45 - (نحن أعلم بما يقولون) أي كفار قريش (وما أنت عليهم بجبار) تجبرهم على الإيمان وهذا قبل
الأمر بالجهاد (فذكر بالقرآن من يخاف وعيد) وهم المؤمنون
ك واخرج ابن جرير من طريق عمرو بن قيس الملائي عن ابن عباس قال قالوا يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ثم أخرج عن عمر مرسلا مثله
يقول تعالى ذكره : نحن يا محمد أعلم بما يقول هؤلاء المشركون بالله من فريتهم على الله ، وتكذيبهم بآياته ، وإنكارهم قدرة الله على البعث بعد الموت " وما أنت عليهم بجبار " يقول : وما أنت عليهم بمسلط .
كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " وما أنت عليهم بجبار " قال :لا تتجبر عليهم .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله : " وما أنت عليهم بجبار " فإن الله عز وجل كره الجبرية ، ونهى عنها وقدم فيها . وقال الفراء : وضع الجبار في موضع السلطان من الجبرية ، وقال : أنشدني المفضل :
ويوم الحزن إذ حشدت معد وكان الناس إلا نحن دينا
عصينا عزمه الجبار حتى صبحنا الجوف ألفا معلمينا
ويروى : الجوف وقال : أراد بالجبار : المنذر لولايته .
قال : وقيل : إن معنى قوله : " وما أنت عليهم بجبار " لم تبعث لتجبرهم على الإسلام ، إنما بعثت مذكرا ، فذكر . وقال : العرب لا تقول فعال من أفعلت ، لا يقولون : هذا خراج ، يريدون : مخرج ، ولا يقولون : دخال ، يريدون : مدخل ، إنما يقولون : فعال ، من فعلت ، ويقلون : خراج من خرجت ، ودخال من دخلت ، وقتال ، من قتلت . قال: وقد قالت العرب في حرف واحد : دارك ، من أدركت ، وهو شاذ .
قال : فإن قلت الجبار على هذ ا المعنى ، فهو وجه . قال : وقد سمعت بعض العرب يقول : جبره على الأمر ، يريد : أجبره ، فالجبار من هذه اللغة صحيح ، يراد به : يقهرهم ويجبرهم .
وقوله " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " يقول تعالى ذكره : فذكر يا محمد بهذا القرآن الذي أنزلته إليه من يخاف الوعيد الذي أوعدته من عصاني وخالف أمري .
حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي قال : ثنا حكام الرازي عن أيو ب عن عمرو الملائي عن بن عباس قال :قالوا يا رسول الله لو خوفتنا ! فنزلت " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن عن عمرو بن قيس قال : قالوا : يا رسول الله ، لو ذكرتنا ! فذكر مثله .
قوله تعالى " نحن أعلم بما يقولون" أي من تكذيبك وشتمك" وما أنت عليهم بجبار" أي بمسلط تجبرهم على الإسلام فتكون الآية منسوخة بالأمر بالقتال . والجبار من الجبرية والتسلط إذ لا يقال جبار بمعنى مجبر كما لا يقال خراج بمعنى مخرج حكاه القشيري النحاس وقيل معنى جبار لست تجبرهم وهو خطأ لأنه لا يكون فعال من أفعل وحكى الثعلبي وقال ثعلب قد جاءت أحرف فعال بمعنى مفعل وهي شاذة جبار بمعنى مجبر ودراك بمعنى مدرك وسراع بمعنى مسرع وبكاء بمعنى مبك . وعداء بمعنى معد وقد قرئ "وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " بتشديد الشين بمعنى المرشد وهو موسى . وقيل هو الله وكذلك قرئ "أما السفينة فكانت لمساكين " يعني ممسكين وقالأبو حامد الخارزنجي تقول العرب : سيف سقاط بمعنى مسقط : وقيل بجبار بمسيطر كما في الغاشية " لست عليهم بمصيطر " وقال الفراء سمعت من العرب من يقول جبره على الأمر أي قهره فالجبار من هذه اللغة بمعنى القهر صحيح وقيل الجبار من قولهم جبرته على الأمر أي أجبرته وهي لغة كنانية وهما لغتان . الجوهري : وأجبرته على الأمر أي أكرهته عليه وأجبرته أيضا نسبته إلى الجبر كما تقول أكفرته إذا نسبته إلى الكفر " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" قال ابن عباس : قالوا يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت "فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " أي ما أعددته لمن عصاني من العذاب فالوعيد العذاب والوعد الثواب قال الشاعر :
وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
وكان قتادة يقول : اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعدك وأثبت الياء في وعيدي يعقوب في الحالين وأثبتها ورش في الوصل دون الوقف وحذف الباقون في الحالين . والله أعلم تم تفسير سورة ق والحمد لله .
يقول تعالى: "واستمع" يا محمد "يوم يناد المناد من مكان قريب" قال قتادة: قال كعب الأحبار يأمر الله تعالى ملكاً أن ينادي على صخرة بيت المقدس أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة, إن الله تعالى يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء "يوم يسمعون الصيحة بالحق" يعني النفخة في الصور التي تأتي بالحق الذي كان أكثرهم فيه يمترون "ذلك يوم الخروج" أي من الأجداث "إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير" أي هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وإليه مصير الخلائق كلهم, فيجازي كلا بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر. وقوله تعالى: "يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً" وذلك أن الله عز وجل ينزل مطراً من السماء ينبت به أجساد الخلائق كلها في قبورها, كما ينبت الحب في الثرى بالماء, فإذا تكاملت الأجساد أمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور وقد أودعت الأرواح في ثقب في الصور فإذا نفخ إسرافيل فيه خرجت الأرواح تتوهج بين السماء والأرض, فيقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لترجعن كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره فترجع كل روح إلى جسدها, فتدب فيه كما يدب السم في اللديغ وتنشق الأرض عنهم فيقومون إلى موقف الحساب سراعاً مبادرين إلى أمر الله عز وجل "مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر" وقال تعالى: "يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً" وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أول من تنشق عنه الأرض", وقوله عز وجل: "ذلك حشر علينا يسير" أي تلك إعادة سهلة علينا, يسيرة لدينا كما قال جل جلاله: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر".
وقال سبحانه وتعالى: "ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير" وقوله جل وعلا: "نحن أعلم بما يقولون" أي نحن علمنا محيط بما يقول لك المشركون من التكذيب فلا يهولنك ذلك كقوله: "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين". وقوله تبارك وتعالى: "وما أنت عليهم بجبار" أي ولست بالذي تجبر هؤلاء على الهدى, وليس ذلك مما كلفت به. وقال مجاهد وقتادة والضحاك "وما أنت عليهم بجبار" أي لا تتجبر عليهم, والقول الأول أولى, ولو أراد ما قالوه لقال: ولا تكن جباراً عليهم, وإنما قال: "وما أنت عليهم بجبار" بمعنى وما أنت بمجبرهم على الإيمان إنما أنت مبلغ, وقال الفراء: سمعت العرب تقول جبر فلان فلاناً على كذا أجبره, ثم قال عز وجل: "فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" أي بلغ أنت رسالة ربك فإنما يتذكر من يخاف الله ووعيده ويرجو وعده, كقوله تعالى: "فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب" وقوله جل جلاله: "فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر" "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" ولهذا قال تعالى ههنا: "وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" كان قتادة يقول: اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعودك يابار يارحيم.
آخر تفسير سورة ق والحمد لله وحده وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ثم عزى الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: 45- "نحن أعلم بما يقولون" يعني من تكذيبك فيما جئت به ومن إنكار البعث والتوحيد "وما أنت عليهم بجبار" أي بمسلك يجبرهم ويقهرهم على الإيمان، والآية منسوخة بآية السيف "فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" أي من يخاف وعيدي لعصاتي بالعذاب، وأما من عداهم فلا تشتغل بهم، ثم أمره الله سبحانه بعد ذلك بالقتال.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس "وما مسنا من لغوب" قال: من نصب. وأخرج الطبراني في الأوسط وابن عساكر عن جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس" صلاة الصبح "وقبل الغروب" صلاة العصر. وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال: "بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، ثم خرج إلى الصلاة فقال: يابن عباس ركعتان قبل صلاة الفجر إدبار النجوم وركعتان بعد المغرب إدبار السجود". وأخرج مسدد في مسنده وابن المنذر وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إدبار النجوم وإدبار السجود، فقال: إدبار السجود ركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم الركعتان قبل الغداة". وأخرج محمد بن نصر في الصلاة وابن المنذر عن عمر بن الخطاب: إدبار السجود ركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم ركعتان قبل الفجر. وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن نصر وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب مثله. وأخرج البخاري وغيره عن مجاهد قال: قال ابن عباس: أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها. وأخرج ابن جرير عنه "واستمع يوم يناد المناد" قال: هي الصيحة. وأخرج الواسطي عنه أيضاً "من مكان قريب" قال: من صخرة بيت المقدس. وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عنه أيضاً "ذلك يوم الخروج" قال: يوم يخرجون إلى البعث من القبور. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: قالوا: يا رسول الله لو خوفتنا، فنزلت: "فذكر بالقرآن من يخاف وعيد".
45. " نحن أعلم بما يقولون "، يعني: كفار مكة في تكذيبك، " وما أنت عليهم بجبار "، بمسلط تجبرهم على الإسلام إنما بعثت مذكراً، " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد "، أي: ما أوعدت من عصاني من العذاب.
قال ابن عباس: قالوا: يا رسول الله لو خوفتنا، فنزلت: " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ".
45-" نحن أعلم بما يقولون " تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتهديد لهم . " وما أنت عليهم بجبار " بمسلط تفسرهم على الإيمان ، أو تفعل بهم ما تريد وإنما أنت داع . " فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " فإنه لا ينتفع به غيره . عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة ق هون الله عليه تارات الموت وسكراته " . والله أعلم .
45. We are best aware of what they say, and thou (O Muhammad) art in no wise a compeller over them. But warn by the Quran him who feareth My threat.
45 - We know best what they say; and thou art not one to overawe them by force. So admonish with the Quran such as fear My Warning!