31 - (ألم تر أن الفلك) السفن (تجري في البحر بنعمة الله ليريكم) يا مخاطبين بذلك (من آياته إن في ذلك لآيات) عبرا (لكل صبار) عن معاصي الله (شكور) لنعمته
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا محمد أن السفن تجري في البحر نعمة من الله على خلقه " ليريكم من آياته " يقول: ليريكم من عبره وحججه عليكم " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " يقول: إن في جري الفلك في البحر دلالة على أن الله الذي أجراها هو الحق، وأن ما يدعون من دونه الباطل " لكل صبار شكور " يقول: لكل من صبر نفسه عن محارم الله، وشكره على نعمه فلم يكفره.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: كان مطرف يقول: إن من أحب عباد الله إليه: الصبار الشكور.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، قال: الصبر نصف الإيمان، والشكر نصف الإيمان، واليقين: الإيمان كله، ألم تر إلى قوله " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور "(إن في ذلك لآيات للموقنين )( إن في ذلك لآيات للمؤمنين ).
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن مغيرة، عن الشعبي " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " قال: الصبر: نصف الإيمان، واليقين: الإيمان كله.
إن قال قائل: وكيف خص هذه الدلالة بأنها دلالة للصبار الشكور دون سائر الخلق؟ قيل: لأن الصبر والشكر من أفعال ذوي الحجى والعقول، فأخبر إن في ذلك لآيات لكل ذي عقل، لأن الآيات جعلها الله عبراً لذوي العقول والتمييز.
قوله تعالى: "ألم تر أن الفلك" أي السفن "تجري" في موضع الخبر. "في البحر بنعمة الله" أي بلطفه بكم وبرحمته لكم في خلاصكم منه. وقرأ هرمز: بنعمات الله جمع نعمة وهو جمع السلامة، وكان الأصل تحريك العين فأسكنت. "ليريكم من آياته" من للبعيض، أي ليريكم جري السفن، قاله يحيى بن سلام وقال ابن شجرة: من آياته ما تشهدون من قدرة الله تعالى فيه .النقاش: ما يرزقهم الله منه. وقال الحسن: مفتاح البحار السفن، ومفتاح الأرض الطرق، ومفتاح السماء الدعاء. "إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور" أي صبار لقضائه شكور على نعمائه. وقال أهل المعاني: أراد لكل مؤمن بهذه الصفة، لأن الصبر والشكر من أفضل خصال الإيمان. والآية: العلامة، والعلامة لا تستبين في صدر كل مؤمن إنما تستبين لمن صبر على البلاء وشكر على الرخاء. قال الشعبي: الصبر نصف الإيمان، والشكر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله، ألم تر إلى قوله تعالى: "إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور" وقوله: "وفي الأرض آيات للموقنين" الذريات:20 وقال عليه السلام: "الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر".
يخبر تعالى أنه هو الذي سخر البحر لتجري فيه الفلك بأمره, أي بلطفه وتسخيره, فإنه لو لا ما جعل في الماء من قوة يحمل بها السفن لما جرت, ولهذا قال "ليريكم من آياته" أي من قدرته " إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " أي صبار في الضراء شكور في الرخاء, ثم قال تعالى: "وإذا غشيهم موج كالظلل" أي كالجبال والغمام "دعوا الله مخلصين له الدين" كما قال تعالى: "وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه" وقال تعالى: "فإذا ركبوا في الفلك" الاية.
ثم قال تعالى: "فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد" قال مجاهد : أي كافر كأنه فسر المقتصد ههنا بالجاحد, كما قال تعالى: "فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون". وقال ابن زيد : هو المتوسط في العمل, وهذا الذي قاله ابن زيد هو المراد في قوله تعالى: "فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد" الاية, فالمقتصد ههنا هو المتوسط في العمل, ويحتمل أن يكون مراداً هنا أيضاً, ويكون من باب الإنكار على من شاهد تلك الأهوال والأمور العظام والايات الباهرات في البحر, ثم بعد ما أنعم الله عليه بالخلاص كان ينبغي أن يقابل ذلك بالعمل التام, والدؤوب في العبادة, والمبادرة إلى الخيرات, فمن اقتصد بعد ذلك كان مقصراً والحالة هذه والله أعلم. وقوله تعالى: "وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور" فالختار هو الغدار, قاله مجاهد والحسن وقتادة ومالك عن زيد بن أسلم : وهو الذي كلما عاهد نقض عهده, والختر أتم الغدر وأبلغه. قال عمرو بن معد يكرب .
وإنك لو رأيت أبا عمير ملأت يديك من غدر وختر
وقوله "كفور" أي جحود للنعم لا يشكرها بل يتناساها ولا يذكرها.
ثم ذكر من عجيب صنعه وبديع قدرته نوعاً آخر فقال: 31- " ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله " أي بلطفه بكم ورحمته لكم، وذلك من أعظم نعمه عليكم لأنها تخلصكم من الغرق عند أسفاركم في البحر لطلب الرزق، وقرأ ابن هرمز بنعمات الله جمع نعمة "ليريكم من آياته" من للتبعيض: أي ليريكم بعض آياته. قال يحيى بن سلام: وهو جري السفن في البحر بالريح. وقال ابن شجرة: المراد بقوله من آياته ما يشاهدونه من قدرة الله. وقال النقاش: ما يرزقهم الله في البحر "إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور" هذه الجملة تعليل لما قبلها: أي إن فيما ذكر لآيات عظيمة لكل من له صبر بليغ وشكر كثير يصبر عن معاصي الله ويشكر نعمه.
31- "ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله"، يريد أن ذلك من نعمة الله عليكم، "ليريكم من آياته"، عجائبه، "إن في ذلك لآيات لكل صبار"، على أمر الله/ "شكور"، لنعمه.
31 -" ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله " بإحسانه في تهيئة أسبابه وهو استشهاد آخر على باهر قدرته وكمال حكمه وشمول إنعامه والباء للصلة أو الحال ، وقرئ " الفلك " بالتثقيل و (( بنعمات الله )) بسكون العين ، وقد جوز في مثله الكسر والفتح والسكون . " ليريكم من آياته " دلائله . " إن في ذلك لآيات لكل صبار " على المشاق فيتعب نفسه بالتفكر في الآفاق والأنفس . " شكور " يعرف النعم ويتعرف مانحها ، أو للمؤمنين فإن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر .
31. Hast thou not seen how the ships glide on the sea by Allah's grace, that He may show you of His wonders? Lo! therein indeed are portents for every steadfast, grateful (heart).
31 - Seest thou not that the ships sail through the Ocean by the grace of God? that He may show you of His Signs? Verily in this are Signs for all who constantly persevere and give thanks.