33 - (وإذا مس الناس) كفار مكة وغيرهم (ضر) شدة (دعوا ربهم منيبين) راجعين (إليه) دون غيره (ثم إذا أذاقهم منه رحمة) بالمطر (إذا فريق منهم بربهم يشركون)
يقول تعالى ذكره: وإذا مس هؤلاء المشركين الذي يجعلون مع الله إلهاً آخر ضر، فأصباتهم شدة وجدوب وقحوط " دعوا ربهم " يقول: أخلصوا لربهم التوحيد، وأفردوه بالدعاء والتضرع إليه، واستغاثوا به منيبين إليه، تائبين إليه من شركهم وكفرهم " ثم إذا أذاقهم منه رحمة " يقول: ثم إذا كشف ربهم تعالى ذكره عنهم ذلك الضر وفرجه عنهم وأصابهم برخاء وخصب وسعة، إذا فريق منهم، يقول: إذا جماعة منهم بربهم يشركون، يقول: يعبدون معه الآلهة والأوثان.
قوله تعالى: "وإذا مس الناس ضر" أي قحط وشدة "دعوا ربهم" أن يرفع ذلك عنهم "منيبين إليه" قال ابن عباس: مقبلين عليه بكل قلوبهم لا يشركون. ومعنى هذا الكلام التعجب،عجب نبيه من المشركين في ترك الإنابة إلى الله تعالى مع تتابع الحجج عليهم، أي إذا مس هؤلاء الكفار ضر من مرض وشدة دعوا ربهم، أي استغاثوا به في كشف ما نزل بهم، مقبلين عليه وحده دون الأصنام، لعلمهم بأنه لا فرج عندها. "ثم إذا أذاقهم منه رحمة" أي عافية ونعمة. "إذا فريق منهم بربهم يشركون" أي يشركون به في العبادة.
يقول تعالى مخبراً عن الناس أنهم في حال الإضطرار يدعون الله وحده لا شريك له, وأنه إذا أسبغ عليهم النعم إذا فريق منهم في حالة الاختيار يشركون بالله ويعبدون معه غيره. وقوله تعالى: "ليكفروا بما آتيناهم" هي لام العاقبة عند بعضهم, ولام التعليل عند آخرين, ولكنها تعليل لتقييض الله لهم ذلك, ثم توعدهم بقوله "فسوف تعلمون" قال بعضهم والله لو توعدني حارس درب لخفت منه, فكيف والمتوعد ههنا هو الذي يقول للشيء كن فيكون ؟ ثم قال منكراً على المشركين فيما اختلقوا فيه من عبادة غيره بلا دليل ولا حجة ولا برهان "أم أنزلنا عليهم سلطاناً" أي حجة "فهو يتكلم" أي ينطق "بما كانوا به يشركون" وهذا استفهام إنكار, أي لم يكن لهم شيء من ذلك.
ثم قال تعالى: " وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون " هذا إنكار على الإنسان من حيث هو إلا من عصمه الله ووفقه, فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بطر. وقال "ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور" أي يفرح في نفسه ويفخر على غيره, وإذا أصابته شدة قنط وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير بالكلية. قال الله تعالى: "إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات" أي صبروا في الضراء وعملوا الصالحات في الرخاء. كما ثبت في الصحيح" عجباً للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيراً له, إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له". وقوله تعالى: " أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " أي هو المتصرف الفاعل لذلك بحكمته وعدله, فيوسع على قوم ويضيق على آخرين " إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ".
33- "وإذا مس الناس ضر" أي قحط وشدة "دعوا ربهم" أن يرفع ذلك عنهم واستغاثوا به "منيبين إليه" أي راجعين إليه ملتجئين به لا يعولون على غيره، وقيل مقبلين عليه بكل قلوبهم "ثم إذا أذاقهم منه رحمة" بإجابة دعائهم ورفع تلك الشدائد عنهم "إذا فريق منهم بربهم يشركون" إذا هي الفجائية وقعت جواب الشرط لأنها كالفاء في إفادة التعقيب: أي فاجأ فريق منهم الإشراك وهم الذين دعوه فخلصهم مما كانوا فيه. وهذا الكلام مسوق للتعجيب من أحوالهم وما صاروا عليه من الاعتراف بوحدانية الله سبحانه عند نزول الشدائد والرجوع إلى الشرك عند رفع ذلك عنهم.
قوله تعالى: 33- "وإذا مس الناس ضر"، قحط وشدة، "دعوا ربهم منيبين إليه"، مقبلين إليه بالدعاء، "ثم إذا أذاقهم منه رحمةً"، خصباً ونعمة، "إذا فريق منهم بربهم يشركون".
33 -" وإذا مس الناس ضر " شدة . " دعوا ربهم منيبين إليه " راجعين من دعاء غيره . " ثم إذا أذاقهم منه رحمةً " خلاصاً من تلك الشدة . " إذا فريق منهم بربهم يشركون " فاجأ فريق منهم بالإشراك بربهم الذي عافاهم .
33. And when harm toucheth men they cry unto their, Lord, turning to Him in repentance; then, when they have tasted of His mercy, behold! some of them attribute partners to their Lord.
33 - When trouble touches men they cry to their Lord, turning back to Him in repentance: but when He gives them a taste of Mercy as from Himself, behold, some of them pay part worship to other god's besides their Lord,