33 - (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) بالمعاصي مثلا
واخرج ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي العالية قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون انه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل فنزل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم فخافوا أن يبطل الذنب العمل
يقول تعالى ذكره : " يا أيها الذين آمنوا " بالله ورسوله "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول " في أمرهما ونهيهما " ولا تبطلوا أعمالكم " يقول : ولا تبطلوا بمعصيتكم إياهما وكفركم بربكم ثواب أعمالكم ، فإن الكفر بالله يحبط السالف من العمل الصالح .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم " ..الآية ، من استطاع منكم أن لا يبطل عملاً صالحاً عمله بعمل سيء فليفعل ، ولا قوة إلا بالله ، فإن الخير ينسخ الشر ، وإن الشر ينسخ الخير ، وإن ملاك الأعمال خواتيمها .
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول " لما بين حال الكفار أمر المؤمنين بلزوم الطاعة في أوامره والرسول في سننه ، " ولا تبطلوا أعمالكم " أي حسناتكم بالمعاصي ، قاله الحسن : وقال الزهري : بالكبائر ، ، ابن جريج : بالرياء والسمعة وقال مقاتل و الثمالي : بالمن ، وهو خطاب لمن كان على النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه وكله متقارب وقول الحسن يجمعه ، وفيه إشارة إلى أن الكبائر تحبط الطاعات والمعاصي تخرج عن الإيمان .
الثانية : احتج علماؤنا وغيرهم بهذه الآية على أن التحلل من التطوع صلاة كان أو صوماً ، بعد التلبس به لا يجوز لأن فيه إبطال العمل وقد نهى الله عنه ، وقال من أجاز ذلك وهو الإمام الشافعي وغيره ، المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض ، فنهى الرجل عن إحباط ثوابه فأما ما كان نفلاً فلا ، لأنه ليس واجباً عليه ، فإن زعموا أن اللفظ عام فالعام يجوز تخصيصه ، ووجه تخصيصه أن النفل تطوع ، والتطوع يقتضي تخييراً .
وعن أبي العالية : كانوا يرون أنه لا يضر مع الإسلام ذنب ، حتى نزلت هذه الآية فخافوا الكبائر أن تحبط الأعمال ، وقال مقاتل : يقول الله تعالى إذا عصيتم الرسول فقد أبطلتم أعمالكم .
يخبر تعالى عمن كفر وصد عن سبيل الله وخالف الرسول وشاقه, وارتد عن الإيمان من بعد ما تبين له الهدى أنه لن يضر الله شيئاً, وإنما يضر نفسه ويخسرها يوم معادها, وسيحبط الله عمله فلا يثيبه على سالف ما تقدم من عمله الذي عقبه بردته مثقال بعوضة من خير, بل يحبطه ويمحقه بالكلية كما أن الحسنات يذهبن السيئات. وقد قال الإمام أحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة: حدثنا أبو قدامة, حدثنا وكيع, حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع "لا إله إلا الله ذنب" كما لا ينفع مع الشرك عمل فنزلت "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم" فخافوا أن يبطل الذنب العمل, ثم روي عن طريق عبد الله بن المبارك أخبرني بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا معشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبول حتى نزلت "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم" فقلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا ؟ فقلنا: الكبائر الموجبات والفواحش حتى نزل قوله تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك فكنا نخاف على من أصاب الكبائر والفواحش ونرجو لمن لم يصبها .
ثم أمر تبارك وتعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله التي هي سعادتهم في الدنيا والاخرة ونهاهم عن الارتداد الذي هو مبطل للأعمال, ولهذا قال تعالى: "ولا تبطلوا أعمالكم" أي بالردة, ولهذا قال بعدها: "إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم" كقوله سبحانه وتعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" الاية. ثم قال جل وعلا لعباده المؤمنين: "فلا تهنوا" أي لا تضعفوا عن الأعداء "وتدعوا إلى السلم" أي المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم وكثرة عددكم وعددكم,. . ولهذا قال: "فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون" أي في حال علوكم على عدوكم.. فأما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين, ورأى الإمام في المهادنة, والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك, كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صده كفار قريش عن مكة ودعوه إلى الصلح, ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين فأجابهم صلى الله عليه وسلم إلى ذلك. وقوله جلت عظمته: "والله معكم" فيه بشارة عظيمة بالنصر والظفر على الأعداء "ولن يتركم أعمالكم" أي ولن يحبطها ويبطلها ويسلبكم إياها بل يوفيكم ثوابها ولا ينقصكم منها شيئاً والله أعلم.
ثم أمر سبحانه عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله فقال: 33- "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول" فيما أمرتم به من الشرائع المذكورة في كتاب الله وسنة رسوله، ثم نهاهم عن أن يبطلوا أعمالهم كما أبطلت الكفار أعمالها بالإصرار على الكفر فقال: "ولا تبطلوا أعمالكم" قال الحسن: أي لا تبطلوا حسناتكم بالمعاصي. وقال الزهري: بالكبائر. وقال الكلبي وابن جريج: بالرياء والسمعة. وقال مقاتل: بالمن. والظاهر النهي عن كل سبب من الأسباب التي توصل إلى بطلان الأعمال كائناً ما كان من غير تخصيص بنوع معين.
33. " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم "، قال عطاء : بالشك والنفاق، وقال الكلبي : بالرياء والسمعة، وقال الحسن : بالمعاصي والكبائر.
وقال أبو العالية : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الإخلاص ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل، فنزلت هذه الآية فخافوا الكبائر بعده أن تحبط الأعمال.
وقال مقاتل : لا تمنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبطلوا أعمالكم، نزلت في بني أسد، وسنذكره في سورة الحجرات إن شاء الله تعالى.
33-" يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم " بما أبطل به هؤلاء كالكفر والنفاق والعجب والرياء والمن والأذى ونحوها ، وليس فيه دليل على إحباط الطاعات بالكبائر .
33. O ye who believe! Obey Allah and obey the messenger, and render not your actions vain.
33 - O ye who believe! Obey God, and obey the Apostle, and make not vain your deeds!