38 - (فآت ذا القربى) القرابة (حقه) من البر والصلة (والمسكين وابن السبيل) المسافر من الصدقة وامة النبي تبع له في ذلك (ذلك خير للذين يريدون وجه الله) ثوابه بما يعلمون (وأولئك هم المفلحون) الفائزون
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: فأعط يا محمد ذا القرابة منك حقه عليك من الصلة والبر والمسكين وابن السبيل، ما فرض الله لهما في ذلك.
كما حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا غندر، عن عوف، عن الحسن " فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل " قال: هو أن توفيهم حقهم إن كان عند يسر، وإن لم يكن عندك فقل لهم قولاً ميسوراً، قل لهم الخير.
وقوله " ذلك خير للذين يريدون وجه الله " يقول تعالى ذكره: إيتاء هؤلاء حقوقهم التي ألزمها الله عباده، خير للذين يريدون الله بإتيانهم ذلك " وأولئك هم المفلحون " يقول: ومن يفعل ذلك مبتغياً وجه الله به، فأولئك هم المنجحون، المدركون طلباتهم عند الله، الفائزون بما ابتغوا والتمسوا بإيتائهم إياهم ما آتوا.
قوله تعالى:"فآت ذا القربى حقه" فيه ثلاث مسائل: الأولى: لما تقدم أنه سبحانه يبسط الزرق لمن يشاء ويقدر أمر من وسع عليه الرزق أن يوصل إلى الفقير كفايته ليمتحن شكر الغني. والخطاب للنبي عليه السلام والمراد هو وأمته، لأنه قال: "ذلك خير للذين يريدون وجه الله " وأمر بإيتاء ذي القربى لقرب رحمه، وخير الصدقة ما كان على القريب، وفيها صلة الرحم. وقد فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة على الأقارب على عتق الرقاب، فقال لميمونة وقد أعتقت وليدةً: "أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك".
الثانية: واختلف في هذه الآية، فقيل: إنها منسوخة بآية المواريث. وقيل: لا نسخ، بل للقريب حق لازم في البري على كل حال، وهو الصحيح. قال مجاهد وقتادة: صلة الرحم فرض من الله عز وجل، حتى قال مجاهد: لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاجة. وقيل: المراد بالقربى أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم. والأول أصح، فإن حقهم مبين في كتاب الله عز وجل في قوله: "فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى" الأنفال:41 . وقيل: إن الأمر بالإيتاء لذي القربى على جهة الندب. قال الحسن: حقه المواساة في اليسر، وقول ميسور في العسر. "والمسكين" قال ابن عباس: أي أطعم السائل الطواف، وابن السبيل: الضعيف، فجعله الضيافة فرضاً، وقد مضى جميع هذا مبسوطاً مبيناً في مواضعه والحمد لله.
الثالثة: "ذلك خير للذين يريدون وجه الله" أي إعطاء الحق أفضل من الإمساك إذا أريد بذلك وجه الله والتقرب إليه. "وأولئك هم المفلحون" أي الفائزون بمطلوبهم من الثواب في الآخرة. وقد تقدم في البقرة القول فيه.
يقول تعالى آمراً بإعطاء " ذا القربى حقه " أي من البر والصلة, "والمسكين" وهو الذي لا شيء له ينفق عليه أو له شيء لا يقوم بكفايته, "وابن السبيل" وهو المسافر المحتاج إلى نفقة وما يحتاج إليه في سفره, "ذلك خير للذين يريدون وجه الله" أي النظر إليه يوم القيامة وهو الغاية القصوى, "وأولئك هم المفلحون" أي في الدنيا والاخرة. ثم قال تعالى: " وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله " أي من أعطى عطية يريد أن يرد عليه الناس أكثر مما أهدى لهم, فهذا لا ثواب له عند الله, بهذا فسره ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وعكرمة ومحمد بن كعب والشعبي , وهذا الصنيع مباح وإن كان لا ثواب فيه, إلا أنه قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة, قاله الضحاك , واستدل بقوله: "ولا تمنن تستكثر" أي لا تعط العطاء تريد أكثر منه.
وقال ابن عباس : الربا رباءان: فربا لا يصح, يعني ربا البيع ؟ وربا لا بأس به وهو هدية الرجل يريد فضلها, وأضعافها, ثم تلا هذه الاية " وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله " وإنما الثواب عند الله في الزكاة, ولهذا قال تعالى: "وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون" أي الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء. كما جاء في الصحيح "وما تصدق أحد بعدل تمرة من كسب طيب إلا أخذها الرحمن بيمينه فيربيها لصاحبها, كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تصير التمرة أعظم من أحد".
وقوله عز وجل: " الله الذي خلقكم ثم رزقكم" أي هو الخالق الرزاق, يخرج الإنسان من بطن أمه عرياناً لا علم له ولا سمع ولا بصر ولا قوة, ثم يرزقه جميع ذلك بعد ذلك والرياش واللباس والمال والأملاك والمكاسب. كما قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية , حدثنا الأعمش عن سلام أبي شرحبيل عن حبة وسواء ابني خالد قالا: دخلنا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلح شيئاً فأعناه, فقال "لا تيأسا من الرزق ما تهززت رؤوسكما, فإن الإنسان تلده أمه أحمر ليس عليه قشرة, ثم يرزقه الله عز وجل".
وقوله تعالى: "ثم يميتكم" أي بعد هذه الحياة, "ثم يحييكم" أي يوم القيامة. وقوله تعالى: "هل من شركائكم" أي الذين تعبدونهم من دون الله "من يفعل من ذلكم من شيء ؟" أي لا يقدر أحد منهم على فعل شيء من ذلك, بل الله سبحانه وتعالى هو المستقل بالخلق والرزق والإحياء والإماتة, ثم يبعث الخلائق يوم القيامة, ولهذا قال بعد هذا كله "سبحانه وتعالى عما يشركون" أي تعالى وتقدس وتنزه وتعاظم وجل وعز عن أن يكون له شريك أو نظير أو مساو أو ولد أو والد, بل هو الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
لما بين سبحانه كيفية التعظيم لأمر الله أشار إلى ما ينبغي من مواساة القرابة وأهل الحاجات ممن بسط الله له في رزقه فقال: 38- "فآت ذا القربى حقه" والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته أسوته، أو لكل مكلف له مال وسع الله به عليه، وقدم الإحسان إلى القرابة لأن خير الصدقة ما كان على قريب، فهو صدقة مضاعفة وصلة رحم مرغوب فيها، والمراد الإحسان إليهم بالصدقة والصلة والبر "والمسكين وابن السبيل" أي وآت المسكين وابن السبيل حقهما الذي يستحقانه. ووجه تخصيص الأصناف الثلاثة بالذكر أنهم أولى من سائر الأصناف بالإحسان، ولكون ذلك واجباً لهم على كل من له مال فاضل عن كفايته وكفاية من يعول.
وقد اختلف في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة؟ فقيل هي منسوخة بآية المواريث. وقيل محكمة وللقريب في مال قريبه الغني حق واجب، وبه قال مجاهد وقتادة. قال مجاهد: لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاج. قال مقاتل: حق المسكين أن يتصدق عليه، وحق ابن السبيل الضيافة. وقيل المراد بالقربى النبي صلى الله عليه وسلم. قال القرطبي: والأول أصح، فإن حقهم مبين في كتاب الله عز وجل في قوله: " فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى " وقال الحسن: إن الأمر في إيتاء القربى للندب "ذلك خير للذين يريدون وجه الله" أي ذلك الإيتاء أفضل من الإمساك لمن يريد التقرب إلى الله سبحانه "وأولئك هم المفلحون" أي الفائزون بمطلوبهم حيث أنفقوا لوجه الله امتثالاً لأمره.
قوله تعالى: 38- "فآت ذا القربى حقه"، من البر والصلة، "والمسكين"، وحقه أن يتصدق عليه، "وابن السبيل"، يعني: المسافر، وقيل: هو الضعيف، "ذلك خير للذين يريدون وجه الله"، يطلبون ثواب الله بما يعملون، "وأولئك هم المفلحون".
38 -" فآت ذا القربى حقه " كصلة الرحم ، واحتج به الحنفية على وجوب النفقة للمحارم وهو غير مشعر به . " والمسكين وابن السبيل " ما وظف لهما من الزكاة ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لمن بسط له ولذلك رتب على ما قبله بالفاء . " ذلك خير للذين يريدون وجه الله " ذاته أو جهته أي يقصدون بمعروفهم إياه خالصاً ، أو جهة التقرب إليه لا جهة أخرى . " وأولئك هم المفلحون " حيث حصلوا بما بسط لهم النعيم المقيم .
38. So give to the kinsman his due, and to the needy, and to the wayfarer. That is best for those who seek Allah's countenance. And such are they who are successful.
38 - So give what is due to kindred, the needy, and the wayfarer. that is best for those who seek the Countenance, of God, and it is they who will prosper.