33 - (وقرن) بكسر الكاف وفتحها (في بيوتكن) من القرار وأصله أقررن بكسر الراء وفتحها من قررت بفتح الراء وكسرها نقلت حركة الراء إلى القاف وحذفت مع همزة الوصل (ولا تبرجن) بترك إحدى التاءين من أصله (تبرج الجاهلية الأولى) أي ما قبل الإسلام من إظهار النساء محاسنهن للرجال والإظهار بعد الإسلام مذكور في آية ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها (وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) الإثم يا (أهل البيت) نساء النبي صلى الله عليه وسلم (ويطهركم) منه (تطهيرا)
واختلفت القراء في قراءة قوله " وقرن في بيوتكن " فقرأته عامة قراء المدينة وبعض الكوفيين: " وقرن " بفتح القاف، بمعنى: واقررن في بيوتكن، وكأن من قرأ ذلك كذلك حذف الراء الأولى من اقررن، وهي مفتوحة، ثم نقلها إلى القاف، كما قيل ( فظلتم تفكهون) ( الواقعة: 65) وهو يريد فظللتم، فأسقطت اللام الأولى وهي مكسورة، ثم نقلت كسرتها إلى الظاء. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة والبصرة ( وقرن) بكسر القاف، بمعنى: كن أهل وقار وسكينة " في بيوتكن ".
وهذه القراءة وهي الكسر في القاف أولى عندنا بالصواب لأن ذلك إن كان من الوقار على ما اخترنا فلا شك أن القراءة بكسر القاف، لأنه يقال وقر فلان في منزله فهو يقر وقوراً، فتكسر القاف في تفعل فإذا أمر منه قيل: قر كما يقال من وزن يزن زن، ومن وعد ويعد عد، وإن كان من القرار، فإن الوجه أن يقال: اقررن، لأن من قال من العرب: ظلت أفعل كذا، وأحست بكذا، فأسقط عين الفعل، وحول حركتها إلى فائه في فعل وفعلنا وفعلتم، لم يفعل ذلك في الأمر والنهي، فلا يقول: ظل قائماً، ولا تظل قائماً، فليس الذي اعتل به من اعتل لصحة القراءة بفتح القاف في ذلك يقول العرب في ظللت وأحسست ظلت وأحست بعلة توجب صحته لما وصفت من العلة، وقد حكى بعضهم عن بعض الأعراب سماعاً منه: ينحطن من الجبل، وهو يريد: ينحططن، فإن يكن صحيحاً فهو أقرب إلى أن يكون حجة لأهل هذه القراءة من الحجة الأخرى.
وقوله " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " قيل: إن التبرج في هذا الموضع التبختر والتكسر.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ": أي إذا خرجتن من بيوتكن، قال: كانت لهن مشية وتكسر وتغنج، يعني بذلك الجاهلية الأولى فنهاهن الله عن ذلك.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: سمعت ابن أبي نجيح، يقول في قوله " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " قال: التبختر. وقيل: إن التبرج هو إظهار الزينة، وإبراز المرأة محاسنها للرجال.
وأما قوله " تبرج الجاهلية الأولى " فإن أهل التأويل اختلفوا في لاجاهلية الأولى، فقال بعضهم: ذلك ما بين عيسى ومحمد عليه السلام.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن زكريا، عن عامر " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " قال: الجاهلية الأولى: ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام.
وقال آخرون: ذلك ما بين آدم ونوح.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عيينة، عن أبيه، عن الحكم " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " قال: وكان بين آدم ونوح ثمان مئة سنة، فكان نساؤهم من أقبح ما يكون من النساء، ورجالهم حسان، فكانت المرأة تريد الرجل على نفسه، فأنزلت هذه الآية " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ".
وقال آخرون: بل ذلك بين نوح وإدريس.
ذكر من قال ذلك:
حدثني ابن زهير، قال: ثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا داود، يعني ابن أبي الفرات، قال: ثنا علباء بن أحمر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: تلا هذه الآية " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " قال: كان فيما بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة، وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل، والآخر يسكن الجبل، وكان رجل الجبل صباحاً، وفي النساء دمامة، وكان نساء السهل صباحاً، وفي الرجال دمامة، وإن إبليس أتى رجلاً من أهل السهل في صورة غلام، فأجر نفسه منه، وكان يخدمه، واتخذ إبليس شيئاً مثل ذلك الذي يزمر فيه الرعاء، فجاء فيه بصوت لم يسمع مثله، فبلغ ذلك من حولهم، فانتابهم يسمعون إليه، واتخذوا عيداً يجتمعون إليه في السنة، فتتبرج الرجال للنساء، فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك، فتحولوا إليهن، فنزلوا معهن، فظهرت الفاحشة فيهن، فهو قول الله " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ".
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره نهى نساء النبي أن يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وجائز أن يكون ذلك ما بين آدم وعيسى، فيكون معنى ذلك: ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى التي قبل الإسلام.
فإن قال قائل: أو في الإسلام جاهلية حتى يقال عنى بقوله " الجاهلية الأولى " التي قبل الإسلام؟ قيل: فيه أخلاق من أخلاق الجاهلية.
كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " قال: يقول: التي كانت قبل الإسلام، قال: وفي الإسلام جاهلية؟ قال: " قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء، وقال لرجل وهو ينازعه: يا ابن فلانة، لأن كان يعيره بها في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا الدرداء إن فيك جاهليةً، قال: أجاهلية كفر أو إسلام؟ قال: بل جاهلية كفر، قال: فتمنيت أن لو كنت ابتدأت إسلامي يومئذ، قال: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث من عمل أهل الجاهلية لا يدعهن الناس: الطعن بالأنساب، والاستمطار بالكواكب، والنياحة ".
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قال: أخبرني سليمان بن بلال، عن ثور، عن عبد الله بن عباس، أن عمر بن الخطاب، قال له: أرأيت قول الله لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " هل كانت إلا واحدة فقال ابن عباس: وهل كانت من أولى إلا ولها آخرة؟ فقال عمر: لله درك يا ابن عباس، كيف قلت؟ فقال: يا أمير المؤمنين، هل كانت من أولى إلا ولها آخرة؟ قال: فأت بتصديق ما تقول من كتاب الله، قال: نعم ( وجاهدوا في الله حق جهاده) ( الحج: 78) كما جاهدتم أول مرة، قال عمر: فمن أمر بالجهاد؟ قال: قبيلتان من قريش: مخزوم، وبنو عبد شمس، فقال عمر: صدقت.
وجائز أن يكون ذلك ما بين آدم ونوح، وجائز أن يكون ما بين إدريس ونوح، فتكون الجاهلية الآخرة، ما بين عيسى ومحمد، وإذا كان ذلك مما يحتمله ظاهر التزيل. فالصواب أن يقال في ذلك، كما قال الله: إنه نهى عن تبرج الجاهلية.
وقوله " وأقمن الصلاة وآتين الزكاة " يقول: وأقمن الصلاة المفروضة، وآتين الزكاة الواجبة عليكن في أموالكن " وأطعن الله ورسوله " فيما أمراكن ونهياكن " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت " يقول: إنما يريد الله ليذهب عنكم السوء والفحشاء يا أهل بيت محمد، ويطهركم من الدنس الذي يكون في أهل معاصي الله تطهيراً.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " فهم أهل بيت طهرهم الله من السوء، وخصهم برحمة منه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " قال: الرجس ههنا: الشيطان، وسوى ذلك من الرجس: الشرك.
اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله " أهل البيت " فقال عضهم: عني به رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي، قال: ثنا مندل، عن الأعمش ، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نزلت هذه الآية في خمسة: في، وفي علي رضي الله عنه، وحسن رضي الله عنه، وحسين رضي الله عنه، وفاطمة رضي الله عنها " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " ".
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بشر، عن زكريا، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة: " خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة، وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن، فأدخله معه، ثم قال " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " ".
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بكر، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر، كلما خرج إلى الصلاة فيقول: الصلاة أهل البيت " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " ".
حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا يحيى بن إبراهيم بن سويد النخعي، عن هلال، يعني ابن مقلاص، عن زبيد، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة، قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم عندي، وعلي وفاطمة والحسن والحسين، فجعلت لهم خزيرة، فأكلوا وناموا، وغطى عليهم عباءة أو قطيفة، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، قال: أخبرني أبو داود، عن أبي الحمراء، قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر، جاء إلى باب علي وفاطمة فقال: الصلاة الصلاة " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا "".
حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا يونس بن أبي إسحاق، بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله.
حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال: ثنا الفضل بن دكين، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن كلثوم المحاربي، عن أبي عمار، قال: " إني لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا علياً رضي الله عنه، فشتموه، فلما قاموا، قال: اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموا، إني عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه علي وفاطمة وحسن وحسين، فألقى عليهم كساء له، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قلت: يا رسول الله وأنا؟ قال: وأنت، قال: فوالله إنها لأوثق عملي عندي ".
حدثني عبد الكريم بن أبي عمير، قال: ثنا الوليد بن مسلم، قال: ثنا أبو عمرو، قال: ثني شداد أبو عمار قال: سمعت واثلة بن الأسقع يحدث، قال: " سألت عن علي بن أبي طالب في منزله، فقال فاطمة: قد ذهب يأتي برسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلت، فجلس رسول الله صلى الله عليه سولم على الفراش وأجلس فاطمة عن يمينه، وعلياً على يساره وحسناً وحسيناً بين يديه، فلفع عليهم بثوبه وقال " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " اللهم هؤلاء أهلي، اللهم أهلي أحق. قال واثلة: فقلت من ناحية البيت: وأنا يا رسول الله من أهلك؟ قال: وأنت من أهلي، قال واثلة: إنها لمن أرجى ما أرتجي ".
حدثني أبو كريب، قال: ثناوكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن أم سلمة، قالت: " لما نزلت هذه الآية " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فجلل عليكم كساء خيبرياً، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قالت أم سلمة: ألست منهم؟ قال: أنت إلى خير ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مصعب بن المقدام، قال: ثنا سعيد بن زربي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، عن أم سلمة، قالت: " جاءت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحلها على طبق، فوضعته بين يديه، فقال: أين ابن عمك وابناك، فقالت: في البيت فقال: ادعيهم، فجاءت إلى علي، فقالت: أجب النبي صلى الله عليه وسلم أنت وابناك، قالت أم سلمة: فلما رآهم مقبلين مد يده إلى كساء كان على المنامة فمده وبسطه وأجلسهم عليه، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله، فضمه فوق رءوسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربه، فقال: هؤلاء أهل البيت، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا حسن بن عطية، قال: ثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: " إن هذه الآية نزلت في بيتها " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " قالت: وأنا جالسة على باب البيت، فقلت: أنا يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: إنك إلى خير، أنت من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: وفي البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا خالد بن مخلد، قال: ثنا موسى بن يعقوب، قال: ثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد الله بن وهب بن زمعة، قال: " أخبرتني أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع علياً والحسنين، ثم أدخلهم تحت ثوبه، ثم جأر إلى الله، ثم قال: هؤلاء أهل بيتي، فقالت أم سلمة: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أدخلني معهم، قال: إنك من أهلي ".
"حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال: ثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: ثنا محمد بن سليمان الأصبهاني، عن يحيى بن عبيد المكي، عن عطاء، عن عمر بن أبي سلمة، قال: نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت أم سلمة " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة، فأجلسهم بين يديه، ودعا علياً فأجلسه خلفه، فتجلل هو وهم بالكساء ثم قال: هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً - قالت أم سلمة: أنا معهم مكانك وأنت على خير ".
حدثني محمد بن عمارة، قال: ثنا إسماعيل بن أبان، قال: ثنا الصباح بن يحيى المري، عن السدي ، عن أبي الديلم، قال: قال علي بن لاحسين لرجل من أهل الشأم: أما قرأت في الأحزاب " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " قال: ولأنتم هم؟ قال: نعم.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا بكير بن مسمار، قال: سمعت عامر بن سعد، قال: قال سعد: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل عليه الوحي، فأخذ علياً وابنيه وفاطمة، وأدخلهم تحت ثوبه، ثم قال: رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي ".
"حدثنا ابن حميد، قال: ثنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش ، عن حكيم بن سعد، قال: ذكرنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند أم سلمة قالت: فيه نزلت " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " قالت أم سلمة: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيتي، فقال: لا تأذني لأحد، فجاءت فاطمة، فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن، فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه، وجاء الحسين، فلم أستطع أن أحجبه، فاجتمعوا حول النبي صلى الله عليه وسلم على بساط، فجللهم نبي الله بكساء كان عليه، ثم قال: هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط، قالت: فقلت: يا رسول الله: وأنا؟ قالت: فوالله ما أنعم وقال: إنك إلى خير ".
وقال آخرون: بل عني بذلك أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا الأصبغ، عن علقمة، قال: كان عكرمة ينادي في السوق " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
قوله تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : " وقرن " قرأ الجمهور (( وقرن )) بكسر القاف . وقرأ عاصم و نافع بفتحها . فأما القراءة الأولى فتحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون من الوقار ، تقول ، وقر يقر وقارا أي سكن ، والأمر قر ، وللنساء قرن ، مثل عدن وزن . والوجه الثاني : وهو قول المبرد ، أن يكون من القرار ، تقول : قررت بالمكان ( بفتح الراء ) أقر ، والأصل اقررن ، بكسر الراء ، فحذفت الراء الأولى تخفيفا ، كما قالوا في ظللت : ظلت ، ومسست : مست ، ونقلوا حركتها إلى القاف ، واستغنى عن ألف الوصل لتحرك القاف . قال أبو علي : بل على أن أبدلت الراء ياء كراهة التضعيف ، كما أبدلت في قيراط ودينار ، ويصير للياء حركة الحرف المبدل منه ، فالتقدير : إقيرن ، ثم تلقى حركة الياء على القاف كراهة تحرك الياء بالكسر ، فتسقط الياء لاجتماع الساكنين ، وتسقط همزة الوصل لتحرك ما بعدها فيصير (( قرن )) . وأما قراءة أهل المدينة و عاصم ، فعلى لغة العرب : قررت في المكان إذا أقمت فيه ( بكسر الراء ) أقر ( بفتح القاف ) ، من باب حمد يحمد ، وهي لغة أهل الحجاز ذكرها أبو عبيد في الغريب المصنف عن الكسائي ، وهو من أجل مشايخه ، وذكرها الزجاج وغيره ، والأصل (( إقررن )) حذفت الراء الأولى لثقل التضعيف ، وألقيت حركتها على القاف فتقول : قرن . قال الفراء : هو كما تقول : أحست صاحبك ، أي هل أحسست . وقال أبو عثمان المازني : قررت به عينا ( بالكسر لا غير ) ، من قرة العين . ولا يجوز قررت في المكان ( بالكسر ) وإنما هو قررت ( بفتح الراء ) ، وما أنكره من هذا لا يقدح في القراءة إذا ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فيستدل بما ثبت عنه من القراءة على صحة اللغة . وذهب أبو حاتم أيضا أن (( قرن )) لا مذهب له في كلام العرب . قال النحاس : وأما قول أبي حاتم : (( لا مذهب له )) فقد خولف فيه ، وفيه مذهبان : أحدهما ما حكاه الكسائي ، والآخر ما سمعت علي بن سليمان يقول ، قال : وهو من قررت به عينا أقر ، والمعنى : واقررن به عينا في بيوتكن . وهو وجه حسن ، إلا أن الحديث يدل على أنه من الأول . كما روي أن عمارا قال لعائشة رضي الله عنها : إن الله قد أمرك أن تقري في منزلك ، فقالت : يا أبا اليقظان ، ما زلت قوالا بالحق ! فقال : الحمد لله الذي جعلين على لسانك . وقرأ ابن أبي عبلة (( واقررن )) بألف وصل وراءين ، الأولى مكسورة .
الثانية : معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت ، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى . هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء ، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن ، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة ، على ما تقدم في غير موضع . فأمر الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم بملازمة بيوتهن ، وخاطبهن بذلك تشريفا لهن ، ونهاهن عن التبرج ، وأعلم أنه فعل الجاهلية الأولى فقال : " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " . وقد تقدم معنى التبرج في (( النور )) . وحقيقته إظهار ما ستره أحسن ، وهو مأخوذ من السعة ، يقال : في أسنانه برج إذا كانت متفرقة ، قاله المبرد . واختلف الناس في (( الجاهلية الأولى )) فقيل هي الزمن الذي ولد فيه إبراهيم عليه السلام ، كانت المرأة تلبس الدرع من اللؤلؤ ، فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال . وقال الحكم بن عيينة : ما بين آدم ونوح ، وهي ثمانمائة سنة ، وحكيت لهم سير ذميمة . وقال ابن عباس : ما بين نوح وإدريس . الكلبي : ما بين نوح وإبراهيم . قيل : إن المرأة كانت تلبس الدرع من اللؤلؤ غير مخيط الجانبين ، وتلبس الثياب الرقاق ولا تواري بدنها . وقالت فرقة : ما بين موسى وعيسى . الشعبي : ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم . أبو العالية : هي زمان داود وسليمان ، كان فيه للمرأة قميص من الدر غير مخيط الجانبين . وقال أبو العباس المبرد : والجاهلية الأولى كما تقول الجاهلية الجهلاء ، قال : وكان النساء في الجاهلية الجهلاء يظهرن ما يقبح إظهاره ، حتى كانت المرأة تجلس مع زوجها وخلها ، فينفرد خلها بما فوق الإزار إلى الأعلى وينفرد زوجها بما دون الإزار إلى الأسفل ، وربما سأل أحدهما صاحبه البدل . وقال مجاهد : كان النساء يتمشين بين الرجال ، فذلك التبرج . قال ابن عطية : والذي يظهر عندي أنه أشار للجاهلية التي لحقنها ، فأمرن بالنقلة عن سيرتهن فيها ، وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفرة ، لأنهم كانوا لا غيرة عندهم ، وكان أمر النساء دون حجاب ، وجعلها أولى بالنسبة إلى ما كن عليه ، وليس المعنى أن ثم جاهلية أخرى . وقد أوقع اسم الجاهلية على تلك المدة التي قبل الإسلام ، فقالوا : جاهلي في الشعراء . وقال ابن عباس في البخاري : سمعت أبي في الجاهلية يقول ، إلى غير هذا .
قلت : وهذا قول حسن . ويعترض بأن العرب كانت أهل قشف وضنك في الغالب ، وأن التنعم وإظهار الزينة إنما جرى في الأزمان السابقة ، وهي المراد بالجاهلية الأولى ، وأن المقصود من الآية مخالفة من قبلهن من المشية على تغنيج وتكسير وإظهار المحاسن للرجال ، إلى غير ذلك مما لا جوز شرعا . وذلك يشمل الأقوال كلها ويعمها فيلزمن البيوت ، فإن مست الحاجة إلى الخروج فليكن على تبدل وتسر تام . والله الموفق .
الثالثة : ذكر الثعلبي وغيره : أن عائشة - رضي الله عنها - كانت إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبل خمارها . وذكر أن سودة قيل لها : لم لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك ؟ فقالت : قد حججت واعتمرت ، وأمرني الله أن أقر في بيتي . قال الراوي : فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها . رضوان الله عليها ! قال ابن العربي : لقد دخلت نيفا على ألف قرية ، فما رأيت نساء أصون عيالا ولا أعف نساء من نساء نابلس ، التي رمي بها الخليل صلى الله عليه وسلم بالنار ، فإني أقمت فيها فما رأيت امرأة في طريق نهارا إلا يوم الجمعة فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد منهن ، فإذا قضيت الصلاة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على واحدة منهن إلى الجمعة الأخرى . وقد رأيت بالمسجد الاقصى عفائف ما خرجن معتكفهن حتى استشهدن فيه .
الرابعة : قال ابن عطية : بكاء عائشة رضي الله عنها إنما كان بسبب سفرها أيام الجمل ، وحينئذ قال لها عمار : إن الله قد أمرك أن تقري في بيتك . قال ابن العربي : تعلق الرافضة - لعنهم الله - بهذه الآية على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إذ قالوا : إنها خالفت أمر رسول الله صلىالله عليه وسلم حين خرجت تقود الجيوش ، وتباشر الحروب ، وتقتحم مأزق الطعن والضرب فيما لم يفرض عليها ولا يجوز لها . قالوا : ولقد حصر عثمان ، فلما رأت ذلك أمرت برواحلها فقربت لتخرج إلى مكة ، فقال لها مروان : أقيمي هنا يا أم المؤمنين ، وردي هؤلاء الرعاع ، فإن الغصلاح بين الناس خير من حجك . قال ابن العربي قال علماؤنا رحمة الله عليهم : إن عائشة رضي الله عنها ، نذرت الحج قبل الفتنة ، فلم تر التخلف عن نذرها ، ولو خرجت في تلك الثائرة لكان ذلك صوابا لها . وأما خروجها إلى حرب الجمل فما خرجت لحرب ، ولكن تعلق الناس بها ، وشكوا إليها ما صاروا إليه من عظيم الفتنة وتهارج الناس ، ورجوا بركتها ، وطمعوا في الاستحياء منها إذا وقفت إلى الخلق ، وظنت هي ذلك فخرجت مقتدية بالله في قوله : " لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " ، وقوله : " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " . والأمر بالإصلاح مخاطب به جميع الناس من ذكر وأنثى ، حر أو عبد . فلم يرد الله تعالى بسابق قضائه ونافذ حكمه أن يقع إصلاح ، ولكن جرت مطاعنات وجراحات حتى كاد يفنى الفريقان ، فعمد بعضهم إلى الجمل فعرقبه ، فلما سقط الجمل لجنبه أدرك محمد بن أبي بكر عائشة رضي الله تعالى عنها ، فاحتملها إلى البصرة ، وخرجت في ثلاثين امرأة ، قرنهن علي بها حتى أوصلوها إلى المدينة برة تقية مجتهدة ، مصيبة مثابة فيما تأولت ، مأجورة فيما فعلت ، إذ كل مجتهد في الأحكام مصيب . وقد تقدم في (( النحل )) اسم هذا الجمل ، وبه يعرف ذلك اليوم .
قوله تعالى : " وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله " أي فيما أمر ونهى . " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت " قال الزجاج : قيل يراد به نساء النبي صلى الله عليه وسلم . وقيل : يراد به نساؤه وأهله الذين هم أهل بيته ، على ما يأتي بيانه بعد . و(( أهل البيت )) نصب على المدح . قال : وإن شئت على البدل . قال : ويجوز الرفع والخفض . قال النحاس : إن خفض على أنه بدل من الكاف والميم لم يجز عند أبي العباس محمد بن يزيد ، قال لا يبدل من المخاطبة ولا من المخاطب ، لأنهما لا يحتاجان إلى تبيين . " ويطهركم تطهيرا " مصدر فيه معنى التوكيد .
هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء الأمة تبع لهن في ذلك, فقال تعالى مخاطباً لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن إذا اتقين الله عز وجل كما أمرهن, فإنه لا يشبههن أحد من النساء ولا يلحقهن في الفضيلة والمنزلة, ثم قال تعالى: "فلا تخضعن بالقول" قال السدي وغيره: يعني بذلك ترقيق الكلام إذا خاطبن الرجال, ولهذا قال تعالى: "فيطمع الذي في قلبه مرض" أي دغل "وقلن قولاً معروفاً" قال ابن زيد : قولاً حسناً جميلاً معروفاً في الخير, ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم, أي لاتخاطب المرأة الأجانب كما تخاطب زوجها.
وقوله تعالى: "وقرن في بيوتكن" أي الزمن فلا تخرجن لغير حاجة, ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلات" وفي رواية "وبيوتهن خير لهن". وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا حميد بن مسعدة , حدثنا أبو رجاء الكلبي روح بن المسيب ثقة, حدثنا ثابت البناني عن أنس رضي الله عنه قال: " جئن النساء إلى رسول الله فقلن: يارسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله تعالى, فما لنا عمل ندرك به عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قعدت ـ أو كلمة نحوها ـ منكن في بيتها, فإنها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله تعالى" ثم قال: لا نعلم رواه عن ثابت إلا روح بن المسيب , وهو رجل من أهل البصرة مشهور.
وقال البزار أيضاً: حدثنا محمد المثنى , حدثني عمرو بن عاصم , حدثنا همام عن قتادة عن مورق عن أبي الأحوص عن عبد الله رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن المرأة عورة, فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها" رواه الترمذي عن بندار عن عمرو بن عاصم به نحوه. وروى البزار بإسناده المتقدم و أبو داوود أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "صلاة المرأة في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها, وصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها" وهذا إسناد جيد.
وقوله تعالى: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" قال مجاهد : كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال, فذلك تبرج الجاهلية. وقال قتادة "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" يقول: إذا خرجتن من بيوتكن وكانت لهن مشية وتكسر وتغنج, فنهى الله تعالى عن ذلك, وقال مقاتل بن حيان "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" والتبرج أنها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده, فيواري قلائدها وقرطها وعنقها, ويبدو ذلك كله منها, وذلك التبرج, ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج.
وقال ابن جرير : حدثني ابن زهير , حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا داود ابن أبي الفرات , حدثنا علي بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: تلا هذه الاية "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" قال: كانت فيما بين نوح وإدريس, وكانت ألف سنة, وإن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والاخر يسكن الجبل, وكان رجال الجبل صباحاً, وفي النساء دمامة. وكان نساء السهل صباحاً وفي الرجال دمامة, وإن إبليس لعنه الله أتى رجلاً من أهل السهل في صورة غلام, فآجر نفسه منه فكان يخدمه, فاتخذ إبليس شيئاً من مثل الذي يرمز فيه الرعاء, فجاء فيه بصوت لم يسمع الناس مثله, فبلغ ذلك من حوله فانتابوهم يسمعون إليه, واتخذوا عيداً يجتمعون إليه في السنة, فيتبرج النساء للرجال, قال ويتزين الرجال لهن, وإن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك, فرأى النساء وصباحتهن, فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك, فتحولوا إليهن فنزلوا معهن, وظهرت الفاحشة فيهن, فهو قول الله تعالى: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى".
وقوله تعالى: "وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله" نهاهن أولاً عن الشر ثم أمرهن بالخير من إقامة الصلاة وهي عبادة الله وحده لا شريك له, وإيتاء الزكاة وهي الإحسان إلى المخلوقين "وأطعن الله ورسوله" وهذا من باب عطف العام على الخاص. وقوله تعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" وهذا نص في دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أهل البيت ههنا, لأنهن سبب نزول هذه الاية وسبب النزول داخل فيه قولاً واحداً إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح . وروى ابن جرير عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وهكذا روى ابن أبي حاتم قال: حدثنا علي بن حرب الموصلي , حدثنا زيد بن الحباب حدثنا حسين بن واقد عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت" قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وقال عكرمة : من شاء باهلته أنها نزلت في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم, فإن كان المراد أنهن كن سبب النزول دون غيرهن فصحيح, وإن أريد أنهن المراد فقط دون غيرهن ففيه نظر, فإنه قد وردت أحاديث تدل على أن المراد أعم من ذلك:
(الحديث الأول): قال الإمام أحمد : حدثنا عفان , حدثنا حماد , أخبرنا علي بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة ياأهل البيت, إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" رواه الترمذي عن عبد بن حميد عن عفان به. وقال: حسن غريب.
(حديث آخر) قال ابن جرير : حدثنا ابن وكيع , حدثنا أبو نعيم , حدثنا يونس عن أبي إسحاق , أخبرني أبو داود عن أبي الحمراء قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة رضي الله عنهما, فقال: الصلاة الصلاة, إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" أبو داود الأعمى هو نفيع بن الحارث كذاب .
(حديث آخر) وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا محمد بن مصعب , حدثنا الأوزاعي , حدثنا شداد أبو عمار قال: دخلت على واثلة بن الأسقع رضي الله عنه. وعنده قوم, فذكروا علياً رضي الله عنه فشتموه, فشتمه معهم, فلما قاموا قال لي: شتمت هذا الرجل ؟ قلت: قد شتموه فشتمته معهم, ألا أخبركم بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت: بلى , قال: أتيت فاطمة رضي الله عنها أسألها عن علي رضي الله عنه, فقالت: توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي وحسن وحسين رضي الله عنهم, آخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل فأدنى علياً وفاطمة رضي الله عنهما, وأجلسهما بين يديه, وأجلس حسناً وحسيناً رضي الله عنهما كل واحد منها على فخذه, ثم لف عليهم ثوبه أو قال كساءه, ثم تلا صلى الله عليه وسلم هذه الاية "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" وقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي, وأهل بيتي أحق".
وقد رواه أبو جعفر بن جرير عن عبد الكريم بن أبي عمير عن الوليد بن مسلم , عن أبي عمرو الأوزاعي بسنده نحوه, زاد في آخره قال واثلة رضي الله عنه: فقلت وأنا ـ يارسول الله صلى الله عليك ـ من أهلك ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "وأنت من أهلي قال واثلة رضي الله عنه: وإنها من أرجى ماأرتجي " , ثم رواه أيضاً عن عبد الأعلى بن واصل عن الفضل بن دكين , عن عبد السلام بن حرب عن كلثوم المحاربي عن شداد بن أبي عمار قال: إني لجالس عند واثلة بن الأسقع رضي الله عنه, إذ ذكروا علياً رضي الله عنه فشتموه, فلما قاموا قال: اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي شتموه إني عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء علي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم, فألقى صلى الله عليه وسلم عليهم كساء له ثم قال لهم: "اللهم هؤلاء أهل بيتي, اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً قلت: يارسول الله وأنا ؟ قال صلى الله عليه وسلم: وأنت قال: فوالله إنها لأوثق عمل عندي ".
(حديث آخر) قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن نمير , حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح , حدثني من سمع أم سلمة رضي الله عنها تذكر " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها, فأتته فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة, فدخلت عليه بها فقال صلى الله عليه وسلم لها: ادعي زوجك وابنيك قالت: فجاء علي وحسن وحسين رضي الله عنهم, فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له, وكان تحته صلى الله عليه وسلم كساء خيبري, قالت: وأنا في الحجرة أصلي, فأنزل الله عز وجل هذه الاية "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" قالت رضي الله عنها: فأخذ صلى الله عليه وسلم فضل الكساء فغطاهم به, ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي, فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً قالت: فأدخلت رأسي البيت, فقلت: وأنا معكم يارسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنك إلى خير, إنك إلى خير" في إسناده من لم يسم وهو شيخ عطاء , وبقية رجاله ثقات.
(طريق أخرى) قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب , حدثنا مصعب بن المقداد , حدثنا سعيد بن زربي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: " جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة, تحملها على طبق, فوضعتها بين يديه صلى الله عليه وسلم فقال: أين ابن عمك وابناك ؟ فقالت رضي الله عنها في البيت, فقال صلى الله عليه وسلم: ادعيهم فجاءت إلى علي رضي الله عنه فقالت: أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت وابناك, قالت أم سلمة رضي الله عنها: فلما رآهم مقبلين مد صلى الله عليه وسلم يده إلى كساء كان على المنامة, فمده وبسطه وأجلسهم عليه ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله, فضمه فوق رؤوسهم, وأومأ بيده اليمنى إلى ربه فقال اللهم هؤلاء أهل بيتي, فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً".
(طريق أخرى) قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد حدثنا عبد الله بن عبد القدوس , عن الأعمش عن حكيم بن سعد قال: ذكرنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند أم سلمة رضي الله عنها فقالت: في بيتي نزلت "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" قالت أم سلمة : " جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتي فقال: لاتأذني لأحد فجاءت فاطمة رضي الله عنها, فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها, ثم جاء الحسن رضي الله عنه, فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه, ثم جاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه عن جده صلى الله عليه وسلم وأمه رضي الله عنها ثم جاء علي رضي الله عنه, فلم أستطع أن أحجبه, فاجتمعوا فجللهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه, ثم قال: هؤلاء أهل بيتي, فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً فنزلت هذه الاية حين اجتمعوا على البساط, قالت: فقلت: يارسول الله وأنا ؟ قالت: فوالله ماأنعم, وقال: إنك إلى خير".
(طريق أخرى) قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا عوف عن أبي المعدل عن عطية الطفاوي عن أبيه قال: إن أم سلمة رضي الله عنها حدثته قالت: " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم: في بيتي يوماً إذ قالت الخادم: إن فاطمة وعلياً رضي الله عنهما بالسدة, قالت: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قومي فتنحي عن أهل بيتي قالت: فقمت فتنحيت في البيت قريباً, فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين رضي الله عنهم, وهما صبيان صغيران, فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره فقبلهما, واعتنق علياً رضي الله عنه بإحدى يديه, و فاطمة رضي الله عنها باليد الأخرى, وقبل فاطمة وقبل علياً : وأغدق عليهم خميصة سوداء, وقال :اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي قالت: فقلت وأنا يارسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: وأنت".
(طريق أخرى) قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب حدثنا الحسن بن عطية , حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: إن هذه الاية نزلت في بيتي "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" قالت: " وأنا جالسة على باب البيت, فقلت: يارسول الله ألست من أهل البيت ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إنك إلى خير, أنت من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: وفي البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم " .
(طريق أخرى) رواها ابن جرير أيضاً عن أبي كريب عن وكيع عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أم سلمة رضي الله عنها.
(طريق أخرى) قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب حدثنا خالد بن مخلد , حدثني موسى بن يعقوب , حدثني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص , عن عبد الله بن وهب بن زمعة قال: أخبرتني أم سلمة رضي الله عنها قالت: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع علياً وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم, ثم أدخلهم تحت ثوبه, ثم جأر إلى الله عز وجل ثم قال: هؤلاء أهل بيتي قالت أم سلمة رضي الله عنها: فقلت يارسول الله أدخلني معهم, فقال صلى الله عليه وسلم: أنت من أهلي".
(طريق أخرى) رواها ابن جرير أيضاً عن أحمد بن محمد الطوسي , عن عبد الرحمن بن صالح , عن محمد بن سليمان الأصبهاني , عن يحيى بن عبيد المكي عن عطاء , عن عمر بن أبي سلمة عن أمه رضي الله عنها بنحو ذلك.
(حديث آخر) قال ابن جرير : حدثنا وكيع محمد بن بشير عن زكريا عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة قالت: قالت عائشة رضي الله عنها: " خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود, فجاء الحسن رضي الله عنه فأدخله معه, ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه ثم جاء علي رضي الله عنه فأدخله معه, ثم قال صلى الله عليه وسلم: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" "رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن بشر به.
(طريق أخرى) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا سريج بن يونس أبو الحارث , حدثنا محمد بن يزيد عن العوام يعني ابن حوشب رضي الله عنه عن عم له قال: " دخلت مع أبي على عائشة رضي الله عنها فسألتها عن علي رضي الله عنه, فقالت رضي الله عنها: تسألني عن رجل من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكانت تحته ابنته وأحب الناس إليه ؟ لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضي الله عنهم, فألقى عليهم ثوباً فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي, فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً قالت: فدنوت منهم فقلت: يارسول الله, وأنا من أهل بيتك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: تنحي فإنك على خير".
(حديث آخر) قال ابن جرير : حدثنا ابن المثنى , حدثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي , حدثنا مندل عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت هذه الاية في خمسة: في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً"" قد تقدم أن فضيل بن مرزوق رواه عن عطية عن أبي سعيد عن أم سلمة رضي الله عنها كما تقدم, وروى ابن أبي حاتم من حديث هارون بن سعد العجلي عن عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه موقوفاً, والله سبحانه وتعالى أعلم.
(حديث آخر) قال ابن جرير : حدثنا ابن المثنى , حدثنا أبو بكر الحنفي , حدثنا بكير بن مسمار قال: سمعت عامر بن سعد رضي الله عنه قال: قال سعد رضي الله عنه: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل عليه الوحي, فأخذ علياً وابنيه وفاطمة رضي الله عنهم, فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي".
(حديث آخر) وقال مسلم في صحيحه : حدثني زهير بن حرب وشجاع بن مخلد , عن ابن علية , قال زهير : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم , حدثني أبو حيان حدثني يزيد بن حبان قال: انطلقت أنا و حصين بن سبرة وعمر بن مسلمة إلى زيد بن أرقم رضي الله عنه, فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يازيد خيراً كثيراً رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه, وغزوت معه, وصليت خلفه, لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً. حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ياابن أخي والله لقد كبرت سني, وقدم عهدي, ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم, فما حدثتكم فاقبلوا, ومالا فلا تكلفونيه, ثم قال: " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً خطيباً بماء يدعى خماً, بين مكة والمدينة, فحمد الله تعالى وأثنى عليه, ووعظ وذكر ثم قال: أما بعد, ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب, وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله تعالى, فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به" فحث على كتاب الله عز وجل ورغب فيه, ثم قال "وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي, أذكركم الله في أهل بيتي " ثلاثاً, فقال له حصين : ومن أهل بيته يازيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال: نساؤه من أهل بيته, ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده, قال: ومن هم ؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس رضي الله عنهم, قال: كل هؤلاء حرم الصدقة بعده ؟ قال: نعم.
ثم رواه عن محمد بن بكار بن الريان عن حسان بن إبراهيم عن سعيد بن مسروق عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم رضي الله عنه, فذكر الحديث بنحو ما تقدم, وفيه فقلت له: من أهل بيته نساؤه ؟ قال: لا, وايم الله إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر, ثم يطلقها فترجع إلى أبيها,, أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.
هكذا وقع في هذه الرواية, والأولى أولى والأخذ بها أحرى. وهذه الثانية تحتمل أنه أراد تفسير الأهل المذكورين في الحديث الذي رواه, إنما المراد بهم آله الذين حرموا الصدقة, أو أنه ليس المراد بالأهل الأزواج فقط, بل هم مع آله, وهذا الاحتمال أرجح جمعاً بينهما وبين الرواية التي قبلها, وجمعاً أيضاً بين القرآن والأحاديث المتقدمة إن صحت, فإن في بعض أسانيدها نظراً, والله أعلم, ثم الذي لا شك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في قوله تعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" فإن سياق الكلام معهن, ولهذا قال تعالى بعد هذا كله: "واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة" أي واعملن بما ينزل الله تبارك وتعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم في بيوتكن من الكتاب والسنة, قاله قتادة وغير واحد, واذكرن هذه النعمة التي خصصتن بها من بين الناس, أن الوحي ينزل في بيوتكن دون سائر الناس, و عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما أولاهن بهذه النعمة, وأحظاهن بهذه الغنيمة, وأخصهن من هذه الرحمة العميمة, فإنه لم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي في فراش امرأة سواها, كما نص على ذلك صلوات الله وسلامه عليه. قال بعض العلماء رحمه الله: لأنه لم يتزوج بكراً سواها, ولم ينم معها رجل في فراشها سواه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها, فناسب أن تخصص بهذه المزية, وأن تفرد بهذه المرتبة العليا, ولكن إذا كان أزواجه من أهل بيته, فقرابته أحق بهذه التسمية, كما تقدم في الحديث "وأهل بيتي أحق". وهذا مايشبه ماثبت في صحيح مسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى من أول يوم, فقال: هو مسجدي هذا " فهذا من هذا القبيل, فإن الاية إنما نزلت في مسجد قباء كما ورد في الأحاديث الأخر, ولكن إذا كان ذاك أسس على التقوى من أول يوم, فمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بتسميته بذلك, والله أعلم.
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أبو الوليد , حدثنا أبو عوانة عن حصين بن عبد الرحمن عن أبي جميلة قال: إن الحسن بن علي رضي الله عنهما استخلف حين قتل علي رضي الله عنهما, قال: فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجره, وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد, و حسن رضي الله عنه ساجد. قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه, فمرض منها أشهراً ثم برأ, فقعد على المنبر فقال: ياأهل العراق اتقوا الله فينا, فإنا أمراؤكم وضيفانكم, ونحن أهل البيت الذي قال الله تعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" قال فما زال يقولها حتى ما بقي أحد في المسجد إلا وهو يحن بكاءً.
وقال السدي عن أبي الديلم قال: قال علي بن الحسين رضي الله عنهما لرجل من الشام: أما قرأت في الأحزاب "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً" ؟ فقال: نعم, ولأنتم هم ؟ قال: نعم. وقوله تعالى: "إن الله كان لطيفاً خبيراً" أي بلطفه بكن, بلغتن هذه المنزلة, وبخبرته بكن وأنكن أهل لذلك أعطاكن ذلك وخصكن بذلك. قال ابن جرير رحمه الله: واذكرن نعمة الله عليكن بأن جعلكن في بيوت تتلى فيها آيات الله والحكمة, فاشكرن الله تعالى على ذلك واحمدنه "إن الله كان لطيفاً خبيراً" أي ذا لطف بكن, إذ جعلكن في البيوت التي تتلى فيها آيات الله والحكمة, وهي السنة. خبيراً بكن إذ اختاركن لرسوله وقال قتادة " واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة " قال: يمتن عليهن بذلك, رواه ابن جرير . وقال عطية العوفي في قوله تعالى: "إن الله كان لطيفاً خبيراً" يعني لطيفاً باستخراجها خبيراً بموضعها, رواه ابن أبي حاتم , ثم قال: وكذا روي عن الربيع بن أنس عن قتادة .
33- "وقرن في بيوتكن" قرأ الجمهور "وقرن" بكسر القاف من وقر يقر وقاراً: أي سكن، والأمر منه قر بكسر القاف، وللنساء قرن مثل عدن وزن. وقال المبرد: هو من القرار، لا من الوقار، تقول قررت بالمكان بفتح الراء، والأصل اقررن بكسر الراء، فحذفت الراء الأولى تخفيفاً كما قالوا في ظللت ظلت، ونقولا حركتها إلى القاف، واستغني عن ألف الوصل بتحريك القال. وقال أبو علي الفارسي: أبدلت منه، والتقدير اقيرن، ثم تلقى حركة الياء على القاف كراهة تحريك الياء بالكسر فتسقط الياء لاجتماع الساكنين، وتسقط همزة الوصل لتحريك ما بعدها فيصير قرن. وقرأ نافع وعاصم بفتح القاف وأصله قررت بالمكان: إذا أقمت فيه بكسر الراء، أقر بفتح القاف كحمد يحمد، وهي لغة أهل الحجاز، ذكر ذلك أبو عبيد عن الكسائي، وذكرها الزجاج وغيره. قال الفراء: هو كما تقول هل حست صاحبك: أي هل أحسسته؟ قال أبو عبيد: كان أشياخنا من أهل العربية ينكرون القراءة بالفتح للقاف، وذلك لأن قررت بالمكان أقر لا يجوزه كثير من أهل العربية. والصحيح قررت أقر بالكسر، ومعناه: الأمر لهن بالتوقر والسكون في بيوتهن وأن لا يخرجن، وهذا يخالف ما ذكرناه هنا عنه عن الكسائي وهو من أجل مشايخه. وقد وافقه على الإنكار لهذه القراءة أبو حاتم فقال: إن قرن بفتح القاف لا مذهب له في كلام العرب. قال النحاس: قد خولف أبو حاتم في قوله إنه مذهب له في كلام العرب بل فيه مذهبان: أحدهما حكاه الكسائي، والآخر عن علي بن سليمان فأما المذهب الذي حكاه الكسائي فهو ما قدمناه من رواية أبي عبيد عنه، وأما المذهب الذي حكاه علي بن سليمانن فقال: إنه من قررت به عيناً أقر. والمعنى: واقررن به عيناً في بيوتكن. قال النحاس: وهو وجه حسن.
وأقول: ليس بحسن ولا هو معنى الآية، فإن المراد بها أمرهن بالسكون والاستقرار في بيوتهن، وليس من قرة العين. وقرأ ابن أبي عبلة واقررن بألف وصل وراءين، والأولى مكسورة على الأصل "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى" التبرج: أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها ما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل. وقد تقدم معنى التبرج في سورة النور. قال المبرد: هو مأخوذ من السعة، يقال في أسنانه برج: إذا كانت متفرقة. وقيل التبرج هو التبختر في المشي، وهذا ضعيف جداً.
وقد اختلف في المراد بالجاهلية الأولى، فقيل ما بين آدم ونوح، وقيل ما بين نوح وإدريس، وقيل ما بين نوح وإبراهيمن وقيل ما بين موسى وعيسى، وقيل ما بين عيسى ومحمد. وقال المبرد: الجاهلية الأولى كما تقول الجاهلية الجهلاء. قال: وكان نساء الجاهلية تظهر ما يقبح إظهاره، حتى كانت المرأة تجلس مع زوجها وخليلها، فينفرد خليلها بما فوق الإزار إلى أعلى، وينفرد زوجها بما دون الإزار إلى أسفل، وربما سأل أحدهما صاحبه البدل. قال ابن عطية: والذي يظهر لي أنه أشار إلى الجاهلية التي لحقنها فأمرن بالنقلة عن سيرتهن فيها، وهي ما كان قبل الشرع من سيرة الكفرة، لأنهم كانوا لا غيرة عندهم، وليس المعنى أن ثم جاهلية أخرى كذا قال، وهو قول حسن. ويمكن أن يراد بالجاهلية الأخرى ما يقع في الإسلام من التشبه بأهل الجاهلية بقول أو فعل، فيكون المعنى: ولا تبرجن أيها المسلمات بعد إسلامكن تبرجاً مثل تبرج الجاهلية التي كنتن عليها، وكان عليها من قبلكن: أي لا تحدثن بأفعالكن وأقوالكن جاهلية تشابه الجاهلية التي كانت من قبل "وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله" خص الصلاة والزكاة لأنهما أصل الطاعات البدنية والمالية. ثم عمم فأمرهن بالطاعة لله ولرسوله في كل ما هو شرع "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت" أي إنما أوصاكن الله بما أوصاكن من التقوى، وأن لا تخضعن بالقول، ومن قول المعروف، والسكون في البيوت وعدم التبرج، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والطاعة ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، والمراد بالرجس الإثم والذنب المدنسان للأعراض الحاصلان بسبب ترك ما أمر الله به، وفعل ما نهى عنه، فيدخل تحت ذلك كل ما ليس فيه لله رضا، وانتصاب أهل البيت على المدح كما قال الزجاج، قال: وإن شئت على البدل. قال: ويجوز الرفع والخفض. قال النحاس: إن خفض فعلى أنه بدل من الكاف والميم، واعترضه المبرد بأنه لا يجوز البدل من المخاطب، ويجوز أن يكون نصبه على النداء "ويطهركم تطهيراً" أي يطهركم من الأرجاس والأدران تطهيراً كاملاً. وفي استعارة الرجس للمعصية والترشيح لها بالتطهير تنفير عنها بليغ، وزجر لفاعلها شديد.
وقد اختلف أهل العلم في أهل البيت المذكورين في الآية، فقال ابن عباس وعكرمة وعطاء والكلبي ومقاتل وسعيد بن جبير: إن أهل البيت المذكورين في الآية هن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
33- "وقرن في بيوتكن"، قرأ أهل المدينة وعاصم: وقرن بفتح القاف، وقرأ الآخرون بكسرها، فمن فتح القاف فمعناه، اقررن أي: الزمن بيوتكن، من قولهم: قررت بالمكان أقر قراراً، يقال: قررت أقر وقررت أقر، وهما لغتان، فحذفت الراء الأولى التي هي عين الفعل لثقل التضعيف ونقلت حركتها إلى القاف كقولهم: في ظللت ظلت، قال الله تعالى: "فظلتم تفكهون" (الواقعة-65)، " ظلت عليه عاكفا " (طه-97).
ومن كسر القاف فقد قيل: هو من قررت أقر، معناه اقررن -بكسر الراء- فحذفت الأولى ونقفت حركتها إلى القاف كما ذكرنا، وقيل: -وهو الأصح- أنه أمر من الوقار، كقولهم من الوعد: عدن، ومن الوصل: صلن، أي: كن أهل وقار وسكون، من قولهم وقر فلان يقر وقوراً إذا سكن واطمأن.
"ولا تبرجن" قال مجاهد وقتادة: التبرج هو التكسر والتغنج، وقال ابن أبي نجيح: هو التبختر. وقيل: هو إظهار الزينة وإبراز المحاسن للرجال، "تبرج الجاهلية الأولى". اختلفوا في الجاهلية الأولى. قال الشعبي: هي ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو العالية: هي في زمن داود وسليمان عليهما السلام، كانت المرأة تلبس قميصاً من الدر غير مخيط من الجانبين فيرى خلقها فيه.
وقال الكلبي: كان ذلك في زمن نمرود الجبار، كانت المرأة تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه وتمشي وسط الطريق ليس عليها شيء غيره وتعرض نفسها على الرجال.
وروى عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: الجاهلية الأولى فيما بين نوح وإدريس، وكانت ألف سنة، وأن بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل والآخر يسكن الجبل، وكان رجال الجبل صباحاً وفي النساء دمامة، وكان نساء السهل صباحاً وفي الرجال دمامة، وأن إبليس أتى رجلاً من أهل السهل وأجر نفسه منه، فكان يخدمه واتخذ شيئاً مثل الذي يزمر به الرعاء فجاء بصوت لم يسمع الناس مثله، فبلغ ذلك من حولهم فانتابوهم يستمعون إليه، واتخذوا عيداً يجتمعون إليه في السنة، فتبرج النساء للرجال ويتزين الرجال لهن، وإن رجلاً من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم ذلك فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك فتحولوا إليهم فنزلوا معهم فظهرت الفاحشة فيهم، فذلك قوله تعالى: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى".
وقال قتادة: هي ما قبل الإسلام.
وقيل: الجاهلية الأولى: ما ذكرنا، والجاهلية الأخرى: قوم يفعلون مثل فعلهم في آخر الزمان.
وقيل: قد تذكر الأولى وإن لم يكن لها أخرى، كقوله تعالى: "وأنه أهلك عاداً الأولى" (النجم-50)، ولم يكن لها أخرى.
قوله عز وجل: "وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت"، أراد بالرجس: الإثم الذي نهى الله النساء عنه، قاله مقاتل: وقال ابن عباس: يعني: عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضى، وقال قتادة: يعني: السوء. وقال مجاهد: الرجس الشك.
وأراد بأهل البيت: نساء النبي صلى الله عليه وسلم لأنهن في بيته، وهو رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس، وتلا قوله: "واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله"، وهو قول عكرمة ومقاتل.
وذهب أبو سعيد الخدري، وجماعة من التابعين، منهم مجاهد، وقتادة، وغيرهما: إلى أنهم علي وفاطمة والحسن والحسين.
حدثنا أبو الفضل زياد بن محمد الحنفي، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الأنصاري، أخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعدي، أخبرنا أبو همام الوليد بن شجاع، أخبرنا يحيى بن زكريا بن زائدة، أخبرنا أبي عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة الحجبية، عن عائشة أم المؤمنين قالت: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجلس فأتت فاطمة فأدخلها فيه ثم جاء علي فأدخله فيه، ثم جاء حسن فأدخله فيه، ثم جاء حسين فأدخله فيه، ثم قال: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً"".
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الحميدي، أخبرنا عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن مكرم، أخبرنا عثمان بن عمر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أم سلمة قالت: "في بيتي أنزلت: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت"، قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين، فقال: هؤلاء أهل بيتي، قالت: فقلت يا رسول الله أما أنا من أهل البيت؟ قال: بلى إن شاء الله".
قال زيد بن أرقم: أهل بيته من حرم الصدقة عليه بعده، آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس.
33 -" وقرن في بيوتكن " من وقر يقر وقاراً أو من قر يقر حذفت الأولى من راءي اقررن ونقلت كسرتها إلى القاف ، فاستغني عن همزة الوصل ويؤيده قراءة نافع و عاصم بالفتح من قررت أقر وهو لغة فيه ، ويحتمل أن يكون من قار يقار إذا اجتمع . " ولا تبرجن " ولا تتبخترن في مشيتكن . " تبرج الجاهلية الأولى " تبرجاً مثل تبرج النساء في أيام الجاهلية القديمة ، وقيل هي ما بين آدم ونوح ، وقيل الزمان الذي ولد فيه إبراهيم عليه والصلاة والسلام كانت المرأة تلبس درعاً من اللؤلؤ فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال والجاهلية الأخرى ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، وقيل الجاهلية الأولى جاهلية الكفر قبل الإسلام ، والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق في الإسلام ويعضده " قوله عليه الصلاة والسلام لأبي الدرداء رضي الله عنه إن فيك جاهلية ، قال جاهلية كفر أو إسلام قال بل جاهلية كفر " . " وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله " في سائر ما أمركن به ونهاكن عنه . " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس " الذنب المدنس لعرضكم وهو تعليل لأمرهن ونهيهن على الاستئناف ولذلك عمم الحكم . " أهل البيت " نصب على النداء أو المدح . " ويطهركم " عن المعاصي . " تطهيراً " واستعارة الرجس للمعصية والترشيح بالتطهير للتنفير عنها ، وتخصيص الشيعة أهل البيت بفاطمة وعلي وابنيهما رضي الله عنهما لما روي " أنه عليه الصلاة والسلام خرج ذات غدوة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجلس فأتت فاطمة رضي الله عنها فأدخلها فيه ، ثم جاء علي فأدخله فيه ثم جاء الحسن والحسين رضي الله عنهما فأدخلهما فيه ثم قال : " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت " "، والاحتجاج بذلك على عصمتهم وكون إجماعهم حجة ضعيف لأن التخصيص بهم لا يناسب ما قبل الآية وما بعدها ، والحديث يقتضي أنهم من أهل البيت لا أنه ليس غيرهم .
33. And stay in your houses. Bedizen not yourselves with the bedizenment of the Time of ignorance. Be regular in prayer, and pay the poor due, and obey Allah and His messenger. Allah's wish is but to remove uncleanness far from you, O Folk of the Household, and cleanse you with a thorough cleansing.
33 - And stay quietly in your houses, and make not a dazzling, display, like that of the former Times of Ignorance; and establish regular Prayer, and give regular Charity; and obey God and His apostle. And God Only wishes to remove all abomination from you, Ye Member of the family, and to make you pure spotless.