35 - (أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون) هو خبر أنكم الأولى وأنكم الثانية تأكيد لها لما طال الفصل
قوله : " أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما " ... الآية ، يقول تعالى ذكره : قالوا لهم أيعدكم صالح أنكم إذا متم وكنتم ترابا في قبوركم ، وعظاما قد ذهبت لحوم أجسادكم ، وبقيت عظامها ، أنكم مخرجون من قبولكم أحياء ، كما كنتم قبل مماتكم ؟ وأعيدت أنكم مرتين ، والمعنى : أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما ، مخرجون مرة واحدة ، لما فرق بين أنكم الأولى ، وبين خبرها بإذا ، وكذلك تفعل العرب بكل اسم أوقعت عليه الظن وأخواته ، ثم اعترضت بالجزاء دون خبره ، فتكرر اسمه مرة ، وتحذفه أخرى ، فتقول : أظن أنك إن جالستنا أنك محسن ، فإن حذفت أنك الأولى أو الثانية صلح ، وإن أثبتهما صلح ، وإن لم تعترض بينهما بشيء لم يجز ، خطأن أن يقال : أظن أنك أنك جالس ، وذكر أن ذلك في قراءة عبدالله أيعدكم إذا متم وكنتم تربا وعظاما أنكم مخرجون .
" أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون " أي مبعوثون من قبوركم. و " أن " الأولى في موضع نصب بوقوع " يعدكم " عليها، والثانية بدل منها، هذا مذهب سيبويه. والمعنى: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم. قال الفراء : وفي قراءة عبد الله أيعدكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون ، وهو كقولك: أظن إن خرجت أنك نادم. وذهب الفراء والجرمي وأبو العباس المبرد إلى أن الثانية مكررة للتوكيد، لما طال الكلام كان تكريرها حسناً. وقال الأخفش : المعنى أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً يحدث إخراجكم، فـ"أن " الثانية في موضع رفع بفعل مضمر، كما تقول: اليوم القتال، فالمعنى اليوم يحدث القتال. وقال أبو إسحاق: ويجوز أيعدكم إنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون ، لأن معنى " أيعدكم " أيقول إنكم.
يخبر تعالى أنه أنشأ بعد قوم نوح قرناً آخرين, قيل: المراد بهم عاد, فإنهم كانوا مستخلفين بعدهم, وقيل: المراد بهؤلاء ثمود لقوله: "فأخذتهم الصيحة بالحق" وأنه تعالى أرسل فيهم رسولاً منهم, فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له, فكذبوه وخالفوه وأبوا عن اتباعه لكونه بشراً مثلهم, واستنكفوا عن اتباع رسول بشري, وكذبوا بلقاء الله في القيامة وأنكروا المعاد الجثماني وقالوا: "أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون * هيهات هيهات لما توعدون" أي بعيد بعيد ذلك "إن هو إلا رجل افترى على الله كذباً" أي فيما جاءكم به من الرسالة والنذارة والإخبار بالمعاد "وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرني بما كذبون" أي استفتح عليهم الرسول واستنصر ربه عليهم, فأجاب دعاءه "قال عما قليل ليصبحن نادمين" أي بمخالفتك وعنادك فيما جئتهم به "فأخذتهم الصيحة بالحق" أي وكانوا يستحقون ذلك من الله بكفرهم وطغيانهم, والظاهر أنه اجتمع عليهم صيحة مع الريح الصرصر العاصف القوي الباردة "تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم". وقوله: "فجعلناهم غثاء" أي صرعى هلكى كغثاء السيل, وهو الشيء الحقير التافه الهالك الذي لا ينتفع بشيء منه, "فبعداً للقوم الظالمين" كقوله: "وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين" أي بكفرهم وعنادهم ومخالفة رسول الله, فليحذر السامعون أن يكذبوا رسولهم.
والاستفهام في قوله: 35- "أيعدكم أنكم إذا متم" للإنكار، والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها من تقبيح اتباعهم له. قرئ بكسر الميم من متم، من مات يمات كخاف يخاف. وقرئ بضمها من مات يموت: كقال يقول "وكنتم تراباً وعظاماً" أي كان بعض أجزائكم تراباً، وبعضها عظاماً نخرة لا لحم فيها ولا أعصاب عليها، قيل وتقديم التراب لكونه أبعد في عقولهم. وقيل المعنى: كان متقدموكم تراباً، ومتأخروكم عظاماً "أنكم مخرجون" أي من قبوركم أحياء كما كنتم، قال سيبويه: أن الأولى في موضع نصب بوقوع أيعدكم عليها، وأن الثانية بدل منها. وقال الفراء والجرمي والمبرد: إن أن الثانية مكررة للتوكيد، وحسن تكريرها لطول الكلام، وبمثله قال الزجاج. وقال الأخفش: أن الثانية في محل رفع بفعل مضمر: أي يحدث إخراجكم كما تقول: اليوم القتال، فالمعنى: اليوم يحدث القتال.
35. " أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون "، من قبوركم أحياءً وأعاد ((أنكم)) لما طال الكلام، ومعنى الكلام: أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً مخرجون؟ وكذلك هو في قراءة عبد الله، نظيره في القرآن: " ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالداً فيها " (التوبة-63).
35ـ " أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً " مجردة عن اللحوم والأعصاب . " أنكم مخرجون " من الأجداث أو من العدم تارة أخرى إلى الوجود ، و " أنكم " تكرير للأول أكد به لما طال الفصل بينه وبين خبره ، أو أنكم لمخرجون مبتدأ خبره الظرف المقدم ، أو فاعل للفعل المقدر جواباً للشرط والجملة خبر الأول أي : أنكم إخراجكم إذا متم ، أو إنكم إذا متم وقع إخراجكم ويجوز أن يكون خبر الأول محذوفاً لدلالة خبر الثاني عليه لا أن يكون الظرف لأن اسمه جثة .
35. Doth he promise you that you, when ye are dead and have become dust and bones, will (again) be brought forth?
35 - Does he promise that when ye die and become dust and bones, ye shall be brought forth (again)?