29 - (فلما قضى موسى الأجل) أي رعيه وهو ثمان أو عشر سنين وهو المظنون به (وسار بأهله) زوجته بإذن أبيها نحو مصر (آنس) أبصر من بعيد (من جانب الطور) اسم جبل (نارا قال لأهله امكثوا) هنا (إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر) عن الطريق وكان قد أخطأها (أو جذوة) بتثليث الجيم قطعة وشعلة (من النار لعلكم تصطلون) تستدفئون والطاء بدل من تاء الافتعال من صلى بالنار بكسر اللام وفتحها
يقول تعالى ذكره: فلما وفى موسى صاحبه الأجل الذي فارقه عليه، عند إنكاحه إياه ابنته. وذكر أن الذي وفاه من الأجلين، أتمهما وأكملهما، وذلك العشر الحجج، على أن بعض أهل العلم قد روي عنه أنه قال: زاد مع الشعر عشراً أخرى.
ذكر من قال: الذي قضى من ذلك هو الحجج العشر.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: خيرهما وأوفاهما.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس سئل: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أتمهما وأخيرهما.
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا موسى بن عبيدة، عن أخيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قضى موسى آخر الأجلين.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عبيدة، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، سئل ابن عباس: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أتمهما وأوفاهما.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني ابن إسحاق، عن حكيم بن جبير، عن سعيد بن جبيرن قال: قال يهودي بالكوفة وأنا أتجهز للحج: إني أراك رجلاً تتتبع العلم، أخبرني أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أعلم، وأنا الآن قادم على حبر العرب، يعني ابن عباس، فسائله عن ذلك، فلما قدمت مكة سألت ابن عباس عن ذلك وأخبرته بقول اليهودي، فقال ابن عباس: قضى أكثرهما وأطيبهما، إن النبي إذا وعد لم يخلف، قال سعيد، فقدمت العراق فلقيت اليهودي، فأخبرته، فقال: صدق وما أنزل على موسى هذا، والله العالم.
قال: ثنا يزيد، قال: ثنا الأصبغ بن زيد، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير، قال: سألني رجل من أهل النصرانية: أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا أعلم، وأنا يومئذ لا أعلم، فلقيت ابن عباس، فذكرت له الذي سألني عنه النصراني، فقال: أما كنت تعلم أن ثمانياً واجب عليه، لم يكن نبي الله نقص منها شيئاً، وتعلم أن الله كان قاضياً عن موسى عدته التي وعده، فإنه قضى عشر سنين.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " فلما قضى موسى الأجل " قال: حدث ابن عباس، قال: رعي عليه نبي الله أكثرها وأطيبها.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي، قال: " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أوفاهما وأتمهما ".
حدثنا أحمد بن محمد الطوسي ، قال: ثنا الحميدي أبو بكر بن عبد الله بن الزبير، قال: ثنا سفيان قال: ثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " سألت جبرائيل: أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أتمهما وأكملهما ".
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: " إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبرائيل أي الأجلين قضى موسى؟ قال سوف أسأل إسرافيل، فسأله فقال: سوف أسأل الله تبارك وتعالى، فسأله، فقال: أبرهما وأوفاهما ".
ذكر من قال: قضى العشر الحجج وزاد على العشر عشراً أخرى.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله " فلما قضى موسى الأجل " قال: عشر سنين، ثم مكث بعد ذلك عشراً أخرى.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد " قضى موسى الأجل " عشر سنين، ثم مكث بعد ذلك عشراً أخرى.
حدثني المثنى، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: ثنا أبي، عن قتادة، قال: ثنا أنس، قال: لما دعا نبي الله موسى صاحبه إلا الأجل الذي كان بينهما، قال له صاحبه: كل شاة ولدت على غير لونها فلك ولد، فعمد، فرفع خيالاً على الماء، فلما رأت الخيال، فزعت، فجالت جولة فولدن كلهن بلقاً، إلا شاة واحدة، فذهب بأولادهن ذلك العام.
وقوله " وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا " يقول تعالى ذكره: " فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله " شاخصاً بهم إلى منزله من مصر " آنس من جانب الطور " يعني بقوله: آنس: أبصر وأحس كما قال العجاج:
آنس خربان فضاءً فانكدر داني جناحيه من الطور فمر
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وقد ذكرنا الرواية بذلك فيما مضى قبل، غير أنا نذكر ههنا بعض ما لم نذكر قبل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " آنس من جانب الطور نارا قال لأهله: امكثوا إني آنست نارا ": أي أحسست ناراً.
وقد بينا معنى الطور فيما مضى بشواهده، وما فيه من الرواية عن أهل التأويلز
وقوله " لأهله امكثوا إني آنست نارا " يقول: قال موسى لأهله: تمهلوا وانتظروا، إني أبصرت ناراً " لعلي آتيكم منها " يعني من النار " بخبر أو جذوة من النار " يقول: أو آتيكم بقطعة غليظة من الحطب فيها النار، وهي مثل الجذمة من أصل الشجرة، ومنه قول ابن مقبل:
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها جزل الجذا غير خوار ولا دعر
وفي الجذوة لغات للعرب ثلاث: جذوة بكسر الجيم، وبها قرأت قراء الحجاز والبصرة وبعض أهل الكوفة، وهي أشهر اللغات الثلاث فيها. وجذوة بفتح الجيم، وبها قرأ أيضاً بعض قراء الكوفة. وهذه اللغات الثلاث وإن كن مشهورات في كلام العرب، فالقراءة بأشهرها أعجب إلي، وإن لم أنكر قراءة من قرأ بغير الأشهر منهن.
وبنحو الذي قلنا في معنى الجذوة قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية عن علي، عن ابن عباس، قوله " أو جذوة من النار " يقول شهاب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " أو جذوة " والجذوة: أصل شجرة فيها نار.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، قوله " إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار " قال: أصل الشجرة في طرفها النار، فذلك قوله " أو جذوة " قال: السعف فيه النار. قال معمر، وقال قتادة " أو جذوة ": أو شعلة من النار.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله " أو جذوة من النار " قال: أصل شجرة.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد " أو جذوة من النار " قال: أصل شجرة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله " أو جذوة من النار " قال: الجذوة: العود من الحطب الذي فيه النار، ذلك الجذوة.
وقوله " لعلكم تصطلون " يقول: لعلكم تسخنون بها من البرد، وكان في شتاء.
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى : " فلما قضى موسى الأجل " قال سعيد بن جبير: سأني رجل من النصارى أي الأجلين قضى موسى . فقلت : لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله _ يعني ابن عباس _ فقدمت عليه فسألته ، فقال : قضى أكملهما وأوفاهما . فأعلمت النصاراني فقال : صدق والله هذا العالم . وروي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل في ذلك جبريل فاخبره أنه قضى عشرين سنين . وحكى الطبري عن مجاهد أنه قضى عشراً وعشراً بعدها ، رواه الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال ابن عطية : وهذا ضعيف .
الثانية : قوله تعالى : " وسار بأهله " قيل : فيه دليل على أن الرجل يذهب أهله حيث شاء ، لما له عليها من فضل القوامية وزيادة الدرجة إلا أن يلتزم لها أرمراً فالمؤمنين عند شروطهم ، وأحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج .
الثالثة : قوله تعالى : " آنس من جانب الطور نارا " الآية تقدم القول في ذلك (( طه )) والجذورة بكسر الجيم قراءة العامة ،و ضمها حمزة و يحيى ، وفتحها عاصم و السلمي وزيد بن حبيش . قال الجوهري : الجذوة والجذوة والجذوة الجمرة الملتهبة والجمع جذاً وجذاً وجذاً . قال مجاهد في قوله تعالى : " أو جذوة من النار " أي قطعة من الجمر ، قال : وهي بلغة جميع العرب . وقال أبو عبيدة : والجذوة مثل الجذمة وهي القطعة الغليظة من الخشب كان في طرفها نار أو لم يكن . قال ابن مقبل :
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها جزل الجذا غير خوار ولا دعر
وقال :
وألقى على قيس من النار جذوة شديداً عليها حميها ولهيبها .
قد تقدم في تفسير الاية قبلها أن موسى عليه السلام قضى أتم الأجلين وأوفاهما وأبرهما وأكملهما وأتقاهما, وقد يستفاد هذا أيضاً من الاية الكريمة حيث قال تعالى: "فلما قضى موسى الأجل" أي الأكمل منهما, والله أعلم. وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد : قضى عشر سنين وبعدها عشراً أخر, وهذا القول لم أره لغيره, وقد حكاه عنه ابن أبي حاتم وابن جرير , فالله أعلم. وقوله: "وسار بأهله" قالوا: كان موسى قد اشتاق إلى بلاده وأهله, فعزم على زيارتهم في خفية من فرعون وقومه, فتحمل بأهله وما كان معه من الغنم التي وهبها له صهره, فسلك بهم في ليلة مطيرة مظلمة باردة, فنزل منزلاً, فجعل كلما أورى زنده لا يضيء شيئاً, فتعجب من ذلك, فبينما هو كذلك "آنس من جانب الطور ناراً" أي رأى ناراً تضيء على بعد "فقال لأهله امكثوا إني آنست ناراً" أي حتى أذهب إليها "لعلي آتيكم منها بخبر" وذلك لأنه قد أضل الطريق "أو جذوة من النار" أي قطعة منها "لعلكم تصطلون" أي تستدفئون بها من البرد, قال الله تعالى: " فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن " أي من جانب الوادي مما يلي الجبل عن يمينه من ناحية الغرب, كما قال تعالى: "وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر" فهذا مما يرشد إلى أن موسى قصد النار إلى جهة القبلة, والجبل الغربي عن يمينه, والنار وجدها تضطرم في شجرة خضراء في لحف الجبل مما يلي الوادي, فوقف باهتاً في أمرها, فناداه ربه " من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة ".
قال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع , حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: رأيت الشجرة التي نودي منها موسى عليه السلام سمرة خضراء ترف, إسناده مقارب. وقال محمد بن إسحاق عن بعض من لا يتهم عن وهب بن منبه قال: شجرة من العليق, وبعض أهل الكتاب يقول إنها من العوسج. وقال قتادة : هي من العوسج, وعصاه من العوسج.
وقوله تعالى: "أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين" أي الذي يخاطبك ويكلمك هو رب العالمين الفعال لما يشاء لا إله غيره ولا رب سواه, تعالى وتقدس وتنزه عن مماثلة المخلوقات في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله سبحانه.
وقوله: "وأن ألق عصاك" أي التي في يدك كما قرره على ذلك في قوله تعالى: " وما تلك بيمينك يا موسى * قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى " والمعنى أما هذه عصاك التي تعرفها " ألقها يا موسى * فألقاها فإذا هي حية تسعى " فعرف وتحقق أن الذي يكلمه هو الذي يقول للشيء: كن فيكون, كما تقدم بيان ذلك في سوره طه, وقال ههنا: "فلما رآها تهتز" أي تضطرب "كأنها جان ولى مدبراً" أي في حركتها السريعة مع عظم خلقتها وقوائمها, واتساع فمها واصطكاك أنيابها وأضراسها, بحيث لا تمر بصخرة إلا ابتلعتها, تنحدر في فيها تتقعقع كأنها حادرة في واد فعند ذلك "ولى مدبراً ولم يعقب" أي ولم يكن يلتفت لأن طبع البشرية ينفر من ذلك, فلما قال الله له: " يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين " رجع فوقف في مقامه الأول, ثم قال الله تعالى: "اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء" أي إذا أدخلت يدك في جيب درعك ثم أخرجتها, فإنها تخرج تتلألأ كأنها قطعة قمر في لمعان البرق, ولهذا قال: "من غير سوء" أي من غير برص.
وقوله تعالى: "واضمم إليك جناحك من الرهب" قال مجاهد : من الفزع, وقال قتادة : من الرعب. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم بن جرير : مما حصل لك من خوفك من الحية, والظاهر أن المراد أعم من هذا, وهو أنه أمر عليه السلام إذا خاف من شيء أن يضم إليه جناحه من الرهب وهو يده, فإذا فعل ذلك ذهب عنه ما يجده من الخوف, وربما إذا استعمل أحد ذلك على سبيل الاقتداء فوضع يده على فؤاده, فإنه يزول عنه ما يجده أو يخف إن شاء الله تعالى وبه الثقة. قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا الربيع بن ثعلب الشيخ صالح , أخبرنا أبو إسماعيل المؤدب عن عبد الله بن مسلم عن مجاهد قال: كان موسى عليه السلام قد ملىء قلبه رعباً من فرعون, فكان إذا رآه قال: اللهم إني أدرأ بك في نحره, وأعوذ بك من شره, فنزع الله ما كان في قلب موسى عليه السلام, وجعله في قلب فرعون, فكان إذا رآه بال كما يبول الحمار.
وقوله تعالى: "فذانك برهانان من ربك" يعني إلقاء العصا وجعلها حية تسعى وإدخاله يده في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء, دليلان قاطعان واضحان على قدرة الفاعل المختار, وصحة نبوة من جرى هذا الخارق على يديه, ولهذا قال تعالى: " إلى فرعون وملئه " أي وقومه من الرؤساء والكبراء والأتباع "إنهم كانوا قوماً فاسقين" أي خارجين عن طاعة الله, مخالفين لأمره ودينه.
29- "فلما قضى موسى الأجل" هو أكملهما وأوفاهما، وهو العشرة الأعوام كما سيأتي آخر البحث، والفاء فصيحة "وسار بأهله" إلى مصر، وفيه دليل على أن الرجل يذهب بأهله حيث شاء أتن "آنس من جانب الطور ناراً" أي أبصر من الجهة التي تلي الطور ناراً، وقد تقدم تفسير هذا في سورة طه مستوفى "قال لأهله امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بخبر" وهذا تقدم تفسيره أيضاً في سورة طه وفي سورة النمل "أو جذوة" قرأ الجمهور بكسر الجيم، وقرأ حمزة ويحيى بن وثاب بضمها، وقرأ عاصم والسلمي وذر بن حبيش بفتحها. قال الجوهري: الجذوة والجذوة والجذوة الجمرة، والجمع جذاً وجذاً وجذاً. قال مجاهد: في الآية أن الجذوة قطعة من الجمر في لغة جميع العرب. وقال أبو عبيدة: هي القطعة الغليظة من الخشب كأن في طرفها ناراً ولم يكن، وما يؤيد أن الجذوة الجمرة قول السلمي:
وبدلت بعد المسك والبان شقوة دخان الجذا في رأس أشمط شاحب
"لعلكم تصطلون" أي تستدفئون بالنار.
قوله عز وجل: 29- "فلما قضى موسى الأجل"، يعني أتمه وفرغ منه، "وسار بأهله"، قال مجاهد: لما قضى موسى الأجل مكث بعد ذلك عند صهره عشراً أخرى فأقام عنده عشرين سنة، ثم استأذنه في العود إلى مصر، فأذن له، فخرج بأهله إلى جانب مصر، "آنس"، يعني: أبصر، "من جانب الطور ناراً"، وكان في البرية في ليلة مظلمة، شديدة البرد وأخذ امرأته الطلق، " قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر "، عن الطريق، "أو جذوة من النار"، يعني: قطعة وشعلة من النار. وفيها ثلاث لغات، قرأ عاصم: "جذوة" بفتح الجيم، وقرأ حمزة بضمها، وقرأ الآخرون بكسرها، قال قتادة ومقاتل: هي العود الذي قد احترق بعضه، وجمعها جذى، "لعلكم تصطلون"، تستدفئون.
29 -" فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله " بامرأته . روي أنه قضى أقصى الأجلين ومكث بعد ذلك عنده عشراً أخرى ثم عزم على الرجوع . " آنس من جانب الطور ناراً " أبصر من الجهة التي تلي الطور . " قال لأهله امكثوا إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بخبر " بخبر الطريق . " أو جذوة " عود غليظ سواء كان في رأسه نار أو لم يكن . قال :
باتت حواطب ليلى يلتمسن لها جزل الجذى غير خوار ولا دعر
وقال آخر :
وألقى على قبس من النار جذوة شديداً عليه حرها والتهابها
ولذلك بينه بقوله : " من النار " وقرأ عاصم بالفتح و حمزة بالضم وكلها لغات . " لعلكم تصطلون " تستدفئون بها .
29. Then, when Moses had fulfilled the term, and was traveling with his housefolk, he saw in the distance a fire and said unto his housefolk: Bide ye (here). Lo! I see in the distance a fire; peradventure I shall bring you tidings thence, or a brand from the fire that you may warm yourselves.
29 - Now when Moses had fulfilled the term, and was travelling with his family, he perceived a fire in the direction of Mount Tur. He said to his family: Tarry ye; I perceive a fire; I hope to bring you from there some information, or a burning firebrand, that ye may warm yourselves.