42 - (وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة) خزيا (ويوم القيامة هم من المقبوحين) المبعدين
وقوله " وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة " يقول تعالى ذكره: وألزمنا فرعون وقومه في هذه الدنيا خزياً وغضباً منا عليهم، فحتمنا لهم فيها بالهلاك والبوار والثناء السيء، ونحن متبعوهم لعنة أخرى يوم القيامة، فمخزوهم بها الخزي الدائم، ومهيونهم الهوان اللازم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة " قال: لعنوا في الدنيا والآخرة، قال: هو كقوله ( وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود) ( هو: 99).
حدثنا القاسم،قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله " وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة " لعنة أخرى، ثم استقبل فقال " هم من المقبوحين " وقوله " هم من المقبوحين " يقول تعالى ذكره: هم من القوم الذين قبحهم الله، فأهلكهم بكفرهم بربهم، وتكذيبهم رسوله موسى عليه السلام، فجعلهم عبرة للمعتبرين، وعظة للمتعظين.
قوله تعالى : " وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة " أي أمرنا العباد بلعنهم فمن ذكرهم لعنهم . وقيل : أي ألزمناهم اللعن أي العبد عن الخير . " ويوم القيامة هم من المقبوحين " أي من المهلكين لممقوتين . قاله ابن كيسان و أبو عبيدة . وقال ابن عباس : المشوهين الخلقة بسواد الوجه وزرقة العيوزن . قيل : من المعبدين . يقال : قبحه الله أي نحاه من كل خير ، وقبحه وقبحه إذا جعله قبيحاً وقال أبو عمرو : قبحت وجهه بالتخفيف معناه قبحت . قال الشاعر :
ألا قبح الله البراجم كلها وقبح يربوعاً وقبح دارما
وانتثب يوماً على الحمل على موضع ( في هذه الدنيا ) واستغنى عن حرف العطف في قوله : " من المقبوحين " كما استغنى عنه في قوله : " سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم " [ الكهف : 22] ويجوز أن يكون لعامل في ( يوم ) مضمراً يدل عليه قوله : ( 9هم من المقبوحين ) فيكون كقوله : " يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين " [ الفرقان : 22] . ويجوز ن يكون العامل في ( يوم ) قوله : هم من المقبحين وإن كان الظرف متقدماً . ويجوز أن يكون مفعولاً على السعة ، كأنه قال وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ولعنة يوم القيامة .
يخبر تعالى عن كفر فرعون وطغيانه وافترائه في دعواه الإلهية لنفسه القبيحة لعنه الله, كما قال الله تعالى: "فاستخف قومه فأطاعوه" الاية, وذلك لأنه دعاهم إلى الاعتراف له بالإلهية, فأجابوه إلى ذلك بقلة عقولهم وسخافة أذهانهم, ولهذا قال: "يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري" وقال تعالى إخباراً عنه: " فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى * فأخذه الله نكال الآخرة والأولى * إن في ذلك لعبرة لمن يخشى " يعني أنه جمع قومه, ونادى فيهم بصوته العالي مصرحاً لهم بذلك, فأجابوه سامعين مطيعين, ولهذا انتقم الله تعالى منه, فجعله عبرة لغيره في الدنيا والاخرة, وحتى إنه واجه موسى الكليم بذلك, فقال: "لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين".
وقوله: "فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحاً لعلي أطلع إلى إله موسى" يعني أمر وزيره هامان ومدبر رعيته ومشير دولته أن يوقد له على الطين, يعني يتخذ له آجراً لبناء الصرح وهوالقصر المنيف الرفيع العالي, كما قال في الاية الاخرى: " وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب * أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب " وذلك لأن فرعون بنى هذا الصرح الذي لم ير في الدنيا بناء أعلى منه, إنما أراد بهذا أن يظهر لرعيته تكذيب موسى فيما زعمه من دعوى إله غير فرعون, ولهذا قال: "وإني لأظنه من الكاذبين" أي في قوله: إن ثم رباً غيري, لا أنه كذبه في أن الله تعالى أرسله لأنه لم يكن يعترف بوجود الصانع جل وعلا, فإنه قال: " وما رب العالمين " وقال: "لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين" وقال "يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري" وهذا قول ابن جرير .
وقوله تعالى: "واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون" أي طغوا وتجبروا, وأكثروا في الأرض الفساد, واعتقدوا أنه لا قيامة ولا معاد " فصب عليهم ربك سوط عذاب * إن ربك لبالمرصاد " ولهذا قال تعالى ههنا: "فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم" أي أغرقناهم في البحر في صبيحة واحدة, فلم يبق منهم أحد "فانظر كيف كان عاقبة الظالمين * وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار" أي لمن سلك وراءهم وأخذ بطريقتهم في تكذيب الرسل وتعطيل الصانع "ويوم القيامة لا ينصرون" أي فاجتمع عليهم خزي الدنيا موصولاً بذل الاخرة, كما قال تعالى: "أهلكناهم فلا ناصر لهم". وقوله تعالى: "وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة" أي وشرع الله لعنتهم ولعنة ملكهم فرعون على ألسنة المؤمنين من عباده المتبعين لرسله, كما أنهم في الدنيا ملعونون على ألسنة الأنبياء وأتباعهم كذلك "ويوم القيامة هم من المقبوحين" قال قتادة: وهذه الاية كقوله تعالى: "وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود".
42- "وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة" أي طرداً وإبعاداً، أو أمرنا العباد بلعنهم، فكل من ذكرهم لعنهم، والأول أولى "ويوم القيامة هم من المقبوحين" المقبوح المطرود المبعد. وقال أبو عبيدة وابن كيسان: معناه من المهلكين الممقوتين. وقال أبو زيد: قبح الله فلاناً قبحاً وقبوحاً أبعده من كل خير. قال أبو عمرو: قبحت وجهه بالتخفيف بمعنى قبحت بالتشديد، ومثله قول الشاعر:
ألا قبح الله البراجم كلها وقبح يربوعا وقبح دارما
وقيل المقبوح المشوه الخلقة، والعامل في يوم محذوف يفسره من المقبوحين، والتقدير: وقبحوا يوم القيامة، أو هو معطوف على موضع في هذه الدنيا: أي وأتبعناهم لعة يوم القيامة، أو معطوف على لعنة على حذف مضاف: أي ولعنة يوم القيامة.
42- "وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنةً"، خزياً وعذاباً، "ويوم القيامة هم من المقبوحين"، من المبعدين الملعونين، وقال أبو عبيدة: من المهلكين. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من المشوهين بسواد الوجوه وزرقة العيون، يقال: قبحه الله، وقبحه: إذا جعله قبيحاً، ويقال: قبحه قبحاً، وقبوحاً، إذا أبعده من كل خير.
42 -" وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنةً " طرداً عن الرحمة ، أو لعن اللاعنين يلعنهم الملائكة والمؤمنون . " ويوم القيامة هم من المقبوحين " من المطرودين ، أو ممن قبح وجوههم .
42. And We made a curse to follow them in this world, and on the Day of Resurrection they will be among the hateful.
42 - In this world We made a Curse to follow them: And on the Day of judgment they will be among the loathed (and despised).