46 - (وداعيا إلى الله) إلى طاعته (بإذنه) بأمره (وسراجا منيرا) أي مثله في الاهتداء به
وقوله " وداعيا إلى الله " يقول: وداعياً إلى توحيد الله، وإفراد الألوهة له، وإخلاص الطاعة لوجهه دون كل من سواه من الآلهة والأوثان.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " وداعيا إلى الله " إلى شهادة أن لا إله إلا الله.
وقوله " بإذنه " يقول: بأمره إياك بذلك " وسراجا منيرا " يقول: وضياء لخلقه يستضيء بالنور الذي أتيتهم به من عند الله عباده " منيرا " يقول: ضياء ينير لمن استضاء بضوئه، وعمل بما أمره. وإنما يعني بذلك: أنه يهدي به من اتبعه من أمته.
"وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً"
قال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود , حدثنا فليح بن سليمان , حدثنا هلال بن علي عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما, فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة, قال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً" وحرزاً للأميين, أنت عبدي ورسولي, سميتك المتوكل, لست بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق, ولا يدفع السيئة بالسيئة, ولكن يعفو ويصفح ويغفر, ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء, بأن يقولوا لا إله إلا الله, فيفتح بها أعيناً عمياً, وآذاناً صماً, وقلوباً غلفاً, وقد رواه البخاري في البيوع عن محمد بن سنان عن فليح بن سليمان عن هلال بن علي به. ورواه في التفسير عن عبد الله , قيل ابن رجاء , وقيل ابن صالح ,عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن هلال عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو به. ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن عبد الله بن رجاء عن عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون به.
وقال البخاري في البيوع : وقال سعيد عن هلال عن عطاء عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه, وقال وهب بن منبه : إن الله تعالى أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له شعياء: أن قم في قومك بني إسرائيل فإني منطق لسانك بوحي وأبعث أمياً من الأميين, أبعثه ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق, لو يمر إلى جنب سراج لم يطفئه من سكينته, ولو يمشي على القصب لم يسمع من تحت قدميه, أبعثه مبشراً ونذيراً لا يقول الخنا, أفتح به أعيناً كمهاً وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً, أسدده لكل أمر جميل وأهب له كل خلق كريم, وأجعل السكينة لباسه, والبر شعاره, والتقوى ضميره, والحكمة منطقه, والصدق والوفاء طبيعته, والعفو والمعروف خلقه, والحق شريعته, والعدل سيرته والهدى إمامه, والإسلام ملته, وأحمد اسمه أهدي به بعد الضلال, وأعلم به بعد الجهالة, وأرفع به بعد الخمالة, وأعرف به بعد النكرة, وأكثر به بعد القلة, وأغني به بعد العيلة, وأجمع به بعد الفرقة, وأؤلف به بين أمم متفرقة وقلوب مختلفة, وأهواء متشتتة, وأستنقذ به فئاماً من الناس عظيمة من الهلكة, وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, موحدين مؤمنين مخلصين مصدقين لما جاءت به رسلي, ألهمهم التسبيح والتحميد, والثناء والتكبير والتوحيد, في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم يصلون لي قياناً وقعوداً ويقاتلون في سبيل الله صفوفاً وزحوفاً, ويخرجون من ديارهم ابتغاء مرضاتي ألوفاً, يطهرون الوجوه والأطراف ويشدون الثياب في الأنصاف, قربانهم دماؤهم, وأناجيلهم في صدورهم, رهبان بالليل ليوث بالنهار, وأجعل في أهل بيته, وذريته السابقين والصديقين والشهداء والصالحين, أمته من بعده يهدون بالحق وبه يعدلون, وأعز من نصرهم وأؤيد من دعا لهم, وأجعل دائرة السوء على من خالفهم, أو بغى عليهم أو أراد أن ينتزع شيئاً مما في أيديهم, أجعلهم ورثة لنبيهم, والداعية إلى ربهم, يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويوفون بعهدهم أختم بهم الخير الذي بدأته بأولهم, ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم. هكذا رواه ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه اليماني رحمه الله.
ثم قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا عبد الرحمن بن صالح , حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي عن شيبان النحوي , أخبرني قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً" وقد كان أمر علياً ومعاذاً رضي الله عنهما أن يسيرا إلى اليمن فقال "انطلقا فبشرا ولا تنفرا, ويسرا ولا تعسرا, إنه قد أنزل علي "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً"" ورواه الطبراني عن محمد بن نصر بن حميد البزاز البغدادي , عن عبد الرحمن بن صالح الأزدي , عن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله العرزمي بإسناده مثله, وقال في آخره "فإنه قد أنزل علي يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً على أمتك ومبشراً بالجنة ونذيراً من النار وداعياً إلى شهادة أن لا إله إلا الله بإذنه وسراجاً منيراً بالقرآن". فقوله تعالى: "شاهداً" أي لله بالوحدانية, وأنه لا إله غيره وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة وجئنا بك على هؤلاء شهيداً كقوله: "لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً". وقوله عز وجل: "ومبشراً ونذيراً" أي بشيراً للمؤمنين بجزيل الثواب, ونذيراً للكافرين من وبيل العقاب. وقوله جلت عظمته: "وداعياً إلى الله بإذنه" أي داعياً للخلق إلى عبادة ربهم عن أمره لك بذلك "وسراجاً منيراً" أي وأمرك ظاهر فيما جئت به من الحق كالشمس في إشرافها وإضاءتها لا يجحدها إلا معاند. وقوله جل وعلا "ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم" أي لا تطعهم وتسمع منهم في الذي يقولونه "ودع أذاهم" أي اصفح وتجاوز عنهم, وكل أمرهم إلى الله تعالى, فإن فيه كفاية لهم, ولهذا قال جل جلاله: "وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً".
46- "وداعياً إلى الله" يدعو عباد الله إلى التوحيد والإيمان بما جاء به، والعمل بما شرعه لهم، ومعنى "بإذنه" بأمره له بذلك وتقديره، وقيل بتبشيره "وسراجاً منيراً" أي يستضاء به في ظلم الضلالة كما يستضاء بالمصباح في الظلمة. قال الزجاج: "وسراجاً" أي ذا سرج منير أي كتاب نير، وانتصاب شاهداً وما بعده على الحال.
46- "وداعياً إلى الله"، إلى توحيده وطاعته، "بإذنه"، بأمره، "وسراجاً منيراً"، سماه سراجاً لأنه يهتدى به كالسراج يستضاء به في الظلمة.
46 -" وداعياً إلى الله " إلى الإقرار به وبتوحيده وما يجب الإيمان به من صفاته . " بإذنه " بتيسيره وأطلق له من حيث أنه من أسبابه وقيد به الدعوة إيذاناً بأنه أمر صعب لا يتأتى إلا بمعونة من جناب قدسه . " وسراجاً منيراً " يستضاء به عن ظلمات الجهالات ويقتبس من نوره أنوار البصائر .
46. And as a summoner unto Allah by His permission, and as a lamp that giveth light.
46 - And as one who invites to God's (Grace) by His leave, and as a Lamp spreading Light.