40 - (قال الذي عنده علم من الكتاب) المنزل وهو آصف بن برخيا كان صديقا يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب (أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) إذا نظرت به إلى شيء فقال له انظر إلى السماء فنظر إليها ثم رد بطرفه فوجده موضوعا بين يديه ففي نظره إلى السماء دعا آصف بالاسم الأعظم أن يأتي الله به فحصل بأن جرى تحت الأرض حتى نبع تحت كرسي سليمان (فلما رآه مستقرا) ساكنا (عنده قال هذا) الاتيان لي به (من فضل ربي ليبلوني) ليختبرني (أأشكر) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه (أم أكفر) النعمة (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) لأجلها لأن ثواب شكره له (ومن كفر) النعمة (فإن ربي غني) عن شكره (كريم) بالافضال على من يكفرها
القول في تأويل قوله تعالى : "قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم " .
قوله تعالى : " فلما رآه مستقرا عنده " أي ثابتا عنده . " قال هذا من فضل ربي " أي هذا النصر والتمكين من فضل ربي . " ليبلوني " قال الأحفش : المعنى لينظر " أأشكر أم أكفر " . وقال غيره : معنى ( ليبلوني ) ليتعبدني ، وهو مجاز . والأصل في الا بتلاء الاختبار أي لختبرني أأشكر نعمته أم أكفرها " ومن شكر فإنما يشكر لنفسه " أي لا يرجع نفع ذلك إلا إلى نفسه ، حيث استوجب بشركه تمام النعمة ودوامها والمزيد منها والشكر قيد النعمة الموجودة ، وبه تنال النعمة المفقودة . " ومن كفر فإن ربي غني " أي عن الشكر " كريم " في التفضل .
قال محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان قال: فلما رجعت إليها الرسل بما قال سليمان قالت: قد والله عرفت ما هذا بملك, وما لنا به من طاقة وما نصنع بمكابرته شيئاً, وبعثت إليه: إني قادمة عليك بملوك قومي لأنظر ما أمرك وما تدعونا إليه من دينك, ثم أمرت بسرير ملكها الذي كانت تجلس عليه. وكان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد واللؤلؤ, فجعل في سبعة أبيات بعضها في بعض, ثم أقفلت عليه الأبواب ثم قالت لمن خلفت على سلطانها: احتفظ بما قبلك وسرير ملكي, فلا يخلص إليه أحد من عباد الله, و لايرينه أحد حتى آتيك ثم شخصت إلى سليمان في اثني عشر ألف قيل من ملوك اليمن تحت يدي كل قيل منهم ألوف كثيرة فجعل سليمان يبعث الجن يأتونه بمسيرها ومنتهاها كل يوم وليلة حتى إذا دنت جمع من عنده من الجن والإنس ممن تحت يده فقال: "يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين".
وقال قتادة : لما بلغ سليمان أنها جاثية وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه.وكان من ذهب وقوائمه لؤلؤ وجوهر. وكان مستراً بالديباج والحرير, وكانت عليه تسعة مغاليق, فكره أن يأخذه بعد إسلامهم. وقد علم نبي الله أنهم متى أسلموا تحرم أموالهم ودماؤهم, فقال "يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين" وهكذا قال عطاء الخراساني والسدي وزهير بن محمد "قبل أن يأتوني مسلمين" فتحرم علي أموالهم بإسلامهم "قال عفريت من الجن" قال مجاهد : أي مارد من الجن, قال شعيب الجبائي : وكان اسمه كوزن, وكذا قال محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان , وكذا قال أيضاً وهب بن منبه . قال أبو صالح وكان كأنه جبل "أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك" قال ابن عباس رضي الله عنه: يعني قبل أن تقوم من مجلسك.
وقال مجاهد : مقعدك, وقال السدي وغيره: كان يجلس للناس للقضاء والحكومات وللطعام, من أول النهار إلى أن تزول الشمس "وإني عليه لقوي أمين" قال ابن عباس : أي قوي على حمله أمين على ما فيه من الجوهر, فقال سليمان عليه الصلاة والسلام أريد أعجل من ذلك, ومن ههنا يظهر أن سليمان أراد بإحضار هذا السرير إظهار عظمة ما وهب الله له من الملك, وما سخر له من الجنود الذي لم يعطه أحد قبله ولا يكون لأحد من بعده, وليتخذ ذلك حجة على نبوته عند بلقيس وقومها لأن هذا خارق عظيم أن يأتي بعرشها كما هو من بلادها قبل أن يقدموا عليه, هذا وقد حجبته بالأغلاق والأقفال والحفظة. فلما قال سليمان أريد أعجل من ذلك "قال الذي عنده علم من الكتاب" قال ابن عباس وهو آصف كاتب سليمان, وكذا روى محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان أنه آصف بن برخياء. وكان صديقاً يعلم الاسم الأعظم .
وقال قتادة : كان مؤمناً من الإنس واسمه آصف, وكذا قال أبو صالح والضحاك وقتادة أنه كان من الإنس, زاد قتادة من بني إسرائيل. وقال مجاهد كان اسمه أسطوم. وقال قتادة في رواية عنه كان اسمه بليخا, وقال زهير بن محمد هو رجل من الإنس يقال له ذو النور. وزعم عبد الله بن لهيعة أنه الخضر, وهو غريب جداً.
وقوله: "أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك" أي ارفع بصرك وانظر, مد بصرك مما تقدر عليه, فإنك لا يكل بصرك إلا وهو حاضر عندك, وقال وهب بن منبه : امدد بصرك فلا يبلغ مداه حتى آتيك به, فذكروا أنه أمره أن ينظر نحو اليمن التي فيها هذا العرش المطلوب ثم قام فتوضأ ودعا الله تعالى. قال مجاهد : قال يا ذا الجلال والإكرام. وقال الزهري قال: يا إلهنا وإله كل شيء إلهاً واحداً لا إله إلا أنت ائتني بعرشها. قال: فمثل بين يديه, قال مجاهد وسعيد بن جبير ومحمد بن إسحاق وزهير بن محمد وغيرهم: لما دعا الله تعالى وسأله أن يأتيه بعرش بلقيس وكان في اليمن وسليمان عليه السلام ببيت المقدس غاب السرير وغاص في الأرض ثم نبع من بين يدي سليمان.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : لم يشعر سليمان إلا وعرشها يحمل بين يديه, قال وكان هذا الذي جاء به من عباد البحر فلما عاين سليمان وملؤه ذلك ورآه مستقراً عنده "قال هذا من فضل ربي" أي هذا من نعم الله علي "ليبلوني" أي ليختبرني "أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه" كقوله: "من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها" وكقوله: "ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون".
وقوله: "ومن كفر فإن ربي غني كريم" أي هو غني عن العباد وعبادتهم كريم أي كريم في نفسه وإن لم يعبده أحد فإن عظمته ليست مفتقرة إلى أحد, وهذا كما قال موسى "إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد" وفي صحيح مسلم " يقول الله تعالى: يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله, ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " .
40- "قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك" قال أكثر المفسرين: اسم هذا الذي عنده علم من الكتاب آصف بن برخيا، وهو من بني إسرائيل، وكان وزيراً لسليمان، وكان يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. قال ابن عطية: وقالت فرقة هو سليمان نفسه، ويكون الخطاب على هذا للعفريت: كأن سليمان استبطأ ما قاله العفريت فقال له تحقيراً له "أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك" وقيل هو جبريل، وقيل الخضر والأول أولى. وقد قيل غير ذلك بما لا أصل له. والمراد بالطرف تحريك الأجفان وفتحها للنظر وارتداده انضمامها. وقيل هو معنى المطروف: أي الشيء الذي ينظرهن وقيل هو نفس الجفن عبر به عن سرعة الأمر كما تقول لصاحبك: افعل ذلك في لحظة. قاله مجاهد. وقال سعيد بن جبير: إنه قال لسليمان: انظر إلى السماء فما طرف حتى جاء به، فوضعه بين يديه. والمعنى: حتى يعود إليك طرفك بعد مده إلى السماء، والأول أولى هذه الأقوال. ثم الثالث "فلما رآه مستقراً عنده" قيل في الآية حذف، والتقدير: فأذن له سليمان فدعا الله فأتى به، فلما رآه سليمان مستقراً عنده: أي رأى العرش حاضراً لديه "قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر" الإشارة بقوله هذا إلى حضور العرش، ليبلوني: أي ليختبرني أشكره بذلك وأعترف أنه من فضله من غير حول مني ولا قوة أم أكفر بترك الشكر وعدم القيام به. قال الأخفش: المعنى لينظر أأشكر أم أكفر، وقال غيره: معنى ليبلوني ليتعبدني، وهو مجاز، والأصل في الابتلاء الاختبار "ومن شكر فإنما يشكر لنفسه" لأنه استحق بالشكر تمام النعمة ودوامها، والمعنى: أنه لا يرجع نفع ذلك إلا إلى الشاكر "ومن كفر" بترك الشكر "فإن ربي غني" عن شكره "كريم" في ترك المعاجلة بالعقوبة بنزع نعمه عنه وسلبه ما أعطاه منها، وأم في أم أكفر هي المتصلة.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم" يقول: كن قريباً منهم "فانظر ماذا يرجعون" فانطلق بالكتاب حتى إذا توسط عرشها ألقى الكتاب أليها فقرئ عليها فإذا فيه إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم. وأخرج ابن مردويه عنه " كتاب كريم " قال: مختوم. وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب باسمك اللهم حتى نزلت "إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم". وأخرج أبو داود في مراسيله عن أبي مالك مرفوعاً مثله. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "أفتوني في أمري" قال: جمعت رؤوس مملكتها فشاورتهم في رأيها، فأجمع رأيهم ورأيها على أن يغزوه، فسارت حتى إذا كانت قريبة قالت: أرسل إليه بهدية فإن قبلها فهو ملك أقاتله، وأن ردها تابعته فهو نبي، فلما دنت رسلها من سليمان علم خبرهم، فأمر الشياطين فموهوا ألف قصر من ذهب وفضة، فلما رأت رسلها قصور الذهب قالوا: ما يصنع هذا بهديتنا وقصوره ذهب وفضة، فلما دخلوا عليه بهديتها "قال أتمدونن بمال" ثم قال سليمان "أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين" فقال كاتب سليمان: ارفع بصرك فرفع بصره، فلما رجع إليه طرفه فإذا هو بسرير "قال نكروا لها عرشها" فنزع منه فصوصه ومرافقه وما كان عليه من شيء فـ "قيل" لها "أهكذا عرشك؟ قالت كأنه هو" وأمر الشياطين فجعلوا لها صرحاً ممدداً من قوارير وجعل فيها تماثيل السمك، فـ "قيل لها ادخلي الصرح" فكشفت عن ساقيها فإذا فيها شعر، فعند ذلك أمر بصنعة النورة فصنعت، فقيل لها: "إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين". وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها" قال: إذا أخذوها عنوة أخربوها. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: يقول الرب تبارك وتعالى: "وكذلك يفعلون". وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: "وإني مرسلة إليهم بهدية" قال: أرسلت بلبنة من ذهب، فلما قدموا إذا حيطان المدينة من ذهب فذلك قوله: "أتمدونن بمال" الآية. وقال ثابت البناني أهدت له صفائح الذهب في أوعية الديباج. وقال مجاهد: جواري لباسهن لباس الغلمان وغلمان لباسهم لباس الجواري. وقال عكرمة: أهدت مائتي فرس على كل فرس غلام وجارية، وعلى كل فرس لون ليس على الآخر. وقال سعيد بن جبير: كانت الهدية جواهر، وقيل غير ذلك مما لا فائدة في التطويل بذكره. وأخرج ابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: "قبل أن يأتوني مسلمين" قال: طائعين. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال: اسم العفريت صخر. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً: "قبل أن تقوم من مقامك" قال: من مجلسك. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً "قال الذي عنده علم من الكتاب" قال: هو آصف بن برخيا، وكان صديقاً يعلم الاسم الأعظم. وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال في قراءة ابن مسعود قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أنظر في كتاب ربي، ثم آتيك به قبل ان يرتد إليك طرفك قال: فتكلم ذلك العالم بكلام دخل العرش في نفق تحت الأرض حتى خرج إليهم. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله "قبل أن يرتد إليك طرفك" قال: قال لسليمان انظر إلى السماء، قال: فما اطرف حتى جاءه به فوضعه بين يديه. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن عساكر عن ابن عباس قال: لم يجر عرش صاحبة سبأ بين الأرض والسماء، ولكن انشقت به الأرض، فجرى تحت الأرض حتى ظهر بين يدي سليمان.
فـ40- "قال الذي عنده علم من الكتاب"/، واختلفوا فيه فقال بعضهم: هو جبريل: وقيل: هو ملك من الملائكة أيد الله به نبيه سليمان عليه السلام.
وقال أكثر المفسرين: هو آصف بن برخيا، وكان صديقاً يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى.
روى جويبر، ومقاتل، عن الضحاك عن ابن عباس قال: إن آصف قال لسليمان حين صلى: مد عينيك حتى ينتهي طرفك، فمد سليمان عينيه، فنظر نحو اليمين، ودعا آصف فبعث الله الملائكة فحملوا السرير من تحت الأرض يخدون به خداً حتى انخرقت الأرض بالسرير بين يدي سليمان.
وقال الكلبي: خر آصف ساجداً ودعا باسم الله الأعظم فغاب عرشها تحت الأرض حتى نبع عند كرسي سليمان. وقيل: كانت المسافة مقدار شهرين.
واختلفوا في الدعاء الذي دعا به آصف، فقال مجاهد، ومقاتل: ياذا الجلال والإكرام. وقال الكلبي: يا حي يا قيوم. وروي ذلك عن عائشة. وروي عن الزهري قال: دعاء الذي عنده علم من الكتاب: يا إلهنا وإله كل شيء إلهاً واحداً لا إله إلا أنت ائتني بعرشها.
وقال محمد بن المنكدر: إنما هو سليمان، قال له عالم من بني إسرائيل آتاه الله علماً وفهماً: "أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك"، قال سليمان: هات، قال: أنت النبي ابن النبي، وليس أحد أوجه عند الله منك، فإن دعوت الله وطلبت إليه كان عندك، فقال: صدقت، ففعل ذلك، فجيء بالعرش في الوقت.
وقوله تعالى: "قبل أن يرتد إليك طرفك"، قال سعيد بن جبير: يعني: من قبل أن يرجع إليك أقصى من ترى، وهو أن يصل إليك من كان منك على مد بصرك. قال قتادة: قبل أن يأتيك الشخص من مد البصر. وقال مجاهد: يعني إدامة النظر حتى يرتد الطرف خاسئاً. وقال وهب: تمد عينيك فلا ينتهي طرفك إلى مداه، حتى أمثله بين يديك، "فلما رآه"، يعني: رأى سليمان العرش، "مستقراً عنده"، محمولاً إليه من مأرب إلى الشام في قدر ارتداد الطرف، " قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر "، نعمته، "أم أكفر"، فلا أشكرها، "ومن شكر فإنما يشكر لنفسه"، أي: يعود نفع شكره إليه، وهو أن يستوجب به تمام النعمة ودوامها، لأن الشكر قيد النعمة الموجودة وصيد النعمة المفقودة، "ومن كفر فإن ربي غني"، عن شكره، "كريم"، بالإفضال على من يكفر نعمه.
40 -" قال الذي عنده علم من الكتاب " آصف بن برخيا وزيره ، أو الخضر أو جبريل عليهما السلام أو ملك أيده الله به ، أو سليمان عليه السلام نفسه فيكون التعبير عنه بذلك للدلالة على شرف العلم وأن هذه الكرامة كانت بسببه والخطاب في : " أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " للعفريت كأنه استبطأه فقال له ذلك ، أو أراد إظهار معجزة في نقله فتحداهم أولاً ثم أراهم أنه يتأتى له ما لا يتأتى لعفاريت الجن فضلاً عن غيرهم ، والمراد بـ " الكتاب " جنس الكتب المنزلة أو اللوح ، و" آتيك " في الموضعين صالح للفعلية والاسمية ، (( والطرف )) تحرك الأجفان للنظر فوضع موضعه ولما كان الناظر يوصف بإرسال الطرف كما في قوله :
وكنت إذا أرسلت طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
وصف برد الطرف والطرف بالارتداد ، والمعنى أنك ترسل طرفك نحو شيء فقبل أن ترده أحضر عرشها بين يديك ، وهذا غاية في الإسراع ومثل فيه . " فلما رآه " أي العرش " مستقراً عنده " حاصلاً بين يديه . " قال " تلقياً للنعمة بالشكر على شاكلة المخلصين من عباد الله تعالى " هذا من فضل ربي " تفضل به علي من غير استحقاق ، والإشارة إلى التمكن من إحضار العرش في مدة ارتداد الطرف من مسيرة شهرين بنفسه أو غيره ، والكلام في إمكان مثله قد مر في آية (( الإسراء )) . " ليبلوني أأشكر " بأن أراه فضلاً من الله تعالى بلا حول مني ولا قوة وأقوم بحقه . " أم أكفر " بأن أجد نفسي في البين ، أو أقصر في أداء مواجبه ومحلها النصب على البدل من الياء . " ومن شكر فإنما يشكر لنفسه " لأنه به يستجلب لها دوام النعمة ومزيدها ويحط عنها عبء الواجب ويحفظها عن وصمة الكفران . " ومن كفر فإن ربي غني " عن شكره . " كريم " بالإنعام عليه ثانياً .
40. One with whom was knowledge of the Scripture said: I will bring it thee before thy gaze returneth unto thee. And when he saw it set in his presence, (Solomon said: This is of the bounty of my Lord, that He may try me whether I give thanks or am ungrateful. Whosoever giveth thanks he only giveth thanks for (the good of) his own soul: and whosoever is ungrateful (is ungrateful only to his own soul's hurt). For lo! my Lord is Absolute in independence, Bountiful.
40 - Said one who had knowledge of the Book: I will bring it to thee within the twinkling of an eye! Then when (Solomon) saw it placed firmly before him, he said: This is by the grace of my Lord! To test me whether I am grateful or ungrateful! And if any is grateful, truly his gratitude is (a gain) for his own soul; but if any is ungrateful, truly My Lord is Free of all Needs, Supreme in Honour!