44 - (لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر) في التخلف عن (أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين)
قال أبو جعفر: وهذا إعلام من الله نبيه صلى الله عليه وسلم سيما المنافقين: أن من علاماتهم التي يعرفون بها، تخلفهم عن الجهاد في سبيل الله، باستئذانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تركهم الخروج معه إذا استنفروا بالمعاذير الكاذبة.
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: يا محمد، لا تأذنن في التخلف عنك إذا خرجت لغزو عدوك، لمن استأذنك في التخلف من غير عذر، فإنه لا يستأذنك في ذلك إلا منافق لا يؤمن بالله واليوم الآخر. فأما الذي يصدق بالله، ويقر بوحدانيته وبالبعث والدار الآخرة والثواب والعقاب، فإنه لا يستأذنك في ترك الغزو وجهاد أعداء الله بماله ونفسه، " والله عليم بالمتقين "، يقول:والله ذو علم بمن خافه، فاتقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، والمسارعة إلى طاعته في غزو عدوه وجهادهم بماله ونفسه، وغير ذلك من أمره ونهيه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المنثى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: " لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله "، فهذا تعيير للمنافقين حين استأذنوا في القعود عن الجهاد من غير عذر، وعذر الله المؤمنين فقال: " لم يذهبوا حتى يستأذنوه " [النور: 62].
قوله تعالى: "لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر" أي في القعود ولا في الخروج، بل إذا أمرت بشيء ابتدروه، فكان الاستئذان في ذلك الوقت من علامات النفاق لغير عذر.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا أبو حصين بن سليمان الرازي حدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن عون قال: هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا ؟ نداء بالعفو قبل المعاتبة فقال "عفا الله عنك لم أذنت لهم" وكذا قال مورق العجلي وغيره. وقال قتادة: عاتبه كما تسمعون ثم أنزل التي في سورة النور فرخص له في أن يأذن لهم إن شاء فقال "فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم" الاية. وكذا روي عن عطاء الخراساني, وقال مجاهد: نزلت هذه الاية في أناس قالوا: استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أذن لكم فاقعدوا وإن لم يأذن لكم فاقعدوا, ولهذا قال تعالى: "حتى يتبين لك الذين صدقوا" أي في إبداء الأعذار "وتعلم الكاذبين" يقول تعالى هلا تركتهم لما استأذنوك فلم تأذن لأحد منهم في القعود لتعلم الصادق منهم في إظهار طاعتك من الكاذب فإنهم قد كانوا مصرين على القعود عن الغزو وإن لم تأذن لهم فيه .
ولهذا أخبر تعالى أنه لا يستأذنه في القعود عن الغزو أحد يؤمن بالله ورسوله فقال: " لا يستأذنك " أي في القعود عن الغزو " الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم " لأنهم يرون الجهاد قربة ولما ندبهم إليه بادروا وامتثلوا "والله عليم بالمتقين * إنما يستأذنك" أي في القعود ممن لا عذر له " الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر " أي لا يرجون ثواب الله في الدار الاخرة على أعمالهم "وارتابت قلوبهم" أي شكت في صحة ما جئتهم به "فهم في ريبهم يترددون" أي يتحيرون يقدمون رجلاً ويؤخرون أخرى وليست لهم قدم ثابتة في شيء فهم قوم حيارى هلكى لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً .
ثم ذكر سبحانه أنه ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القعود عن الجهاد، بل كان من عادتهم أنهم صلى الله عليه وسلم إذا أذن لواحد منهم بالقعود شق عليه ذلك. فقال: 44- "لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا" وهذا على أن معنى الآية أن لا يجاهدوا على حذف حرف النفي، وقيل المعنى: لا يستأذنك المؤمنون في التخلف كراهة الجهاد، وقيل: إن معنى الاستئذان في الشيء الكراهة له، وأما على ما يقتضيه ظاهر اللفظ فالمعنى: لا يستأذنك المؤمنون في الجهاد بل دأبهم أن يبادروا إليه من غير توقف ولا ارتقاب منهم لوقوع الإذن منك فضلاً عن أن يستأذنوك في التخلف. قال الزجاج: أن يجاهدوا في موضع نصب بإضمار في: أي في أن يجاهدوا "والله عليم بالمتقين" وهم هؤلاء الذين لم يستأذنوا.
44-" لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم"، أي: لا يستأذنك في التخلف، "والله عليم بالمتقين".
44." لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم " أي ليس من عادة المؤمنين أن يستأذنوك في أن يجاهدوا فإن الخلص منهم يبادرون إليه ولا يتوقفون على الإذن فيه فضلاً أن يستأذنوك في التخلف عنه ، أو أن يستأذنوك في التخلف كراهة أن يجاهدوا . " والله عليم بالمتقين" شهادة لهم بالتقوى وعدة لهم بثوابه.
44. Those who believe in Allah and the Last Day ask no leave of thee lest they should strive with their wealth and their lives. Allah is Aware of those who keep their duty (unto Him).
44 - Those who believe in God and the last day ask thee for no exemption from fighting with their goods and persons. and God knoweth well those who do their duty.