46 - ويقال لهم (ادخلوها بسلام) أي سالمين من كل مخوف أو مع سلام أي سلموا وادخلوا (آمنين) من كل فزع
قوله تعالى : "ادخلوها بسلام آمنين" .
" ادخلوها بسلام آمنين " قراءة العامة ( ادخلوها) بوصل الألف وضم الخاء، من دخل يدخل، على الأمر. تقديره: قيل ادخلوها. وقرأ الحسن وأبو العالية ورويس عن يعقوب ( ادخلوها) بضم التنوين ووصل الألف وكسر الخاء على الفعل المجهول، من أدخل. أي أدخلهم الله إياها. ومذهبهم كسر التنوين في مثل " برحمة ادخلوا الجنة " ( الأعراف: 49) وشبهه، إلا أنهم ها هنا ألقوا حركة الهمزة على التنوين، إذ هي ألف قطع، ولكن فيه انتقال من كسر إلى ضم ثم من ضم إلى كسر فيثقل على اللسان. " بسلام " أي بسلامة من كل داء وآفة. وقيل: بتحية من الله لهم. " آمنين " أي من الموت والعذاب والعزل والزوال.
لما ذكر تعالى حال أهل النار, عطف على ذكر أهل الجنة وأنهم في جنات وعيون. وقوله: "ادخلوها بسلام" أي سالمين من الافات, مسلم عليكم "آمنين" أي من كل خوف وفزغ, ولا تخشوا من إخراج ولا انقطاع ولا فناء, وقوله: "ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين" روى القاسم عن أبي أمامة قال: يدخل أهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء والضغائن, حتى إذا توافوا وتقابلوا نزع الله ما في صدورهم في الدنيا من غل, ثم قرأ "ونزعنا ما في صدورهم من غل" هكذا في هذه الرواية, والقاسم بن عبد الرحمن في روايته عن أبي أمامة ضعيف, وقد روى سنيد في تفسيره: حدثنا ابن فضالة عن لقمان عن أبي أمامة قال: لا يدخل الجنة مؤمن حتى ينزع الله ما في صدره من غل حتى ينزع منه مثل السبع الضاري. وهذا موافق لما في الصحيح من رواية قتادة: حدثنا أبو المتوكل الناجي أن أبا سعيد الخدري حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يخلص المؤمن من النار, فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار. فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا, أذن لهم في دخول الجنة".
وقال ابن جرير: حدثنا الحسن, حدثنا يزيد بن هارون, أخبرنا هشام عن محمد هو ابن سيرين قال: استأذن الأشتر على علي رضي الله عنه, وعنده ابن لطلحة فحبسه ثم أذن له, فلما دخل قال: إني لأراك إنما حبستني لهذا, قال: أجل, قال: إني لأراه لو كان عندك ابن لعثمان لحبستني, قال: أجل إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين " وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا الحسن, حدثنا أبو معاوية الضرير, حدثنا أبو مالك الأشجعي, عن أبي حبيبة مولى لطلحة قال: دخل عمران بن طلحة على علي رضي الله عنه بعدما فرغ من أصحاب الجمل, فرحب به وقال: إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله "ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين".
وقال: ورجلان جالسان إلى ناحية البساط, فقالا: الله أعدل من ذلك تقتلهم بالأمس وتكونون إخواناً, فقال علي رضي الله عنه: قوماً أبعد أرض وأسحقها, فمن هم إذاً إن لم أكن أنا وطلحة ؟ وذكر أبو معاوية الحديث بطوله, وروى وكيع عن أبان بن عبد الله البجلي عن نعيم بن أبي هند, عن ربعي بن جراش عن علي نحوه, وقال فيه فقام رجل من همدان فقال: الله أعدل من ذلك يا أمير المؤمنين, قال: فصاح به علي صيحة فظننت أن القصر تدهده لها, ثم قال: إذا لم نكن نحن فمن هم ؟
وقال سعيد بن مسروق عن أبي طلحة, وذكره وفيه: فقال الحارث الأعور ذلك, فقام إليه علي رضي الله عنه فضربه بشيء كان في يده في رأسه, وقال: فمن هم يا أعور إذا لم نكن نحن ؟ وقال سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: جاء ابن جرموز قاتل الزبير يستأذن على علي رضي الله عنه فحجبه طويلاً ثم أذن له فقال له: أما أهل البلاء فتجفوهم, فقال علي: بفيك التراب إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله: "ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين" وكذا روى الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بنحوه. وقال سفيان بن عيينة عن إسرائيل عن أبي موسى سمع الحسن البصري يقول: قال علي: فينا والله أهل بدر نزلت هذه الاية "ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين" وقال كثير النواء: دخلت على أبي جعفر محمد بن علي فقلت: وليي وليكم, وسلمي سلمكم, وعدوي عدوكم, وحربي حربكم, أنا أسألك بالله، أتبرأ من أبي بكر وعمر فقال: "قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين" تولهما يا كثير فما أدركك فهو في رقبتي هذه, ثم تلا هذه الاية "إخواناً على سرر متقابلين" قال: أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم أجمعين, وقال الثوري عن رجل عن أبي صالح في قوله: "إخواناً على سرر متقابلين" قال: هم عشرة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة, والزبير وعبد الرحمن بن عوف, وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين. وقوله: "متقابلين" قال مجاهد: لا ينظر بعضهم في قفا بعض, وفيه حديث مرفوع.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا يحيى بن عبدك القزويني, حدثنا حسان بن حسان, حدثنا إبراهيم بن بشير, حدثنا يحيى بن معين عن إبراهيم القرشي عن سعيد بن شرحبيل, عن زيد بن أبي أوفى قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا هذه الاية "إخواناً على سرر متقابلين" في الله ينظر بعضهم إلى بعض. وقوله: "لا يمسهم فيها نصب" يعني المشقة والأذى, كما جاء في الصحيحين "أن الله أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب". وقوله: "وما هم منها بمخرجين" كما جاء في الحديث "يقال يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تمرضوا أبداً, وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبداً, وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً, وإن لكم أن تقيموا فلا تظعنوا أبداً". وقال الله تعالى: "خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً".
وقوله: " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم " أي أخبر يا محمد عبادي أني ذو رحمة وذو عذاب أليم, وقد تقدم ذكر نظير هذه الاية الكريمة وهي دالة على مقامي الرجاء والخوف, وذكر في سبب نزولها ما رواه موسى بن عبيدة عن مصعب بن ثابت قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناس من أصحابه يضحكون فقال "اذكروا الجنة واذكروا النار" فنزلت " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم " رواه ابن أبي حاتم وهو مرسل.
وقال ابن جرير: حدثني المثنى, حدثنا إسحاق, أخبرنا ابن المكي, أخبرنا ابن المبارك, أخبرنا مصعب بن ثابت, حدثنا عاصم بن عبيد الله عن ابن أبي رياح, عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة فقال "ألا أراكم تضحكون" ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى فقال: "إني لما خرجت جاء جبريل عليه السلام فقال: يا محمد إن الله يقول لك لم تقنط عبادي " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم "" وقال شعبة عن قتادة في قوله: " نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم " قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام, ولو يعلم العبد قدر عذاب الله لبخع نفسه".
46- "ادخلوها" قرأ الجمهور بلفظ الأمر على تقدير القول: أي قيل لهم أدخلوها. وقرأ الحسن وأبو العالية وروي عن يعقوب بضم الهمزة مقطوعة، وفتح الخاء على أنه فعل مبني للمفعول أي أدخلهم الله إياها. وقد قيل إنهم إذا كانوا في جنات وعيون، فكيف يقال لهم بعد ذلك ادخلوها على قراءة الجمهور؟ فإن الأمر لهم بالدخول يشعر بأنهم لم يكونوا فيها. وأجيب بأن المعنى أنهم لما صاروا في الجنات، فإذا انتقلوا من بعضها إلى بعض يقال لهم عند الوصول إلى التي أرادوا الانتقال إليها ادخلوها، ومعنى "بسلام آمنين" بسلامة من الآفات، وأمن من المخافات، أو مسلمين على بعضهم بعضاً، أو مسلماً عليهم من الملائكة، أو من الله عز وجل.
46-"ادخلوها" أي: يقال لهم ادخلوا الجنة، "بسلام"، أي: بسلامة "آمنين"، من الموت والخروج والآفات.
46."ادخلوها"على إرادة القول ، وقرئ بقطع الهمزة وكسر الخاء على أنه ماض فلا يكسر التنوين."بسلام"سالمين أو مسلماً عليكم ."آمنين "من الآفة والزوال .
46. (And it is said unto them): Enter them in peace, secure.
46 - (Their greeting will be): enter ye here in peace and security.