أي لا يؤدي ما عليه من الحقوق ولا بر فيه ولا صلة ولا صدقة "معتد" أي فيما ينفقه ويصرفه يتجاوز فيه الحد. وقال قتادة: معتد في منطقه وسيره وأمره "مريب" أي شاك في أمره مريب لمن نظر في أمره "الذي جعل مع الله إلهاً آخر" أي أشرك بالله فعبد معه غيره "فألقياه في العذاب الشديد" وقد تقدم في الحديث أن عنقاً من النار يبرز للخلائق فينادي بصوت يسمع الخلائق: إني وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد, ومن جعل مع الله إلهاً آخر, وبالمصورين, ثم تنطوي عليهم, قال الإمام أحمد: حدثنا معاوية هو ابن هشام, حدثنا شيبان عن فراس عن عطية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يخرج عنق من النار يتكلم يقول وكلت اليوم بثلاثة: بكل جبار عنيد, ومن جعل مع الله إلهاً آخر, ومن قتل نفساً بغير نفس فتنطوي عليهم فتقذفهم في غمرات جهنم ".
"قال قرينه" قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة وغيرهم: هو الشيطان الذي وكل به "ربنا ما أطغيته" أي يقول عن الإنسان الذي قد أوفى القيامة كافراً يتبرأ منه شيطانه فيقول: "ربنا ما أطغيته" أي ما أضللته "ولكن كان في ضلال بعيد" أي بل كان هو في نفسه ضالاً قابلاً للباطل معانداً للحق, كما أخبر سبحانه وتعالى في الاية الأخرى في قوله: " وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم " وقوله تبارك وتعالى: "قال لا تختصموا لدي" يقول الرب عز وجل للإنسي وقرينه من الجن, وذلك أنهما يختصمان بين يدي الحق تعالى, فيقول الإنسي يا رب هذا أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني, ويقول الشيطان: "ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد" أي عن منهج الحق, فيقول الرب عز وجل لهما: "لا تختصموا لدي" أي عندي "وقد قدمت إليكم بالوعيد" أي قد أعذرت إليكم على ألسنة الرسل, وأنزلت الكتب وقامت عليكم الحجج والبينات والبراهين "ما يبدل القول لدي" قال مجاهد: يعني قد قضيت ما أنا قاض "وما أنا بظلام للعبيد" أي لست أعذب أحداً إلا بذنبه بعد قيام الحجة عليه.
27- "قال قرينه ربنا ما أطغيته" هذه الجملة مستأنفة لبيان ما يقوله القرين، والمراد بالقرين هنا الشيطان الذي قيض لهذا الكافر، أنكر أن يكون أطغاه، ثم قال: "ولكن كان في ضلال بعيد" أي عن الحق فدعوته فاستجاب لي، ولو كان من عبادك المخلصين لم أقد عليه، وقيل إن قرينه الملك الذي كان يكتب سيئاته وإن الكافر يقول: رب إنه أعجلني فيجيبه بهذا، كذا قال مقاتل وسعيد بن جبير. والأول أولى.
27. " قال قرينه "، يعني الشيطان الذي قيض لهذا الكافر: " ربنا ما أطغيته "، ما أضللته وما أغويته، " ولكن كان في ضلال بعيد "، عن الحق فيتبرأ عنه شيطانه، قال ابن عباس و سعيد بن جبير و مقاتل : (( قال قرينه )) يعني: الملك، (( ربنا ما أطغيته ))، يعني ما زدت عليه وما كتبت إلا ما قال وعمل، ولكن كان في ضلال بعيد، طويل لا يرجع عنه إلى الحق.
27-" قال قرينه " أي الشيطان المقيض له ، وإنما استؤنفت كما تستأنف الجمل الواقعة في حكاية التقاول فإنه جواب لمحذوف دل عليه . " ربنا ما أطغيته " كأن الكافر قال هو أطغاني فـ" قال قرينه ربنا ما أطغيته " بخلاف الأولى فإنها واجبة العطف على ما قبلها للدلالة على الجمع بين مفهوميهما في الحصول ، أعني مجيء كل نفس مع الملكين وقول قرينه : " ولكن كان في ضلال بعيد " فأعنته عليه فإن إغواء الشياطين إنما يؤثر فيمن كان مختل الرأي مائلاً إلى الفجور كما قال تعال : " وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي " .
27. His comrade saith: Our Lord! I did not cause him to rebel, but be was (himself) far gone in error.
27 - His Companion will say: Our Lord! I did not make him transgress, but he was (himself) far astray.