30 - (ذلك) المذكور (بأن الله هو الحق) الثابت (وأن ما يدعون) بالياء والتاء يعبدون (من دونه الباطل) الزائل (وأن الله هو العلي) على خلقه بالقهر (الكبير) العظيم
يقول تعالى ذكره: هذا الذي أخبرتك يا محمد أن الله فعله من إيلاجه الليل في النهار، والنهار في الليل، وغير ذلك من عظيم قدرته، وإنما فعله بأنه الله حقاً، دون ما يدعوه هؤلاء المشركون به، وأنه لا يقدر على فعل ذلك سواه، ولا تصلح الألوهة إلا لمن فعل ذلك بقدرته. وقوله " وأن ما يدعون من دونه الباطل " يقول تعالى ذكره: وبأن الذي يبعد هؤلاء المشركون من دون الله الباطل الذي يضمحل، فيبيد ويفنى " وأن الله هو العلي الكبير " يقول تعالى ذكره: وبأن الله هو العلي، يقول: ذو العلو على كل شيء، وكل ما دونه فله متذلل منقاد، الكبير الذي كل شيء دونه، فله متصاغر.
"ذلك" أي فعل الله تعالى ذلك لتعلموا وتقروا "بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل" أي الشيطان، قاله مجاهد. وقيل: ما أشركوا به الله تعالى من الأصنام والأوثان. "وأن الله هو العلي الكبير" العلي في مكانته، الكبير في سلطانه.
يخبر تعالى أنه "يولج الليل في النهار" يعني يأخذ منه في النهار فيطول ذاك, ويقصر هذا, وهذا يكون زمن الصيف, يطول النهار إلى الغاية, ثم يشرع في النقص فيطول الليل ويقصر النهار, وهذا يكون في الشتاء "وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى" قيل إلى غاية محدودة, وقيل إلى يوم القيامة, وكلا المعنيين صحيح, ويستشهد للقول الأول بحديث أبي ذر رضي الله عنه الذي في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه الشمس ؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال : فإنها تذهب فتسجد تحت العرش, ثم تستأذن ربها فيوشك أن يقال لها ارجعي من حيث جئت". وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أبو صالح , حدثنا يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح , عن ابن عباس أنه قال: الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء في فلكها, فإذا غربت جرت بالليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من مشرقها, قال: وكذلك القمر, إسناده صحيح.
وقوله " وأن الله بما تعملون خبير " كقوله "ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض" ومعنى هذا أنه تعالى الخالق العالم بجميع الأشياء, كقوله تعالى: " الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن " الاية. وقوله تعالى: "ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل" أي إنما يظهر لكم آياته لتستدلوا بها على أنه الحق, أي الموجود الحق الإله الحق, وأن كل ما سواه باطل, فإنه الغني عما سواه وكل شيء فقير إليه, لأن كل ما في السموات والأرض الجميع خلقه وعبيده, لا يقدر أحد منهم على تحريك ذرة إلا بإذنه, ولو اجتمع كل أهل الأرض على أن يخلقوا ذباباً لعجزوا عن ذلك , ولهذا قال تعالى: "ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير" أي العلي الذي لا أعلى منه, الكبير الذي هو أكبر من كل شيء, فكل خاضع حقير بالنسبة إليه.
والإشارة بقوله: 30- "ذلك" إلى ما تقدم ذكره، والباء في "بأن الله" للسببية: أي ذلك بسبب أنه سبحانه "هو الحق" وغيره الباطل، أو متعلقة بمحذوف: أي فعل ذلك ليعلموا أنه الحق "وأن ما يدعون من دونه الباطل" قال مجاهد: الذي يدعون من دونه هو الشيطان، وقيل ما أشركوا به من صنم أو غيره، وهذا أولى "وأن الله هو العلي الكبير" معطوفة على جملة "أن الله هو الحق" والمعنى: أن ذلك الصنع البديع الذي وصفه في الآيات المتقدمة للاستدلال به على حقية الله، وبطلان ما سواه، وعلوه وكبريائه: هو العلي في مكانته، ذو الكبرياء في ربوبيته وسلطانه.
30- "ذلك بأن الله هو الحق"، أي: ذلك الذي ذكرت لتعلموا أن الله هو الحق، "وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير".
30 -" ذلك " إشارة إلى الذي ذكر من سعة العلم وشمول القدرة وعجائب الصنع واختصاص الباري بها . " بأن الله هو الحق " بسبب أنه الثابت في ذاته الواجب من جميع جهاته ، أو الثابت إلهيته . " وأن ما يدعون من دونه هو الباطل " المعدوم في حد ذاته لأنه لا يوجد ولا يتصف إلا بجعله أو الباطل إلهيته . وقرأ البصريان والكوفيون غير أبي بكر بالياء . " وأن الله هو العلي الكبير " مترفع على كل شيء ومتسلط عليه .
30. That (is so) because Allah, He is the True, and that which they invoke beside Him is the False, and because Allah, He is the Sublime, the Great.
30 - That is because God is the (only) Reality, and because whatever else they invoke besides Him is Falsehood; and because God, He is the most High, Most Great.