29 - (فذكر) دم على تذكير المشركين ولا ترجع عنه لقولهم لك كاهن مجنون (فما أنت بنعمة ربك) بإنعامه عليك (بكاهن) خبر ما (ولا مجنون) معطوف عليه
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فذكر يا محمد من أرسلت إليه من قومك وغيرهم وعظهم بنعم الله عندهم " فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون " يقول فلست بنعمة الله عليك بكاهن تتكهن ولا مجنون له رئي يخبر عنه قومه ما أخبره ولكنك رسول الله والله لا يخذلك ولكنه ينصرك .
قوله تعالى " فذكر" أي فذكر يا محمد قومك بالقرآن "فما أنت بنعمة ربك " يعني برسالة ربك " بكاهن " تبتدع القول وتخبر بما في غد من غير وحي "ولا مجنون" وهذا رد لقولهم في النبي صلى الله عليه وسلم فعقبة بن أبي معيط قال إنه مجنون وشيبة بن ربيعة قال إنه ساحر وغيرهما قال كاهن فأكذبهم الله تعالى ورد عليهم . ثم قيل : إن معنى "فما أنت بنعمة ربك " القسم أي وبنعمة الله ما أنت بكاهن ولا مجنون . وقيل ليس قسما وإنما هو كما تقول : ما أنت بحمد الله بجاهل أي قد برأك الله من ذلك .
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يبلغ رسالته إلى عباده, وأن يذكرهم بما أنزل الله عليه, ثم نفى عنه ما يرميه به أهل البهتان والفجور فقال: "فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون" أي لست بحمد الله بكاهن كما تقوله الجهلة من كفار قريش, والكاهن الذي يأتيه الرئي من الجان بالكلمة يتلقاها من خبر السماء "ولا مجنون" وهو الذي يتخبطه الشيطان من المس. ثم قال تعالى منكراً عليهم في قولهم في الرسول صلى الله عليه وسلم " أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون " أي قوارع الدهر, والمنون الموت, يقولون ننتظره ونصبر عليه حتى يأتيه الموت فنستريح منه ومن شأنه, قال الله تعالى: "قل تربصوا فإني معكم من المتربصين" أي انتظروا فإني منتظر معكم, وستعلمون لمن تكون العاقبة والنصرة في الدنيا والاخرة. قال محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن قريشاً لما اجتمعوا في دار الندوة في أمر النبي صلى الله عليه وسلم قال قائل منهم: احتبسوه في وثاق وتربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء زهير والنابغة إنما هو كأحدهم, فأنزل الله تعالى ذلك من قولهم " أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ".
ثم قال تعالى: "أم تأمرهم أحلامهم بهذا" أي عقولهم تأمرهم بهذا الذي يقولونه فيك من الأقاويل الباطلة التي يعلمون في أنفسهم أنها كذب وزور "أم هم قوم طاغون" أي ولكن هم قوم طاغون ضلال معاندون, فهذا هو الذي يحملهم على ما قالوه فيك . وقوله تعالى: "أم يقولون تقوله ؟" أي اختلقه وافتراه من عند نفسه يعنون القرآن, قال الله تعالى: "بل لا يؤمنون" أي كفرهم هو الذي يحملهم على هذه المقالة "فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين" أي إن كانوا صادقين في قولهم تقوله وافتراه, فليأتوا بمثل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم من هذا القرآن, فإنهم لو اجتمعوا هم وجميع أهل الأرض من الجن والإنس ما جاءوا بمثله, ولا بعشر سور من مثله, ولا بسورة من مثله.
29- "فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون" أي اثبت على ما أنت عليه من الوعظ والتذكير والباء متعلقة بمحذوف هو الحال: أي ما أنت ملتبساً بنعمة ربك التي أنعم بها عليك من رجاحة العقل والنبوة بكاهن ولا مجنون، وقيل متعلقة بمحذوف يدل عليه الكلام: أي ما أنت حال إذكارك بنعمة ربك بكاهن ولا محنون، وقيل الباء سببية متعلقة بمضمون الجملة المنفية، والمعنى: انتفى عنك الكهانة والجنون بسبب نعمة الله عليك كما تقول ما أنا بمعسر بحمد الله. وقيل الباء للقسم متوسطة بين اسم ما وخبرها، والتقدير: ما أنت ونعمة الله بكاهن ولا مجنون، والكاهن هو الذي يوهم أنه يعلم الغيب من دون وحي: أي ليس ما تقوله كهانو، فإنك إنما تنطق بالوحي الذي أمرك الله بإبلاغع. والمقصود من الآية رد ما كان يقوله المشركون: إنه كاهن أو مجنون.
29. " فذكر "، يا محمد بالقرآن أهل مكة، " فما أنت بنعمة ربك "، برحمته وعصمته، " بكاهن "، تبتدع القول وتخبر بما غد من غير وحي، " ولا مجنون "، نزلت في الذين اقتسموا عقاب مكة يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكهانة والسحر والجنون والشعر.
29-" فذكر " فاثبت على التذكير ولا تكترث لقولهم . " فما أنت بنعمة ربك " بحمد الله وإنعمامه . " بكاهن ولا مجنون " كما يقولون .
29. Therefor warn (men, O Muhammad). By the grace of Allah thou art neither soothsayer nor madman.
29 - Therefore proclaim thou the praises (of thy Lord): for by the Grace of thy Lord, thou art no (vulgar) soothsayer, nor art thou one possessed.