32 - (هذا) المرئي (ما توعدون) بالتاء والياء في الدنيا ويبدل من للمتقين قوله (لكل أواب) رجاع إلى طاعة الله (حفيظ) حافظ لحدوده
وقوله " هذا ما توعدون " يقول : قال لهم : هذا الذي توعدون أيها المتقون ، أن تدخلوها وتسكنوها .
وقوله " لكل أواب " يعني : لكل راجع من معصية الله إلى طاعته ، تائب من ذنوبه .
وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : هو المسبح ، وقال بعضهم : هو التائب ، وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك بما أغنى عن إعادته ، غيرأنا نذكر في هذا الموضع ما لم نذكره هناك .
حدثني سليمان بن عبد الجبار قال : ثنا محمد بن الصلت قال : ثنا أبو كدينة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " لكل أواب " لكل مسبح .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن مسلم الاعور عن مجاهد قال : الأواب : المسبح .
حدثنا الحسن بن عرفة قال : ثني يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية قال : ثني أبي ، عن الحكم بن عتيبة في قول الله " لكل أواب حفيظ " قال : هو الذاكر الله في الخلاء .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن يونس بن خباب عن مجاهد " لكل أواب حفيظ " قال : الذي يذكر ذنوبه فيستغفر منها .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " هذا ما توعدون لكل أواب " قال : ثنا مهران عن خاجه عن عيسى الحناط عن الشعبي قال : هو الذي يذكر ذنوبه في خلاء فيستغفر منها " حفيظ " : أي مطيع لله كثير الصلاة .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " لكل أواب حفيظ " قال : الأواب : التواب الذي يئوب إلى طاعة الله ويرجع إليها .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا جرير عن منصور عن يونس بن خباب في قوله " لكل أواب حفيظ " قال : الرجل يذكر ذنوبه ، فيستغفر الله لها .
وقوله " حفيظ " اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم : حفظ ذنوبه حتى تاب منها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن أبي سنان عن أبي إسحاق عن التميمي قال : سألت ابن عباس عن الأواب الحفيظ ، قال : حفظ ذنوبه حتى رجع عنها .
وقال آخرون : معناه : أنه حفيظ على فرائض الله وما ائتمنه عليه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " حفيظ " قال : حفيظ لما استودعه الله من حقه ونعمته .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره وصف هذا التائب الأواب بأنه حفيظ ، ولم يخص به على حفظ نوع من أنواع الطاعات دون نوع ، فالواجب أن يعم كما عم جل ثناؤه ، فيقال : هو حفيظ لكل ما قر به إلى ربه من الفرائض والطاعات والذنوب التي سلفت منه للتوبة منها والاستغفار .
"هذا ما توعدون " أي ويقال لهم هذا الجزاء الذي وعدتم في الدنيا على ألسنة الرسل . وقراءة العامة توعدون بالتاء على الخطاب . وقرأ ابن كثير بالياء على الخبر لأنه أتى بعد ذكر المتقين . "لكل أواب حفيظ " أواب أي رجاع إلى الله عن المعاصي ، ثم يرجع ويذنب "يا جبال أوبي معه " وقال الحكم بن عتيبة : هو الذاكر لله تعالى في الخلوة وقال الشعبيومجاهد : هو الذي يذكر ذنوبه في الخلوة فيستغفر الله منها . وهو قول ابن مسعود وقال عبيد بن عمير : هو الذي لا يجلس مجلسا حتى يستغفر الله تعالى فيه . وعنه قال: كنا نحدث أن الأواب الحفيظ الذي إذا قام من مجلسه قال سبحان الله وبحمده اللهم إني أستغفرك مما أصبت في مجلسي هذا . و"في الحديث : من قال إذا قام م مجلسه سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك غفر الله له ما كان في ذلك المجلس " وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول وقال بعض العلماء أنا أحب أن أقول أستغفرك وأسألك التوبة ولا أحب أن أقول وأتوب إليك إلا على حقيقته .
قلت هذا استحسان واتباع الحديث أولى . وقال أبو بكر الوراق هو المتوكل على الله في السراء والضراء وقال القاسم : هو الذي لا يشتغل إلا بالله عز وجل . حفيظ قال ابن عباس : هو الذي حفظ ذنوبه حتى يرجع عنها . وقال قتادة حفيظ لما استودعه الله من حقه ونعمته وائتمنه عليه . وعن ابن عباس أيضا : هو الحافظ لأمر الله مجاهد: هو الحافظ لحق الله تعالى بالاعتراف ولنعمه بالشكر . قال الضحاك: هو الحافظ لوصية الله تعالى بالقبول . و " روى مكحول عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حافظ على أربع ركعات من أول النهار كان أوابا حفيظا " ذكره الماوردي
يخبر تعالى أنه يقول لجهنم يوم القيامة: هل امتلأت ؟ وذلك أنه تبارك وعدها أن سيملؤها من الجنة والناس أجمعين, فهو سبحانه وتعالى يأمر بمن يأمر به إليها ويلقى وهي تقول: هل من مزيد أي هل بقي شيء تزيدوني ؟ هذا هو الظاهر في سياق الاية وعليه تدل الأحاديث. قال البخاري عند تفسير هذه الاية: حدثنا عبد الله بن أبي الأسود, حدثني حرمي بن عمارة, حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يلقى في النار وتقول هل من مزيد ؟ حتى يضع قدمه قتقول: قط قط" وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد ؟ حتى يضع رب العزة قدمه فيها فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط وعزتك وكرمك, ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقاً آخر فيسكنهم الله تعالى في فضول الجنة" ثم رواه مسلم من حديث قتادة بنحوه, ورواه أبان العطار وسليمان التيمي عن قتادة بنحوه.
(حديث آخر) قال البخاري: حدثنا محمد بن موسى القطان, حدثنا أبو سفيان الحميري سعيد بن يحيى بن مهدي, حدثنا عوف عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه, رفعه وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان: "يقال لجهنم هل امتلأت, وتقول هل من مزيد فيضع الرب تبارك وتعالى قدمه عليها فتقول قط قط" ورواه أبو أيوب وهشام بن حسان عن محمد بن سيرين به.
(طريق أخرى) قال البخاري: وحدثنا عبد الله بن محمد, حدثنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر عن همام بن منبه, عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين, وقالت الجنة: مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم. قال الله عز وجل للجنة أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي , وقال للنار إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها, فأما النار فلا تمتلىء حتى يضع رجله فيها فتقول قط قط فهنالك تمتلىء وينزوي بعضها إلى بعض ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحداً, وأما الجنة فإن الله عز وجل ينشىء لها خلقاً آخر".
(حديث آخر) قال مسلم في صحيحه. حدثنا عثمان بن أبي شيبة, حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احتجت الجنة والنار فقالت النار: في الجبارون والمتكبرون, وقالت الجنة في ضعفاء الناس ومساكينهم فقضى بينهما فقال للجنة إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي, وقال للنار إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها" انفرد به مسلم دون البخاري من هذا الوجه والله سبحانه وتعالى أعلم. وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى عن أبي سعيد رضي الله عنه بأبسط من هذا السياق فقال: حدثنا حسن وروح قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب, عن عبيد الله بن عتبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "افتخرت الجنة والنار فقالت النار يا رب يدخلني الجبابرة والمتكبرون والملوك والأشراف, وقالت الجنة أي رب يدخلني الضعفاء والفقراء والمساكين فيقول الله تبارك وتعالى للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء, وقال للجنة أنت رحمتي وسعت كل شيء ولكل واحدة منكما ملؤها فيلقى في النار أهلها فتقول هل من مزيد, قال ويلقى فيها وتقول هل من مزيد, ويلقى فيها وتقول هل من مزيد, حتى يأتيها عز وجل فيضع قدمه عليها فتنزوي وتقول قدني قدني, وأما الجنة فيبقى فيها ما شاء تعالى أن يبقى فينشىء الله سبحانه وتعالى لها خلقاً ما يشاء".
(حديث آخر) وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده: حدثني عقبة بن مكرم, حدثنا يونس, حدثنا عبد الغفار بن القاسم عن عدي بن ثابت, عن زر بن حبيش, عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعرفني الله تعالى نفسه يوم القيامة, فأسجد سجدة يرضى بها عني ثم أمدحه مدحة يرضى بها عني, ثم يؤذن لي في الكلام, ثم تمر أمتي على الصراط مضروب بين ظهراني جهنم, فيمرون أسرع من الطرف والسهم وأسرع من أجود الخيل, حتى يخرج الرجل منها يحبو وهي الأعمال, وجهنم تسأل المزيد حتى يضع فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط وأنا على الحوض" قيل: وما الحوض يا رسول الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إن شرابه أبيض من اللبن وأحلى من العسل, وأبرد من الثلج. وأطيب ريحاً من المسك, وآنيته أكثر من عدد النجوم لا يشرب منه إنسان فيظمأ أبداً ولا يصرف فيروى أبداً" وهذا القول هو اختيار ابن جرير.
وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا أبو يحيى الحمامي عن نصر الجزار عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما "يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد" قال: ما امتلأت قال تقول وهل من مكان يزاد في, وكذا رواه الحاكم بن أبان عن عكرمة "وتقول هل من مزيد" وهل في مدخل واحد قد امتلأت. قال الوليد بن مسلم عن يزيد بن أبي مريم أنه سمع مجاهداً يقول: لا يزال يقذف فيها حتى تقول امتلأت فتقول: هل من مزيد, وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحو هذا فعند هؤلاء أن قوله تعالى: "هل امتلأت" إنما هو بعدما يضع عليها قدمه فتنزوي وتقول حينئذ هل بقي في مزيد يسع شيئاً ؟ قال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما: وذلك حين لا يبقى فيها موضع يسع إبرة, والله أعلم.
وقوله تعالى: "وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد" قال قتادة وأبو مالك والسدي "وأزلفت" أدنيت وقربت من المتقين "غير بعيد" وذلك يوم القيامة, وليس ببعيد لأنه واقع لا محالة وكل ما هو آت قريب "هذا ما توعدون لكل أواب" أي راجع تائب مقلع "حفيظ" أي يحفظ العهد فلا ينقضه ولا ينكثه, وقال عبيد بن عمرو: الأواب الحفيظ الذي لا يجلس مجلساً فيقوم حتى يستغفر الله عز وجل "من خشي الرحمن بالغيب" أي من خاف الله في سره حيث لا يراه أحد إلا الله عز وجل كقوله صلى الله عليه وسلم: "ورجل ذكر الله تعالى خالياً, ففاضت عيناه" "وجاء بقلب منيب" أي ولقي الله عز وجل يوم القيامة بقلب منيب سليم إليه خاضع لديه "ادخلوها" أي الجنة "بسلام" قال قتادة سلموا من عذاب الله عز وجل, وسلم عليهم ملائكة الله, وقوله سبحانه وتعالى: "ذلك يوم الخلود" أي يخلدون في الجنة فلا يموتون أبداً, ولا يظعنون أبداً ولا يبغون عنها حولاً, وقوله جلت عظمته: " لهم ما يشاؤون فيها " أي مهما اختاروا وجدوا من أي أصناف الملاذ طلبوا أحضر لهم. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة, حدثنا عمر بن عثمان, حدثنا بقية عن يحيى بن سعيد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة قال: من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول: ماذا تريدون فأمطره لكم ؟ فلا يدعون بشيء إلا أمطرتهم, قال كثير: لئن أشهدني الله تعالى ذلك لأقولن أمطرينا جواري مزينات.
وفي الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "إنك لتشتهي الطير في الجنة فيخر بين يديك مشوياً" وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عبد الله, حدثنا معاذ بن هشام, حدثني أبي عن عامر الأحول عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة" ورواه الترمذي وابن ماجه عن بندار عن معاذ بن هشام به. وقال الترمذي حسن غريب وزاد: كما اشتهى, وقوله تعالى: "ولدينا مزيد" كقوله عز وجل: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة" وقد تقدم في صحيح مسلم عن صهيب بن سنان الرومي أنها النظر إلى وجه الله الكريم. وقد روى البزار وابن أبي حاتم من حديث شريك القاضي عن عثمان بن عمير أبي اليقظان عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله عز وجل: "ولدينا مزيد" قال: يظهر لهم الرب عز وجل في كل جمعة, وقد رواه الإمام أبو عبد الله الشافعي مرفوعاً فقال في مسنده: أخبرنا إبراهيم بن محمد, حدثني موسى بن عبيدة, حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عبد الله بن عمير أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: أتى جبرائيل عليه الصلاة والسلام بمرآة بيضاء فيها نكتة إلى رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذه ؟" فقال: هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك, فالناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير, ولكم فيها ساعة لا يوافقها مؤمن, يدعو الله تعالى فيها بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا جبريل وما يوم المزيد ؟" قال عليه السلام: إن ربك تبارك وتعالى اتخذ في الفردوس وادياً أفيح فيه كثب المسك, فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله تعالى ما شاء من ملائكته, وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين, وحفت تلك المنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الشهداء والصديقون, فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب, فيقول الله عز وجل: أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فسلوني أعطكم, فيقولون: ربنا نسألك رضوانك, فيقول: قد رضيت عنكم ولكم علي ما تمنيتم ولدي مزيد. فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم تبارك وتعالى من الخير, وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة. هكذا أورده الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب الجمعة من الأم, وله طرق عن أنس بن مالك رضي الله عنه, وقد أورد ابن جرير هذا الحديث من رواية عثمان بن عمير عن أنس رضي الله عنه بأبسط من هذا, وذكر ههنا أثراً مطولاً عن أنس بن مالك رضي الله عنه موقوفاً وفيه غرائب كثيرة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة, حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجل في الجنة ليتكىء في الجنة سبعين سنة قبل أن يتحول, ثم تأتيه امرأة تضرب على منكبه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة, وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب فتسلم عليه فيرد السلام فيسألها من أنت ؟ فتقول أنا من المزيد وإنه ليكون عليها سبعون حلة أدناها مثل النعمان من طوبى فينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك, وإن عليها من التيجان إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب" وهكذا رواه عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج به.
والإشارة بقوله: 32- "هذا ما توعدون" إلى الجنة بتقدير القول: أي ويقال لهم هذا ما توعدون. قرأ الجمهور "توعدون" بالفوقية. وقرأ ابن كثير بالتحتية "لكل أواب حفيظ" هو بدل من للمتقين بإعادة الخافض أو متعلق بقول محذوف هو حال: أي مقولاً لهم لكل أواب، والأواب الرجاع إلى الله تعالى بالتوبة عن المعصية، وقيل هو المسبح، وقيل هو الذاكر لله في الخلة. قال الشعبي ومجاهد: هو الذي يذكر ذنوبه في الخلوة فيستغفر الله منها. وقال عبيد بن عمير هو الذي لا يجلس مجلساً حتى يستغفر الله فيه، والحفيظ: هو الحافظ لذنوبه حتى يتوب منها. وقال قتادة: هو الحافظ لما استودعه الله من حقه ونعمته، قاله مجاهد. وقيل هو الحافظ لأمر الله. وقال الضحاك: هو الحافظ لوصية الله له بالقبول.
32. " هذا ما توعدون "، قرأ ابن كثير بالياء والآخرون بالتاء، يقال لهم: هذا الذي ترونه ما توعدون على ألسنة الأنبياء عليهم السلام، " لكل أواب "، رجاع إلى الطاعة عن المعاصي، قال سعيد بن المسيب : هو الذي يذنب ثم يتوب ثم يذني ثم يتوب. وقال الشعبي و مجاهد : الذي يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها. وقال الضحاك : هو التواب. وقال ابن عباس و عطاء : المسبح، من قوله: " يا جبال أوبي معه " (سبأ-10) وقال قتادة : المصلي. " حفيظ "، قال ابن عباس: الحافظ لأمر الله، وعنه أيضاً: هو الذي يحفظ ذنوبه حتى يرجع عنها ويستغفر منها. قال قتادة : حفيظ لما استودعه الله من حقه. قال الضحاك : الحافظ على نفسه والمتعهد لها. قال الشعبي : المراقب. قال سهل بن عبد الله: المحافظ على الطاعات والأوامر.
32-" هذا ما توعدون " على إضمار القوم والإشارة إلى الثواب أو مصدر " أزلفت " و قرأ ابن كثير بالياء . " لكل أواب " رجاع إلى الله تعالى ، بدل من المتقين بإعادة الجار . " حفيظ " حافظ لحدوده .
32. (And it is said): That is that which ye were promised. (It is) for every penitent and heedful one,
32 - (A voice will say:) This is what was promised for you, for every one who turned (to God) in sincere repentance, who kept (His Law),