40 - (فكلا) من المذكورين (أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا) ريحا عاصفة فيها حصباء كقوم لوط (ومنهم من أخذته الصيحة) كثمود (ومنهم من خسفنا به الأرض) كقارون (ومنهم من أغرقنا) كقوم نوح وفرعون وقومه (وما كان الله ليظلمهم) ليعذبهم بغير ذنب (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) بارتكاب الذنب
يقول تعالى ذكره: فأخذنا جميع هذه الأمم التي ذكرناها لك يا محمد بعذابنا " فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا " وهم قوم لوط، الذين أمطر الله عليهم حجارة من سجيل منضود، والعرب تسمي الريح العاصف التي في الحصى الصغار أو الثلج أو البرد والجليد حاصباً، ومنه قول الأخطل:
ولقد علمت إذا العشار تروحت هدج الرئال يكبهن شمالا
ترمي العضاه بحاصب من ثلجها حتى يبيت على العضاه جفالا
وقال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشأم تضربنا بحاصب كنديف القطن منثور
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: " فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا " قوم لوط.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا " وهم قوم لوط " ومنهم من أخذته الصيحة ".
واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بذلك، فقال بعضهم: هم ثمود قوم صالح.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس " ومنهم من أخذته الصيحة " ثمود.
وقال آخرون: بل هم قوم شعيب.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة " ومنهم من أخذته الصيحة " قوم شعيب.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله قد أخبر عن ثمود وقوم شعيب من أهل مدين أنه أهلكهم بالصيحة في كتابه في غير هذا الموضع، ثم قال جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم: فمن الأمم التي أهلكناهم من أرسلنا عليهم حاصباً، ومنهم من أخذته الصيحة، فلم يخصص الخبر بذلك عن بعض من أخذته الصيحة من الأمم دون بعض، وكلا الأمتين أعني ثمود ومدين قد أخذتهم الصيحة.
وقوله " ومنهم من خسفنا به الأرض ": يعني بذلك قارون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: " ومنهم من أغرقنا " قوم نوح.
وقال آخرون: بل هم قوم فرعون.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " ومنهم من أغرقنا " قوم فرعون.
والصواب من القول في ذلك، أن يقال: عني به قوم نوح وفرعون وقومه، لأن الله لم يخصص بذلك إحدى الأمتين دون الأخرى، وقد كان أهلكهما قبل نزول هذا الخبر عنهما، فهما معنيتان به.
وقوله " وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " يقول تعالى ذكره: ولم يكن الله ليهلك هؤلاء الأمم الذين أهلكهم بذنوب غيرهم، فيظلمهم بإهلاكه إياهم بغير استحقاق، بل إنما أهلكهم بذنوبهم، وكفرهم بربهم، وجحودهم نعمه عليهم، مع تتابع إحسانه عليهم، وكثرة إياديه عندهم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون بتصرفهم في نعم ربهم، وتقلبهم في آلائه وعبادتهم غيره، ومعصيتهم من أنعم عليهم.
قوله تعالى : " فكلا أخذنا بذنبه " قال الكسائي : ( فكلا) من صوب بـ( أخذنا ) أي أخذنا كلاً بذبه . " فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا " يعني قوم لوط . والحاصب ريج يأتي بالحصباء وهي الحصى وهي الحصى الصغار . وتستعمل في كل عذاب " ومنهم من أخذته الصيحة " يعني ثموداً وأهل مدين . " ومنهم من خسفنا به الأرض " يعني قارون " ومنهم من أغرقنا " قوم نوح وقوم فرعون . " وما كان الله ليظلمهم " لأنه أنذرهم وأمهلهم وبعث إليهم الرسل وأزاح العذر .
يخبر تعالى عن هؤلاء الأمم المكذبة للرسل كيف أبادهم وتنوع في عذابهم, وأخذهم بالانتقام منهم, فعاد قوم هود عليه السلام كانوا يسكنون الأحقاف, وهي قريبة من حضرموت بلاد اليمن, وثمود قوم صالح كانوا يسكنون الحجر قريباً من وادي القرى, وكانت العرب تعرف مساكنهما جيداً, وتمر عليها كثيراً, وقارون صاحب الأموال الجزيلة ومفاتيح الكنوز الثقيلة, وفرعون ملك مصر في زمان موسى ووزيره هامان القبطيان الكافران بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم "فكلاً أخذنا بذنبه" أي كانت عقوبته بما يناسبه "فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا" وهم عاد, وذلك أنهم قالوا: من أشد منا قوة ؟ فجاءتهم ريح صرصر باردة شديدة البرد, عاتية الهبوب جداً, تحمل عليهم حصباء الأرض فتلقيها عليهم, وتقتلعهم من الأرض, فترفع الرجل منهم من الأرض إلى عنان السماء, ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه, فيبقى بدنا بلا رأس, كأنهم أعجاز نخل منقعر "ومنهم من أخذته الصيحة" وهم ثمود, قامت عليهم الحجة وظهرت لهم الدلالة من تلك الناقة التي انفلقت عنها الصخرة مثل ما سألوه سواء بسواء, ومع هذا ما آمنوا بل استمروا على طغيانهم وكفرهم, وتهددوا نبي الله صالحاً ومن آمن معه وتوعدوهم بأن يخرجوهم ويرجموهم, فجاءتهم صيحة أخمدت الأصوات منهم والحركات "ومنهم من خسفنا به الأرض" وهو قارون الذي طغى وبغى وعتا, وعصى الرب الأعلى, ومشى في الأرض مرحاً, وفرح ومرح وتاه بنفسه, واعتقد أنه أفضل من غيره, واختال في مشيته, فخسف الله به وبداره الأرض, فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة "ومنهم من أغرقنا" وهو فرعون ووزيره هامان وجنودهما عن آخرهم أغرقوا في صبيحة واحدة فلم ينج منهم مخبر "وما كان الله ليظلمهم" أي فيما فعل بهم "ولكن كانوا أنفسهم يظلمون". أي إنما فعل ذلك بهم جزاء وفاقاً بما كسبت أيديهم, وهذا الذي ذكرناه ظاهر سياق الاية, وهو من باب اللف والنشر, وهو أنه ذكر الأمم المكذبة, ثم قال "فكلاً أخذنا بذنبه" أي من هؤلاء المذكورين, وإنما نبهت على هذا لأنه قد روى ابن جريج قال: قال ابن عباس في قوله: "فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً" قال قوم لوط "ومنهم من أغرقنا" قال: قوم نوح, وهذا منقطع عن ابن عباس : فإن ابن جريج لم يدركه. ثم قد ذكر الله في هذه السورة إهلاك قوم نوح بالطوفان, وقوم لوط بإنزال الرجز من السماء, وأطال السياق والفصل بين ذلك وبين هذا السياق, وقال قتادة "فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً" قال: قوم لوط, "ومنهم من أخذته الصيحة" قوم شعيب, وهذا بعيد أيضاً لما تقدم, والله أعلم.
40- "فكلا أخذنا بذنبه" أي عاقبنا بكفره وتكذيبه. قال الكسائي: "فكلا أخذنا" أي فأخذنا كلاً بذنبه "فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً" أي ريحاً تأتي بالحصباء، وهي الحصى الصغار فترجمهم بها، وهم قوم لوط "ومنهم من أخذته الصيحة" وهم ثمود وأهل مدين "ومنهم من خسفنا به الأرض" وهو قارون وأصحابه "ومنهم من أغرقنا" وهم قوم نوح وقوم فرعون "وما كان الله ليظلمهم" بما فعل بهم، لأنه قد أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه "ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" باستمرارهم على الكفر وتكذيبهم للرسل وعملهم بمعاصي الله.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: "وتأتون في ناديكم المنكر" قال: مجلسكم. وأخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن أبي الدنيا في كتاب المصمت وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن أم هانيء بنت أبي طالب قالت "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله سبحانه: "وتأتون في ناديكم المنكر" قال: كانوا يجلسون بالطريق فيحذفون أبناء السبيل ويسخرون منهم". قال الترمذي: بعد إخراجه وتحسينه: ولا نعرفه إلا من حديث حاتم بن أبي صغيرة عن سماك.وأخرج ابن مردويه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحذف، وهو قول الله سبحانه: "وتأتون في ناديكم المنكر". وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر في الآية قال: هو الحذف. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس مثله. وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة في الآية قالت: الضراط. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله: "فأخذتهم الرجفة" قال: الصيحة، وفي قوله: " وكانوا مستبصرين " قال: في الضلالة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً" قال: قوم لوط "ومنهم من أخذته الصيحة" قال: ثمود "ومنهم من خسفنا به الأرض" قال: قارون "ومنهم من أغرقنا" قال: قوم نوح.
40- "فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً"، وهم قوم لوط، والحاصب: الريح التي تحمل الحصباء، وهي الحصا الصغار، "ومنهم من أخذته الصيحة"، يعني ثمود، "ومنهم من خسفنا به الأرض"، يعني قارون وأصحابه، "ومنهم من أغرقنا"، يعني: قوم نوح، وفرعون وقومه، "وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون".
40ـ " فكلاً " من المذكرين . " أخذنا بذنبه " عاقبناه بذنبه . " فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً " ريحاً عاصفاً فيها حصباء ، أو ملكاً رماهم بها كقوم لوط . " ومنهم من أخذته الصيحة " كمدين وثمود . " ومنهم من خسفنا به الأرض " كقارون . " ومنهم من أغرقنا " كقوم نوح وفرعون وقومه . " وما كان الله ليظلمهم " ليعاملهم معاملة الظالم فيعاقبهم بغير جرم إذ ليس ذلك من عادته عز وجل " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " بالتعرض للعذاب .
40. So We took each one in his sin; of them was he on whom We sent a hurricane, and of them was he who was overtaken by the (Awful) Cry, and of them was he whom We caused the earth to swallow, and of them was he whom We drowned. It was not for Allah to wrong them, but they wronged themselves.
40 - Each one of them We seized for his crime: of them, against some We sent a violent tornado (with showers of stones); some were caught by a (mighty) Blast; some We caused the earth to shallow up; and some We drowned (in the waters): It was not God Who injured (or oppressed) them: They injured (and oppressed) their own souls.