35 - (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات) المطيعات (والصادقين والصادقات) في الإيمان (والصابرين والصابرات) على الطاعات (والخاشعين) المتواضعين (والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات) عن الحرام (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة) للمعاصي (وأجرا عظيما) على الطاعات
قوله تعالى إن المسلمين الآية ك وأخرج الترمذي وحسنه من طريق عكرمة عن أم عمارة الأنصاري أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ما أرى كل شيء الا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء فنزلت ان المسلمين والمسلمات الآية
ك وأخرج الطبراني بسند لا بأس به عن ابن عباس قال قالت النساء يا رسول الله ما باله يذكر المؤمنين ولا يذكر المؤمنات فنزلت إن المسلمين والمسلمات الآية وتقدم حديث ام سلمة في آخر سورة آل عمران
وأخرج ابن سعد عن قتادة قال لما ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت النساء لو كان فينا خير لذكرنا فأنزل الله ان المسلمين والمسلمات الآية
يقول تعالى ذكره: إن المتذللين لله بالطاعة والمتذللات، والمصدقين و المصدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أتاهم به من عند الله، والقانتين والقانتات لله، والمطيعين لله والمطيعات له فيما أمرهم ونهاهم، والصادقين الله فيما عاهدوه عليه والصادقات فيه، والصابرين لله في البأساء والضراء على الثبات على دينه، وحين البأس والصابرات، والخاشعة قلوبهم لله وجلاً منه ومن عقابه والخاشعات، والمتصدقين والمتصدقات وهم المؤدون حقوق الله من أموالهم والمؤديات، والصائمين شهر رمضان الذي فرض الله صومه عليهم والصائمات، والحافظين فروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، والحافظات ذلك إلا على أزواجهن إن كن حرائر، أو من ملكهن إن كن إماء، والذاكرين الله بقلوبهم وألسنتهم وجوارحهم والذاكرات، كذلك أعد لهم الله مغفرة لذنوبهم، وأجراً عظيماً: يعني ثواباً في الآخرة على ذلك من أعمالهم عظيماً، وذلك الجنة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: دخل نساء على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقلن: قد ذكركن الله في القرآن، ولم نذكر بشيء، أما فينا ما يذكر؟ فأنزل الله تبارك وتعالى " إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات ": أي المطيعين و المطيعات " والخاشعين والخاشعات ": أي الخائفين والخائفات " أعد الله لهم مغفرة " لذنوبهم " وأجرا عظيما " في الجنة.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله " وأجرا عظيما " قال: الجنة وفي قوله " والقانتين والقانتات " قال: المطيعين والمطيعات.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن عامر، قال: القانتات: المطيعات.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مؤمل، قال: سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: " قالت أم سلمة: يا رسول الله يذكر الرجال ولا نذكر، فنزلت " إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات " ".
حدثنا أبو كريب، قالت: ثنا أبو معاوية، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، حدثه، عن أم سلمة قالت: " قلت: يا رسول الله، أيذكر الرجال في كل شيء، ولا نذكر؟ فأنزل الله " إن المسلمين والمسلمات " ... الآية ".
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا سيار بن مظاهر العنزي، قال: ثنا أبو كدينة يحيى بن مهلب، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال نساء النبي صلى الله عليه وسلم: ما له يذكر المؤمنين، ولا يذكر المؤمنات؟ فأنزل الله " إن المسلمين والمسلمات " ... الآية.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله " إن المسلمين والمسلمات " قال: قالت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ما للنساء لا يذكرن مع الرجال في الصلاح؟ فأنزل الله هذه الآية.
حدثني محمد بن المعمر، قال: ثنا أبو هشام، قال: ثنا عبد الواحد، قال: ثنا عثمان بن حكيم، قال: ثنا عبد الرحمن بن شيبة، قال: سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: " قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال؟ قالت: فلم يرعني ذات يوم ظهراً إلا نداؤه على المنبر وأنا أسرح رأسي، فلففت شعري ثم خرجت إلى حجرة من حجرهن، فجعلت سمعي عند الجريد، فإذا هو يقول على المنبر: يا أيها الناس إن الله يقول في كتابه: " إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات " ... إلى قوله " أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما " ".
فيه مسألتان :
الأولى : روى الترمذي " عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي صلىالله عليه وسلم فقالت : ما أرى كل شيء إلا للرجال ، وما أرى النساء يذكرن بشيء ! فنزلت هذه الآية : " إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات " الآية " . هذا حديث حسن غريب . و(( المسلمين )) اسم (( إن )) . (( والمسلمات )) عطف عليه . ويجوز رفعهن عند البصريين ، فأما الفراء فلا يجوز عنده إلا فيما لا يتبين فيه الإعراب .
الثانية : بدأ تعالى في هذه الآية بذكر الإسلام الذي يعم الإيمان وعمل الجوارح ، ثم ذكر الإيمان تخصيصا له وتنبيها على أنه عظم الإسلام ودعامته . والقانت : العابد المطيع . والصادق : معناه فيما عوهد عليه أن يفي به . والصابر عن الشهوات وعلى الطاعات في المكره والمنشط . والخاشع : الخائف لله . والمتصدق بالفرض والنفل . وقيل : بالفرض خاصة ، والأول أمدح . والصائم كذلك . " والحافظين فروجهم والحافظات " أي عما لا يحل من الزنى وغيره . وفي قوله : " والحافظات " حذف يدل عليه المتقدم ، تقديره : والحافظاتها ، فاكتفى بما تقدم . وفي " والذاكرات " أيضا مثله ، ونظيره قول الشاعر :
وكمتا مدماة كأن متونها جرى فوقها واستشعرت لون مذهب
وروى سيبويه : (( لون مذهب )) بالنصب . وإنما يجوز الرفع على حذف الهاء ، كأنه قال : واستشعرته ، فيمن رفع لونا . والذاكر قيل في أدبار الصلوات وغدوا وعشيا ، وفي المضاجع وعند الانتباه من النوم . وقد تقدم هذا كله مفصلا في مواضعه ، وما يترتب عليه من الفوائد والأحكام ، فأغنى عن الإعادة . والحمد لله رب العالمين . قال مجاهد : لا يكون ذاكرا لله تعالى كثيرا حتى يذكره قائما وجالسا ومضطجعا . وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه :
من أيقظ أهله بالليل وصليا أربع ركعات كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات .
قال الإمام أحمد : حدثنا عفان : حدثنا عبد الواحد بن زياد , حدثنا عثمان بن حكيم , حدثنا عبد الرحمن بن شيبة قال: سمعت أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم مالنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال ؟ قالت: فلم يرعني منه ذات يوم إلا ونداؤه على المنبر, وأنا أسرح شعري, فلففت شعري ثم خرجت إلى حجرتي حجرة بيتي, فجعلت سمعي عند الجريد فإذا هو يقول عند المنبر "ياأيها الناس إن الله تعالى يقول: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات"" إلى آخر الاية, وهكذا رواه النسائي وابن جرير من حديث عبد الواحد بن زياد به مثله.
(طريق أخرى عنها) قال النسائي أيضاً: حدثنا محمد بن حاتم , حدثنا سويد , أخبرنا عبد الله بن شريك عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها, أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: يانبي الله مالي أسمع الرجال يذكرون في القرآن والنساء لايذكرون ؟ فأنزل الله تعالى: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات" وقد رواه ابن جرير عن أبي كريب عن أبي معاوية , عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة أن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب حدثه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: يارسول الله يذكر الرجال ولانذكر, فأنزل الله تعالى: "إن المسلمين والمسلمات" الاية.
(طريق أخرى) قال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قالت أم سلمة رضي الله عنها: يارسول الله يذكر الرجال ولانذكر, فأنزل الله تعالى: "إن المسلمين والمسلمات" الاية.
(حديث آخر) قال ابن جرير : حدثنا أبو كريب قال: حدثنا سيار بن مظاهر العنزي , حدثنا أبو كدينة يحيى بن المهلب عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: ماله يذكر المؤمنين ولايذكر المؤمنات ؟ فأنزل لله تعالى: "إن المسلمين والمسلمات" الاية, وحدثنا بشر حدثنا يزيد , حدثنا سعيد عن قتادة قال: دخل نساء على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقلن: قد ذكركن الله تعالى في القرآن ولم نذكر بشيء أما فينا مايذكر ؟ فأنزل الله تعالى: "إن المسلمين والمسلمات" الاية, فقوله تعالى: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات" دليل على أن الإيمان غير الإسلام, وهو أخص منه لقوله تعالى: "قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم". وفي الصحيحين "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" فيسلبه الإيمان ولايلزم من ذلك كفره بإجماع المسلمين, فدل على أنه أخص منه كما قررناه أولاً في شرح البخاري .
وقوله تعالى: "والقانتين والقانتات" القنوت هو الطاعة في سكون " أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه " وقال تعالى: "وله من في السموات والأرض كل له قانتون" " يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين " "وقوموا لله قانتين" فالإسلام بعده مرتبة يرتقي إليها وهو الإيمان, ثم القنوت ناشىء عنهما "والصادقين والصادقات" هذا في الأقوال, فإن الصدق خصلة محمودة ولهذا كان بعض الصحابة رضي الله عنهم لم تجرب عليهم كذبة لا في الجاهلية ولا في الإسلام, وهو علامة على الإيمان, كما أن الكذب أمارة على النفاق, ومن صدق نجا, "عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر, وإن البر يهدي إلى الجنة, وإياكم والكذب, فإن الكذب يهدي إلى الفجور, وإن الفجور يهدي إلى النار, ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً, ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً".
والأحاديث فيه كثيرة جداً, "والصابرين والصابرات" هذه سجية الأثبات, وهي الصبر على المصائب, والعلم بأن المقدر كائن لا محالة وتلقي ذلك بالصبر عند الصدمة الأولى, أي أصعبه في أول وهلة, ثم مابعده أسهل منه وهو صدق السجية وثباتها "والخاشعين والخاشعات" الخشوع: السكون والطمأنينة, والتؤدة والوقار, والتواضع, والحامل عليه الخوف من الله تعالى ومراقبته, كما في الحديث "اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" "والمتصدقين والمتصدقات" الصدقة هي الإحسان إلى الناس المحاويج الضعفاء الذين لا كسب لهم ولا كاسب يعطون من فضول الأموال طاعة لله وإحساناً إلى خلقه. وقد ثبت في الصحيحين "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ـ فذكر منهم ـ ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلم شماله ما تنفق يمينه" وفي الحديث الاخر "والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار". والأحاديث في الحث عليها كثيرة جداً له موضع بذاته "والصائمين والصائمات" وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه "والصوم زكاة البدن" أي يزكيه ويطهره وينقيه من الأخلاط الرديئة طبعاً وشرعاً, كما قال سعيد بن جبير : من صام رمضان وثلاثة أيام من كل شهر دخل في قوله تعالى: "والصائمين والصائمات" ولما كان الصوم من أكبر العون على كسر الشهوة, كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" ناسب أن يذكر بعده "والحافظين فروجهم والحافظات" أي عن المحارم والمآثم إلا عن المباح كما قال عز وجل: " والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ".
وقوله تعالى: "والذاكرين الله كثيراً والذاكرات" قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا هشام بن عبيد الله , حدثنا محمد بن جابر عن علي بن الأقمر عن الأغر أبي مسلم , عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذاأيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين كتبا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات" وقد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله. وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن , حدثنا ابن لهيعة , حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: " قلت يارسول الله أي العباد أفضل درجة عند الله تعالى يوم القيامة ؟ قال صلى الله عليه وسلم: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات قال: قلت يارسول الله ومن الغازي في سبيل الله تعالى ؟ قال: لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويتخضب دماً, لكان الذاكرون الله تعالى أفضل منه".
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان , حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة, فأتى على جمدان فقال هذا جمدان سيروا فقد سبق المفردون قالوا: وما المفردون ؟ قال صلى الله عليه وسلم : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات ثم قال صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر للمحلقين قالوا: والمقصرين ؟ قال صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر للمحلقين قالو, والمقصرين ؟ قال: والمقصرين" تفرد به من هذا الوجه ورواه مسلم دون آخره.
وقال الإمام أحمد : حدثنا حجين بن المثنى , حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة قال: إنه بلغني عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ماعمل آدمي عملاً قط أنجى له من عذاب الله تعالى من ذكر الله عز وجل" وقال معاذ رضي الله عنه: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من تعاطي الذهب والفضة, ومن أن تلقوا عدوكم غداً فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا: بلى يارسول الله, قال صلى الله عليه وسلم : ذكر الله عز وجل".
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن , حدثنا ابن لهيعة , حدثنا زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه رضي الله عنه, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن رجلاً سأله فقال: أي المجاهدين أعظم أجراً يارسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم أكثرهم لله تعالى ذكراً قال: فأي الصائمين أكثر أجراً ؟ قال صلى الله عليه وسلم أكثرهم لله عز وجل ذكراً ثم ذكر الصلاة والزكاة والحج والصدقة. كل ذلك يقول رسول الله أكثرهم لله ذكراً" فقال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما: ذهب الذاكرون بكل خير, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أجل". وسنذكر إن شاء الله تعالى بقية الأحاديث الواردة في كثرة الذكر عند قوله تعالى في هذه السورة " يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا * وسبحوه بكرة وأصيلا " الاية, إن شاء الله تعالى. وقوله تعالى: "أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً" خبر عن هؤلاء المذكورين كلهم أي أن الله تعالى قد أعد لهم أي هيأ لهم مغفرة منه لذنوبهم وأجراً عظيماً وهو الجنة.
قوله: 35- "إن المسلمين" بدأ سبحانه بذكر الإسلام الذثي هو مجرد الدخول في الدين والانقياد له مع العمل، كما ثبت في الحديث الصحيح "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عن الإسلام قال: هو أن تشهد أن لا إله إلا الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان". ثم عطف على المسلمين "المسلمات" تشريفاً لهن بالذكر.وهكذا فيما بعد وإن كن داخلات في لفظ المسلمين والمؤمنين ونحو ذلك، والتذكير إنما هو لتغليب الذكور على الإناث كما في جميع ما ورد في الكتاب العزيز من ذلك، ثم ذكر "المؤمنين والمؤمنات" وهم من يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره كما ثبت ذلك في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقانت العابد المطيع، وكذا القانتة، وقيل المداومين على العبادة والطاعة، والصادق والصادقة هما من يتكلم بالصدق ويتجنب الكذب ويفي بما عوهد عليه، والصابر والصابرة هما من يصبر عن الشهوات وعلى مشاق التكليف، والخاشع والخاشعة هما المتواضعان لله الخائفان منه الخاضعان في عبادتهم لله، والمتصدق والمتصدقة هما من تصدق من ماله بما أوجبه الله عليه. وقيل ذلك أعم من صدقة الفرض والنفل، وكذلك الصائم والصائمة، قيل ذلك مختص بالفرض، وقيل هو أعم، والحافظ والحافظة لفرجيهما عن الحرام بالتعفف والتنزه والاقتصار على الحلال، والذاكر والذاكرة هما من يذكر الله على أحواله، وفي ذكر الكثرة دليل على مشروعية الاستكثار من ذكر الله سبحانه بالقلب واللسان، واكتفى في الحافظات بما تقدم في الحافظين من ذكر الفروج والتقدير: والحافظين فروجهم والحافظات فروجهن، وكذا في الذاكرات والتقدير: والذاكرين الله كثيراً والذاكرات الله كثيراً، والخبر لجميع ما تقدم هو قوله: "أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً" أي مغفرة لذنوبهم التي أذنبوها وأجراً عظيماً على طاعاتهم التي فعلوها من الإسلام والإيمان والقنوت والصدق والصبر والخشوع والتصدق والصوم والعفاف والذكر، ووصف الأجر بالعظم للدلالة على أنه بالغ غاية المبالغ ولا شيء أعظم من أجر هو الجنة ونعيمها الدائم الذي لا ينقطع ولا ينفد، اللهم اغفر ذنوبنا وأعظم أجورنا.
قوله عز وجل: 35- "إن المسلمين والمسلمات"، الآية. وذلك أن أزواج النبي قلن: يا رسول الله ذكر الله الرجال في القرآن ولم يذكر النساء بخير، فما فينا خير نذكر به، إنا نخاف أن لا يقبل منا طاعةً، فأنزل الله هذه الآية.
قال مقاتل: قالت أم سلمة بنت أبي أمية ونيسة بنت كعب الأنصارية للنبي صلى الله عليه وسلم: ما بال ربنا يذكر الرجال ولا يذكر النساء في شيء من كتابه، نخشى أن لا يكون فيهن خير؟ فنزلت هذه الآية. وروي أن أسماء بنت عميس رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب فدخلت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن؟ قلن: لا. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار، قال: ومم ذاك؟ قالت: لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال، فأنزل الله هذه الآية: "إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين"، المطيعين، "والقانتات والصادقين"، في إيمانهم وفيما ساءهم وسرهم، "والصادقات والصابرين"، على ما أمر الله به، "والصابرات والخاشعين"، المتواضعين، "والخاشعات"، وقيل: أراد به الخشوع في الصلاة، ومن الخشوع أن لا يلتفت، "والمتصدقين"، مما رزقهم الله، "والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم"، عما لا يحل، "والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات"، قال مجاهد: لا يكون العبد من الذاكرين الله كثيراً حتى يذكر الله قائماً وقاعداً ومضطجعاً.
وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قد سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات".
قال عطاء بن أبي رباح: من فوض أمره إلى الله عز وجل فهو داخل في قوله: "إن المسلمين والمسلمات"، ومن أقر بأن الله ربه ومحمداً رسوله، ولم يخالف قلبه لسانه، فهو داخل في قوله: "والمؤمنين والمؤمنات"، ومن أطاع الله في الفرض، والرسول في السنة: فهو داخل في قوله: "والقانتين والقانتات"، ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل في قوله: "والصادقين والصادقات"، ومن صبر على الطاعة، وعن المعصية، وعلى الرزية: فهو داخل في قوله: "والصابرين والصابرات"، ومن صلى ولم يعرف من عن يمينه وعن يساره فهو داخل في قوله: "والخاشعين والخاشعات"، ومن تصدق في كل أسبوع بدرهم فهو داخل في قوله: "والمتصدقين والمتصدقات"، ومن صام في كل شهر أيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فهو داخل في قوله: "والصائمين والصائمات"، ومن حفظ فرجه عما لا يحل فهو داخل في قوله: "والحافظين فروجهم والحافظات"، ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل في قوله: "والذاكرين الله كثيراً والذاكرات".
" أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما ".
35 -" إن المسلمين والمسلمات " الداخلين في السلم المنقادين لحكم الله . " والمؤمنين والمؤمنات " المصدقين بما يجب أن يصدق به . " والقانتين والقانتات " المداومين على الطاعة . " والصادقين والصادقات " في القول والعمل . " والصابرين والصابرات " على الطاعات وعن المعاصي . " والخاشعين والخاشعات " المتواضعين لله بقلوبهم وجوارحهم . " والمتصدقين والمتصدقات " بما وجب في مالهم . " والصائمين والصائمات " الصوم المفروض . " والحافظين فروجهم والحافظات " عن الحرام . " والذاكرين الله كثيراً والذاكرات " بقلوبهم وألسنتهم . " أعد الله لهم مغفرةً " لما اقترفوا من الصغائر لأنهم مكفرات . " وأجراً عظيماً " على طاعتهم ، والآية وعد لهن ولأمثالهم على الطاعة والتدرع بهذه الخصال . روي : " أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن : يا رسول الله ذكر الله الرجال في القرآن بخير فما فينا خير نذكر به فنزلت " . وقيل : لما نزل فيهن ما نزل قال نساء المسلمين فما نزل فينا شيء فنزلت : وعطف الإناث على الذكور لاختلاف الجنسين وهو ضروري ، وعطف الزوجين على الزوجين لتغاير الوصفين فليس بضروري ولذلك ترك في قوله " مسلمات مؤمنات " وفائدته الدلالة على أن إعداد المعد لهم للجمع بين هذه الصفات .
35. Lo! men who surrender unto Allah, and women who surrender, and men who believe and women who believe, and men who obey and women who obey, and men who speak the truth and women who speak the truth, and men who persevere (in righteousness) and women who persevere, and men who are humble and women who are humble, and men who give alms and women who give alms, and men who fast and women who fast, and men who guard their modesty and women who guard (their modesty), and men who remember Allah much and women who remember Allah hath prepared for them forgiveness and a vast reward.
35 - For Muslim men and women, for believing men and women, for devout men and women, for true men and women, for men and women who are patient and constant, for men and women who humble themselves, for men and women Who give in charity, for men and women who fast (and deny themselves), for men and women who guard their chastity, and for men and women who engage much in God's praise, for them has God prepared forgiveness and great reward.